IMLebanon

الجمهورية : هوكشتاين يحرّك عجلة التسوية.. وإسرائيل تعوقها… قاسم: إذا أرادت إسرائيل وقف النار نقبله بشروطنا

 

مساحة الدمار باتت أوسع من أن تحتويها العيون في كلّ المناطق اللبنانية التي شملها العدوان الإسرائيلي. دمار هائل في البنى المدنية والسكنية، وأعداد الشهداء تتزايد في مجازر مجنونة بحقّ المدنيين. وتواكب ذلك في الميدان الحربي، محاولات متتالية من قبل الجيش الإسرائيلي للتوغل في القرى المتاخمة للخط الحدودي، ولاسيما على محور بلدة الخيام، ومواجهات عنيفة لها من قبل «حزب الله» على تخومها، واستهدافات صاروخيّة مركّزة على قواعد ومواقع جيش الاحتلال والمستوطنات في الشمال والعمق الإسرائيلي.

هذا الاشتعال يبدو أنّه يسابق مناخات تفيد بأنّ عجلة الحراكات السياسية انطلقت بسرعة، وتتطاير في أجوائها طروحات وروايات وسيناريوهات حول قرب التوصل إلى تسوية سياسية ووقف لإطلاق النار على جبهة لبنان. ولكن من دون أن يكون لأي منها أساس متين او رصيد جدّي يمكن صرفه على أرض الواقع. وكلّ ذلك يبدو مرهوناً بنجاح الوساطة الأميركية بالضغط على إسرائيل لبلوغ هدنة تمهّد لحل سياسي.

 

 

كل الاحتمالات واردة

 

واللافت للانتباه في هذا السياق، أنّ الأخبار عن تسوية سياسية عاجلة على جبهة لبنان، تتوالى بوتيرة متسارعة من الجانب الإسرائيلي، مستبقة وصول الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين وكبير مستشاري الرئيس الاميركي بريت ماكغورك إلى إسرائيل اليوم، حيث ذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية، أنّهما سيلتقيان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت، حاملين معهما اقتراحاً رسميًا لوقف إطلاق النار على الجبهة الشمالية».

 

وفيما، تقاطعت التقديرات على انّ زيارة هوكشتاين تشكّل فرصة مهّمة لوقف الحرب، روّج الإعلام الإسرائيلي عن انّ تقدّماً كبيراً أُحرز في مفاوضات التسوية مع لبنان في مختلف القضايا المتعلقة بالاتفاق، مقدّراً أنّه سيتمّ التوصل إلى هذه التسوية في غضون اسبوعين، لافتاً إلى أنّ حقيقة قدوم هوكشتاين وماكغورك إلى اسرائيل تشير إلى أنّ نتنياهو قرّر المضي قدماً لصالح التوصل الى تسوية سياسية مع لبنان. ونقلت وكالة «رويترز» عن مصادر، بأنّ الوسطاء الأميركيين يعملون على اتفاق غير مباشر بين إسرائيل و»حزب الله «يبدأ بوقف إطلاق النار لمدة 60 يوماً. كما نقلت «يديعوت أحرونوت» عن مسؤولين أميركيين وإسرائيليين كبار، أنّه «بعد الضربات التي تلقّاها «حزب الله» على مدار الشهرين الماضيين، ولا سيما اغتيال زعيمه (السيد القائد الشهيد درة لبنان الساطعة) حسن نصرالله، فإنّه أصبح أخيراً مستعداً للانفصال عن «حماس» في غزة والتوصّل لوقف نار منفصل».

 

 

ووفق موقع «أكسيوس» الإخباري الأميركي «إنّ زيارة هوكشتاين إلى إسرائيل تدلّ إلى أنذ نتنياهو يؤيّد المضي قدماً في إبرام الصفقة، وقد بحث مع وزراء وقادة الجيش وأجهزة المخابرات الصفقة المحتملة». ولفت الموقع إلى أنّ «هوكشتاين كان ينتظر أن يحسم الإسرائيليون موقفهم بشأن الصفقة قبل التوجّه لإسرائيل».

