IMLebanon

الجمهورية: واشنطن تؤكّد متانة اتفاق وقف النار وبري عن تأجيل الانتخابات الرئاسية: الحكي ببلاش

 

 

كل المؤشرات سلبية حتى يثبت العكس، سواء حول الملف الرئاسي ربطاً بالفترة الفاصلة عن موعد الجلسة الانتخابية المحدّدة في التاسع من شهر كانون الثاني المقبل، واستعداد مكونات الانقسام الداخلي لبناء توافق او الالتقاء على قواسم مشتركة تفضي إلى انتخاب رئيس للجمهورية في تلك الجلسة. أو حول هدنة الـ60 يوماً المحدّدة في اتفاق وقف اطلاق النار على جبهة لبنان، والتي تزداد هشاشة جراء الخروقات الإسرائيلية المتواصلة والمتفلتة من أيّ ضوابط منذ اللحظة الأولى التي تمّ فيها الإعلان عن هذا الإتفاق.

التفاؤل مؤجّل

المستجد الوحيد في الملف الرئاسي، هو أنّ رئيس مجلس النواب نبيه بري حرّك مياهه الراكدة بمبادرته إلى تحديد موعد الجلسة. وما هو ظاهر على السطح الرئاسي لا يعدو أكثر من مشاورات محصورة في داخل المكونات السياسية والحزبية، واستطلاعات من بُعد لتوجّهات ومواقف سائر الأطراف، في انتظار إطلاق شارة الإنطلاق لعجلة المشاورات الجدّية، وطرح الأطراف مواقفها وتوجّهاتها الحقيقيّة على الطاولة.

 

وعلى الرغم من أنّ التقاطعات السياسية الداخلية في معظمها، تبدو وكأنّها تتفاعل ايجاباً، أقلّه قولاً ولفظاً، مع ضرورات البلد وحاجته الملحّة في هذه الظروف التي يمرّ فيها، إلى انتخاب رئيس للجمهورية، فإنّ هذا المشهد، على ما يقول مرجع معني بهذا الملف لـ«الجمهورية»، يُعدّ أمراً جيداً وخطوة أولى متقدّمة في هذا المسار، تبقى ناقصة إنْ لم يقترن فيها القول بالفعل، وحسم الخيارات والالتزام من قبل الجميع، بالنزول إلى مجلس النواب والمشاركة الكاملة في جلسة الانتخاب وترك اللعبة الديموقراطية تأخذ مجراها الطبيعي، والمعبر الأساس الى تحقيق هذا الهدف هو الحفاظ على نصاب الثلثين فما فوق في كل دورات الانتخاب».

ورداً على سؤال عن ميزان التشاؤم والتفاؤل في ما خصّ جلسة 9 كانون الثاني، قال المرجع عينه: «تبعاً لصورة المواقف المعلنة، فإنّ منسوب التشاؤم أقل مما كان عليه، ولكن هذا لا يعني ارتفاع منسوب التفاؤل، حيث أنّ هذا التفاؤل مؤجّل حتى إشعار آخر، بل لا أحد يجرؤ على الحديث عنه قبل أن تتبدّى على أرض الواقع خطوات ملموسة من قبل جميع الاطراف كي تعززه. وخصوصاً انّ ما يوجب تلك الخطوات هو أنّ جلسة 9 كانون الثاني تُعدّ الفرصة الذهبية لإنهاء الأزمة الرئاسية وانتخاب رئيس، وينبغي التعامل معها من هذه الزاوية كونها قد لا تتكرّر في وقت قريب، إنْ تمّ تفويتها وأطيح بها بخيارات واشتراطات تعجيزيّة». واستدرج قائلاً: «حتى الآن لم ألمس أي اشارة توحي بأنّ مخزون هذه الاشتراطات قد نفد»!

