Site icon IMLebanon

مانشيت:مشاورات لتفاهُم سياسي جديد… وإجتماع إسرائيلي أمني اليوم لـ«الحدود الشمالية» وأزمة لبنان

 

تنطلق اليوم المعالجة العملية لأسباب استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري «المتريثة» بمشاورات واسعة يجريها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، يُراد منها: أوّلاً، خلقُ دينامية تسمح بربط مرحلة خروج الحريري من السعودية وتجميد استقالته بالمرحلة اللاحقة التي ستشهد عودة العمل الحكومي الى طبيعته وفق تفاهمٍ سياسي جديد داخلي وإقليمي. وثانياً الاستماع إلى الآراء التي سيُدلي بها رؤساء الكتل النيابية والشخصيات السياسية حول النقاط الأربع التي ورَدت في بيان استقالة الحريري والخروج بموقف جامع منها. وثالثاً إعطاء الحركة الديبلوماسية الخارجية حول لبنان الوقتَ الكافي، ولا سيّما منها الفرنسية لكي تُحقّق النتائج المرجوّة منها. في غضون ذلك خرج الاجتماع الأوّل لوزراء دفاع دول التحالف الإسلامي ضد الإرهاب الذي انعقدَ في الرياض تحت شعار «متحالفون ضد الإرهاب» ببيانٍ خلا من أيّ إشارة إلى إيران و»حزب الله». وفي تطور لافت في توقيته، بثت القناة «العاشرة» الاسرائيلية مساء أمس ان مجلس الوزراء «الإسرائيلي» الأمني المصغر سيجري اليوم «مناقشة حول الوضع على الحدود الشمالية في ضوء اتفاق وقف إطلاق النار في جنوب سوريا والأزمة السياسية في لبنان».

وقال ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أمام وزراء دفاع دول التحالف الاسلامي ضد الارهاب في الرياض أمس: «اليوم بدأت ملاحقة الإرهاب (…) ونؤكد أننا سنبقى وراءه حتى يختفي تماماً من وجه الارض». وقال: «إنّ اكبر خطر للارهاب والتطرف هو تشويه سمعة دينِنا الحنيف وعقيدتنا». وأضاف: «لن نسمح بما قاموا به من تشويه للعقيدة السمحة وترويع الأبرياء في الدول الاسلامية وجميع دول العالم».

وأكد الوزراء المشاركون في الاجتماع في البيان الختامي الذي اصدروه في ختام اجتماعهم «عزمَ دولِهم على تنسيق الجهود وتوحيدها لدرءِ مخاطر الإرهاب والوقوف ضده»، مشدّدين على «أهمية الجهد المشترك والعمل الجماعي المنظم والتخطيط الاستراتيجي الشامل للتعامل مع خطر الإرهاب ووضعِ حدّ لمن يسعى لتأجيج النزاعات والطائفية ونشرِ الفوضى والفتن والقلاقل داخل دولِهم».

وأعلن الأمين العام للتحالف الفريق عبد الإله بن عثمان الصالح «تأمينَ مقر لمركز التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض، على أن تقوم المملكة العربية السعودية بتأمين احتياجاته واستكمالِ جميع المتطلبات القانونية والتنظيمية اللازمة لتمكينِه من ممارسة المهمّات المنوطة به».

مشاورات

داخلياً، وبعد جوجلة مواقف وقراءات للتطورات التي رافقت استقالة الحريري وقبوله التريث في تقديمها والظروف التي حكمتها والأسباب التي دفعته اليها، سيخصّص رئيس الجمهورية اليوم الإثنين لأطول مشاورات قبل الظهر وبعده، بحيث ستشمل الكتلَ النيابية الممثلة في الحكومة ورؤساء الأحزاب والقوى والتيارات والحركات السياسية، على ان تنتهي بلقاء يَعقده رئيس الجمهورية مع رئيس مجلس النواب نبيه بري ويعقبه لقاء لعون مع رئيس الحكومة المتريث في الاستقالة يُطلعه خلاله على نتيجة هذه المشاورات.

