يُنتظر ان تتركّز الاهتمامات هذا الاسبوع على ملفين: الاول ملف الاستحقاق الرئاسي، حيث يُرتقب ان تجري مشاورات في اطار المجموعة الخماسية وخارجها، لحسم الخيارات في موضوع «الحوار» او «التشاور» الذي سيمهّد لجلسة او لجلسات الانتخاب الرئاسي. والملف الثاني موضوع النازحين السوريين في ضوء الاشتباك الحكومي ـ الأممي الدائر حوله على خلفية عدم تعاون مفوضية شؤون اللاجئين الأممية مع الحكومة لمعالجة هذا الملف، بحجبها «داتا» المعلومات التي تساعد في معالجته، عنها. وقد نغّصت حادثة تحطّم طائرة الرئيس الايراني السيد ابراهيم رئيسي الاجواء في لبنان والمنطقة بعد ظهر امس، فيما عبّرت وزارة الخارجية والمغتربين عن «تعاطفها مع حكومة ايران وشعبها في هذه المحنة، وتمنياتها بالسلامة والوصول الى برّ الأمان للرئيس الايراني ومرافقيه».
يُنتظر ان يشهد هذا الاسبوع زخماً جديداً في الحراك الرئاسي، يتمثل بعودة لقاءات سفراء اللجنة الخماسية وتكتل «الاعتدال الوطني»، الذي قال احد اعضائه النائب محمد سليمان لـ«الجمهورية»: «انّ مبادرة التكتل مستمرة، ونحن على تنسيق مع سفراء اللجنة الخماسية، وسنعاود هذا الاسبوع تحرّكنا انطلاقاً من مسؤوليتنا الوطنية التي تحتم علينا متابعة هذا الموضوع بمقدار ما نستطيع. وسيكون لنا لقاء مع السفراء الخمسة للتنسيق والبحث في آخر التطورات المتعلقة بالموضوع الرئاسي. لكن لم يتمّ تحديد الموعد بعد، كذلك سيكون لنا لقاء مع رئيس مجلس النواب نبيه بري هذا الاسبوع، من ضمن المشاورات الجارية ولتحديد الخطوات المقبلة».
وأوضح سليمان «انّ اللجنة الخماسية اكّدت مواصلة تحركها وهي أيّدت مبادرتنا، وسنعمل معاً على تنسيق الجهود لمصلحة تسيير الامور بما نرى فيه مصلحة للبلاد». وقال: «خلال الاجتماع مع السفراء سنطلع على خطوات اللجنة المقبلة».
وحول التحرّك الإفرادي المرتقب لبعض سفراء الخماسية قال سليمان: «لا معطيات لدينا عن حركة السفراء، لكنهم ينسقون معنا في كل الامور».
وكان السفير الفرنسي هيرفيه ماغرو قد التقى السبت، رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع في معراب، يرافقه الملحقان السياسيان رومان كالفاري وكانتين جينتيت. على ان يزور الرئيس بري اليوم اوغداً.
وحسب بيان لـ«القوات»، تناول البحث مختلف التطورات المحلية والإقليمية، ولا سيما منها المبادرة الفرنسية لمعالجة الوضع في الجنوب، وملف الوجود السوري غير الشرعي في لبنان ومخاطره وسبل معالجته والإجراءات التي تقوم بها البلديات تنفيذاً لتعاميم وزارة الداخلية وللقوانين المرعية الإجراء. كذلك وضع ماغرو جعجع في أجواء البيان الأخير للجنة الخماسية (بعد اجتماع سفرائها في مقر السفارة الاميركية في عوكر) والجهود التي تبذلها لإنجاز الاستحقاق الرئاسي في أقرب وقت».
جنبلاط في الدوحة
وفي هذه الأجواء، وصل الرئيس السابق للحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط أمس الى الدوحة، ليبدأ اليوم سلسلة لقاءات تجمعه مع أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني ورئيس الحكومة وزير الخارجية محمد بن عبد الرحمن آل ثاني العائد للتو من «قمة البحرين»، وسيحضر هذا اللقاء وزير الدولة في وزارة الخارجية محمد بن عبد العزيز بن صالح الخليفي، بعدما عاد الى بلاده عقب جولة على بعض العواصم الاوروبية، عرض خلالها لسياسة بلاده حول «استراتيجية دولة قطر في الوساطة الدولية»، ورغبتها في أن تلعب أدوار بناة السلام، حيث ما توافرت لها الظروف، في مداخلة عندما حلّ ضيفاً الخميس الماضي على «منتدى حوار أمستردام 2024».
