IMLebanon

الجمهورية : الملف الرئاسي: تجميد ولا تحريك.. واشنطن تُبعد الحرب وتدفع لـ”حلّ العودتين”

على المقلب السياسي، حديث في بعض الكواليس السياسية، لم يؤكّده أحد، عن حراك مكثف متوقّع خلال شهر تموز الجاري، محوره الأساس الملف الرئاسي. واما على المقلب الأمني، فخطّ ناري يزنّر منطقة الحدود الجنوبية، بمواجهات بين «حزب الله» والجيش الاسرائيلي، ما زالت على الإيقاع نفسه من الصعود والهبوط، دون ان تتخطّى نطاقها المحصور على خط الحدود، او ترتفع فوق سقف قواعد الاشتباك الحاكمة للمواجهات منذ 8 تشرين الاول من العام الماضي. في انتظار تطورات تحدّد وجهتها، اما في اتجاه التصعيد اكثر، او في اتجاه حل سياسي يبدّد الاحتمالات الحربية، ويعيد الأمن والاستقرار لتلك المنطقة.

 

وقد برز في هذا السياق، التأكيد الأميركي المتجدّد على لسان وزير الخارجية الاميركية انتوني بلينكن امس، من انّ لا احد من اللاعبين الكبار في المنطقة يريد الحرب، فلا اسرائيل و»حزب الله» ولبنان وإيران تريد الحرب. وفي موازاة ذلك، برز التحذير الذي اطلقته ايران امس، على لسان القائم بأعمال وزير الخارجية الايراني علي باقري كني، لإسرائيل «من تهديد لبنان»، مؤكّداً «جاهزية المقاومة اللبنانية لمواجهة تهديدات اسرائيل، وانّ إسرائيل ستدفع ثمناً باهظاً لخطأ ارتكاب عمل عدواني، نظراً لقوة المقاومة التي لا مثيل لها في لبنان، ولأنّ المقاومة اللبنانية مستعدة تماماً للردّ».

لا جديد رئاسياً

سياسياً، وعلى ما يؤكّد مرجع سياسي لـ»الجمهورية»، أن «لا جديد على صعيد الملف الرئاسي، «ما زلنا مطرحنا، حصلت حراكات في الفترة الماضية وانتهت كما بدأت، ولم يتحقق منها ما يمكن أن يشجع او يُبنى عليه».

 

وعندما سُئل عن تحّرك ما ستشهده الايام المقبلة، قال: «مين بدو يتحرّك، سمعت متلي متلكم عن حراك جديد، لكن حقيقة انا ما عندي علم بشي، وما حدا بلّغنا شي، ولا نحن طلبنا من حدا».

 

وعمّا تردّد عن تحرّك جديد للجنة الخماسية، قال: «لحد علمي ما في شي لا حراكات ولا من يحزنون، لا خماسية ولا سداسية، ولا حتى أحادية. وفي مطلق الاحوال اي تحرّك مرحّب به إن كان هادفاً الى تحقيق توافق بين الاطراف على انتخاب رئيس للجمهورية».

 

ورداً على سؤال عن مصير مبادرة رئيس المجلس النيابي نبيه بري، قال المرجع: «الرئيس بري متمسك بمبادرته لأنّها تحدّد المخرج التوافقي اللازم للأزمة الرئاسية. وهي تحظى بإجماع دولي عليها، وقد عبّرت عن ذلك اللجنة الخماسية، كما انّها تحظى بشبه إجماع داخلي ما خلا بعض الاطراف التي تصرّ على التغريد خارج سرب التوافق. في اي حال، مبادرة بري قائمة، وفي نهاية المطاف كل الاطراف سيعودون اليها».

 

بكركي و”حزب الله”

 

وعلى المقلب السياسي الآخر، أكّدت مجريات الأيام الاخيرة وما حملته من رسائل متبادلة وموفدين بين البطريركية المارونية والمجلس الشيعي، بدّدت الالتباسات التي شابت العلاقة بينهما على خلفية ما ورد في عظة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة الراعي قبل ايام. واكّدت حرص الطرفين على كل ما يجمع بينهما لمصلحة لبنان. كما اكّدت في السياق ذاته على تنقية العلاقة بين البطريركية و»حزب الله».

