إسرائيل تعلن إغتيال المعاون الجهادي لنصرالله والوضع مفتوح على كلّ الإحتمالات
اعلنت اسرائيل ليل امس انّها اغتالت فؤاد شكر( الحاج محسن) المعاون الجهادي للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بغارة جوية على احد الابنية في ضاحية بيروت الجنوبية، فيما لم يصدر عن الحزب حتى فجر اليوم اي بيان يؤكّد هذا «الاغتيال» او ينفيه، ما اثار شكوكاً حول صدقية الرواية الاسرائيلية، التي تشبه الرواية الاخيرة حول اغتيال القائد العسكري لحركة «حماس» محمد الضيف. اذ خلافا لما اشيع لم يعلن الحزب ليل امس انّه في صدد اصدار بيان. فيما اجمعت كل المواقف الداخلية والخارجية على التأكيد انّ ما بعد العدوان الاسرائيلي أمس على الضاحية لن يكون كما قبله، لجهة ما يمكن ان يكون عليه رد الحزب الذي يرفض بشدة اعتبار ما حصل «رداً» اسرائيليا على حادثة مجدل شمس التي يعتبرها صناعة وفبركة اسرائيلية ولا علاقة للمقاومة بهها لا من قريب ولا من بعيد.
فيما لم يصدر عن حزب الله حتى فجر اليوم اي بيان حول مصير القائد الجهادي فؤاد شكر، أكّد الجيش الإسرائيلي، بعيد منتصف الليل مقتله في الغارة التي نفّذتها طائرة مسيّرة استهدفت مساءً احد الابنية المحاذية لمستشفى بهمن في الضاحية الجنوبية في بيروت، مساء الثلاثاء.
وقال الناطق باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري في بيان: «جيش الدفاع قضى على المدعو سيد محسن (فؤاد شكر) القيادي الأبرز في حزب الله الإرهابي ورئيس المنظومة الاستراتيجية للتنظيم». وأوضح الجيش أنّه «أغارت طائرات حربية في منطقة بيروت بناءً على معلومات استخباراتية وردت من هيئة الاستخبارات العسكرية وقضت على المدعو سيد محسن، فؤاد شكر، القيادي الأبرز في حزب الله الإرهابي ومسؤول الشؤون الاستراتيجية فيه. وكان يُعتبر اليد اليمنى للأمين العام لحزب الله حسن نصرالله، ومستشاره لشؤون التخطيط وإدارة الحرب».
ونقلت «وول ستريت جورنال» عن مسؤول أميركي قوله انّ إسرائيل أعطت واشنطن مؤشرات مسبقة في شأن موقع الاستهداف وحقيقة أنّها ستستهدف «شخصاً».
وتفيد المعلومات انّ «حزب الله» لن يردّ سريعاً على إسرائيل، وإنّما سيأخذ وقته في دراسة طبيعة الردّ وزمانه ومكانه.
وفيما روّج الاسرائيليون معلومات عن استشهاد شكر افادت وكالة «تسنيم» للأنباء الإيرانيّة، أنّه على «رغم ادّعاء الجانب الإسرائيلي باغتيال أحد كبار قادة «حزب الله» في الهجوم الإرهابي الّذي وقع في الضاحية الجنوبية لبيروت، إلّا أنّ مصادر «تسنيم» من مكان الحادث تشير إلى أنّ عمليّة الصّهاينة باءت بالفشل، و»فؤاد شكر» الذي قيل إنّه الهدف الرّئيسي للصّهاينة، لم يستشهد».
ونقلت وكالة «فرانس برس» عن مصدر مقرّب من «حزب الله» أنّ «الغارة الإسرائيلية في الضاحية الجنوبية لبيروت أسفرت عن مقتل شخصين». فيما أكّد عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب علي عمار أنّ «المقاومة الإسلامية لن تسكت عن اي استهداف يطالها».
الردّ على العدوان
وكانت قناة «الجزيرة» نقلت امس عن مصدر قيادي في «حزب الله»، قوله «إننا نأخذ التهديدات الإسرائيلية على محمل الجّد وأعددنا للأمر كامل عدته»، مضيفًا «مصطلح العدو عن ضربة قاسية ومحدودة لا يعنينا بشيء لأنّه عدوان بمعزل عن حجمه».