وخلص المرجع إلى القول: «إنّّ هذه الفرصة ذهبية بالفعل، كونها تتزامن مع وضع داخلي بلغ الحدّ الأعلى من المعاناة خصوصاً جراء العدوان الإسرائيلي وآثاره المدمّرة، لا بدّ من احتوائه قبل أن يتفاقم أكثر وينحى إلى منزلقات أكثر كارثية واتساعاً. ومع محيط إقليمي غاية في التوتر، وعلى وجه الخصوص التطورات العسكرية المتسارعة في سوريا التي تبدو انّها مفتوحة على احتمالات شديدة الخطورة والتصعيد، وتنذر بأن تلفح رياحها لبنان وتصيبه بشظاياها وترتّب عليه أثماناً وأكلافاً ووقائع تهدّد أمنه واستقراره، وقد لا يكون في مقدوره مجاراتها أو تحمّلها».

 

بري: الحكي ببلاش

إلى ذلك، لا تبدو أجواء عين التينة متأثرة بالإشارات التي أُطلقت في الايام الأخيرة وعكست استمهالاً اميركياً لإتمام الانتخابات الرئاسية في لبنان، بما فسّر على أنّه تعطيل مسبق لجلسة 9 كانون الثاني، إلى حين إنضاج ظروف مساعدة أكثر على انتخاب رئيس.

على أنّ هذا الاستمهال يقابله الرئيس بري بالاستعجال، حيث قال رداً على سؤال لـ«الجمهورية»: «يحكوا أَدّ ما بدّن.. الحكي ببلاش، الجلسة في موعدها في 9 كانون الثاني، وسيحصل انتخاب لرئيس الجمهورية إن شاء الله. واعتقد الفترة الفاصلة عن الجلسة كافية لبناء ارضية التوافق والتفاهم لإتمام الانتخابات».

ورداً على سؤال آخر، عبّر بري عن قلق كبير حيال ما يجري في سوريا وقال: «ما يجري خطير جداً. واضح انّ هناك مؤامرة متورطة فيها قوى كبرى».

اضاف: «يجب التنبّه لهذا الوضع الخطير والحذر منه، خصوصاً هنا في لبنان، واعتقد أنّ ما يجري في سوريا يشكّل سبباً اضافياً لتحصين الداخل، وحافزاً إضافياً لنا في أن ننتخب رئيساً للجمهورية».

واشار بري إلى ما سمّاها أولوية تتقدّم على سواها، ومرتبطة بلملمة آثار العدوان والبدء بإزالة الركام تمهيداً لإعادة الاعمار. وهذه مسؤولية مشتركة بين كل مستويات الدولة، وقال: «أولى الاولويات هي الخطوات والإجراءات السريعة للكشف عن الاضرار والشروع فوراً في تقديم التعويضات للمتضررين وتوفير ما يمكنهم من تجاوز هذه المرحلة».

 

إلى ذلك، ووفق معلومات موثوقة لـ«الجمهورية»، فإنّ ما حُكي عن استمهال اميركي لإجراء الانتخابات الرئاسية، أُثير خلال اللقاء الذي عُقد قبل يومين بين الرئيس بري والسفيرة الاميركية في لبنان ليز جونسون، التي كانت برفقة رئيس لجنة مراقبة تنفيذ اتفاق وقف اطلاق النار الجنرال الاميركي جاسبر جيفرز.

وبحسب المعلومات، فإنّ الرئيس بري وفي جانب من اللقاء الذي كان محدداً اصلاً للجنرال جيفرز للبحث في مهمّة اللجنة وما يمكن القيام به لحسن تطبيق اتفاق وقف اطلاق النار ووقف الخروقات الاسرائيلية المستمرة له، توجّه إلى السفيرة الاميركية مستفسراً باستغراب عن هذا الاستمهال الذي يناقض ما كانت الولايات المتحدة الاميركية تبديه منذ بدء الفراغ الرئاسي وحتى الأمس القريب، من استعجال ودعوات وحثّ لحسم الملف الرئاسي وانتخاب رئيس للجمهورية، «يعني انكم لطالما طالبتم بالتعجيل فإذا بكم تطالبون بالتأجيل». فردّت السفيرة الاميركية بما يفيد بأنّ «ما قيل حيال هذا الموضوع قد تمّ توضيحه».

