Site icon IMLebanon

الجمهورية: “الخماسية” توصّف الحال وتُقِر بالحوار.. وتتقاطع والقمة على الرئيس

 

بين دعوة القمة العربية الأطراف اللبنانية إلى أعطاء الأولوية لانتخاب رئيس الجمهورية ودعوة سفراء المجموعة الخماسية العربية ـ الدولية النواب إلى «المضي قدماً في المشاورات والوفاء بمسؤولياتهم الدستورية الانتخاب رئيس جمهورية»، بَدا أنّ هناك تقاطعاً لبنانياً ـ عربياً ـ دولياً على وجوب إنجاز الاستحقاق الرئاسي في أقرب وقت، لكن الواقع على الارض ما زال يشي بعكس ذلك حيث أن التوافق على رئيس لم يحصل بعد ولم يجر اتفاق على جلسة انتخابية مفتوحة يتنافس فيها مرشحان أو اكثر ويفوز فيها من ينال اصوات الأكثرية النيابية.

حضر لبنان إلى قمة البحرين، «على متن بحر من الأزمات، تلطمه أمواجها من كل جانب»، واثقاً من «انّ بر العروبة هو الرصيف الوادع الذي يحميه من أخطار العواصف»، حسبما خاطب رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الملوك والرؤساء العرب، لكنه نال منهم موقفاً اكدوا فيه «الدعم للجمهورية اللبنانية وسيادتها واستقرارها ووحدة أراضيها»، وحضّوا «جميع الأطراف اللبنانية على إعطاء الأولوية لانتخاب رئيس للجمهورية، وتعزيز عمل المؤسسات الدستورية، ومعالجة التحديات السياسية والأمنية، وتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية الضرورية وتعزيز قدرات الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي للحفاظ على أمن لبنان واستقراره وحماية حدوده المعترف بها دولياً بوجه الاعتداءات الإسرائيلية».

لبنان والقمة

ولم تعطِ القمة العربية لملف النازحين السوريين الاهتمام اللازم أسوة باهتمامها بانتخاب رئيس للجمهورية وبتهدئة جبهة الجنوب وحفظ الامن فيه عبر الجيش والقوى الامنية. وحيث أكد اعلان القمة «على ضرورة دعم لبنان وسيادته واستقراره ووحدة أراضيه، وحَثّ كل الأطراف اللبنانية على إعطاء الأولوية لانتخاب رئيس للجمهورية، وتعزيز عمل المؤسسات الدستورية، ومعالجة التحديات السياسية والأمنية، وتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية الضرورية، وتعزيز قدرات الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي للحفاظ على أمن لبنان واستقراره وحماية حدوده المعترف بها دولياً بوجه الاعتداءات الإسرائيلية».

وبحسب المعلومات والمعطيات، فإنّ القمة العربية تركت معالجة موضوع النزوح للمسؤولين اللبنانيين والسوريين، ولذلك خصصت في بيانها الختامي فقرة حول سوريا للحديث عن موضوع عودة النازحين لكن «وفق حلٍ يوفّر البيئة الكفيلة بالعودة الكريمة والامنة الطوعية للاجئين ورفض اي تغييرات ديموغرافية فيها».

وعلى هذا لم تُفِد التوصية النيابية الحكومة في حمل قضية النزوح الى القمة، ولو ان لقاءات رئيس الحكومة ووزير الخارجية مع بعض المسؤولين العرب الذين حضروا القمة أثارت الموضوع ثنائياً، لذلك يبقى المعوّل على بدء الحكومة تنفيذ التوصية النيابية بالتواصل الثنائي الجدي مع الدول العربية بهدف الضغط لرفع الحصار عن سوريا ووقف العقوبات ودعم سوريا اقتصادياً بما يُساهم في تحسّن الوضع الاقتصادي والمعيشي والصحي والخدماتي وتشجيع الراغبين بالعودة، وكذلك مع السلطات السورية لتفعيل قوافل العودة وزيادة اعدادها، والتفاهم معها على تطبيق القوانين اللبنانية في حق المخالفين. لتبقى العقبة في الموقف الاوروبي ـ الاميركي الرافض التجاوب مع مطالب لبنان على رغم عِلم الاميركيين والاوروبيين بالاعباء الخطيرة التي يُرتّبها النزوح على لبنان. الامر الذي قد يجعل فتح البحر الى اوروبا حلاً يمكن اللجوء اليه.

