Site icon IMLebanon

الجمهورية: بري: تفاؤل حذر.. و”حزب الله”: باقون في الميدان.. هوكشتاين: تقدّم إضافي.. وإسرائيل تهدّد التسوية

 

اقتراح التسوية الأميركي الرامي إلى بلوغ اتفاق على وقف اطلاق النار على جبهة لبنان في مربّع الحسم. ولكن ما يمكن قوله حتى الآن هو أنّ الامور تتقدّم إيجاباً على خط هذه التسوية، ولكن لا مواقيت او مواعيد محدّدة لبلوغها خط النهاية، وبالتالي فإنّ دخان التسوية «رمادي فاتح». والانتقال من الرمادية إلى البياض مرهون بإكمال مهمّة الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين مسارها الإيجابي في إسرائيل دون ان تعترضها عراقيل او مطبّات او ألغام او مماطلات من قبل رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، وفي هذه الحالة، قد لا يتأخّر تصاعد الدخان الابيض والاعلان رسمياً عن هذا الاتفاق، بل يصبح هذا الإعلان قاب قوسين او أدنى.

وفي موازاة ذلك، دخان أسود كثيف يلف المناطق الجنوبية بشكل خاص في ظل تصاعد العدوان الاسرائيلي على القرى والبلدات الآمنة، والاستهداف الصاروخي المكثف للمواقع والقواعد والتجمعات العسكرية وعمق المستوطنات والمدن الاسرائيلية. بالتزامن مع المواجهات العنيفة التي يخوضها الحزب لمحاولات التوغل التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي على محاور عدة في اتجاه الأراضي اللبنانية، والتي ادّت في الساعات الماضية إلى مقتل ما لا يقل عن 5 جنود إسرائيليين وفق ما اعلنت وسائل اعلام إسرائيلية.

الكرة في ملعب إسرائيل

ما هو واضح في المسار اللبناني انّ المقترح الأميركي عبر بإيجابية ملحوظة من الجانب اللبناني، تلقي الكرة في ملعب المستوى الحاكم في اسرائيل، الذي يتوقف على تفاعله الإيجابي مع الصيغة النهائية التي أنجزها هوكشتاين في بيروت تحديد مسار العدوان الإسرائيلي على لبنان، أكان في اتجاه إنهائه، او في اتجاه الانتقال إلى مرحلة من التصعيد أكثر قساوة وعنفاً وتدميراً.

 

وإذا كانت حالة من التفاؤل الحذر تعتري الجانب اللبناني حيال ما تمّ التوصل اليه مع هوكشتاين، فإنّ مصادر عين التينة تؤكّد لـ«الجمهورية» انّ «المناقشات مع هوكشتاين جرت في أجواء مريحة قدّمنا خلالها أقصى ما يمكن من التسهيلات التي من شأنها وقف العدوان الاسرائيلي على لبنان، بالشكل الذي يؤكّد على القرار 1701 وتنفيذه بكل مندرجاته، ولا يمسّ او يتعارض مع سيادتنا الوطنية».

 

وبطبيعة الحال كما ترى المصادر، «فإنّ ما تمّ الإتفاق عليه مع هوكشتاين نرى أنّه يشكّل السبيل الموضوعي لوقف إطلاق النّار وإنهاء العدوان الإسرائيلي». مشيرة إلى أنّ الساعات الأخيرة التي تلت زيارة الوسيط الاميركي إلى عين التينة ولقاءه مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري، تواصل خلالها العمل بوتيرة مكثفة وبنَفَس إيجابي، وانتهينا إلى صياغة وتثبيت خلاصات في المقترح الأميركي تحفظ بالكامل سيادة لبنان الوطنية، ومرتبطة في جانب منها بخط الحدود البرية، والخطّ الأزرق، وبما يخصّ لجنة مراقبة تنفيذ القرار 1701».

 

ورداً على سؤال قالت المصادر إنّ «ما تمّ تثبيته من خلاصات يشدّد في جوهره على الإلتزام الكلّي بهذا القرار وتنفيذه بكلّ مندرجاته بالشكل الذي صدر فيه في العام 2006، ويؤكّد بالتالي على عودة النازحين إلى بلداتهم وقراهم، وانسحاب عاجل لجيش العدو إلى ما وراء الحدود الدولية».

 

 

وأشارت المصادر إلى انّ «اللقاء الثاني بين الرئيس بري وهوكشتاين جرى في أجواء مريحة جداً، حيث جرى بعض التنقيح لبعض مضامين المقترح، والوسيط الأميركي أبدى تفاؤلاً ملحوظاً في إمكان أن يفتح ما تمّ التوصل اليه مع الرئيس بري، نافذة لحل واتفاق وشيك على وقف اطلاق النار».

 

بري: تفاؤل حذر

ونقل زوار الرئيس بري عنه إشارته «إلى مستوى عالٍ من الإيجابية، أقله من قبلنا، للوصول إلى وقف العدوان الاسرائيلي، وهذا ما يجب أن يحصل في القريب العاجل»، كما أعرب عن ارتياحه لجوّ المباحثات الجيدة مع هوكشتاين.