 

وأما صيغة الصفقة محل البحث، وفق «إكسيوس» فتنص على «إعلان وقف إطلاق نار تتبعه فترة انتقالية لمدة 60 يوماً. وهو مبني على إعادة تطبيق قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701، كما سينقل «حزب الله» أسلحته الثقيلة شمال الليطاني بعيداً من حدود «إسرائيل» خلال الفترة الانتقالية. وخلال تلك الفترة الانتقالية سينشر الجيش اللبناني نحو 8 آلاف جندي على طول الحدود مع إسرائيل، في حين سيسحب الجيش الإسرائيلي قواته تدريجياً إلى الجانب الإسرائيلي من الحدود خلال الفترة الانتقالية».

 

يترافق ما ذكره الموقع مع ما أعلنته وسائل إعلام إسرائيلية عدة، من أنّ الجيش الإسرائيلي اقترب من إنهاء عمليته البرية في قرى لبنان الحدودية مع إسرائيل، وأنّ الجيش أبلغ نتنياهو وغالانت بأنّ الوقت مناسب لإنهاء القتال مع «حزب الله».

 

 

وظهرت «يديعوت احرونوت» صباح امس، بعنوان عريض «الهدف هو إنهاء الحرب بسرعة في الشمال»، ونقلت عن مسؤولين كبار في الجيش الإسرائيلي قولهم «إنّ المناقشة الحاسمة التي أجراها نتنياهو الليلة الماضية بشأن التسوية لإنهاء الحرب في الشمال، كانت تهدف إلى تحديد خيارات للخروج من الحرب على الجبهة الشمالية، على أساس أنّ الجيش يقترب من نهاية عمليات التطهير في قرى التجمع التابعة لـ»حزب الله»، والتي تقع على مرمى حجر من مستوطنات الجليل».

 

واللافت للانتباه في هذا السياق، ما قاله الجنرال احتياط في جيش الاحتلال ران كوخاف: «كان من الخطأ الادعاء بأننا دمّرنا نصف قوة «حزب الله» الصاروخية». فيما أشارت وسائل إعلام اسرائيلية إلى أنّ 5 فرق ولواء احتياط عجزت خلال 4 اسابيع عن احتلال قرية واحدة في جنوب لبنان، وهو 3 أضعاف العدد الذي شارك في حرب تموز 2006».

 

ونقلت صحيفة «هآرتس» العبرية عن مصادر مطلعة قولها: «الأجهزة الأمنية الاسرائيلية تعتقد أنّ الحرب في لبنان وغزة اقتربت من استنفاد كافة أهدافها، ومن الأفضل التوصل لاتفاق لإنهاء الحرب يضمن صفقة تبادل جديدة».

 

أضافت مصادر الصحيفة: «كل المستويات الأمنية والعسكرية في إسرائيل بمن فيهم وزير الجيش ورئيس الأركان باتوا يفهمون أنّ الجيش أصبح منهكاً، خصوصاً أنّه خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة حقّق إنجازات عسكرية واستخباراتية مذهلة. ولذلك هم يرون أنّ الفرصة باتت حقيقية حالياً للتوصل لصفقة يتمّ من خلالها إعادة الأسرى من أسر حماس وإنهاء الحرب في غزة والشمال».

 

 

واشارت إلى انّ «المؤسسة الأمنية الاسرائيلية ترى انّه إذا استمرت الحرب لفترة طويلة فسيكون من الصعب تحقيق أكثر بكثير ممّا تمّ تحقيقه بالفعل، في حين أنّ البقاء لفترة مطولة داخل غزة ولبنان يزيد من خطر التشابك وزيادة الخسائر المختلفة .. شدّة الضربات التي تلقّاها «حزب الله» وكذلك «حماس» وحتى إيران هي فرصة معقولة للتوصل إلى تسوية، لكن مثل هذا الترتيب سيكون أيضاً مشروطاً بتنازلات ليست سهلة من وجهة النظر الإسرائيلية. وكل ذلك يعتمد بشكل أساسي على إرادة شخص رئيسي واحد هو نتنياهو. في قمة الجيش يقولون إنّه من الصعب قراءة نوايا نتنياهو الذي ينثر تلميحات متناقضة في التصريحات العلنية والمناقشات المغلقة».