 

وبرز في هذا الإطار ما قاله المسؤول الاعلامي في بكركي وليد غياض، أمس، بأنّ «لا نية باستهداف «حزب الله» ولا بوصفه بالإرهابي، والبطريرك الراعي لم يقصد «حزب الله» ولا المقاومة في الجنوب التي نقدّر كل تضحياتها وما أنجزته من انتصارات كانت محقة»، موجّهاً التحية «الى كل الشهداء الذين يسقطون في الجنوب».

 

وكشف غياض، انّ «التواصل بين بكركي و»حزب الله» مستمر، ولو كان البطريرك الراعي يعتبر «حزب الله» ارهابياً لأوقف التواصل معه، لأنّه لا يحاور ارهابيين»، كاشفاً انّ «سفراء طلبوا من البطريرك الراعي وصف «حزب الله» بالإرهابي، وقد رفض هذا الأمر رفضاً قاطعاً، مؤكّداً انّ الحزب فريق لبناني».

 

جبهتا غزة والجنوب

 

في المقلب الآخر، فإنّ المتابع لمجرى الحرب الدائرة في قطاع غزة والمواجهات المتسارعة على جبهة جنوب لبنان، ينتابه شعور بأنّ كلّ الوساطات ومحاولات احتواء التصعيد قد استنفدت، وباتت الكلمة للميدان العسكري. الّا انّ السؤال الذي يطرح نفسه في موازاة التهديدات الاسرائيلية التي تنذر بحرب طويلة الأمد: هل ستتمكن اسرائيل من تحقيق أيّ من اهدافها التي رفعتها لتحرير الأسرى الاسرائيليين والقضاء على حركة «حماس»، وتتفرّغ بالتالي لجبهة جنوب لبنان. أم أنّ الميدان سيشهد تطورات ما تفرض صفقة تبادل للأسرى بين اسرائيل و»حماس»، قائمة على وقف لاطلاق النار، ينسحب تلقائياً على جبهة لبنان، ويفتح الباب على حل سياسي تعتبره الولايات المتحدة الاميركية السبيل الوحيد لعودة سكان جنوب لبنان ومستوطنات الشمال الى منازلهم في جوّ آمن؟

 

فيما ما زالت واشنطن تعوّل على مبادرة الحل التي أطلقها الرئيس الاميركي جو بايدن، وإن كانت معوقات كبرى تعترضها، سواء من الجانب الاسرائيلي الذي اعلن رفض إدخال تعديلات عليها، او من حركة «حماس» التي تضع اشتراطات اساسية لقبول المبادرة، ولاسيما تعهّد اسرائيل بوقف نهائي لاطلاق النار والتزامها بالانسحاب من قطاع غزة.

 

طبول الحرب

 

الّا انّ هذا البطء أو التعثر في مسار مبادرة الحلّ الاميركية، تُضاف اليه طبول الحرب الواسعة التي تقرعها حكومة بنيامين نتنياهو، والتي ضجّت بشكل مكثف بالتزامن مع مواجهات محتدمة في شهر حزيران الفائت، الذي اجمعت التقارير العسكرية على انّه كان الأعنف منذ بداية الحرب، وخصوصاً على جبهة جنوب لبنان، أحدثت مساحة واسعة من الاعتقاد بأنّ الميدان العسكري من غزة الى لبنان على شفير التدرّج نحو الحرب. وعززت هذا الاعتقاد التهديدات الاسرائيلية المتواصلة بتطويل أمد الحرب، وتكرار سيناريوهات التدمير والإبادة الجماعيّة ضدّ ما تبقّى من قطاع غزة، وشن عملية عسكرية ضدّ لبنان.