أخطار العواصف

وكان ميقاتي قد أكد في كلمته امام القمة انّ «لبنان يأتي إلى قمة البحرين على متنِ بحرٍ من الأزمات، تَلْطُمُه أمواجُها من كلِّ جانب، لكنه في الوقتِ نفسِه واثقٌ بأنّ برَّ العروبة هو الرصيفُ الوادعُ الذي يحميه من أخطارِ العواصف». وجدّد «التزام لبنان قرارات الشرعيّة الدوليّة»، وطالب بـ«الضغط على إسرائيل للانسحاب من أرضنا المحتلّة ووقف انتهاكاتها واعتداءاتها البريّة والبحريّة والجويّة، والتطبيق الشامل والكامل للقرار 1701، ضمن سلّة مُتكاملة بضمانات دوليّة واضحة ومُعلنة». وامل في «تفعيل عمل لجنة الاتصال العربية بشأن سوريا بما يُساعد على تحقيق رؤية عربيّة مُشتركة مُتّفق عليها، وبلورة آليّة تمويليّة لتأمين الموارد اللازمة لتسهيل وتسريع عودة النازحين السوريين إلى بلدهم». وشدد على أنّ «اللبنانيين يعوّلون جدًاً على الدور الفعال للأشقاء العرب، لا سيما أعضاء اللجنة الخماسية، من أجل مساعدة القوى السياسية اللبنانية على إنجاز الاستحقاق الرئاسي».

خماسية من عوكر

في غضون ذلك استرجعت المجموعة الخماسية الاهتمام الذي خطفه منها مجلس النواب في جلسته أمس الأول، وسلّط بيانها الاول من نوعه، الذي صدر عقب اجتماع سفرائها في مقر السفارة الاميركية في عوكر، الضوء على عملها. وهنا نصه:

«بعد أكثر من 18 شهراً من الفراغ الرئاسي في لبنان، يعيد سفراء مصر وفرنسا وقطر والمملكة العربية السعودية والولايات المتحدة تأكيد الوضع الحرج الذي يواجه الشعب اللبناني والتداعيات، صعبة التدارك، على اقتصاد لبنان واستقراره الاجتماعي بسبب تأخير الإصلاحات الضرورية. لا يمكن للبنان الانتظار شهراً آخر، بل يحتاج ويستحق رئيساً يوحّد البلد ويعطي الأولوية لرفاهية مواطنيه ويشكل تحالفاً واسعاً وشاملاً في سبيل استعادة الاستقرار السياسي وتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية الضرورية. كذلك، فإن انتخاب رئيس هو ضروري أيضاً لضمان وجود لبنان بفعالية في موقعه على طاولة المناقشات الإقليمية وكذلك لإبرام اتفاق ديبلوماسي مستقبلي في شأن حدود لبنان الجنوبية.

خلال الشهر الماضي، إختتم سفراء دول الخماسية اجتماعاتهم مع الكتل السياسية اللبنانية الكبرى لمناقشة الفراغ الرئاسي المستمر. محادثات سفراء الخماسية أظهرت أن هذه الكتل متفقة على الحاجة الملحّة إلى انتخاب رئيس للجمهورية، وهي مستعدة للمشاركة في جهد متصل لتحقيق هذه النتيجة، وبعضها مستعد لإنجاز ذلك بحلول نهاية شهر أيار 2024.

وبالتالي، يرى سفراء دول الخماسيّة أنّ مشاورات، محدودة النطاق والمدة، بين الكتل السياسية ضرورية لإنهاء الجمود السياسي الحالي. وهذه المشاورات يجب أن تهدف فقط إلى تحديد مرشّح متّفق عليه على نطاق واسع، أو قائمة قصيرة من المرشحين للرئاسة، وفور اختتام هذه المشاورات، يذهب النواب إلى جلسة انتخابية مفتوحة في البرلمان مع جولات متعددة حتى انتخاب رئيس جديد. ويدعو سفراء دول الخماسيّة النواب اللبنانيين إلى المضي قدماً في المشاورات والوفاء بمسؤوليتهم الدستورية لانتخاب رئيس للجمهورية.

تكرّر مصر وفرنسا وقطر والمملكة العربية السعودية والولايات المتحدة موقفها الموحّد حول دعم حكومة وشعب لبنان، كما تم التعبير عنه في بيان الدوحة الصادر في تموز الماضي. ويؤكد سفراء دول الخماسيّة التزامهم باحترام سيادة لبنان ودستوره ويواصلون جهودهم الصادقة والمحايدة لمساعدة لبنان على الخروج من أزماته الحالية واستعادة عافيته السياسية والاقتصادية. إنّ سفراء دول الخماسيّة هم على استعداد لأن يشهدوا وييَسّروا المشاورات السياسية المقترحة بالتزامن مع الجهود والمبادرات اللبنانية المستمرّة من قبل جميع الأطراف وأصحاب المصلحة اللبنانيين، بما في ذلك كتلة الاعتدال الوطني».