 

إلّا أنّ بري، وكما ينقل الزوّار، آثر عدم الغوص في مضامين المقترح وتحديد ماهية الملاحظات التي أبداها الجانب اللبناني على مقترح التسوية، مكتفياً بالإشارة إلى انّ ما تمّ التوصل اليه يبعث على التفاؤل، لكن تبقى العبرة في الخواتيم. ومن هنا يبقي بري على قدر عالٍ من الحذر في انتظار تبلور طبيعة الموقف الإسرائيلي من المقترح الأميركي.

 

يُشار في هذا السياق إلى أنّ الرئيس بري سبق له أن اشار إلى انّ مقترح التسوية، وكما أبلغه هوكشتاين، منسق بالكامل بين الاميركيين والإسرائيليين، ولكن كما يعلم الجميع، ليست المرّة الاولى التي ينكر فيها الإسرائيليون تعهداتهم.

 

هوكشتاين

وكان هوكشتاين قد زار عين التينة امس للمرّة الثانية في 24 ساعة، وعقد اجتماعاً مع الرئيس بري في حضور السفيرة الاميركية ليز جونسون والمستشار الإعلامي لرئيس المجلس علي حمدان، حيث تناول البحث آخر تطورات الأوضاع العامة في لبنان والمنطقة والمستجدات السياسية والميدانية على ضوء تصاعد العدوان الإسرائيلي على لبنان.

 

إستمر اللقاء ساعة من الوقت، قال على إثره هوكشتاين: «لقد ختمت للتو إجتماعاً آخر مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، وتمّ بناء هذا الاجتماع على ما حصل البارحة. وقد أنجزنا تقدّماً اضافياً، وسوف انتقل خلال ساعتين إلى اسرائيل لمحاولة الوصول الى خاتمة اذا تمكنا من ذلك».

 

ورداً على سؤال حول النقاط العالقة والخطوات التالية؟

قال: «أعتقد أنّ ما سأقوله يمكن أن يخيّب ظنكم إنني لن أعلن عن مسار التفاوض علناً، وما هي هذه النقاط، لقد كنت هنا وأنجزنا تقدّماً. وكما قلت إذا أنجزنا هذا التقدّم سوف أنتقل إلى إسرائيل إستناداً الى محادثاتي هنا، وسنرى ما سنقوم به. هنالك تقدّم وهنالك رئيس جديد وسنعمل مع الإدارة الجديدة وسنبحث هذه الامور مع الرئاسة الجديدة وسيكونون على علم بكل ما نقوم به، وكما قال الرئيس جو بايدن سيكون هنالك إنتقال نظامي للسلطة ولا أعتقد أنّ ذلك مشكلة».

 

الى اسرائيل

وفي وقت لاحق، نقل موقع «أكسيوس» الاميركي عن مسؤول إسرائيلي ان هوكشتاين وصل إلى إسرائيل وسيلتقي الليلة وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر.

 

كما نقلت قناة «كان» العبرية عن مصادر انه تم التوافق على ٩٠٪ من بنود مسودة وقف إطلاق النار في لبنان. فيما ذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» نقلا عن دبلوماسيين ان التفاصيل النهائية حساسة للغاية والشيطان يكمن في التفاصيل. واشارت الى ان الأردن ومصر والإمارات ستشارك في تعزيز الجيش اللبناني.

 

دفع بريطاني

 

وسبق ذلك، لقاء بين الرئيس بري وكبير مستشاري وزارة الدفاع البريطانية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الأدميرال إدوارد ألغرين».

 

فيما أبلغ ديبلوماسي بريطاني إلى «الجمهورية» قوله: «لا بدّ من وقف للحرب بين لبنان واسرائيل»، معتبراً انّ «الوقت صار شديد الحرج والحساسية، ولا بدّ من الانتقال الى واقع يوفر الاستقرار في جنوب لبنان ومنطقة الشرق الاوسط».

 

وبحسب الديبلوماسي عينه، فإنّ «مصلحة كل الأطراف باتت تستوجب إيقاف القتال الآن، وان تبادر هذه الاطراف الى تهيئة الأجواء المؤاتية لصياغة تهدئة عاجلة وفورية تتطلّب بدورها استغلال فرص الحلول القائمة، والكف عن الاستغراق في لعبة التأخير».

 

لا لتسوية مشروطة

في سياق متصل، كشف مصادر ديبلوماسي لـ«الجمهورية»، أنّ حركة الاتصالات الخارجية عكست تقاطعات دولية داعمة للبنان بصورة غير مسبوقة، وتؤكّد على الحاجة الملحّة لتسوية سياسية عاجلة على قاعدة التطبيق الكامل للقرار 1701، تنهي الحرب الاسرائيلية على لبنان وترسّخ الأمن والاستقرار في المنطقة الجنوبية.

