Site icon IMLebanon

الجمهورية : الأنظار على بيان الخماسية ومشاورات للتوافق على مرشح أو مرشحين وجلسة انتخاب فورية

إنشغل العالم كله برصد تداعيات الحدث الإيراني الذي تجلّى في مقتل الرئيس الايراني ابراهيم رئيسي ووزير الخارجية الايرانية حسن امير عبد اللهيان وعدد من مرافقيهما، في تحطّم مروحية كانت تقلهم في طريق عودتهم من زيارة الى اذربيجان.

امّا الحدث الابرز في المقابل، فتجلّى في اعلان المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان بأنّ المحكمة تطلب إصدار اوامر اعتقال بحق رئيس وزراء اسرائيل ووزير الدفاع الاسرائيلي يوآف غالانت والقياديين في حركة حماس يحيى السنوار ومحمد الضيف، بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية. وهو الأمر الذي استفزّ حركة حماس التي استنكرت مساواة الضحية بالجلاد، فيما ندّدت اسرائيل بذلك، ووصفتها مستوياتها السياسية بـ»جريمة ذات أبعاد تاريخية» و»فضيحة تُعادل هجوم السابع من تشرين الاول». واعلن وزير الخارجية الاسرائيلي يسرائي كاتسانه فتح ما سمّاها «غرفة حرب خاصة» لمواجهة تحرك المحكمة الجنائية.

رصد المشهد الإيراني

ومع الاعلان الرسمي صباح أمس عن وفاة جميع ركاب المروحية، بعد العثور على جثثهم في مكان سقوطها، اعلن المرشد الايراني الحداد لخمسة ايام، وأجرت ايران انتقالاً سريعاً في السلطة عبر تولية النائب الاول للرئيس الايراني محمد مخبر مهام الرئاسة وتعيين علي باقري وزيراً للخارجية خلفاً لعبداللهيان، مع بدء التحضيرات لاجراء انتخابات رئاسية خلال خمسين يوما.

وفيما تتوالى التعازي بالرئيس الايراني ومرافقيه من قادة عرب وأجانب ومستويات سياسية ورسمية لبنانية، اعلن لبنان الحداد الرسمي وتنكيس الاعلام لثلاثة ايام، في وقت بقيت فيه العوامل المناخية هي الفرضية الاقوى التي أدت الى تحطّم المروحية، فيما كان اللافت للانتباه في هذا السياق تكرار اسرائيل بأنّ لا علاقة لها بهذا الحادث، بالتزامن مع تحليلات وتقارير أوردها الاعلام الاسرائيلي، اشارت الى مظاهر الابتهاج في اسرائيل، وذهبت الى افتراض انّ رحيل رئيسي من شأنه أن يهزّ المؤسسة السياسية في إيران، فوراً وأيضاً خلال الصراع على خلافة خامنئي في المستقبل، كما انّ رحيل عبد اللهيان سيكون له تأثير كبير. الا انّ الخلاصة التي انتهت اليها تلك التقارير تفيد بأنه «إذا أمِل أحد أن تحطم المروحية الغامض سيؤدي إلى إنهاء الحرب النازفة قريباً منا، فإنّ هذا تقدير متفائل جداً، مع الاشارة الى أن «النجاح الإستراتيجي الذي حققته إيران والمنظمات الموالية لها في الحرب الحالية أنشأت إحباطاً بالغاً في إسرائيل».

ورجّحت تلك التقارير الاسرائيلية «ان التطورات في إيران ستجري بوتيرة مختلفة عن التطورات من حولنا. وفي السيناريو الإيجابي، في المرحلة الأولى، من الجائز أن النظام في طهران سيكون الآن منشغلاً أكثر بنفسه وربما يمارس ضغطاً أقل على «حزب الله» كي يحافظ على جبهة عسكرية نَشِطة ضد الجيش الإسرائيلي».

 

المشهد الداخلي

داخلياً، شكّل الحدث الايراني مادة المتابعة الرئيسية على كل المستويات، بالتوازي مع رصد تطورات الميدان في غزة وامتداداتها الى حدود لبنان الجنوبية. فيما حافظت سائر الملفات الداخلية على انكفائها بعيداً عن حلبة المقاربات الجدية. وكل الانظار باتت مسلّطة الى الخطوة التالية للبيان الأخير لسفراء دول اللجنة الخماسية، والحراك المنتظر من قبل السفراء لتسويق مندرجاته التي تؤكد على دخول الاطراف في لبنان في مشاورات تُفضي الى التوافق على مرشح او مرشحين يليه انعقاد مجلس النواب في جلسة انتخاب فورية.

