Site icon IMLebanon

الجمهورية: لبنان بين كماشة مصالح بلا تقاطعات.. الاتفاق دولي وممنوع إسقاطه

 

 

اختلطت المواقيت التي علّق عليها لبنان تواريخ إتمام الاستحقاقات تماشياً مع الاتفاق الذي وافق عليه برعاية أميركية ـ فرنسية، وأصبح عالقاً بين كماشة مصالح خارجية لا يبدو فيها تقاطعات حالياً، وأحداث متدحرجة برز فيها الميدان السوري الذي تحول إلى تطور هو الأخطر.

قال مصدر حكومي بارز لـ«الجمهورية»، انّ مسار اتفاق وقف إطلاق النار سيتضح بدءاً من الأسبوع المقبل، بعدما اكتمل عقد جنرالات لجنة الإشراف والمراقبة، كاشفاً انّ اول اجتماعاتها سيُعقد الثلاثاء المقبل في الناقورة، بعد ان تسمّي تل أبيب ممثلها في هذه اللجنة. واكّد «انّ هذا الاتفاق مهما اهتز لن ينهار لأنّ القرار السياسي الخارجي اتُخذ فيه وحول نفسه مظلّة فوقه، وانّ الأطراف الداخلية لا حول لها ولا قوة إلّا المضي في تنفيذ الاتفاق الذي أوقف العدوان الشرس على لبنان، عدا عن انّ تنفيذ القرار 1701 هو مطلبه من الأساس».

 

 

واشار المصدر إلى انّ المهلة الأقصى التي أُعطيت للأفرقاء في لبنان من أجل إنجاز الاستحقاق الرئاسي هو الـ27 من الشهر المقبل إذا تعذرت العملية في التاسع منه موعد الجلسة التي حدّدها رئيس مجلس النواب نبيه بري. ورأى انّ الغموض يلف مسألتين: الأولى هوية الرئيس العتيد على رغم من كل الأسماء المتداولة. والثانية النقطة التي تتعلق بنزع سلاح «حزب الله» والتي لم يأتِ الاتفاق على ذكرها نصاً وأُثيرت بمقدار كبير تفسيراً لمن ربطها صراحة بالقرار 1559.

 

وكشف المصدر انّ القوى الأساسية باتت على علم ببعض التفاصيل المتعلقة بخطة تموضع الجيش وتعزيز وجوده ومهماته جنوب الليطاني، واعطت بعض الملاحظات وطلبت تفسيرات لبعض الإجراءات والترتيبات. وقال: «ليس من الضروري ان تحضر هذه الخطة بكل مراحلها وجزئياتها في جلسة مجلس الوزراء التي ستُعقد صباح غد في ثكنة بنوا بركات في صور والتي سيحضرها حتماً قائد الجيش، بل من الممكن ان يكون هناك شرح لها عموماً، والجلسة أهميتها برمزيتها وليس بقراراتها التي سبق ان اتُخذت على مستوى الدولة العليا».

 

ممنوع إسقاط الاتفاق

وفي غضون ذلك، أوضحت مصادر ديبلوماسية غربية لـ»الجمهورية» أنّ الاتفاق الذي تمّ التوصل إليه بين لبنان وإسرائيل يحظى برعاية إقليمية ودولية وثيقة، ولذلك ممنوع على أي طرف إسقاطه، مهما تعرّض للخروقات. وتأكيداً لهذه التغطية، ستبدأ لجنة المراقبة عملها اليوم بنحو ممنهج، بعد اكتمال حاجاتها اللوجستية.