وكشف «أننا أبلغنا الموفدين باتصالهم بالعدو لتجنيب المدنيين ولكننا لا نثق بعدونا»، وأفاد بأنّه «طرح علينا الموفدون عدم الردّ على العدوان المرتقب وقد أبلغناهم رفضنا ذلك»، وشدّد على «أننا سنردّ حتماً على أي اعتداء إسرائيلي».
وأكّد المصدر أنّ «قيادة المقاومة ستقرّر شكل الردّ وحجمه على أي عدوان محتمل»، موضحًا: «قادرون على قصف المنشآت العسكرية في حيفا والجولان ورامات ديفيد بشكل قاس وعنيف». وأشار إلى «أننا لا نتوقع اجتياحاً برياً ولو محدوداً للبنان لكننا في حالة جاهزية كاملة»، لافتًا إلى أنّ «الاجتياح البري للبنان سيكون حافزاً لنضع أولى أقدامنا في الجليل»، مؤكّدًا أنّه «لم يفاجئنا التبنّي الأميركي لرواية العدو وسبق وتبنّى روايته بمجزرة المعمداني».
وبعد ساعات قليلة من الغارة قالت القناة 13 الإسرائيلية إنّ بوارج حربية أميركية في طريقها إلى السواحل اللبنانية. فيما كشف مسؤول إسرائيلي للقناة 12 أنّ «اندلاع الحرب من عدمها مرهون بيد حزب الله وطبيعة ردّه». وأكّد وزير الدّفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، في تصريح، أنّ «حزب الله تجاوز الخطّ الأحمر.
مجلس الوزراء
وفيما بدا انّ الوضع بين المقاومة واسرائيل بات مفتوحاً على كل الاحتمالات في ضوء قصف الضاحية الجنوبية، دعا رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الى جلسة طارئة لمجلس الوزراء صباح اليوم للبحث في المستجدات الطارئة. ودان في بيان «العدوان الاسرائيلي السافر» على الضاحية الجنوبية لبيروت وقال:» «هذا العمل الاجرامي الذي حصل الليلة هو حلقة في سلسلة العمليات العدوانية التي تحصد المدنيين في مخالفة واضحة وصريحة للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، وهو أمر نضعه برسم المجتمع الدولي الذي عليه تحمّل مسؤولياته والضغط بكل قوة لالزام اسرائيل بوقف عدوانها وتهديداتها وتطبيق القرارات الدولية».
وقال رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» السابق وليد جنبلاط إنّ «حزب الله» هو من يقّرر طريقة الردّ على الغارة الإسرائيلية. وأكّد أنّه «لا يمكن فصل مسار المقاومة في لبنان عن غزة والضفة الغربية». وأضاف أنّ «إسرائيل هي التي تعتدي وتقتل وتتمادى في القتل». وتابع أنّ لبنان «في حرب مستمرة مع إسرائيل منذ 9 أشهر. الحرب طويلة مع إسرائيل». وأشار إلى أنّ «الحرب مستمرة ما دام نتنياهو يريد استمرار الحروب بالمنطقة». وتطّرق الى حادثة مجدل شمس فقال إنّ «أهالي مجدل شمس لا يريدون دموع التماسيح من نتنياهو وأعوانه». واكّد إنّ «أهالي مجدل شمس لا يريدون تحميل حزب الله المسؤولية عن الحادث».
مواقف
ولاقت الغارة على الضاحية ردود فعل محلية وعربية ودولية واسعة، فأعرب ديبلوماسيون أميركيون عن قلقهم من اختيار «إسرائيل» ضرب بيروت. واأبدوا تخوفهم من أنّ الوضع قد يتفاقم الآن خصوصا وانّ حزب الله حذّر من أنّه سيردّ إذا تمّ استهداف أحد كبار قادته. فيما ذكرت قناة «سي ان ان»، ان الولايات المتحدة قدّمت مكافأة 5 ملايين دولار مقابل معلومات عن شكر.