وعلمت «الجمهورية» أنّ رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية اعتذرَ عن المشاركة في المشاورات بسبب سفرِه خارج لبنان وسيمثّله أحد قياديّي «المردة». كذلك أعتذرَ رئيس «التيار الوطني الحر» وزير الخارجية جبران باسيل الموجود في الخارج وسيمثّله الوزير السابق نقولا صحناوي، فيما سيمثّل رئيسُ كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد الأمينَ العام لـ»حزب الله» السيّد حسن نصرالله.

وفي الوقت الذي اجمعَت مصادر «عين التينة» و»بيت الوسط» على بثّ أجواءٍ من التفاؤل، انضمّت اليها دوائر القصر الجمهوري بالمناخ نفسِه ولفتت عبر «الجمهورية» الى «أنّ ما يهمّ رئيس الجمهورية هو ان تستعيد البلاد بكل المؤسسات نشاطها بفاعلية، وأن يحصلَ ممّن سيَستشيرهم على أجوبة واضحة وصريحة حول بعض العناوين السياسية الاساسية التي تؤكّد ضرورة الحفاظ على الاستقرار الأمني والسياسي والاقتصادي في لبنان، بالإضافة الى تلك التي تناوَلها كتاب الاستقالة الذي كان ينوي الحريري تقديمه لرئيس الجمهورية قبل قبوله تمنّيَه بالتريث.

ومن هذه العناوين يمكن الإشارة الى الآتي:

• الموقف من موضوع «النأي بالنفس» وتحديد مفاهيمه الأساسية وسبلِ ترجمته.

• العلاقات بين لبنان والبلدان العربية وسبلِ الحفاظ عليها واستمرارها في افضلِ الظروف التي تضمن عدمَ التدخّل في الشان اللبناني مقابل عدم تدخّلِ اللبنانيين في الشؤون العربية الأخرى.

• سبلِ مقاربة المرحلة المقبلة وإدارتها حكومياً ومؤسساتياً لتستعيدَ البلاد عجَلتها الطبيعية.

• إستكمال تنفيذ «اتفاق الطائف» في ظل التوافق على الخطوات التي تحميه.

برّي

وكرّر رئيس مجلس النواب نبيه بري أمام زوّاره التشديدَ على «ضرورة تضافرِ الجهود الداخلية لاحتواء الأزمة الداخلية بكاملها»، آملاً في «ان تحملَ الايام المقبلة ما هو خير للبلد، إذ لا بدّ للبلد ان يكمّل ويمشيَ في اتجاه الانفراج». كذلك أملَ في «ان تنتج المشاورات التي ستجري ما هو خيرٌ للبلد ويؤكّد استقرارَه ويترجم الجوّ التضامني والوحدوي الذي تجلى في الآونة الاخيرة، ونأمل في ان يؤسّس عليه بناءً صلباً للبلد».

وسخرَ برّي ممّا يُحكى عن تعديل قانون الانتخاب أو استبداله بآخَر، وقال: «المكتوب مكتوب، وأقول مجدّداً إنّ الانتخابات ستجري، ونحن مصمّمون على إجرائها، وهناك مواعيد محددة لهذه الانتخابات وستُجرى في موعدها، وهذا ما أكّده رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة وأنا، فلا أحد يتكلم من الآن عن تشكيك في الانتخابات وقانونها ومواعيدها، الخلاصة انّها ستجري في موعدها، ونقطة على السطر».

وأشاد بري بموقف رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط لجهة ما تضمّنته تغريداته حول الموقف السعودي واستقالة الحريري. وشدّد بري على «أنّ العلاج الشافي لكل ما في المنطقة هو بالمصالحة الايرانية ـ السعودية، وهذا من شأنه ان يُحدثَ نوعاً من الهدوء والاستقرار في المنطقة كلّها».

