IMLebanon

الجمهورية : الجمود يتأجّج والاحداث تتدحرج… والفراغ الداخليّ يستفحل

 

في ظل القلق والترقّب الإسرائيليين لردٍ إيراني غير معروف الحجم والنوع على قصف القنصلية الإيرانية في دمشق، لا تزال كل الاوساط المعنية في الداخل والخارج تتوقع حصول وقف للنار في غزة في قابل الأيام من شأنه اذا حصل أن يفتح الباب أمام حلول لأزمات وملفات أخرى في المنطقة، ومنها لبنان الذي ينتظر حراك سياسيا داخليا بعد عيد الفطر مشفوعا باستئناف اللجنة الخماسية العربية والدولية لقاءاتها اللبنانية دفعاً في اتجاه انجاز الاستحقاق الرئاسي، وهو أمر يمكن أن يتعزز في حال انعكست هدنة غزة المرتقبة وقفاً لإطلاق النار على الجبهة الجنوبية، ومن شأنه أن يعيد الموفد الرئاسي الأميركي آموس هوكشتاين الى لبنان لاستئناف مهمته الهادفة إلى إنتاج حل متكامل يُوائم بين تنفيذ القرار الدولي 1701 على الحدود الجنوبية وبين إقامة سلطة لبنانية جديدة منطلقها انتخاب رئيس جمهورية جديد.

لا يختلف اثنان على انّ لبنان في وضعه الحالي مُعلّق على حرب غزة ومُطلّق من عرّابي الحلول والتسويات، إذ تجزم مصادر سياسية لصيقة بمطبخ الاتصالات لـ«الجمهورية» في ان لا حركة سياسية سترصد قبل ١٠ ايام، وان الزيارات أو الاجتماعات المتفرقة التي تحصل حالياً لا تصرف في أي مسار لا رئاسي ولا أمني يتعلق بالجنوب. وفي هذا الإطار أكدت المصادر «انّ الوضع على الحدود الجنوبة اصبح اكثر تعقيداً، وانّ الأحداث تتدحرج بنحوٍ متفاقم مقابل جمود في الحلول يتأجّج ويستفحل وشلل في اتخاذ خطوات مستقلة عن الإقليم… وزاد هذا الشلل تَرقّب الرد الإيراني على عملية استهداف القنصلية الإيرانية في دمشق.

 

وعن المجموعة الخماسية العربية ـ الدولية ومبادرة تكتل «الاعتدال الوطني» الرئاسية، أكدت المصادر نفسها «أنها مكانَك راوح. يجب أن ننتظر ونرى بعد الأعياد كيف ستتحرك الأمور وعلى أي مستوى. ووصفت زيارة رئيس تيار» المردة» سليمان فرنجية إلى باريس، التي بدأت أمس، بأنها «حركة مهمة له كمرشح رئاسي لكن لا بد من انتظار النتائج».

 

أولويّتنا انتخاب الرئيس

 

في غضون ذلك، ثَمّن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، خلال جلسة مجلس الوزراء امس، «الاتصالات والزيارات التي تقوم بها مراجع دولية صديقة ومحبّة للبنان، سعياً للمساهمة في ايجاد مخارج حل للأزمة الرئاسية»، وأكد انّ «انتخاب رئيس للجمهورية هو مطلب الجميع، وهو في أولويات خياراتنا التي تعزز الثقة بلبنان كدولة ووطن. مسؤوليتنا جميعاً ان نهتم بأوضاعنا، بمقدار اهتمام الدول بنا. وان التلاقي والتحاور هما اقصر طريق لإنقاذ وطننا من خطر الفراغ والأزمات المفتوحة على اخطار كثيرة».

 

واضاف «انّ السلام الحقيقي الذي نُنشده هو (سلام العدالة الإنسانية) ونرفع الصوت إلى المجتمع الدولي مُنددين بالاعتداءات، ومطالبين بردع العدو ووقف الحرب واحلال السلام وإبعاد الحرب عن المنطقة». وقال: «انّ للبنان اصدقاء في كل دول العالم يعملون بصدق للضغط على العدو الاسرائيلي لوقف عدوانه على لبنان».

 

ودعا ميقاتي الى اعلان «منطقة الجنوب منكوبة زراعيّاً، خصوصاً أنّ هذه المشكلة ستنسحب على السنوات المقبلة». وقال ان «الامر ذاته ينسحب على القطاع التربوي، حيث هناك نحو 75 مدرسة مغلقة نهائياً، ناهيك عن ملف اعادة اعمار ما تهدّم وأولوية البحث عن مصادر التمويل».

 

الواقع الانساني

 

وكان ميقاتي قد عقد اجتماعاً مع السفراء المعتمدين في لبنان والمنظمات الدولية بهدف شرح الواقع الإنساني والوضع الحالي في الجنوب، وشارك فيه سفراء: الولايات المتحدة الأميركية، أستراليا، الصين، تركيا، النمسا، الأردن، سلطنة عمان، هولندا، التشيك، المانيا، بولندا، كندا، سويسرا وقبرص، المنسّق المقيم للأمم المتحدة ومنسق الشؤون الإنسانية عمران ريزا، وهيئات ووكالات الأمم المتحدة العاملة في لبنان.