واذا كان قد أُريد من بيان سفراء دول «الخماسية» ان يشكّل قوة دفع بالملف الرئاسي الى الأمام، الا انّ وقائع المشهد السياسي توحي وكأنّ بيان السفراء قد مرّ مروراً عابراً على طول المشهد السياسي، من دون أن يحرّك ساكناً لدى رافضي منطق الحوار والتوافق.

وكشفت مصادر مواكبة لحراك السفراء لـ»الجمهورية» ان الايام القليلة المقبلة ستشهد حراكا مكثفا للجنة، سواء عبر سفرائها مجتمعين، او بصورة منفردة، ارتكازاً على مضمون «البيان الحواري» الذي صدر في نهاية اجتماعهم في السفارة الاميركية، ولهدف انجاز الاستحقاق الرئاسي ضمن فترة زمنية أقصاها الشهرين المقبلين»، ونقلت عن احد السفراء قوله: انّ دول الخماسية تشدّ في هذا الاتجاه. وعلى هذا الاساس سيكون حراكنا المقبل اكثر زخماً وفاعلية، لتوسيع مساحة الالتقاء بين الاطراف في لبنان، على اولوية التشاور فيما بينهم لحسم ملف الرئاسة في القريب العاجل، وقناعتنا الأكيدة ان لا سبيل امام اللبنانيين سوى التوافق، وانتخاب رئيس يحظى بأوسع احتضان سياسي له، يستمد منه القدرة على قيادة لبنان خارج أزمته الراهنة».

 

أين مكان الحوار؟

وبمعزل عن الترحيب بدعوة اللجنة الخماسية الى حوار او نقاش بين المكونات اللبنانية، او تجاهلها، فإنّ الحوار الذي تنشده، وعلى ما تؤكد مصادر سياسية لـ»الجمهورية»، دونه صعوبات كبرى. أولاً، على مبدأ الحوار حيث لا اجماع عليه، خصوصاً ان قوى سياسية مسيحية وازِنة ترفضه. وثانياً، إن تم التوافق على مبدأ الحوار، فإن العقدة الاساس هي مكان الحوار، ومَن يديره.

تضيف المصادر: مجلس النواب هو المكان الأكثر ترجيحا لعقد الحوار فيه، ومعنى ذلك أن انعقاد الحوار او النقاش في المجلس، سيكون بإدارة رئيس مجلس النواب نبيه بري. فيما بعض الاطراف ترفض ادارة بري للحوار على اعتبار انّه طرف في الاشتباك الرئاسي. ما يعني انّ كرة إدارة الحوار تعود إلى ملعب اللجنة الخماسية، لتحديد شكله والمشاركين فيه ومكان انعقاده. علماً ان اللجنة الخماسية لم تُوحِ من قريب او بعيد باستعدادها لأن ترعى او تدير حواراً مباشراً بين اللبنانيين.

ورداً على سؤال، استبعدت المصادر إدارة اللجنة الخماسية للحوار، خصوصاً انّ اعضاءها يَشدّ كلّ منهم في اتجاه مرشّح معين.

ولدى سؤالها اذا أخفقَ انعقاد الحوار في الداخل اللبناني، فما هي فرص انعقاده خارج لبنان في واحدة من دول الخماسية ؟جزمت المصادر بأن هذا الامر ليس مطروحا، اضافة الى انّ الهَم الرئاسي اللبناني لا يعدو اكثر من ملف ثانوي بَتّه بيد اللبنانيين وحدهم، وكثيرون ممّن زاروا تلك الدول وغيرها قيل لهم بصورة مباشرة وغير مباشرة، ان لا اولوية لتلك الدول تتقدم على اولوية مواكبة تطورات الحرب الاسرائيلية على غزة.

بري: إعادة الأموال

على صعيد سياسي آخر، أكد رئيس مجلس النواب نبيه بري، خلال استقباله في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة رئيس بعثة صندوق النقد الدولي في لبنان أرنستو راميريز ريغو والممثل المقيم للصندوق في لبنان فريدريكو ليما، أنّ المدخل لإعادة الثقة بالقطاع المصرفي والنظام المالي العام في لبنان يكون بضمان إعادة الودائع كاملة لأصحابها، مهما تطلّب ذلك من وقت.

