فيما ظلّت الأنباء متناقضة امس حول مصير المفاوضات الجارية لتحقيق وقف لإطلاق النار في قطاع غزة، من شأنه ان ينعكس وقفاً للنار على الجبهة الجنوبية اللبنانية، لفت امس اعلان وزير الخارجية الايطالية أنطونيو تاياني، عن انّ بلاده «تعمل على إبرام اتفاق حدودي بري بين لبنان وإسرائيل»، من دون وجود اي مؤشرات عملية إلى هذا الامر. وفيما لم يُسجّل داخلياً اي تطور ملموس في شأن الاستحقاق الرئاسي، بدا انّ مبادرة «نواب قوى المعارضة» لم تحقق اي تقدّم، بل انّ البعض بدأ يتوقّع لها مصير المبادرات التي سبقتها نفسه.
أُعلن مساء امس انّ وفد نواب قوى المعارضة سيجتمع الثلاثاء المقبل مع «التكتل الوطني المستقل» وكتلة نواب صيدا ونواب تغييريين وآخرين مستقلين، على أن يلتقي الوفد نواب «كتلتي التنمية والتحرير و«الوفاء للمقاومة» عند الحادية عشرة من قبل ظهر الجمعة المقبل. لكن مصادر المعارضة قالت لـ«الجمهورية» انّها لن تلتقي هاتين الكتلتين لأنّهما حدّدتا موقفيهما مسبقاً من المبادرة.
على وشك الاستسلام
وبدا من الاتصالات انّ قوى المعارضة باتت على وشك «استسلامها» للأمر الواقع، لجهة تعذّر إنجاح مبادرتها الجديدة ذات الاقتراحين الجديدين ـ القديمين حول آليات جلسات التشاور لإنتخاب رئيس للجمهورية.
ولم تخف مصادر نيابية في المعارضة اقتناعها بأنّ الوقت الحالي ليس مهيئاً وناضجاً لطرح مبادرات فعلية وجدّية مقبولة لإنتخاب رئيس للجمهورية، لأنّ الوضع في منطقة الشرق الاوسط ومن ضمنه لبنان، دخل مرحلة ترتيب اوضاع جديدة وربما خرائط وأنظمة حكم جديدة، وثمة من يقول ترتيب حدود جديدة لبعض الدول، وترى انّ كل الاطراف الداخلية في لبنان تنتظر ما ستتمخض عنه التسويات والاتفاقيات الجديدة، ليتبين أي رئيس تحتاجه المرحلة الجديدة واي صفات واقتناعات لديه تناسب المرحلة المقبلة. لذلك اصطفت المعارضة في الطابور في إنتظار رسم خريطة طريق لوضع المنطقة، لا تنفيذ خريطة طريقها التي طرحتها لإنتخاب الرئيس. وهي باتت مقتنعة انّها لا يمكن ان تؤمّن غالبية نيابية لإمرار مبادرتها نظراً لعدم وجود عامل دفع جديد فيها لا داخلي ولا خارجي».
واضافت المصادر لـ«الجمهورية»: «انّ الترتيب الجديد لوضع المنطقة يستدعي انتخاب رئيس لبناني يشبه المرحلة المقبلة لا المرحلة الحالية التي يمرّ فيها لبنان ودول المنطقة. لذلك كل ما يجري هو لعب في الوقت الضائع. ونحن سجّلنا موقفنا ليس إلّا في إنتظار الانتهاء من رسم خريطة طريق المنطقة».
الجنوب
على صعيد الوضع في الجنوب، لم تتوقف الاعتداءات الاسرائيلية على القرى والبلدات، حيث استهدف القصف المدفعي فجر امس، أطراف بلدات: الناقورة، جبل اللبونة، علما الشعب، طيرحرفا، الضهيرة وعيتا الشعب. وطال ظهراً اطراف بلدة ميس الجبل الجنوبية والشرقية، وبلدات: حولا، وادي السلوقي، عيترون وعلما الشعب، كذلك استهدف منزلاً خالياً في بلدة يارين.
كما انفجر عدد من الصواريخ الاعتراضية في اجواء بلدة ميس الجبل والجوار، وسقطت بقايا احدها على سقف أحد المنازل في بلدة شقرا.