دفع دولي

وفي سياق متصل، أكّد مصدر ديبلوماسي مسؤول لـ«الجمهورية»، «انّ ما نُسب إلى الاميركيين في ما خصّ تأجيل انتخاب رئيس الجمهورية، لا يعبّر عن توجّه الادارة الاميركية، وما قيل في هذا الصدد مجرّد رأي شخصي لا تأثير له على مجرى الامور الرئاسية في لبنان».

واستفسرت «الجمهورية» مسؤولاً كبيراً حول هذا الامر، فعبّر عن خشية من أن تكون خلف الأكمة الاميركية مفاجآت، فمن توقع أن يتأخّر الاستحقاق الرئاسي لشهر او شهرين (في إشارة لما نقلته مجلة «لوبوان» الفرنسية عن رجل الاعمال اللبناني الاصل مسعد بولس الذي عيّنه الرئيس الاميركي المنتخب دونالد ترامب مستشاراً للشؤون العربية والشرق الاوسط)، «لا اعتقد أنّ كلامه جاء عن عبث، حيث ما كان ليقول ما قاله، لو لم يكن مطلعاً على أجواء من هذا القبيل».

باريس: ننتظر الانتخاب

إلى ذلك، أبلغ مصدر ديبلوماسي من باريس إلى «الجمهورية» قوله: «انّ ادارة الرئيس ايمانويل ماكرون تنظر بارتياح بالغ إلى مبادرة رئيس البرلمان اللبناني بتحديد موعد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية في لبنان، وتنتظر بأمل أن يتمكن النواب اللبنانيون من حسم هذا الامر فيها».

 

واشار المصدر إلى «أنّ هناك دفعاً دولياً كبيراً لحسم الملف الرئاسي في لبنان، ولاسيما من قبل فرنسا والولايات المتحدة الاميركية اللتين تتشاركان هذا الهدف».

وكشف أنّ «الرئيس ماكرون تواصل مع القيادات اللبنانية اكثر من مرّة، واكّد لهم أنّه مهتم شخصياً وأنّه وضع انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان في رأس اولويات فرنسا. الّا انّه لفت إلى أنّ كل هذا الدعم والدفع لا يأتي بأي نتيجة ما لم يكن له صدى وترجمة إيجابية في لبنان».

ورداً على سؤال قال: «باريس وكل أصدقاء لبنان على استعداد لتقديم الحدّ الأعلى لمساعدة لبنان ودفع الاطراف الى الاستجابة لمصلحة بلدهم، وخصوصاً أنّ لا احد من الخارج يمكنه ان يفرض رئيساً على لبنان، ذلك أنّ القرار النهائي هو في لبنان، ويكون نتيجة طبيعية لتلاقي الاطراف واتفاقهم على انتخاب رئيس للجمهورية، كخطوة اولى يليها تشكيل حكومة تنطلق سريعاً في مسار الاصلاحات وإنقاذ لبنان من ازمته الصعبة».

وحول زيارة الموفد الرئاسي جان ايف لودريِان الاخيرة الى بيروت التي بدا انّها لم تترك أثراً، قال المصدر الديبلوماسي: «كما سبق وقلت، لا احد يحدّد الرئيس من الخارج، والسيد لودريان لم يحمل الى بيروت طروحات او مبادرة جديدة، بل إنّ زيارته أُريد منها أن تشكّل إشارة مباشرة من الرئيس ماكرون إلى مدى اهتمامه بالملف اللبناني وانجاز الانتخابات الرئاسية، ورسالة الى كل الاطراف للتفاهم في ما بينهم».