إلّا انّ اللافت في هذه الاتصالات، يقول المصدر، «هو أن لا قبول خارجياً، وتحديداً من قبل الاوروبيين، وعلى وجه الخصوص من قبل الفرنسيين، بتسوية بالشروط التي حاولت اسرائيل تسويقها على حساب لبنان، او بالأحرى فرضها على لبنان، بالشكل الذي تمنح فيه لنفسها حرّية العمل العسكري في لبنان حتى بعد التوصل إلى اتفاق، وقد تبلّغنا من جهات اوروبية متعددة بأنّ موفدين لتلك الدول أبلغوا اسرائيل بأنّ تلك الشروط تعطّل التسوية، ولبنان لا يمكن له أن يقبل بتسوية تضرب القرار 1701 وتنتقص من سيادته. والأمر نفسه أكّده لنا الأميركيون».

 

«حزب الله»

وفي إطلالة له امس، قال الامين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم: «تلقينا ورقة المفاوضات وقرأناها جيداً، وأبدينا ملاحظات عليها ولدى الرئيس بري ملاحظات كذلك، وهي متناغمة ومتوافقة. ونحن مستمرون في الميدان سواء نجحت المفاوضات ام لم تنجح. ولا يمكن أن تهزمنا إسرائيل وتفرض شروطها علينا. وقد توقع الاحتلال أنّه يمكن أن يأخذ في الاتفاق ما لم يأخذه في الميدان وهذا أمر غير ممكن».

 

واشار إلى «أننا امام عدو متوحش. وسنبقى في الميدان مهما ارتفعت الكلفة علينا لأننا سنرفع الكلفة على العدو ايضاً». وقال: «الكلمة للميدان والنتائج تُبنى على ما يحصل في الميدان. ولدى المقاومة القدرة على خوض حرب طويلة». مشدداً على انّه «عندما لا يحقق العدو اهدافه يعني اننا انتصرنا». واكّد انّ «على العدو أن يفهم أنّ الأمور ليست متروكة عندما يعتدي على العاصمة بيروت، ولا يمكن أن نترك العاصمة تحت ضربات العدو الإسرائيلي إلّا وأن يدفع الثمن في وسط تل أبيب».

 

وخلص قاسم إلى القول: «اننا أثناء المعركة نفكر بمصلحة وطننا، لم نغيّر ولم نبدّل في مواقفنا ولن نغيّر ولن نبدّل في هذه المواقف الوطنية الشريفة المقاومة. نحن نؤمن بتكاتف الجيش والشعب والمقاومة وهو الرصيد المتبقي الذي نستطيع من خلاله أن نبني وطننا وكذلك وسيبقى. وسنبني معاً بالتعاون مع الدولة وكل الشرفاء والدول والقوى التي ستساعد من اجل اعادة الاعمار، ويعود كل لبنان أجمل وأفضل. وسنقدّم مساهمتنا الفعّالة لانتخاب رئيس الجمهورية من خلال المجلس النيابي بالطريقة الدستورية، وستكون خطواتنا السياسية وشؤون الدولة تحت سقف الطائف بالتعاون مع القوى السياسية، وسنكون حاضرين في الميدان السياسي بقوتنا التمثيلية والشعبية وحضورنا الوازن لمصلحة الوطن، لنبني ونحمي في آن معاً».

 

الموقف في اسرائيل

وقد استبقت اسرائيل وصول هوكشتاين إلى تل أبيب بما بدا أنّه تشويش على مهمّته، يهدّد التسوية ويُضعف الآمال في إمكان إكمال المستوى السياسي الحاكم في اسرائيل للمسار الإيجابي. ويُخشى انّه ينذر بتقديم اسرائيل ما وصفها مسؤول كبير عبر «الجمهورية» بـ«هدية مسمومة» للوسيط الاميركي تنسف مسعاه، في ظل الضخ المتواصل من المستويات السياسية والعسكرية الاسرائيلية بأن لا اتفاق مع لبنان الّا بالشروط الإسرائيلية.

 

وفي هذا السياق، قال وزير الدفاع الاسرائيلي يسرائيل كاتس: «إنّ شرطنا لأي تسوية سياسية مع لبنان هو الحفاظ على حق الجيش بالتحرّك لحماية مواطني اسرائيل». ولاقاه وزير الخارجية الاسرائيلي جدعون ساعر بقوله: «انّ وصول هوكشتاين الى المنطقة يعني انّ الاميركيين يؤمنون بإمكانية التوصل الى اتفاق مع لبنان، ولكن من المهم التأكيد على اننا نريد اتفاقاً مع لبنان يصمد لوقت طويل. وفي اي اتفاق سنحافظ على حرّية تحركنا عند حدوث أي خرق».

 

باريس: فرصة

الى ذلك، قال وزير الخارجية الفرنسية جان نويل بانو: «انّ الجهود للتوصل إلى هدنة بين لبنان واسرائيل اتاحت فرصة لبلوغ وقف دائم لاطلاق النار». ودعا الطرفين الى قبول الاتفاق المطروح على الطاولة، معتبراً أنّ «الفرصة سانحة وعلى الطرفين انتهازها».