خيار وحيد

وقال مصدر سياسي بارز لـ«الجمهورية» ان «الخماسية في بيانها، ولأوّل مرة، توصّف الحال بعد اشهر من حراكها، وتقرّ بالحوار وأن هناك مبادرة حوارية، ولو لم تنسبها الى الرئيس بري، تشكّل مخرجاً لهذا الانسداد. والأهم انها قاربت الملف للمرة الاولى من ناحية التوقيت واعطت مهلة زمنية لا تتعدى شهر ايار، من اجل إتمام الاستحقاق، وهي لهجة تقريرية، تطلب رئيساً يوحد البلد المنقسم انقساما حادا، وتنصح بالتشاور لوقت محدد ومن ثم الذهاب الى جلسة بدورات متعددة اي انها تتبنّى طرح الرئيس بري وتنحو نحو الحوار الذي بادرَ اليه». ورأى المصدر «انّ البيان الخماسي يحمل في طياته لغة تحذير من جهة وحَضّ من جهة اخرى، واهميته انه تبنّى منطق الحوار وخريطة الطريق الذي طرحها الرئيس بري كخيار وحيد لا بديل له».

في غضون ذلك اعتبر الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط أنّ «حزب الله يقوم بواجبه في الدفاع عن لبنان في الجبهة المفتوحة منذ سبعة أشهر في الجنوب». وقال لقناة «بي بي سي» البريطانية انه يفضّل «أن تبقى الجبهة الجنوبية «مضبوطة» بيد «حزب الله»، من دون أن تتدخل فيها جماعات مسلحة أخرى». وقال: «كان حديثي في بداية الحرب في الجنوب بأن لا نتورّط أو لا يُورَّط الحزب في الحرب، لكن الحرب ابتدأت».

ورداً على سؤال، قال جنبلاط: «لا لم يورّط الحزب»، مستطرداً: «هو قرار حزبي، أو حزبي إيراني هذا موضوع آخر، فالحزب يدافع عن لبنان، وننسى دائماً أنّ هناك عدواً تاريخياً للبنان استباح الجنوب مرات ومرات من الخمسينات إلى الستينات، فيما اليوم بعض من اللبنانيين ينسى هذا الأمر». ولفت إلى أنَّ «القرار 1701 لم يمت ويمكن إعادة إحيائه شرط أن نقوم بترتيبات متوازية من جهتي الحدود اللبنانية، وبأن يكون هناك وقف للمسيّرات والطائرات التي تقصف الجنوب وتغتال أهله».

وعن النزوح السوري، أشارَ جنبلاط إلى أنَه «ممكن أن يشكل النزوح أزمة إذا أصبح هناك تجنيس للسوريين، لكن نريد أن نجد طُرقاً إنسانية في البداية، ولا أوافق الأمين العام لـ»حزب الله» حسن نصرالله على فتح البحر أمام السوريين وأرفض هذا الطرح. والتفاوض السياسي هنا هو أمر دقيق، وعلى الحكومة اللبنانية أن تفاوض الحكومة السورية وترى إذا كان في الإمكان أن يعود قسم من اللاجئين السوريين لكن مشروطا بضمانات أمنية وأن لا يُعتقلوا. أما الموضوع الآخر وهو الخدمة العسكرية وهي موجودة في غالبية البلاد العربية، فلا نستطيع أن ندخل في هذا الأمر ونقول انه بسبب وجود الخدمة العسكرية في سوريا لا يستطيع اللاجئ أن يعود».

الطاشناق والحوار

وفي هذه الاثناء كتب الأمين العام لحزب «الطاشناق» ورئيس كتلة «نواب الأرمن» النائب هاغوب بقرادونيان، عبر منصة «إكس»: «إنطلاقاً من موقفنا الدائم الداعم للحوار، نُثني على الدعوة الصادرة عن رؤساء الطوائف المسيحية في بكركي، للحوار من أجل إيجاد حل للأزمة الرئاسية، مقتنعين أن الحوار هو السبيل الوحيد لحل الأزمات. وأؤكد أننا سنكون أول الحاضرين في الحوار، كمسعى لإنقاذ وطننا لبنان».

