Site icon IMLebanon

الجمهورية: بري يستقبل المرّ.. وفرنجية مستمر في الترشيح.. الرئاسة بين التريث والحسم في 9 كانون

 

 

تعتري المشهد الرئاسي مفارقة شديدة الوضوح؛ رئيس مجلس النواب نبيه بري، يعزف وحده على وتر التفاؤل الرئاسي بتأكيده أنّ جلسة الانتخاب قائمة في موعدها المقرّر في التاسع من كانون الثاني المقبل، وتعبيره عن أمل كبير في أن تكون هذه الجلسة كما وصفها مثمرة، بحيث يكون للبنان رئيس للجمهورية في هذا التاريخ.

وفي المقابل، عدّاد الوقت يتحرك من دون أن تشي الوقائع السياسية المرتبطة بالملف الرئاسي بأنّ ظروف التوافق، ولو بالحدّ الأدنى، على مرشّح او مرشّحِين قد نضجت، او قابلة للإنضاج. وسط ما يتردّد في الأوساط المعنية بالملف الرئاسي عن إشارات خارجية معاكسة للمسار الانتخابي، وخصوصاً من قبل بعض دول اللجنة الخماسية، تدفع نحو التريّث في انتظار أن تتبلور الصورة الإقليمية، وهو أمر يناقض منطق الحث والاستعجال الذي اعتمدته اللجنة منذ بداية مرحلة الشغور الرئاسي.

جلسة تلو جلسة

المجال الزمني الفاصل عن موعد جلسة 9 كانون الثاني ضاق إلى حدود الـ20 يوماً، من دون ان تفضي المشاورات التي جرت على خطوط مختلفة إلى تضييق مساحة التعقيدات والتباينات الحاكمة توجّهات القوى السياسية المعنية بالملف الرئاسي، وبناء مساحة توافقية مشتركة على مرشّح او أكثر، ما يجعل من فترة الـ20 يوماً المتبقية، فترة امتحان القدرة على الحسم، أكان في اتجاه التوافق وبالتالي الذهاب إلى جلسة مثمرة رئاسياً، او في الاتجاه الآخر الذي يعيد الدوران في حلقة الفراغ، إلى أن يقضي الله امراً كان مفعولاً. وهذا الحسم مرهون الوصول اليه في فترة ايام قليلة، وخصوصاً أنّ عطلة عيدي الميلاد ورأس السنة قد تقضم نصف الـ20 يوماً.

 

 

وبمعزل عن التوافق أو عدمه، فإنّ المرسوم لجلسة 9 كانون الثاني، وفق مصادر عين التينة لـ«الجمهورية»، هو أنّها إن تعذّر انعقادها بسبب عدم توفّر نصاب الثلثين، فسيبادر رئيس المجلس فوراً إلى تحديد موعد لجلسة جديدة، وإن انعقدت بنصاب، دون ان يتمكن أي من المرشحين من نيل اكثرية الثلثين في دورة الانتخاب الاولى، فستليها دورة ثانية بنسبة فوز بالأكثرية المطلقة من عدد النواب (65 نائباً)، وإن تعذّر ذلك، فتجري دورة ثالثة ورابعة وربما اكثر. وإن تعذّر الانتخاب سيدعو رئيس المجلس فوراً إلى جلسة جديدة بذات السيناريو، هكذا دواليك حتى يتمكن النواب من انتخاب رئيس للجمهورية».

 

مشاورات عابرة للحدود

وإذا كانت المشاورات حول انعقاد الجلسة وكذلك حول انتخاب الرئيس والتداول بأسماء المرشحين، محصورة في الايام الاخيرة ضمن النطاق الداخلي، الّا أنّها، وفق معلومات موثوقة لـ«الجمهورية» تجاوزت الداخل، وبدأت تجري على الخط الخارجي، ولاسيما على الخطين الاميركي والفرنسي.