 

على انّ المتمعن في عمق الصورة، يتبدّى له أنّ منحى التصعيد والتهديد الذي تسلكه حكومة نتنياهو، تعترضه موانع كبرى، حيث أنّ كلّ التقديرات سواء الأميركية او الدولية أو تلك الصادرة من داخل اسرائيل من مستويات سياسية وعسكرية، ومن معلّقين ومحللّين، باتت تجمع على انّ خيار الاستمرار في الحرب في غزة ليس صائباً، وعلى التحذير من انّ الحرب على لبنان تنطوي على مخاطر وأكلاف عالية ومدمّرة. وكلا الحربين، لن يمكنا نتنياهو من تحقيق الانتصار الذي يريده. بل انّ خيار الحل الاميركي هو الذي يعيد ما تبقّى من أسرى اسرائيليين لدى حركة «حماس» سالمين. وخيار الحل السياسي الذي تدفع اليه واشنطن، هو الذي يمكّن سكان مستوطنات الشمال من العودة الى بيوتهم.

 

«حل العودتين»

 

على أنّ ما يُقال في الغرف الديبلوماسية، لا يغلب فرضية التصعيد، ولاسيما انّ قنوات الاتصال المفتوحة مع الوسطاء، وفق ما تكشف مصادر رسميّة لـ»الجمهورية»، ما انفكّت ترسل اشارات معاكسة للجو الحربي، وترجّح خيار الحل السياسي في المدى القريب المنظور على جبهتي غزة وجنوب لبنان. وخصوصاً انّ الاميركيين مصمّمون على إنجاح مبادرة الرئيس جو بايدن، بل انّهم باتوا عازمين أكثر من ذي قبل على تهدئة في غزة توازيها او تواكبها تهدئة على جبهة لبنان. ولهذه الغاية لن يطول الوقت وسيعود آموس هوكشتاين في زيارة جديدة الى المنطقة.

 

ولا تفصّل المصادر الرسمية في مضمون تلك الإشارات، بل تكتفي بالقول: «إنّ ما نسمعه يؤكّد في جوهره توجّه الادارة الاميركية الى بلوغ ما يبدو انّه «حل العودتين»؛ اي عودة الاسرى الاسرائيليين في غزة، وعودة سكان الجنوب ومستوطنات الشمال الى بيوتهم».

 

وتضيف المصادر عينها: «يقولون إنّ الاسبوعين او الثلاثة المقبلة حاسمة للدفع بالحلول إلى الامام، ومن شأن هذا الامر أن يقلّل منسوب القلق من تصعيد واسع. ولكن هذا لا يعني الركون لكل ما يُقال، قبل ان نلمس بوادر الحل على الارض، ونتائج ما يُقال عن ضغوط اميركية قوية تُمارس على اسرائيل للسير بالحل، ومن هنا فإنّ من الواجب الحفاظ على قدر عالٍ من الحذر من الغدر الاسرائيلي».

 

المتاهة

 

إلى ذلك، ووفق معلومات موثوقة لـ»الجمهورية»، أنّ مسؤولاً أمنياً رفيعاً في دولة اوروبية اجرى في الآونة الأخيرة، سلسلة لقاءات مع مستويات لبنانية سياسية وغير سياسية، تمحورت حول مستجدات الوضع على الحدود الجنوبيّة، وخصوصاً مع تصاعد العمليات العسكرية والقصف العنيف المتبادل بين «حزب الله» والجيش الاسرائيلي، وارتفاع وتيرة التهديدات بعمل عسكري اسرائيلي واسع ضدّ لبنان.

 

وبحسب المعلومات، كما نقلتها مصادر موثوقة، فإنّ المسؤول الأمني المذكور بدا في كلامه وكأنّه يشدّد على إبقاء الوضع على الجبهة الجنوبية تحت سقف مواجهات منخفضة الحدّة، وعكس ذلك في تحذيره من انّ رفع سقف المواجهات الى وتيرة عالية من التصعيد من شأنه أن يخرج الامور عن السيطرة، ويحبط الجهود الرامية الى خفض التصعيد كمقدمة لبلورة حل سياسي يؤدي الى وقف نهائي لاطلاق النار».