 

وعلّقت المصادر على ما ترتكبه إسرائيل من انتهاكات يومية في الجنوب بالقول: «هذا الأمر ستتمّ معالجته بدقّة برعاية اللجنة المعنية التي يدرك الجانب اللبناني جدّية عملها، ولذلك هو يلتزم التعاطي مع هذه الانتهاكات بروية. وباستثناء الصاروخين اللذين وجهّهما «حزب الله» إلى موقع رويسات العلم، قبل أيام، يمكن القول إن لا ردود نارية تصدر عن الجانب اللبناني. وهذا الامر سيسهّل عمل اللجنة وبرنامج عملها الهادف إلى تنفيذ كل بنود الاتفاق».

 

واعتبرت المصادر أنّ انفجار الوضع العسكري في سوريا، واتخاذه مساراً دراماتيكياً، يحتّم على اللبنانيين صون الاتفاق الحالي، منعاً لانزلاق التوتر والفوضى في اتجاه لبنان.

 

لجم الخروقات

وإلى ذلك، قالت اوساط سياسية لـ»الجمهورية»، انّه ومع اكتمال عقد لجنة الإشراف الخماسية على تطبيق وقف إطلاق النار، يُفترض ان يكون اتفاق 27 تشرين الثاني قد دخل في مرحلة جديدة، تستوجب لجم الخروقات الإسرائيلية وإعادة ضبط سلوك تل أبيب على إيقاع مندرجات الاتفاق، بعدما حاولت التفلّت منه او تفسيره وفق مصلحتها خلال فترة الوقت الضائع بين اعلان الاتفاق وتشكيل لجنة المراقبة.

 

واشارت الاوساط الى انّ بدء اللجنة مهمتها رسمياً سيضعها تحت الاختبار وسيشكّل امتحاناً لجدّيتها وفعاليتها في اعتبار انّها ستكون هي المعنية بالتعامل مع أي خرق، وبالتالي ستتحمّل مسؤولية أي خلل في تطبيق وقف إطلاق النار.

 

وشدّدت الاوساط على انّ المطلوب بالترافق مع وقف الإنتهاكات الإسرائيلية، انسحاب قوات العدو من الأماكن التي تحتلها في المنطقة الحدودية وتعزيز انتشار الجيش اللبناني.

 

واعتبرت الاوساط انّ زيارتي رئيس اللجنة الجنرال الأميركي جيفيرز للرئيس نبيه بري، وأحد أعضائها الجنرال الفرنسي ponchin للرئيس نجيب ميقاتي، شكّلتا فرصة لإعادة تأكيد أهمية دور اللجنة في تثبيت وقف إطلاق النار ومعالجة اي انتهاك له وفق الآلية المتوافق عليها. ولفتت هذه الأوساط الى انّ القرار بعقد جلسة لمجلس الوزراء في صور غداً السبت ينطوي على رسالة رمزية ترمي إلى تأكيد حضور الدولة في الجنوب.

 

بري وميقاتي والجنرالات

وكان رئيس مجلس النواب بري التقى رئيس لجنة مراقبة إتفاق وقف إطلاق النار الجنرال الأميركي جاسبر جيفيرز والوفد العسكري المرافق في حضور السفيرة الاميركية ليزا جونسون والمستشار الإعلامي لرئيس المجلس علي حمدان، حيث جرى عرض للأوضاع العامة، لا سيما منها الميدانية منها منذ بدء سريان وقف إطلاق النار ومهمات اللجنة.

 

 

وبدوره ئيس الحكومة نجيب ميقاتي قال امس خلال زيارته لوزارة الخارجية: «منذ يومين استقبلت رئيس لجنة الرقابة على وقف اطلاق النار الجنرال الاميركي، واليوم (أمس) استقبلت الجنرال الفرنسي المشارك في اللجنة، وكان تأكيد على ضرورة وقف اطلاق النار وانسحاب الجيش الاسرائيلي من أي أراضٍ لبنانية تقدّم اليها في الفترة الماضية، وهذا هو الأساس لنبدأ بالعمل الصحيح لإعادة السلام الى جنوب الليطاني ولكل الاراضي اللبنانية».