 

وبحسب المعلومات، فإنّ شخصيات سياسية لبنانية، بينها شخصيات مدرجة أسماؤها في نادي المرشحين لرئاسة الجمهورية، طرقوا في الايام الاخيرة البابين الاميركي والفرنسي، سواء عبر زيارات او لقاءات مباشرة او عبر وسطاء، او عبر اتصالات هاتفية مباشرة ومراسلات. وثمة مِن هؤلاء من حطّ في باريس. واما الهدف الضمني من وراء ذلك، فهو «تقديم اوراق الاعتماد، وطلب الدعم. تُضاف إليها اتصالات سياسية رفيعة المستوى جرت في الساعات الـ24 الماضية على الخط الفرنسي، وخصوصاً بعد ورود إشارات من العاصمة الفرنسية وتحديداً من الإيليزيه، تشي بأنّ باريس، تدرّجت من الدعوة إلى استعجال حسم انتخاب رئيس للجمهورية، إلى إبداء الرغبة في التريّث والانتظار لبعض الوقت، وهذا الموقف متناغم بشكل كامل مع الموقف الاميركي».

 

 

اللافت للإنتباه في هذا السياق، وفق ما تقول مصادر المعلومات، أنّ هذا التريّث او ما يرادفه من مفردات تصبّ في خانة نسف جلسة 9 كانون الثاني، لا أذن صاغية له في عين التينة، ولاسيما أنّ الرئيس بري حاسم في تأكيد انعقاد الجلسة في موعدها، دون الركون لأيّ أسباب أو ذرائع مانعة لانعقادها، ويؤكّد «أننا «عم نشتغل» وان شاء الله خير».

 

وعلى ما هو واضح وفق ما يقول مسؤول رفيع لـ«الجمهورية»، فإنّ الرئيس بري قام بما توجب عليه مسؤولياته الدستورية والوطنية وعيّن الجلسة الرئاسية، وبالتالي ألقى الكرة الانتخابية من يده، ولم تعد في ملعبه، بل أصبحت في ملعب مَن لطالما قدّموا أنفسهم مستعجلين على انتخاب رئيس للجمهورية، وزايدوا في استعجالهم على الجميع، وعندما حانت لحظة الجدّ وتحدّد موعد الجلسة، نفّست همّتهم، وغيّروا رأيهم وصاروا من أنصار التريّث والتأجيل.

 

واستدرك المسؤول عينه وقال: «حتى الآن لم تصدر أي دعوة علنية إلى التريّث او التأجيل، ما يمكن اعتبارها غير موجودة، وبالتالي لا يُبنى على التسريبات، وعندما تصدر مثل هذه الدعوات يُبنى على الشيء مقتضاه. ولكن مع ذلك لا بدّ من السؤال هنا: إن كانوا يريدون التريث فلأي سبب، وما هو الهدف الحقيقي من التأجيل؟ ثم انّ المواصفات المحدّدة للانتخابات تتلخّص برئيس لا يشكّل تحدّياً لأحد، ويجمع ولا يفرّق. فهل ثمة في الداخل او الخارج من يراهن على أن تنشأ ظروف ما تمكّنه من فرض خياره الرئاسي على قاعدة التحدّي ومنطق الغالب والمغلوب دون الاكتراث لتداعيات هذا الامر وعواقبه؟ وإنْ صحّ هذا الرهان – وهذا أمر قد يكون وارداً في أذهان البعض – فهل ثمّة عاقل يفكر في هذا الأمر ويعتقد ولو للحظة بأنّه قادر على فرض مشيئته والإخلال بالتوازنات الداخلية؟

 

 

بري يلتقي المر

وهذا التوجّه نحو انعقاد الجلسة الانتخابية في موعدها، والأمل في ان يكون للبنان رئيس للجمهورية في 9 كانون الثاني اكّد عليه الرئيس بري، خلال استقباله في مقر رئاسة المجلس في عين التينة أمس، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية والدفاع السابق الياس المر والنائب ميشال المر. حيث جرى عرض لآخر المستجدات السياسية.