 

التسوية مستبعدة

 

وعلى الرغم من الترويج الإسرائيلي لاقتراب التوصل إلى تسوية، فإنّ تقديرات ديبلوماسية تفيد بأنّ الجهد الأميركي منصبّ على بلوغ هذه التسوية قبل الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة الاميركية المقرّرة يومي الثلاثاء في الخامس من تشرين الثاني المقبل، أي بعد 5 ايام. وانّ الأساس في التسوية ارتكازها على القرار 1701 وتعزيز انتشار الجيش اللبناني وتوسيع التفويض لقوات «اليونيفيل» بما يمنحها حرّية التحرّك والمداهمة والتفتيش في منطقة عملها». الّا أنّ مصادر مواكبة لحركة الاتصالات أبلغت إلى «الجمهورية» قولها «إنّها تستبعد ذلك، أولاً لضيق الوقت. وثانياً للهوّة العميقة التي حفرتها الشروط الاسرائيلية التي روّج لها في الايام الاخيرة في طريق اي تسوية، ما قد يستلزم مساحة زمنية واسعة وطويلة من النقاش والأخذ والردّ حولها. وثالثاً للمماطلة التي اعتاد عليها نتنياهو، ورابعاً للميدان الحربي الذي تتصاعد مجرياته بوتيرة كبيرة».

 

 

ورغم تلك الأسباب المؤخّرة للتسوية، فإنّ المصادر عينها ترى انّه في مطلق الأحوال تبقى كل الاحتمالات واردة، إنْ صحَّ ما قيل عن عزم الإدارة الاميركية على ممارسة ضغوط جدّية هذه المرّة على نتنياهو للتعجيل بالتسوية ووقف اطلاق النار».

 

يُشار في هذا السياق إلى معلومات موثوقة لـ«الجمهورية» تفيد بأنّ مرجعاً سياسياً تلقّى من مسؤولين اميركيين ما يفيد بأنّ «واشنطن راغبة بشكل شديد الجدّية في إنهاء الحرب في غزة وكذلك في لبنان على وجه الخصوص، ليقين الإدارة الاميركية بأنّ الحرب باتت عبثية وبلا افق، وخصوصاً انّ اسرائيل لم تتمكن من تحقيق أي من الاهداف التي حدّدتها».

 

الموقف اللبناني

 

على أنّ قدوم هوكشتاين إلى اسرائيل يؤكّد أنّ مهّمته ستشمل لبنان تلقائياً في وقت لاحق هذا الاسبوع، ربما غداً الجمعة او السبت. وأكّدت مصادر سياسية على صلة وثيقة بحركة الاتصالات لـ«الجمهورية»، أنّ امر انتقاله من إسرائيل إلى لبنان يتحدّد بناءً على ما قد يحققه من إيجابيات في اسرائيل، خارج إطار الشروط المرفوضة التي روّجت لها إسرائيل في الايام الاخيرة حول مهلة الشهرين وتسوية تُخضع لبنان لإسرائيل وتمنح جيش الاحتلال حرّية المسّ بسيادة لبنان والاعتداء عليه ساعة يشاء».

 

 

في رأي المصادر عينها «أنّ الشروط الاسرائيلية التي رُوّجت ليست مرفوضة من قبل لبنان فحسب، بل لا يقبل بها الاميركيون والفرنسيون والمجتمع الدولي بأسره. واضحٌ أنّ اسرائيل تحاول ان تستثمر على الدمار الشامل الذي ألحقته بالمدن والقرى وتظهّره للداخل الاسرائيلي على أنّه إنجاز كبير تستغله لإملاء شروط إخضاعية للبنان. إسرائيل تفوقت في الجو على البنى المدنية وقتل المدنيين، إلاّ انّها تراوح مكانها في الميدان العسكري، حيث أنّ مجرياته، وكما يرى الجميع، مناقضة ومعاكسة حتى الآن لما تريده إسرائيل، فالعملية البرية لم تحقق لها عودة سريعة لسكان مستوطنات الشمال، وخسائرها باعترافها كبيرة جداً، وبالتالي فإنّ كلّ ذلك لم يعطها القدرة على فرض مثل هذه الشروط وإلزام لبنان بالسير بها».

 

وفي تقدير المصادر عينها «أنّ هوكشتاين، إن حضر إلى لبنان بتلك الشروط الاسرائيلية فهو يحكم مسبقاً على مهمّته بالفشل، مع أننا نستبعد ان يسوّق لتلك الشروط المرفوضة، ومن هنا فإنّ نجاح مهمّته مرتبط بإعطاء الأولوية لمشروع تسوية على أساس القرار 1701 ومندرجاته بلا زيادة او نقصان، وفق آلية تطبيق لهذا القرار يقبل بها لبنان، ولا تمسّ سيادته».