وأكّدت المتحدّثة باسم البيت الأبيض كارين جان-بيير، في مؤتمر صحافي، «أنّ الولايات المتحدة الأميركية لا تعتقد بأنّ الحرب بين «حزب الله» وإسرائيل حتميّة»، واشارت إلى «أنّنا نتواصل بانتظام مع إسرائيل ودول المنطقة لتجنّب التّصعيد وتوسّع الحرب».
والى ذلك أعلنت وزارة الخارجية الأميركية، انّ واشنطن «تواصل التركيز على الديبلوماسية وتريد تجنّب أي نوع من التصعيد بين إسرائيل وحزب الله».
وقال نائب المتحدث باسم الوزارة فيدانت باتيل: «نواصل العمل نحو التوصل الى حل ديبلوماسي يسمح للمدنيين الإسرائيليين واللبنانيين بالعودة إلى ديارهم والعيش في سلام وأمن. نريد بالتأكيد تجنّب أي نوع من التصعيد».
وكان وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، اشار خلال نهار امس إلى أنّ «أي تصعيد بين لبنان وإسرائيل يُمكن أن يفجّر الوضع، ونود أن نرى حلًا ديبلوماسيًا». وقال في مانيلا خلال مؤتمر صحافي: «لا أعتقد أن نشوب حرب بين إسرائيل وحزب الله أمر حتمي».
وفي المواقف الدولية ايضاً اعتبرت روسيا «إن الضربات على لبنان انتهاك سافر للقانون الدولي. فيما أعربت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان جينين هينيس – بلاسخارت، عن «قلقها البالغ إزاء القصف الذي تبنّته إسرائيل والذي استهدف الضاحية الجنوبية لبيروت المكتظة بالسكان مخلفاً الكثير من الضحايا المدنيين». وأكّدت مجددا أن «لا حل عسكرياً للوضع الراهن»، ودعت «كلا من إسرائيل ولبنان إلى الاستفادة من كل السبل الديبلوماسية للسعي إلى العودة إلى وقف الأعمال العدائية وإعادة الالتزام بتنفيذ القرار 1701».
وعبّر وزير الخارجية الإيطالية، أنطونيو تياني، عن تمنياته بأن «لا يتسع النزاع». وأضاف أن «لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها، ولكنها يجب ألّا تنجر وراء استفزازات حزب الله».
الموقف البريطاني
وفي غضون ذلك وقبل ساعات على وصوله الى بيروت مساء اليوم يرافقه وزير الدفاع، وجّه وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي رسالة تحذيرية إلى المواطنين البريطانيين في لبنان، داعيًا إياهم إلى مغادرته.
وقال لامي في رسالة فيديو نشرتها وزارة الخارجية على منصة «إكس»: «رسالتي للمواطنين البريطانيين في لبنان واضحة: «غادروا فورًا». ودان «الهجوم المروع» في مجدل شمس، داعياً «حزب الله» إلى «وقف التصعيد». وقال: «إن الحكومة البريطانية تبذل جهودًا كبيرة لمنع اندلاع نزاع شامل». لكنه حذّر من «أنّ الخطر يتزايد وأنّ الوضع قد يتدهور». وأضاف: «أعمل مع فرقنا القنصلية لضمان استعدادنا لكل السيناريوهات، ولكن إذا تصاعدت النزاعات، لن تتمكن الحكومة من ضمان إجلاء المواطنين على الفور وقد تضطرون إلى الاحتماء في أماكنكم، لذلك أكرّر رسالتي الواضحة: إذا كنتم في لبنان، غادروا الآن عبر الرحلات الجوية التجارية. وإذا كنتم في المملكة المتحدة، لا تسافروا إلى لبنان».
وكان لامي قد تحدث طويلا الى ميقاتي قبل يومين، ودعا «جميع الأطراف إلى ضبط النفس منعاً للتصعيد». مشدّداً على «حل النزاعات سلمياً عبر تطبيق القرارات الدولية ذات الصلة».