 

وقال ريزا خلال الاجتماع: «إنّ مخاطر التصعيد تزداد في الجنوب اللبناني، حيث الوضع هَش في الأصل، فهناك نحو 91 ألف نازح، وهذا يتطلب مزيداً من الجهود الإنسانية». واعتبر أنّ «المدنيين والبنى التحتية المدنية ليسوا أهدافاً، ويجب حمايتهم». واكد أن «المجتمع الدولي يعمل على تقديم المساعدة وتحويل الأولويات ومصادر التمويل للأشهر الثلاثة المقبلة»، وقال: «نسعى للحصول على نحو 70 مليون دولار أميركي».

 

وتحدث وزير البيئة ناصر ياسين خلال الاجتماع عن «خطة الاستجابة التي وضعت، بالتعاون مع وكالات الأمم المتحدة وقادة الأجهزة الأمنية في مختلف المحافظات». وقال: «هناك نحو 91 ألف نازح من المناطق الحدودية في الجنوب، غالبيتهم يعيشون لدى أسَرهم، ومن الضروري دعمهم على المستوى الطويل الأمد». وأشار إلى «استشهاد نحو 316 شخصاً وجرح نحو 909 أشخاص، إضافة إلى استشهاد أفراد من الطواقم الطبية والاستشفائية وحرق أكثر من 700 ألف هكتار من الأراضي، ونُفوق عدد كبير من المواشي، وإصابة نحو 9 مراكز لتكرير المياه، إضافة إلى عدد من المراكز الصحية أيضاً». وقال: «خَصّصنا نحو 4 ملايين دولار لأعمال الاستجابة عام 2023 وسنخصص نحو 30 مليون دولار هذه السنة أيضاً».

 

كرة الأونروا تتدحرج

 

من جهة ثانية، وفي موازاة الترددات التي تركتها القرارات المتسارعة التي طاوَلت مسألة تمويل «الاونروا» بدأت كرة الثلج تتدحرج في الجهة المعاكسة لقرارات قطع او تجميد تمويلها لهذا العام. وبعد مجموعة المواقف الايجابية التي أحيَت برامج تمويلها لدى دول اوروبية عدة وكندا ومن قارات مختلفة، تلقّى وزير الخارجية عبدالله بوحبيب اتصالاً من وزيرة خارجية اليابان كاميكاوا يوكو التي أبلغت اليه أن اليابان قررت معاودة تسديد مساهماتها لوكالة «الأونروا»، وعبرت عن تقدير بلادها لما يتكبّده لبنان نتيجة النزوح السوري، وشكرته على «استضافته للنازحين والأعباء التي يتحملها».

 

ورد بوحبيب التحية بالمِثل «على هذا القرار». وشدد على «أهمية تمويل الأونروا كمصلحة مشتركة ولضمان فرصة لمستقبل أفضل، وإبقاء أمل بحلّ عادل للقضية الفلسطينية». وفي نهاية الأتصال توافقا على «أهمية وضرورة وقفٍ فوري لإطلاق النار في غزة، وتطبيق حل الدولتين، وخطورة الهجوم على رفح وما قد ينتج عنه من تَبعات وكارثة إنسانية».

 

وعند ملامسة الاتصال الوضع في لبنان وتداعيات ما يجري في قطاع غزة على الجبهة اللبنانية، شدد بوحبيب «على أهمية الاستقرار والهدوء في جنوب لبنان من خلال التطبيق الكامل والشامل لقرار مجلس الأمن 1701 الذي يُبعد شبح الحرب والإنفجار، لأنّ لبنان لا يريد الحرب ولا يسعى إليها».

 

حضور الماني متقدّم

 

على صعيد آخر، وفي خطوة وصفت بأنها لتعزيز الحضور الالماني الانمائي على الساحة اللبنانية، وقّع بوحبيب أمس مع وفد من السفارة الألمانية برئاسة السفير الألماني ورت جورج شتوكل ـ شتيلفريد «بروتوكولاً يقضي بإنشاء مكتب محلي «للوكالة الألمانية للتعاون الدولي» (GIZ) ومكتب محلي «لبنك إعادة الإعمار الألماني» (KfW) في لبنان. على أن يعلن لاحقاً عن كل ما يتصل بمهمة هاتين المؤسستين الانمائية وما يمكن ان يقدمانه للبنان.

الحملة الديبلوماسية

 

وفي إطار الحملة الديبلوماسية التي تقودها وزارة الخارجية مواكبة للمساعي المبذولة لتصحيح الموقف الدولي والأممي في شأن الوضع اللبناني، يستقبل بوحبيب اليوم كلّاً من سفيرة الاتحاد الأوروبي ساندرا دو وال ثم نائبة المفوض العام للاونروا ناتالي بوكلي، قبل ان يلتقي سفيرة سويسرا ماريون وشلت لاستكمال البحث في مجموعة افكار تجري مناقشتها مع دول الاتحاد الأوروبي.