 

يُشار إلى انّ الموقف اللبناني ثابت لناحية التمسّك بالقرار 1701، وكرّره رئيس المجلس النيابي نبيه بري امام زواره، «بأنّ لبنان قال ما عنده، بأننا مع تطبيق كامل للقرار 1701 ببنوده كلها، والشرط الأساس لذلك هو وقف شامل وكامل لوقف اطلاق النار، ودون وقف النار لا حل سياسياً». وأما في ما خصّ بلوغ حل سياسي قبل الانتخابات الاميركية، فهو في رأي بري «متاح في أي وقت، إلّا أنّه مستبعد لأنّ نتنياهو لم يرتوِ من الدم والدمار والقتل، وسيستمر في التصعيد، فيما المقاومة موجودة وقادرة على منعه من تحقيق اهدافه واحتلال الجنوب».

 

 

وفي سياق متصل، عُقد في عين التينة امس لقاء بين الرئيسين بري وميقاتي، حيث تناول البحث تطورات الاوضاع العامة وآخر المستجدات السياسية والميدانية على ضوء تصاعد العدوان الاسرائيلي على لبنان وملف النازحين، إضافة إلى نتائج وأجواء اللقاءات والاتصالات الخارجية التي أجراها ميقاتي.

 

قاسم

 

إلى ذلك، وفي أوّل إطلالة له كأمين عام لـ«حزب الله»، أكّد الشيخ نعيم قاسم «أننا نخوض مع أعدائنا الإسرائيليين، معركة «اولي البأس»، ومستعدون لحرب طويلة».

 

وقال: «الإمكانات متوفرة وموضوعة مع ما يتلاءم مع ميدان الحرب الطويلة»، لافتاً إلى أن «كل الإستعدادات على أساس أنّ الحرب من الممكن أن تكون طويلة، ولدى المجاهدين كل الإمكانات المطلوبة والعزيمة موجودة لديهم، وصابرين وصامدين والأمر سينتهي بالنصر الأكيد».

 

وشدّد على أنّ «الحزب يوجع أيضاً إسرائيل»، لافتاً إلى أنّ «المقاومة نجحت في إرسال مسيّرة إلى غرفة نوم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو وهو مرعوب»، مشيراً إلى أنّه «زمط» لكن «من الممكن أن يُقتل على يد أحد الإسرائيليين». وقال: «إذا كان نتنياهو يتحدث عن نصر مطلق، فإنّه لن يكون هناك نصر مطلق بل هزيمة مطلقة، ولن يعود سكان الشمال في هذه الحرب بل سيُهجّر المزيد ومئات الآلاف»، مؤكّداً أنّه «كما انتصرنا في تموز سننتصر الآن وسنبقى أقوياء مع نمو تصاعدي لقوتنا».

 

 

وتوجّه إلى «السفيرة الأميركية في لبنان ليزا جونسون التي تجول على بعض القوى السياسية المعارضة لـ«حزب الله» وقال: «لن ترى لا هي ولا من معها هزيمة في المقاومة حتى في الأحلام بل سترى هزيمة إسرائيل».

 

وأضاف: «إذا كان هناك من يراهن على ضعف الحزب بعد الحرب، فهو سيبقى قوياً في المقاومة وفي السياسة سيكون أقوى، وسيضطر المراهنون على لعن إسرائيل واميركا لأنّهما كذبا عليكم».

 

وأكّد أنّه «مع المقاومة لا أحد سيربح من جهة إسرائيل وجماعة إسرائيل، أما بالنسبة لوقف العدوان فالحزب مستمر في التصدّي، أما إذا قرّر الإسرائيلي أنّه يريد أن يوقف العدوان فالحزب يوافق لكن بالشروط التي يراها مناسبة وملائمة»، قائلاً: «لن نستجدي وقف إطلاق النار، بل مستمرون مهما طال الزمن، وأي حل سياسي يحصل بالتفاوض غير المباشر ودعامته الأولى وقف إطلاق النار».

 

وأشار إلى أننا «متضامنون مع حركة «أمل» في مواجهة العدوان، ومع الرئيس بري الذي هو محور التفاوض لإيقاف العدوان، «حزب الله» والحكومة وبري لهم طرقهم بالتفاهم على الحلول الأفضل»، ورأى أنّ «كل الحراك السياسي الحالي «طحن» و»كركعة»، أي لا نتيجة، لأنّه لم يُطرح حتى الآن مشروع توافق عليه إسرائيل ويكون قابلاً للنقاش من جهة الحزب».