 

الإشتباك الديبلوماسي

في جانب سياسي آخر، تفاعل الاشتباك الديبلوماسي بين الحكومة اللبنانية ومفوضية الامم المتحدة لشؤون اللاجئين، حيث استدعى وزير الخارجية في حكومة تصريف الاعمال عبدالله بوحبيب ممثل المفوضية ايفو فرايسن، وأبلغه ضرورة سحب الرسالة التي وجّههتها المفوضية لوزير الداخلية والبلديات، التي تطالب بوقف الاجراءات بحق اللاجئين، واعتبارها بحكم المُلغاة. وفي وقت لاحق قامت المفوضية بسحب الرسالة.

وشدد بوحبيب على فرايسن «ضرورة احترام أصول التخاطب مع الوزارات والادارات اللبنانية المختصة، وعدم تجاوز الصلاحيات المنوطة قانوناً بوزارة الخارجية والمغتربين. وكذلك عدم التدخل في الصلاحيات السيادية للبنان، والتزام القوانين اللبنانية لجميع المقيمين على الاراضي اللبنانية من أفراد ومنظمات، المتوافقة أصلاً مع كل التشريعات الدولية. وتسليم داتا النازحين كاملة من دون إبطاء، في مهلة أقصاها نهاية الشهر الحالي، الى المديرية العامة للأمن العام، وفقاً لمذكرة التفاهم الموقعة في ٨ آب ٢٠٢٣، مع وزارة الخارجية والمغتربين. وفي حال عدم التقيّد بما ورد والتمادي في تجاوز حدود الاختصاص، ستكون الوزارة مضطرة الى إعادة النظر بتعاملها مع المفوضية، أسوةً بما اتخذته دول أخرى من اجراءات في حق المفوضية لدى قيامها بتجاوزات مماثلة».

كذلك اكد بوحبيب، خلال لقائه المنسقة الخاصة للامم المتحدة يوانا فرونتيسكا، على ضرورة مراعاة اصول التخاطب مع مؤسسات الدولة واجهزتها واحترام القوانين اللبنانية والقرارات السيادية الهادفة الى تنظيم مسألة النزوح السوري.

 

ساحة توتر

جنوباً، بقيت المنطقة الحدودية ساحة توتر متصاعد بوتيرة متواصلة، تكثفت خلالها الاعتداءات الاسرائيلية على المناطق والبلدات الجنوبية القريبة من خط الحدود، حيث سجلت امس سلسلة غارات نفذها الطيران الحربي والمسيّر الاسرائيلي، طالَت بلدتي ميس الجبل والناقورة حيث أُفيد عن سقوط شهداء وجرحى، والمنطقة الواقعة بين بلدتي القليلة والمعلية في منطقة صور. وترافقَ ذلك مع قصف مدفعي طالَ سهل الخيام، وبلدة الخيام بالقذائف الفوسفورية، ومركزاً للجيش اللبناني عند اطراف بلدة علما الشعب، اطراف الناقورة، اطراف حولا، العديسة، وقرى منطقة العرقوب.

في المقابل اعلن «حزب الله» انّ المقاومة الاسلامية استهدفت بالصواريخ الموجهة مركزاً للجيش الاسرائيلي على المدخل الشرقي لقرية الغجر، وموقع الراهب، وثكنة زبدين في مزارع شبعا، ومقر الفرقة 91 في ثكنة برانيت بصاروخ بركان، وثكنة راميم بصواريخ بركان، وموقع المالكية وانتشاراً لجنود العدو في محيطه، وموقع المرج، وموقع راميا بالاسلحة المناسبة، وموقع جل العلام بالاسلحة الصاروخية، وموقع المطلة.

ونعى «حزب الله» الشهيد حسين علي علي حسن «ابو علي الكرار» مواليد 1989 من بلدة بدنايل، والشهيد رائف عبد النبي مليجي «ربيع» مواليد 1957 من بلدة الناقورة، والشهيد عباس مهدي مهدي «ابو الفضل» من بلدة الناقورة، والشهيد محمد عباس عباس من بلدة باريش، والشهيد ميلاد عدنان الحجيري مواليد 1993 من مدينة بعلبك،

على صعيد أمني آخر، اعترض اهالي بلدة بريقع في قضاء النبطية، بعد ظهر امس، دورية تابعة لقوات اليونيفيل مؤلفة من سيارتين، ومنعوها من إكمال سيرها في الشارع الرئيسي للبلدة، وهي المرة الاولى التي تدخل فيها دورية لليونيفيل بلدة غير خاضعة لمنطقة انتشارها ضمن القرار 1701. واستمر الوضع على هذه الحال لبعض الوقت، حيث جرى التواصل مع مخابرات الجيش اللبناني في النبطية، التي ارسلت دورية رافقت دورية اليونيفيل الى خارج البلدة.