 

التريث بسبب كمين!

وفي السياق نفسه، كشفت مصادر ديبلوماسية لـ«الجمهورية»، أنّ جهات سياسية لبنانية راسلت الاميركيين والفرنسيين، بما يثير الريبة والشكوك حول جلسة 9 كانون الثاني، وعبّرت عن تخوف كبير لديها من وجود كمين منصوب في تلك الجلسة، يسعى من خلاله الفريق الداعم لـ«حزب الله» إلى تهريب رئيس من هذا الفريق.

 

وفيما رجّحت المصادر أن تكون هذه المراسلات هي الدافع إلى التريث في انتخاب الرئيس، أكّد مصدر رسمي لـ«الجمهورية»، أنّ الأمر أبعد من مراسلات من قبل جهات سياسية متواضعة حجماً ووزناً، فخلف الأكمة الاميركية ما خلفها، وما صدر عن مستشار الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب للشؤون العربية مسعد بولس، حول انّ من انتظر طويلاً لانتخاب رئيس للجمهورية في لبنان يستطيع ان ينتظر شهراً او شهرين، ليس كلاماً عبثياً او عابراً».

 

 

مقاربات جديدة

إلى ذلك، ورداً على سؤال لـ«الجمهورية»، لم تؤكّد مصادر ديبلوماسية من العاصمة الفرنسية او تنفي وجود توجّه لدى ادارة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون للدعوة إلى التريث في شأن الملف الرئاسي في لبنان، واكتفت بالقول: «من الطبيعي أن يفرض التطور الذي نشأ في سوريا مقاربات جديدة، وفرنسا تواكب هذا الامر من كثب».

 

على انّ ما تجنّبت المصادر الديبلوماسية الغوص فيه، عكسه ديبلوماسيون غربيون بقولهم ما مفاده بأنّ ما حدث في سوريا أعاد خلط الأوراق، وخصوصاً انّ مدى تأثيراته مفتوح، ولبنان هو المدى الأقرب لتمتد إليه هذه التأثيرات، لا نقول انّها تأثيرات سلبية، بل ثمة وقائع تفرض نفسها، بمعنى أن يتفاعل المسار اللبناني مع المتغيرات التي حصلت، وملاقاتها بانتخاب رئيس للجمهورية يجنّب لبنان علاقة معادية مع النظام الجديد في سوريا».

 

فرنجية: مستمر

وفي السياق الرئاسي، اكّد رئيس تيار «المرده» سليمان فرنجية «استمراره في المعركة الرئاسية».

 

وقال فرنجية في كلمة ألقاها في العشاء التكريمي لخلية أزمة النازحين في تيار «المردة»: «إننا طرحنا سلَّة أسماء لرئاسة الجمهورية ولن ندخل بها الآن، لكنَّ تركيزنا هو على معايير الرئيس العتيد». وأوضح بأننا «نريدُ رئيساً «مش على قدّ الكرسي بل بدنا رئيس على قدّ الموقع» ويعمل على نقل لبنان إلى مرحلة جديدة». ولفت إلى اننا طرحنا تصوراً مبنياً على المعايير، وإذا قرّرت التراجع لا يمكننا الذهاب إلى جلسة 9 كانون الثاني دون اسم، كما أننا نريد رئيساً بحجم الموقع» يأخذ لبنان إلى مرحلة جديدة».

 

 

وأضاف فرنجية: «أنا مستمر في ترشيحي لرئاسة الجمهورية، وأنا مُنفتح على أي اسم يتلاءم مع المرحلة، لن أختلف مع أصدقائي وليست لدينا «رفاهية الإختلاف» خصوصاً في هذه المرحلة حتى وإن لم نلتقِ على اسم للرئاسة، فنحن نريد بناء الدولة ونحتاج إلى رجل مؤسساتي، ونريدُ رجلاً مثل رفيق الحريري في لبنان على رأس الطائفة المارونية».