الخروقات .. واللجنة

ميدانياً، لليوم الحادي عشر على التوالي، تواصل اسرائيل خروقاتها لاتفاق وقف اطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في 27 تشرين الثاني الماضي، من دون أن تعير وزناً لهذا الاتفاق، من خلال التحليق المتواصل لطيرانها الحربي في الأجواء اللبنانية، إضافة إلى الطيران المسيّر الذي لم يغب عن أجواء المناطق اللبنانية وصولاً إلى الضاحية الجنوبية، بالتزامن مع توغلات متتالية في القرى القريبة من خط الحدود، والقيام بعملية تدمير وتجريف واسعة للمنازل فيها.

 

وسط هذه الأجواء يُنتظر ان تباشر لجنة مراقبة تنفيذ اتفاق وقف اطلاق النار مهمتها بصورة فاعلة، حيث أنّ اللجنة في مستهل مهمتها تدخل في اختبار امام الخروقات الاسرائيلية المكثفة. وبحسب معلومات «الجمهورية»، فإنّ اللجنة ستعقد اجتماعاً تقنياً لها اليوم السبت، بعدما اكتمل عقدها، وقد تمثّل فيها لبنان بأربعة ضباط.

ووفق هذه المعلومات، فإنّ رئيس اللجنة الجنرال الاميركي جيفيرز، الذي يعاونه في مهمّته فريق كبير من الضباط الأميركيين، اكّد خلال لقاءاته بالمسؤولين اللبنانيين انّ التوجه بصورة جدّية الى أداء اللجنة مهمّتها وفق ما يقتضيه اتفاق وقف اطلاق النار بالشكل الذي يحفظ الأمن والإستقرار في منطقة الحدود، ويعالج الخروقات التي تحصل ويحول دون استمرارها.

إسرائيل ستلتزم

الى ذلك، وفي موازاة المخاوف التي يعبّر عنها من مستويات لبنانية مختلفة من تدحرج ما تبدو انّها هشاشة كبيرة تعتري اتفاق وقف اطلاق النار، الى انهيار هذا الاتفاق، جراء الخروقات الاسرائيلية المتعمّدة له، علمت «الجمهورية» أنّ جهات لبنانية مسؤولة تلقّت تأكيدات أميركية جازمة بأنّ

ليس هناك ما يُقلق بالنسبة إلى اتفاق وقف إطلاق النار، وانّ واشنطن تريد ان ترى التزاماً كاملاً بالاتفاق من قبل كل الاطراف، وتجنّب القيام بأي خروقات، وضمن هذه الغاية هي على تواصل مستمر مع المسؤولين الاسرائيليين.

في سياق متصل، عكس سفير اوروبي تطمينات حول ما سمّاها متانة الاتفاق، مشيراً عبر «الجمهورية» إلى حاجة كلّ الاطراف اليه.

 

ورداً على سؤال، تجنّب السفير عينه التعليق على الخروقات الاسرائيلية، واكتفى بإشارة عامة الى وجوب التزام كل الاطراف بهذا الاتفاق وتوفير كل ما ييسر تطبيق مندرجات القرار 1701. الّا انّه لفت الى أنّ اسرائيل ملتزمة بالاتفاق، ولم تذهب اليه مكرهة بل بإرادتها، وخصوصاً انّها كانت شريكة مع الولايات المتحدة بالوصول الى تسوية، ومعلوم أنّ وزير الشؤون الاستراتيجية الاسرائيلي قام بزيارات متتالية الى واشنطن، وعقد لهذه الغاية سلسلة لقاءات مع (الوسيط الاميركي آموس) هوكشتاين.

في هذا المجال، يشار الى انّ مسؤولاً كبيراً معنياً بمفاوضات اتفاق وقف اطلاق النار، نفى علمه بما يتردّد عن زيارة محتملة لهوكشتاين إلى بيروت للمساعدة في وقف الخروقات، وقال: «بداية لم نتلق اي اشارة اميركية تفيد بأنّه سيأتي، كما لم يطلب احد أي موعد. ثم «شو خصوّ» بالموضوع، فمهمته انتهت، والآن اصبح العمل في ما خصّ الخروقات الاسرائيلية من اختصاص لجنة المراقبة».