الخليفي ولودريان
تزامناً، شهدت العاصمة الفرنسية لقاء استثنائياً بين الخليفي المكلّف ملف لبنان والموفد الرئاسي الفرنسي الى لبنان جان إيف لودريان في حضور مديرة مكتب شؤون الشرق الاوسط في الخارجية الفرنسية السفيرة السابقة في لبنان السيدة آن غريو. وخُصّص البحث في اللقاء لجهود كل من باريس والدوحة في شأن الملف اللبناني، وما أنجزته اللجنة الخماسية التي تجمع إلى سفيري بلديهما نظرائهم السعودي والاميركي والمصري.
بو حبيب استدعى فرايسن
وعلى صعيد ملف النازحين، سيحضر هذا الملف ومعه ملف العلاقات اللبنانية مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في لقاء يُعقد في وزارة الخارجية بين وزير الخارجية عبدالله بوحبيب ورئيس المفوضية ايفو فرايسن.
وعلمــت «الجمهـوريـة» انّ بـو حبيب هــو من اسـتدعـى فرايسـن الى الــوزارة، للبحث في الأسباب التي تعكّر صفو العلاقات بين المفوضية والمؤسسات الرسمية اللبنانية، في ظل الخلافات الناجمة عن تصرفات المفوضية في ملف النازحين السوريين في لبنان.
إجراءات قانونية
في غضون ذلك، طالب رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، وزير الداخلية والبلديات القاضي بسام مولوي، بـ«اتخاذ الإجراءات القانونية كافة في حق رئيس مكتب المفوضية السامية للاجئين في لبنان، بسبب انتهاكه السيادة اللبنانية، وتدخّله في تطبيق القوانين اللبنانية، محاولاً عرقلة التدابير والإجراءات التي اتُخذت».
وقال جعجع في بيان: «لن نقبل بما قام ويقوم به رئيس مكتب المفوضية السامية للاجئين، فالأرض أرضنا والبلاد بلادنا، والسيادة في هذه البلاد هي للشعب والدولة اللبنانية، وليس في إمكانه التذرُّع بالاعتبارات الإنسانية، لأنّه ليس من شعب في العالم تعاطف مع اللاجئين أكثر من الشعب اللبناني، ولا التذرُّع بالاعتبارات الدولية، لأنّ مذكرة التفاهم الموقّعة بين الدولة اللبنانية والأمم المتحدة في العام 2003 واضحة ولا تحتمل التأويل».
مواقف
وفي أبرز المواقف التي شهدتها عطلة نهاية الاسبوع، أشار البَطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، في عظته خلال القداس الالهي لمناسبة عيد العنصرة وعيد تأسيس «تيلي لوميار» في بكركي، الى انّه «مِن الضرورة بمكان وجود رئيس للجمهورية يستطيع دون سواه الجلوس الى مائدة التفاوضات»، مصليًا الى الروح القدس «أَن يمسّ ضمائر معطلي انتخاب رئيس للجمهورية وربطه في حرب غزة»، قائلاً: «من اجل هذه الحرب بجب ان يكون للبنان رئيس ذو صلاحيات كاملة للتفاوض في هذا الشأن». واعتبر انّه «لا يوجد بالنسبة الينا اي سبب مبرّر لعدم انتخاب رئيس الجمهورية كي تنتظم المؤسسات الدستورية والحفاظ على الدستور والكف عن مخالفته يومياً». وأضاف: «في غياب رئيس الجمهورية لا دستور ولا قانون سوى النافذين بكل اسف».
التعطيل الرئاسي
ومن جهته، قال المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان في بيان له امس «وفقاً للضرورة الوطنية لا شيء أهم من تلاقي القوى النيابية للإنتهاء من تسوية رئاسية تليق بالميثاقية التوافقية التي تتناسب مع العائلة اللبنانية وشراكتها الدستورية». ورأى انّ «التعطيل الرئاسي له علاقة بالبازار السياسي المعيب لا بحرب غزة، على أنّ أشلاء غزة وصخيب جثثها سيشكّل أكبر موازين الله يوم القيامة، والتواضع الأخلاقي من أجل الدم الوطني مطلوب، والقداسة التي تحيط بعمل المقاومة فوق الحسابات الداخلية وتفاهة تفاصيلها، والتعطيل الرئاسي موجود بالزاروب الضيّق لا بالتضحيات السيادية الكفيلة بإبقاء هذا البلد وطناً لكل طوائفه». واضاف: «فقط نريد شجاعة سياسية وشهامة وطنية تنتهي بتسوية رئاسية تليق بشراكتنا الوطنية وتضحيات المقاومة التي لا تعرف مصلحةً عليا فوق مصلحة لبنان وشراكة طوائفه التي تتشكّل منها العائلة اللبنانية».