واشارت مصادر معنية الى انّ المشاورات التي دعا اليها رئيس الجمهورية، يُراد منها ان تُنجَز في اقربِ وقت، وربّما اليوم، على ان تنتهي الى توافقٍ على صيغةٍ ما تُرسّخ منطقَ التريث الذي اعلنَه رئيس الحكومة وتَبني عليه نحو صيغةٍ اخرى مرتبطة بصياغة جديدة تؤكد «النأي بالنفس» وفق ما يدعو اليه رئيس الحكومة ولا يعارضه ايّ مِن الشركاء الآخرين، وتحديداً «حزب الله»، فضلاً عن تأكيد النص القائل بالعلاقات الصلبة والمتينة بين لبنان وأشقّائه العرب وعدم المسّ بها من أيّ اتّجاه.

توافق سياسي ورئاسي

وفي سياق متّصل كشَفت مصادر مطلعة لـ«الجمهورية» انّ «ثمّة توافقاََ سياسياً ورئاسياً على اعتماد ما مِن شأنه ترسيخ حالة الاستقرار السائدة ويعيد إطلاق الحكومة بحدّ أفضل مما كانت عليه قبل أزمة الاستقالة.

وأشارت هذه المصادر الى «أنّ الافكار التي تُطرح ليست من النوع الخلافي، خصوصاً انّ الجميع متوافقون على كلّ عناوينها من نهائية «اتفاق الطائف» وضرورة تطبيقه كاملاً، الى العلاقة بين لبنان وأشقّائه العرب ومبدأ «النأي بالنفس» الذي صار ضرورةً في نظر الجميع.

لكنّ موضوع الحكومة وتغيّرِها ليس مطروحاً، أقلّه حتى الآن، إلّا إذا كان تغييرها يساهم في مزيد من التحصين عبر بيانٍ وزاري جديد يعكس التفاهمَ السياسي الجديد، ولا يعتقدنَّ أحدٌ أنّ ثمّة مانعاً لذلك في ظلّ استعداد الأفرقاء للتسهيل في التأليف في حال كان هذا هو الخيار النهائي».

«القوات» و«التياران»

ولاحظت مصادر سياسية أنّ الهوّة عميقة جداً بين «القوات اللبنانية» وتيار «المستقبل»، وثمّة سجال غير معلن بين الطرفين ورسائل نارية تُنقل من هنا وهناك.

وفي الموازاة تَبرز هوّة أخرى بين «القوات» و«التيار الوطني الحر»، دلّت اليها مصادر قيادية في «التيار» اعتبَرت «انّ موقف «القوات» من استقالة الحريري بدا مستغرَباً ويدعو للتساؤل، في الوقت الذي كان من المفترض ان يكون مسانداً لموقف الدولة الرسمي التي استهجَنت الاستقالة المكرَهة، وأن يكون مسانداً للحريري».

وقالت هذه المصادر: «في الوقت الذي جاهدَت الدولة اللبنانية للإثبات داخلياً وخارجيّاً أنّ الاستقالة تمّت بالإكراه أيّدت «القوات اللبنانية» هذه الاستقالة مؤكّدةً أنّها كانت ضرورية وهي نهائية ولا رجوع عنها».

«القوات» والاستقالة

وفي هذا الوقت طُرِح في بعض المجالس السياسية موضوع استمرار مشاركة «القوات اللبنانية» في الحكومة الحالية في حال تمّ التوافق على تعويمها. وكشَفت مصادر سياسية «انّ الدافع الى هذا الطرح هو موقفُ «القوات اللبنانية» التي سبقَ لها ان اعلنَته سواء قبل استقالة الحريري بأسابيع عندما لمّحت الى إمكانية استقالة وزرائها اعتراضاً على الأداء الحكومي، او بعد اعلان الحريري استقالتَه من الرياض حيث جاء موقفها مبرّراً للاستقالة وأسبابها الواردة في بيان استقالة الحريري من الرياض.