 

ولفت إلى انّ الحرب الإسرائيلية التي شهدها لبنان أخيراً «وسخة جداً» وهجّرت الكثير من اللبنانيين». وتابع: «الشكر لكل الشباب والشابات الذين عملوا على مساعدة النازحين خلال الحرب، وهذا الأمر يعكس الوطنيّة، كلّ منكم قدّم من منطلق وطنيتكم وأصالتكم ولأنكم أهل ضمير وأخلاق وشيم على عكس من تديره المصالح. أنتم رصيدنا الذي بنينا عليه ولا تدوم الّا المحبة. أنتم ظهّرتم سياستنا ببعدها الوطني وكنتم الكتف لكل مظلوم أو مقهور أيّاً كان انتماؤه أو مذهبه أو طائفته وهذا هو تيار المرده تيار حرّ الضمير».

 

وأردف فرنجية: «نتمنى لسوريا التوفيق والازدهار والخير، ونأمل أن تبقى موحّدة وعربيّة ولجميع أبنائها. كما نتمنى أن تبقى بوابة الشرق للبنان».

 

التقدمي يؤيّد عون

 

في سياق رئاسي متصل، ما زالت الأسماء المتداولة لرئاسة الجمهورية خارج مدار التوافق، حيث لم يتمّ طرح أي منها على مائدة البحث. وما سُجّل في الساعات الماضية زيارات لبعض المرشحين لمرجعيات سياسية وروحية. فيما كان البارز في هذا السياق مبادرة «الحزب التقدمي الاشتراكي» إلى إعلان تأييده ترشيح قائد الجيش العماد جوزف عون وانتخابه رئيساً للجمهورية في جلسة 9 كانون الثاني. وجاء هذا الإعلان خلال اجتماع عقدته كتلة «اللقاء الديموقراطي» امس، برئاسة رئيسها رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» النائب تيمور جنبلاط وحضور الرئيس السابق للحزب وليد جنبلاط.

 

وفي السياق نفسه، أعلن نواب المعارضة في بيان بعد اجتماعهم أمس انّ «المعارضة تقارب جلسة التاسع من كانون الثاني بجدّية مطلقة، وتعتبر أنّ التعاطي مع الاستحقاق بما يستلزم من إرادة، يجب أن يفضي إلى انتخاب رئيس للجمهورية يكون مقدمة لإنقاذ لبنان شرط الابتعاد عن النهج الذي كان سائداً طوال فترة التعطيل والذهاب إلى اختيار شخصية قادرة على قياس متطلبات المرحلة».

 

ميقاتي في أنقرة

على صعيد سياسي آخر، برزت أمس زيارة دولة قام بها رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي إلى أنقرة على رأس وفد وزاري، حيث التقى الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، كما عُقد اجتماع موسع بُحثت فيه أمور ثنائية. ومن المقرر ان ينتقل ميقاتي بعد تركيا إلى مصر.

 

 

لجنة المراقبة

ميدانياً، واصلت إسرائيل خروقاتها المتمادية لاتفاق وقف إطلاق النار، ولعلّ الخرق الأخطر، تجلّى في عبور مستوطنين إسرائيليين الخط الحدودي ونصبوا خياماً في منطقة مارون الراس رافعين لافتات كُتب عليها «لبناننا». ولوحظ انّ من شارك فيها مجموعة اسرائيلية تعتبر لبنان جزءاً من إسرائيل، ودأبت على تعليم الاطفال بأنّ لبنان ملك لإسرائيل وسنستعيده».

وعلى وقع هذه الخروقات اجتمعت لجنة مراقبة تطبيق إتفاق وقف إطلاق النار بعد ظهر امس، في مقر قيادة «اليونيفيل» في رأس الناقورة.