 

وفي إطار آخر يلتقي بوحبيب سفيرة إيطاليا نيكوليتا بومبارديي في زيارة وداعية قبل ان تغادر لبنان لانتهاء مهمتها الديبلوماسية فيه.

 

وضع الجنوب

 

وعلى الجبهة الجنوبية، لم تتوقف المواجهات بين المقاومة واسرائيل، فشَنّ الطيران الحربي الاسرائيلي غارات جوية متتالية فجر امس على الخيام كفركلا. واستهدفت دبابة «ميركافا» متمركزة في مستعمرة المطلة أحد المنازل في كفركلا بقذيفة مباشرة. وعاوَد الطيران الاغارة على الخيام ظهراً، وترافقَ ذلك مع قصف مدفعي لجنوبها واطراف الوزاني، ثم أغار مجدداً على كفركلا ويارون، واطراف بلدة عيناتا ومارون الراس. فيما قصفت المدفعية الاسرائيلية قرابة السادسة مساء أطراف الخيام وتلة الحمامص في محيطها. وقد نجا فريق الإطفاء في الدفاع المدني في الهيئة الصحية الاسلامية الذي كان يعمل على اخماد حريق في احد المنازل في كفركلا، عندما أغارت الطائرات الحربية على احد المنازل القريبة منهم.

واعلنت «‏المقاومة الإسلامية» انها استهدفت مقر ‏قيادة ‏»كتيبة ليمان» المُحدَث بقذائف المدفعية.‏ كذلك استهدفت «‏تموضعات لجنود العدو خلف موقع «جل العلام» بالأسلحة الصاروخية».‏ ثم استهدفت ايضاً بعد ظهر امس «فريقاً ‌‏فنياً اسرائيلياً أثناء قيامه بصيانة التجهيزات الفنية والتجسسية في موقع «بياض بليدا» بالأسلحة ‏المناسبة».‏

 

وقصفت بالمدفعية والصواريخ موقع رويسات العلم في تلال كفرشوبا وموقع رويسة القرن في مزارع شبعا المحتلة.

 

واشارت القناة 12 الإسرائيلية الى «سقوط صاروخ في بلدة شلومي في الجليل الأعلى ووقوع أضرار في المكان».

 

وكانت المقاومة قد استهدفت ليل امس الأول مبنىً يتموضع فيه جنود ‏إسرائيليون في مستعمرة المطلة وأوقعَت مَن فيه بين قتيل وجريح. فيما تحدثت‏ القناة 12 العبرية عن «إطلاق صاروخ مضاد للدروع من لبنان تجاه منزل في المطلة». وبثّت صوراً له وقد اشتعلت فيه النار.

وكتب المتحدّث باسم الجيش الاسرائيلي افيخاي ادرعي على منصة «اكس»: انّ «طائرات حربية أغارت «على بنى تحتية في مناطق يارون، وعيناتا، ومارون الراس في جنوب لبنان». أضاف: «وكان قد رُصد في وقت سابق من اليوم (أمس) إطلاق قذائف صاروخية عدة خرقت الحدود من الأراضي اللبنانية في اتجاه منطقتَي بيتسِت وشلومي، حيث هاجم جيش الدفاع مصادر النيران».

 

أميركا وإسرائيل تريدان الحرب

 

وفي جديد مواقف «حزب الله»، قال نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم في احتفال تأبيني للشهيد أحمد جواد شحيمي في بيروت «نحن لا نجرّ لبنان إلى الحرب، بالعكس اميركا إسرائيل هما اللتان تجرّان المنطقة إلى الحروب والمشكلات، نحن في موقع الدفاع والمواجهة ومنع هذا الاستكبار وهذا الاحتلال أن يحقق أهدافه، وكلنا سمعنا بأنّه بعد 4 أيام من أحداث 7 تشرين، كان يوجد تصميم عند نتنياهو والحكومة على أن يبادروا للهجوم على لبنان، يومها كما تذكر الروايات التي أصبحت معلنة أنَّ بايدن هو الذي طلبَ منهم أن لا يدخلوا في هذه المعركة الآن، إذاً كانت لديهم نية بمبادرة الحرب، ولكنهم عندما رأوا هذا التصميم وهذه المواجهة كَفّوا لأنَّهم يعلمون الثمن الذين سيدفعونه».

واضاف: «يوجد سقف للمواجهة مع العدو الإسرائيلي رَسمناه بإرادتنا واقتناعنا أنّه سَقف يتناسب مع متطلبات المواجهة والمعركة في هذه المرحلة، وهذا السقف مرتبط بمدى العدوان. إنْ توسَّع العدو توسّعنا وإن لم يتوسع بقي هذا السقف على وَضعه ولا تراجع بالنسبة الينا عن هذه المواجهة إلى أن يتم الحل بإيقاف العدوان على غزّة، وهذه القاعدة قاعدة حاكمة وقائمة في الوقت الذي نكون فيه مستعدين كلياً لأيّ تطورات يمكن أن تحصل حتى لا يباغتنا العدو لكن لا تراجع عن هذا السقف».