وقد لفتَ في هذا النقاش أرجحية إقدامِ «القوات» على الاستقالة، لكنّ هذا الامر لم تؤكّده اوساطها، في حين قال مصدر وزاري بارز لـ»الجمهورية»: إذا أقدمت «القوات» على سحبِ وزرائها من الحكومة ربطاً بخلافها المستجد مع الحريري، وربطاً ايضاً بموقفها من مبدأ استقالة الحريري، فلا يجب ان يكون ذلك حجراً في وجهِ استمرار الحكومة، بل يفترض ذلك الذهابَ فوراً الى إشراك بدائل عنها في الحكومة»، ملمِّحاً في هذا السياق الى حزب الكتائب.

«النأي بالنفس الفعلي»

وقالت مصادر «القوات اللبنانية» لـ«الجمهورية» حول موضوع استقالة وزرائها «إنّ المشاورات السياسية الحاصلة اليوم لمعالجة الأسباب التي دفعَت الحريري إلى الاستقالة تصبّ في صميم توجّهِ «القوات» التي عندما لوّحت بالاستقالة إنّما كان ذلك من أجل معالجة الأسباب التي دفعَتها إلى ذلك، وبالتالي ترى نفسَها معنيةً اليوم بدفعِ المفاوضات السياسية الحاصلة نتيجة الاستقالة، فالتريّث هو في الاتجاه الذي تُحقّق فيه الأهداف المرجوّة بالوصول إلى نأيٍ فعليّ بالنفس ووضعِ لبنان على طريق استعادت مقوماته السيادية والدولتية».

وأضافت هذه المصادر انّ «المشاورات الثنائية تشكّل فرصةً سياسية لبَلورةِ تسويةٍ جديدة تأخذ في الاعتبار العناوينَ التي وضَعها الرئيس الحريري في استقالته (في الرياض) وفي القصر الجمهوري يوم عيد الاستقلال، حيث يجب الأخذ في الاعتبار انّ العودة إلى ما قبل 4 تشرين الثاني لم تعُد متاحة، وبالتالي عدم تقديم «حزب الله» التنازلات المطلوبة يؤدّي إلى تمدّدِ الأزمة الناتجة عن الاستقالة وتفاقمِها».

وأكدت «انّ «القوات» متمسّكة بالعناوين التي أعلنها الحريري من أجل إبعادِ لبنان عن أتون النزاعات في المنطقة التي استعرَت في الفترة الأخيرة، وبالتالي حانَ الوقت للانتقال من النأي بالنفس الشكلي إلى النأي بالنفس الفعلي الذي يُجسّد المصلحة اللبنانية العليا، والنأي الفعلي يستدعي من «حزب الله» الانسحابَ من أزمات المنطقة وعدم استهداف الدول العربية، وتحديداً الخليجية، فضلاً عن وضعِ سلاح «حزب الله» على طاولة حوار جديدة».

وأملت المصادر نفسُها في «عدم تضييع النقاش في عناوين فرعية وثانوية، لأنّ المخاطر المحدقة بلبنان تستدعي معالجاتٍ جدّية وتنازلات فعلية من «حزب الله».

المؤتمر «الأورو متوسطي»

من جهةٍ ثانية يستعدّ رئيس الجمهورية، يرافقه وزير الخارجية، للسفر الى روما بعد غدٍ الأربعاء، في زيارة رسمية تستمرّ ثلاثة ايام تلبيةً لدعوة نظيرِه الإيطالي الذي سيلتقيه ورئيسَ حكومته ووزير خارجيته.

وعلمت «الجمهورية» أنّ عون سيشارك في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر «الأورو ـ متوسطي» الذي سيُعقد في روما إلى جانب رؤساء الدول والحكومات الأوروبية والمتوسطية، وستكون له كلمة في المناسبة في اعتباره «خطيبَ المؤتمر».