واعلنت المقاومة في بيانات متلاحقة، انّها ردّت على «القصف المدفعي والغارات الجوية التي تطاول أهلنا وقرانا الصامدة»، بهجوم جوي بسرب من المسيّرات الانقضاضية على المقر المُحدث لقيادة كتيبة المدفعية التابعة للفرقة 146 جنوب «كابري»، مستهدفاً أماكن القيادة وتموضع أطقم وضباط إدارة النيران ومرابض المدفعية، وأصابته مباشرة وأوقعت من فيها بين قتيل وجريح.
وأعلن الاعلام العبري مقتل جندي إسرائيلي وإصابة 2 بجروح خطيرة جراء انفجار طائرة بلا طيار في منطقة «كابري» بالجليل الغربي.
واستهدفت «المقاومة الإسلامية» ايضاً التجهيزات الفنية المستحدثة في موقع المالكية، وتجمعًا للجنود في محيط موقع حانيتا، والتجهيزات التجسسية المُحدثة في موقع حدب يارين. كذلك ردّت المقاومة على قصف بلدتي الجبين راميا، باستهداف مبنيين يستخدمهما الجنود في مستعمرة «شتولا» بالصواريخ الموجّهة.
واشار رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، الى أنّ «تحت قيادة رئيس الأركان تمّ توجيه ضربات قاضية للعدو براً وبحراً وجواً»، لافتاً الى اننا «ندفع أثماناً باهظة خلال هذه الحرب، ولكن مفتاح النصر هو هزيمة حماس، ولن نوقف حرب غزة حتى تحقيق جميع أهدافها». واكّد انّ «من يشن علينا هجمات من الجبهة الشمالية فمصيره الموت، وهذا الوضع في الشمال الذي سنغيّره».
«حزب الله»
في المقابل اشار رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد، الى أنّ «وضعنا اليوم رغم كلّ التضحيات أقوى من أيِّ وقتٍ مضى، ونحن نصبر ونتحمّل لتحقيق النّصر لهذا الوطن والدفاع عن كرامة أبنائه».
وقال عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب إبراهيم الموسوي إنّه «أننا لسنا على وشك اندلاع أي نوع من الحرب الشاملة والحرب المفتوحة»، قائلاً: «لا يريد الإسرائيليون ذلك، ولا يريد اللبنانيون ذلك. حتى القوى الإقليمية والدولية لا تريد ذلك». ولفت الى أنّه وفقاً لتقديراته، ليس من مصلحة أي أحد أن يذهب إلى حرب شاملة.
إتفاق حدودي
في غضون ذلك، قال وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني، في حديث الى قناة «الجزيرة»، الى «اننا نؤمن بالسلام ليس فقط في غزة وإنما في مناطق أخرى مثل لبنان»، لافتاً الى انّ «هناك جهوداً لإحلال السلام، ونعمل مع قطر والسعودية والدول العربية من أجل ذلك». وكشف «أننا نعمل على إبرام اتفاق حدودي بري بين لبنان وإسرائيل».
وإذ استرسل بعض الاوساط السياسية في البناء على هذا الموقف، قالت مصادر سياسية لـ«الجمهورية»، انّ هذا الموقف يفرض التعمق في البحث عن أسباب المخاوف التي تزايدت نتيجة العوائق التي تحول دون التوصل الى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة، خصوصاً وانّ ما يجري من عمليات عسكرية متواصلة يوحي بتجدد الايام الساخنة من العدوان عليها، وما انتهت إليه من مجازر ارتكبت بحق المدنيين.
لا مبادرة منفردة
لكن مصادر ديبلوماسية اوروبية كشفت عبر «الجمهورية»، انّ التوسع في تفسير كلام رأس الديبلوماسية الإيطالية ليس أوانه سوى لدى من لا يتابع السياسة الخارجية الايطالية تجاه أحداث المنطقة، ولا سيما منها الوضع في لبنان. وأضافت انّ إيطاليا حريصة على العمل منفردة، حيث تستطيع ومن ضمن الاتحاد الأوروبي، العمل من اجل استتباب الامن في جنوب لبنان. وأضافت: «لا يجب ان ينسى أحد انّ لايطاليا القوة الثالثة في تشكيل وحدات القوات الدولية المعززة (اليونيفيل) العاملة في جنوب لبنان منذ توسيع مهمّاتها وزيادة عديدها منذ صدور القرار 1701 في 12 آب 2006، ولم تتغيب عن اي مسعى لتعزيز دور هذه القوة وحمايتها، ومساعدة الجيش اللبناني على أكثر من مستوى على القيام بواجباته في افضل الظروف وفي ظل الأزمة التي تعصف بلبنان، عدا عن حجم المساعدات الإيطالية في مجالات التنمية والشؤون الاجتماعية وخدمة المجتمعات المضيفة للنازحين».