وزير إيرلندي
وفي إطار الحركة الديبلوماسية في اتجاه لبنان، وصل نائب رئيس الحكومة الإيرلندية ووزير الخارجية والدفاع في ايرلندا مايكل مارتن امس الاول الى بيروت في زيارة رسمية تستمر حتى مساء اليوم، حيث سيلتقي كلاً من رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير الخارجية عبد الله بوحبيب، وذلك بعدما امضى يوم امس في الجنوب متفقداً كتيبة بلاده العاملة في إطار قوات الطوارئ الدولية (اليونيفيل).
التصعيد جنوباً
على الجبهة الجنوبية، تواصل القصف المدفعي الاسرائيلي امس، على القرى والبلدات الجنوبية. وفي التطورات الميدانية، تعرّض وادي حامول صباحاً لقذائف المدفعية. وطاول القصف بلدة عيترون حولا. وبعد الظهر اغار الطيران الحربي على بلدتي بيت ليف ومارون الراس موقعاً شهيدين وجريحين. وأطلق العدو الاسرائيلي عصراً، قذائف فوسفورية على بلدة ميس الجبل قرب المستشفى الحكومي، مما سبّب باندلاع حريق في المكان امتد وتوسّع بسرعة بسبب الرياح، وعملت فرق الدفاع المدني في جمعية كشافة الرسالة الاسلامية (مركز ميس الجبل التطوعي) على اخماده.
وتزامناً، قصفت المدفعية الاسرائيلية محيط بلدتي علما الشعب والناقورة واطراف حولا وسهل مرجعيون بقذائف متتالية.
وقد نعى «حزب الله» احد مقاتليه حسن يحيى نعمة من بلدة محرونة في جنوب لبنان. وأعلن في بيانات متلاحقة، انّ «المقاومة الاسلامية» استهدفت بالمدفعة امس موقعي الراهب والرمثا، وقالت: «بعد رصد دقيق وترقّب لقوات العدو الإسرائيلي في موقع المالكية، وعند دخول جيب عسكري من نوع «همر» اليه، استهدفه مجاهدو المقاومة الإسلامية بصاروخ موجّه، أصابه إصابة مباشرة، وتمّ تدميره وايقاع طاقمه بين قتيل وجريح، وبعد تجمّع جنود العدو لتفقّد الإصابات استهدفهم المجاهدون بقذائف المدفعية وحققوا فيهم إصابات مؤكّدة».
كذلك اعلنت «المقاومة الاسلامية» انّها استهدفت التجهيزات التجسسية المستحدثة في «موقع راميا وموقع جل العلام والتجهيزات التجسسية في موقع المالكية.
وقالت: «بعد رصد ومراقبة دقيقة للحدود في منطقة المطلة وعند وصول ثلاثة من جنود العدو الإسرائيلي ودخولهم الى نقطة تموضعهم الحدودية مقابل مطار الخيام عند الساعة الخامسة والنصف، استهدفهم مجاهدو المقاومة الإسلامية بصاروخ موجّه، سقط بينهم وأوقعهم بين قتيل وجريح».
واعلن موقع «حدشوت بزمان» العبري عن «انفجار طائرة مسيّرة مفخخة في عرب العرامشة في الجليل الغربي».
تهديد إسرائيلي
في غضون ذلك، دعا وزير المال الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إلى «إصدار إنذار لحزب الله لوقف إطلاق النار على الحدود الشمالية، وإلّا فإنّ الجيش الإسرائيلي سوف يغزو لبنان».
ولفت سموتريتش، بحسب ما نقلت صحيفة «جيروزاليم بوست»، الى أنّه «إذا استمر حزب الله في إطلاق النار بعد هذا الإنذار، فإنّه سيتعيّن على الجيش الإسرائيلي شن هجوم دفاعي في عمق الأراضي اللبنانية، بما في ذلك دخول بري واستيلاء عسكري إسرائيلي على جنوب لبنان».