سوريا وايران
ودانت وزارة الخارجية السورية في بيان القصف الإسرائيلي للضاحية الجنوبية لبيروت، وقالت: «سوريا تدين الاعتداء السافر الذي استهدف مساء اليوم (امس) الضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية بيروت»، مضيفة أنّ «الاعتداء الإسرائيلي انتهاك واضح للقانون الدولي والذي يأتي بعد يومين من جريمته النكراء في بلدة مجدل شمس في الجولان السوري المحتل». وأكّدت «تضامنها مع لبنان ووقوفها إلى جانب الشعب اللبناني الشقيق في وجه ما يتعرّض له من عدوان غاشم».
وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني في بيان إنّ «العمل الدنيء والمجرم للعصابة الصهيونية الإجرامية في ضواحي بيروت لن يستطيع بالتأكيد أن يحول (…) دون استمرار مقاومة لبنان الأبية في مسارها المشرف بدعم الفلسطينيين المضطهدين والوقوف في وجه عدوان نظام الفصل العنصري الإسرائيلي»، وفق ما نقلت «فرانس برس».
وتلقّى وزير الخارجية عبدالله بوحبيب إتصالاً من نظيره أيمن الصفدي الذي عبّر عن «وقوف المملكة الاردنية الهاشمية الى جانب لبنان في هذا الوقت الصعب كما في كل وقت»، مؤكّدا «حرص الاردن على أمن وسيادة لبنان ورفضه للتهديدات الاسرائيلية».
وشدّد الصفدي على «عمل المملكة لمنع التصعيد والحؤول دون الانزلاق الى حرب واسعة»، واضعاً إمكانات بلاده في تصرف لبنان.
موقف مصري
وفي رسالة مصرية شديدة اللهجة أعلن وزير الخارجية المصري انه اجرى اتصالا بنظيره الاميركي انتوني بلينكن وبحث معه جهود خفض التصعيد على الحدود اللبنانية الإسرائيلية، طالباً منه القيام بما يمكن القيام به للجم تل ابيب ووقف اي مخطط يقود إلى حرب واسعة.
وأشارت وزارة الخارجية المصرية، في بيان، أنّ «وزير الخارجية والهجرة وشؤون المصريين بالخارج بدر عبدالعاطي تلقّى اتصالاً هاتفياً اليوم من وزير الخارجية الأميركي انتوني بلينكن، وذلك خلال تواجده في طهران للمشاركة في مراسم تنصيب الرئيس الإيراني الجديد، حيث تضمن الاتصال التشاور بشأن تطورات الوضع في المنطقة، وخاصة في ما يتعلق بلبنان وقطاع غزة والسودان، بالإضافة إلى أبرز مستجدات العلاقات الثنائية».
وبحسب بيان الوزارة، «عبد العاطي أكّد على ضرورة دعم الدولة اللبنانية والحفاظ على استقرارها وحماية مصالح الشعب اللبناني، مستعرضاً أبرز الجهود التي تبذلها مصر، والاتصالات التي تجريها مع الأطراف المختلفة لخفض التصعيد على الحدود اللبنانية- الإسرائيلية، وهو ما كان محل تقدير من الوزير الأميركي الذي استعرض بدوره أبرز جهود بلاده في هذا الشأن».
الموقف الايراني
وفي طهران استقبل المرشد الايراني السيد علي الخامنئي امس نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم يرافقه عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب حسن فضل الله. وقال خلال اللقاء إنّ «سياسة حزب الله منذ بدء طوفان الأقصى حكيمةٌ وعقلانيةٌ ومتطابقةٌ مع المصلحة»، واكّد انّه «يجب أن يستمر المسار في هذا الإطار نفسه أيضا»، ورأى انّ «التنسيقَ القائم بين مختلف التيارات السياسية في لبنان ودعمها لمواقف وقرارات المقاومة دلالةً على نجاح حزب الله في البيئة السياسية للبنان».
وخاطب الخامنئي قاسم قائلاً: «أبلغوا سلامي الى السيد حسن نصرالله وأخبروه أنني أدعو دائما له ولجميع قادة المقاومة ومجاهديها في لبنان».
والى ذلك اكّد الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، خلال استقباله قاسم، أنّ «دعم ومساندة جبهة المقاومة واجب ديني ومن السياسات الأساسية لإيران»، مشدّدًا على أن «تعزيز العلاقات مع الدول الإسلامية هو من ضمن أولويات حكومته الجديدة».