واكّدت المصادر «انّ التعمّق في موقف وزير الخارجية الايطالية يعني، بالاضافة الى اهتمامه الدائم بلبنان، تأكيداً على اهتمام حكومي اوسع، ترجمته زيارات كبار المسؤولين الايطاليين، ومنهم رئيسة الحكومة التي زارت لبنان من ضمن جولتها على المنطقة، وعبّرت عن اهتمام بلادها بالوضع ككل، ولا يحمل كلامها اي إشارة إلى مبادرة ايطالية منفردة من خارج الجهود الاوروبية والدولية».
نقزة من مفوضية اللاجئين
على صعيد آخر، أثارت مواقف النّاطقة باسم المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في لبنان السيدة ليزا أبو خالد، تعليقات سلبية عدة، وخصوصاً عند اشارتها الواضحة الى رفض المفوضيّة تسليم «الداتا» المفصّلة الخاصّة بالنّازحين السّوريّين إلى الأمن العام اللبناني». وإذ قالت إنّ «المحادثات والنّقاشات لا تزال مستمرّةً في هذا الخصوص»، تحدثت عمّا سمّته «المبادئ الدّوليّة المعتمَدة لحماية البيانات». وهي تصبّ في «توفير الحماية الدّوليّة والمساعدة الإنسانيّة للنّازحين قسرًا ومكتومي القيد».
المفوضية ترفض والبدائل موجودة
وتعليقاً على هذه المواقف في شكلها وتوقيتها ومضمونها، لفتت مصادر واسعة الإطلاع لـ«الجمهورية»، الى «انّ المماطلة في التعاطي مع مطالب لبنان باتت ثابتة، وخصوصاً لجهة طلب الامن العام «الداتا» التفصيلية للنازحين وتحديداً تاريخ دخولهم الى لبنان وطريقة التعاطي مع الذين يتجولون بطريقة عادية ودورية بين لبنان وسوريا لم تعد سراً، فالمفوضية لن تقدّم هذه البيانات لألف سبب وسبب، منها ما يمكن البوح به واخرى لا يمكن الحديث عنها اليوم ولكن سيأتي يوم للكشف عنها».
واكّدت المصادر «انّ المفاوضات معقّدة ولن تؤدي الى اي نتيجة ايجابية، وهو ما سيؤدي الى اتخاذ إجراءات تخضع للبحث الدقيق تمهيداً للبدء بها، لتكتمل عناصر هذا الملف وفق خطة مدروسة ودقيقة تأتي بما يمكن ان تقدّمه المفوضية اليوم ولو بعد حين».
حل موقت للكهرباء
تخطّياً لمشكلة التمويل إلى حين البتّ بالمعالجة الجذرية منعاً للتكرار، سمحت الدولة العراقية بتعبئة الباخرة الفارغة المتوقفة في البصرة، بالفيول أويل العراقي، ما يسمح لبواخز الغاز أويل بتفريغ حمولتها في معامل إنتاج الكهرباء في لبنان، وتحديداً في دير عمار والزهراني.
وكان رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي أعلن امس أنّه بحث مع نظيره محمد شياع السوداني في ملف استمرار تزويد لبنان النفط العراقي والالتزامات المالية المترتبة عن ذلك، مشيراً إلى أنّه «تمّ التوافق على استمرار هذا الدعم مما سيساعد في حل الأزمة المستجدة».
كذلك، شكر ميقاتي العراق «الذي لم يتردّد في الإيعاز بتفريغ حمولات الفيول»، وقال: «سيكون لنا لقاء في بغداد بعد ذكرى «عاشوراء» لمتابعة الموضوع».
في السياق، طلبت وزارة النفط العراقية من شركة ناقلات النفط العراقية باتخاذ ما يلزم لتحميل الناقلة المدرجة تفاصيلها بمنتوج زيت الوقود من الخزان العائم (new naxos). وهذا القرار يعني أنّه أصبح بالإمكان البدء بإفراغ الباخرتين الراسيتين في بيروت من الغاز اويل، في معملي دير عمار والزهراني.