 

الموقف الإسرائيلي

وفيما اعلن في اسرائيل انه بسبب الوضع الامني الذي فرضه «حزب الله» تمّ افتتاح اول مخيم للنازحين من الشمال تحت اسم مخيم الجليل للنازحين، كشفت وسائل إعلام إسرائيلية عن إقامة «حلقة دراسية في قيادة المنطقة الشمالية» قبل شهر من اندلاع الحرب، «عنيت بالتحضير للحرب التي قد تندلع مقابل حزب الله في لبنان».

ونقلت قناة «كان» الإسرائيلية أنّ «قائد اللواء 300 قدّر أنه إذا بدأ «حزب الله» بهجوم، فهو سينجح في اختراق خطوط الدفاع». وبحسب تقدير قائد اللواء، فإنّ «حزب الله» سينجح في هذه الحال في السيطرة على قواعد ومستوطنات، ولن يكون بمقدور القوات الإسرائيلية وقف الهجوم».

وقال قائد اللواء، في الحلقة الدراسية، بحسب «كان»: «إنه سيتطلب وصول قوة خاصة لإنقاذ القوات إلى حين وصول الجيش الكبير»، كما أنّ تقديرات «الجيش» كانت بأنه في حال حصل هجوم مفاجئ، لـ»حزب الله»، فإن القوات عند الحدود الشمالية لن تستطيع صَد ذلك الهجوم».

ونقلت القناة «14» الإسرائيلية، عن رئيس مجلس «مروم هغليل» في الجليل الأعلى، عميت سوفر، قوله: «نحن في واقع لا يطاق، البلدات مُخلاة بلا أفق، سكانها محتجزون في الفنادق، وهناك بلدات محاذية للسياج سكّانها داخل الملاجئ منذ سبعة أشهر، وكلّ يوم تتلقّى البلدات في خطّ المواجهة القذائف»، محذراً من أنّ «التهديد الاقتصاديّ سيقضي علينا».

وقال سوفر: «في ازدياد الهجمات، الأسبوع الفائت، على جبل ميرون، أصيبت بشكل مباشر بلدة كِرِم بن زمران، التي كان من المفترض إخلاؤها لكن لم يتم ذلك»، مضيفاً «لقد نفذ صبرنا تماماً، نشعر أنّ أحداً لا يسمعنا من المسؤولين». وشدد على أنّ ما يحصل في الشمال حرب حقيقية ومعقدة جداً.

وبعد أن أشار إلى أنّ ما يقارب من 20% إلى 30% من المنازل في مستوطنة «أفيفيم» باتت محطّمة أو محترقة تماماً، شدّد على أنه «لن يكون هناك أمن في الشمال من دون إبعاد قوّة الرضوان».

وأكّد أنّه «من دون ذلك لن يكون هناك استيطان في الشمال، وبالتالي ستكون الحكومة في ورطة».

وفي السياق كشفت مصادر أمنية إسرائيلية أنّ وزارة الداخلية الإسرائيلية لم تُنفّذ أيّ سيناريو لحماية المستوطنين في حال اندلع أي قتال في الساحة الشمالية (عند الحدود مع لبنان)، كما أنّها «لم تُخصص موارد للاستعداد للسيناريو».

وقالت المصادر إنّ «إسرائيل» لن تستطيع توفير استجابة ناجعة للمستوطنين من الحدود الشمالية إلى خطّ حيفا، لا سيما أنّهم سيبحثون عن ملجأ من الصليات الصاروخية التي سيطلقها «حزب الله» من الشمال نحو «إسرائيل».

وفي الوقت الذي أكّد فيه العقيد احتياط في «جيش» الاحتلال، كوبي ماروم، أنّ هناك مأزقاً استراتيجياً في الشمال، وإنجازاً هائلاً لـ»حزب الله» على صعيد الوعي، أقرّ في حديث مع «القناة 12» الإسرائيلية بأنّ «نيران الجيش لا تنجح في تحقيق الإنجاز الاستراتيجي»، مُتسائلاً عن أنه «عى الرغم من مرور 7 أشهر على الحرب، كيف لا يدمّر الجيش البنية التحتية لحزب الله»؟

وأشار الى تفكّك «المجتمعات» في الشمال، حيث أصبح رؤساء المجالس «يقفون كالمتسوّلين على باب وزير المالية. ان إسرائيل أمام هذا الواقع قد خسرت الشمال».