 

ورداً على سؤال قال ميقاتي: «انّ التفاهم على وقف اطلاق النار هو نوع من الآلية التنفيذية لتطبيق القرار 1701. اولويتنا الوصول الى استقرار طويل المدى وانتخاب رئيس للجمهورية». واضاف: «موضوع سحب السلاح يحتاج إلى وفاق وطني. ونحن نسعى للوصول الى استقرار طويل الأمد، وان تكون المرجعية للدولة وحدها وأن يتولّى الجيش السلطة الفعلية على الارض وأن نحميه».

 

«حزب الله»

قال الأمين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم: «عشنا أياماً وأسابيع لمدة 64 يوماً بالتضحيات والآلام والشهداء والجرحى بصبر وثبات وتوكل على الله. فالعدو أراد من خلال عدوانه سحق المقاومة فواجهته بمعركة أولي البأس».

 

 

ولفت قاسم إلى أنّ «استعادة بنية القيادة والسيطرة في الحزب كانت عاملاً مهماً في الانتصار، وانتصرنا لأنّ العدو لم يحقق أهدافه وهذه هزيمة له».

 

وجدّد التأكيد أنّ «اتفاق وقف إطلاق النار هو آلية تنفيذية للقرار 1701 وليس قائماً بذاته، والقرار 1701 ينص على انسحاب إسرائيل ويمنع وجود المسلحين جنوب الليطاني». واشار إلى أنّ «إسرائيل ارتكبت أكثر من 60 خرقاً لاتفاق وقف إطلاق النار والحكومة مسؤولة عن متابعة ذلك، لا علاقة لإسرائيل بعلاقتنا بالداخل وبالجيش اللبناني، وسنقيّم ما مرّرنا به من أزمات وحرب ونستفيد من الدروس عبر التطوير والتحسين بكل المجالات، كما أنّ القرارات ذات الصلة الواردة في القرار 1701 لها آلياتها ومنها استعادة لبنان لحدوده خلال الفترة الزمنية المحدّدة». واعتبر أنّ «النزوح ما زال له آثار حتى الآن وكان صعباً وشمل أكثر من مليون و100 ألف نازح». وشدّد على أنّ كل ما له علاقة بالداخل اللبناني وعلاقة الحزب بالدولة والجيش أمور تُقرّر داخلياً ولا شأن لإسرائيل فيها، والمقاومة تعطي الفرصة لإنجاح اتفاق وقف إطلاق النار».

 

من جهة أخرى رأى قاسم أنّ «العدوان على سوريا ترعاه أميركا وإسرائيل، فالجماعات التكفيرية في سوريا كانت أدوات لهما». وقال: «سنكون في حزب الله إلى جانب سوريا لإحباط هذا العدوان، فالجماعات التكفيرية تريد نقل سوريا من الموقع المقاوم إلى موقع يخدم العدو الإسرائيلي».

 

على صعيد آخر أصدرت كتلة «التنمية والتحرير» النيابية بياناً نوّهت فيه بدعوة ميقاتي إلى عقد جلسه لمجلس الوزراء في ثكنة الشهيد بنوا بركات في مدينة صور غداً، مؤكّدة «أنّ مثل هذه الخطوة تعبّر عن إلتزام لبنان بالجدّية المطلقة بتنفيذ القرار الأممي 1701 بكل مندرجاته ودعم الجيش اللبناني والدور المناط به للإنتشار في منطقة جنوب الليطاني وصولاً الى الحدود الدولية مع فلسطين المحتلة بمؤازرة قوات اليونيفيل».

 

وأملت الكتلة أن تفضي الجلسة الحكومية إلى مقررات عملية تؤمّن كل مستلزمات الدعم للجيش اللبناني وإقرار خطة لإعادة إعمار ما هدّمه العدوان الإسرائيلي وشمولها التعويض للقطاعات الإنتاجية المتضررة، ولا سيما للمؤسسات الصناعية والتجارية والمزارعين.