وأشار حزب «الطاشناق» الى أن «هذه المبادرة انبثقت من اللقاء الذي جمع البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي وكاثوليكوس الأرمن الأرثوذكس آرام الأول، في بطريركية الأرمن الأرثوذكس في أنطلياس، في حضور رئيس كتلة نواب الأرمن النائب هاغوب بقرادونيان».

تصعيد كبير

جنوبياً، شهدت المواجهات بين المقاومة وجيش الاحتلال الاسرائيلي تصعيداً كبيراً امس، في ضوء العدوان الجوي الاسرائيلي منتصف ليل الاربعاء – الخميس على مناطق في البقاع. وفي تفاصيل الاعتداء، إستهدفت 10 غارات عنيفة محيط مدينة بعلبك وأطراف بلدة النبي شيت لجهة جرود بلدتي بريتال والخريبة في سلسلة الجبال الشرقية، وافيد عن اصابة شخص بجروح طفيفة ووقوع اضرار مادية.

وقال إعلام عبري «إن الغارات جاءت ردا على إطلاق «حزب الله» طائرات مسيّرة في اتجاه عمق إسرائيل في وقت سابق من يوم الاربعاء».

ورداً على هذه الاعتداءات اعلنت المقاومة الإسلامية انها شنت هجومًا صاروخيًا بأكثر من 60 صاروخ كاتيوشا على قيادة فرقة الجولان ‌‏210 في «نفح وثكنة الدفاع الجوي في كيلع وثكنة المدفعية لدعم المنطقة الشمالية في يوآف».‏ كذلك استهدفت التجهيزات ‏التجسسية المحدثة في موقع «عداثر» (الواقع على تخوم جبل الشيخ والجولان) والتجهيزات التجسسية المحدثة في موقع «جلّ العلام»، «ثكنة ‏زرعيت» ورافعة التجهيزات والتجهيزات التجسسية المحدثة. كذلك قصفت التجهيزات ‏التجسسية في «موقع رامية». ‏كذلك هاجمت المقاومة موقع المطلة ‏وحاميته وآلياته بمسيّرة هجوميّة مسلّحة بصواريخ «‏S5‏» عدد 2، وعند وصولها الى النقطة المحددة ‏لها أطلقت صواريخها على إحدى آلياته والعناصر المجتمعة حولها وأوقعتهم بين قتيل وجريح، ‏وبعدها أكملت انقضاضها على الهدف المحدد لها وأصابته بدقّة.‏

وكشفت القناة 14 العبرية «عن إصابة ثلاثة جنود بجروح جراء انفجار طائرة بلا طيار قرب المطلة «أحدهم في حالة خطيرة جداً وموضوع تحت التخدير والتنفس، ويتلقى الجنود العلاج في مركز زيف الطبي في صفد».

وكانت «المقاومة الاسلامية» قد اعلنت ليل امس الاول انه «ردًا على ‏الإغتيالات التي قام بها العدو الإسرائيلي، شنّ مجاهدوها هجومًا جويًا بعدد من ‏الطائرات المسيّرة الإنقضاضيّة على قاعدة «إيلانية» غرب مدينة طبريا، مستهدفةً جزءًا من منظومة ‏المراقبة والكشف الشاملة لسلاح الجو، وأصابت أهدافها المحددة لها بدقّة، وحققت ما أرادت من ‏هذه العملية المحدودة».

وأكدت إذاعة الجيش الإسرائيلي «ان الجيش يؤكد لأول مرة انه تم استهداف منشأة أمنية الليلة الماضية في منطقة تقاطع جولاني نتيجة انفجار طائرة بلا طيار تابعة لـ«حزب الله»، وأرسل الجيش الإسرائيلي فرقًا فنية إلى مكان الحادث، وتقوم بالتحقيق في حجم الإصابة والأضرار التي لحقت بالموقع الأمني».

وفي تطور نوعي، وردّاً على الاعتداء الإسرائيلي على المنشآت الصناعية في منطقة البقاع، اعلنت «المقاومة الإسلامية» انها شنّت أمس «هجوماً جوياً بمسيرات انقضاضية على منشآت صناعية تابعة لوزارة حرب ‏العدو (شركة إلبيت للصناعات العسكرية) – مصنع ديفيد كوهين في تل حي (شمال كريات شمونة) ‏المُتخصص في إنتاج المنظومات الإلكترونية للجيش الإسرائيلي وأصابت أهدافها بدقة». ‏