 

ونقلت المصادر عن المسؤول الأمني قوله ما حرفيته: «إنّ الوضع كما نراه، لا يبعث على الاطمئنان، وخصوصاً انّه مع التصعيد المتواصل من الجانبين بات اكثر قرباً من السقوط في صراع واسع لا نرى فيه مصلحة لأي من الاطراف، وخصوصاً انّه يضع كل المنطقة امام منزلقات ومخاطر كبرى يستحيل تقدير حجمها إن خرجت الامور عن السيطرة، وهو ما يوجب قدراً عالياً من ضبط النفس. وقد ابلغنا ذلك الى الجانب الاسرائيلي، وهو ما نريد أن نراه من الجانب اللبناني الذي في إمكانه منع «حزب الله» من القيام بأي مغامرة عسكرية تتسبب بإشعال الحرب».

 

وعندما سُئل المسؤول الامني عمّا اذا كان يرجح خيار الحرب الواسعة، بدا من ناحية، حذراً من «حزب الله»، حيث اعتبر انّ التصعيد الذي يمارسه لا يخدم الجهود الرامية الى حل سياسي، بل من شأنه أن يفاقم الامور اكثر، حيث انّ الاعلانات التي تصدر عن الحزب وتقول بأنّه لا يريد الحرب، يناقضها تصعيد كبير على الحدود. ومن ناحية ثانية اشار إلى خلاصة «تقييم عسكري غربي للحرب ونتائجها»، يقلّل من احتمالات الحرب الواسعة، لاسباب متعددة، ابرزها الضغط الاميركي لعدم توسّعها، يُضاف الى ذلك، أنّ اسرائيل بعد 9 اشهر من الحرب، باتت عالقة في ما يشبه المتاهة المقفلة، ووضعها الداخلي تشوبه موانع كثيرة، وعدم جهوزية لحرب واسعة او طويلة الأمد، ما يعني انّها في حاجة الى حل سياسي».

 

الوضع الاسرائيلي

 

وفي سياق الوضع الاسرائيلي الداخلي غير المستقر، ذكر موقع «والا» الإسرائيلي «أنّ الجيش يعاني من نقص في الجنود». فيما ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أنّ المئات من جنود الاحتياط في الجيش الإسرائيلي يغادرون شهرياً إلى الخارج من دون إبلاغ قادتهم». وفي السياق، قالت القناة 12 الإسرائيلية إنّ نحو 900 ضابط برتب متفاوتة طلبوا بحث إمكانية تحريرهم من عقود الخدمة العسكرية خلال العام الأخير، فيما كشفت صحيفة «هآرتس» انّ عشرات جنود الاحتياط يعلنون أنّهم لن يعودوا للخدمة العسكرية في غزة حتى لو تعرّضوا للعقاب».

 

الى ذلك، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود أولمرت لشبكة «سي ان ان»، إنّ اندلاع حرب شاملة مع «حزب الله» ستكون فكرة سيئة، لأنّ إسرائيل ستعاني من ألم لم تشهده في تاريخها».

 

واضاف: «ليس هناك مصلحة لإسرائيل وليس هناك مصلحة لحزب الله في الدخول في حرب شاملة، يمكننا التوصل إلى اتفاق، فذلك يتطلّب الحكمة والصبر والمثابرة وضبط النفس»، مشيراً إلى أنّ «كلا الجانبين لا يملكان الكثير منها في الوقت الحالي».

 

الميدان العسكري

 

وكانت الجبهة الحدودية الممتدة من الناقورة الى جبل الشيخ، قد حافظت امس على وتيرة عالية من التصعيد، حيث نفّذ الطيران الحربي الاسرائيلي سلسلة غارات جوية على العديد من البلدات والمناطق اللبنانية، حيث شملت المنطقة الواقعة بين وادي جيلو وجويا في قضاء صور، وكفر كلا بغارتين متتاليتين، وعيترون، ومركبا، وتزامن ذلك مع قصف مدفعي اسرائيلي طال معظم القرى المحاذية لخط الحدود.

وفي مقابل ذلك، اعلن «حزب الله» انّ المقاومة الاسلامية استهدفت موقع معيان باروخ بقذائف المدفعية، ومبنى يستخدمه جنود العدو في مستعمرة المطلة، ومبنى يستخدمه جنود العدو في مستعمرة راموت نفتالي، ومبنى يستخدمه جنود العدو في مستعمرة دوفيف وموقع السماقة في تلال كفر شوبا، ومباني يستخدمها جنود العدو في مستعمرةغرانوت هجليل..