Site icon IMLebanon

مانشيت:اللوائح الإنتخابية: عمليات قيصرية بالجملة… والموازنة في المجلس

مجموعة أولويات فرضت نفسها على البلد، من مؤتمر روما الذي تنطلق اعماله غداً في العاصمة الايطالية، مع الآمال التي يعلّقها لبنان على الفرصة لدعم مؤسساته العسكرية والامنية. الى الموازنة العامة التي سلكت طريقها الى مجلس النواب، الى الملف الانتخابي الذي أدخل القوى السياسية في سباق مع الوقت، خصوصاً مع تَآكل مهلة تشكيل اللوائح التي لم يتبقَّ منها سوى 13 يوماً. وبرغم ذلك، فإنّ طريق إعداد هذه اللوائح بات يحتاج الى عمليات قيصرية في ظل عجز القوى السياسية على اختراق زحمة المرشحين أولاً، وكذلك اختراق الاعتبارات المتناقضة والخيارات المتعددة والمصالح المتضاربة بين هذه القوى، والتي تُنذر باستمرار الدوران في دوامة اللوائح حتى اليوم الاخير من المهلة. وينتظر أن يكون مجمل التطورات الداخلية والخارجية ومستقبل العلاقات اللبنانية – السعودية ومؤتمرات الدعم المقررة للبنان موضع بحث في لقاء يعقد ظهر اليوم في السراي الحكومي بين رئيس الحكومة سعد الحريري ورئيس البعثة الديبلوماسية السعودية في لبنان الوزير المفوض وليد البخاري، الذي كان باشر مهمته أمس فعقد لقاءات عدة منها لقاءه مع وزير الخارجية جبران باسيل.
البلاد امام محطة حاسمة في الساعات المقبلة، من شأنها ان سلكت المسار المحدّد لها لبنانيّاً ان تنزع فتيل التوتر الحدودي، سواء حول الحدود البحرية جنوباً، وكذلك حول الجدار الاسمنتي الذي تسعى اسرائيل الى بنائه ضمن المنطقة المتنازع عليها. وهذا ما سيتحدد خلال الاجتماع العسكري الذي سيعقد غداً بين لبنان واسرائيل و»اليونيفيل».

وليس بعيداً عن الحدود، فإنّ الحدث السوري والتطورات الاخيرة في الغوطة الشرقية، شَكلا نقطة متابعة حثيثة للمستويات السياسية والعسكرية اللبنانية، مع محاولة تقدير انعكاسات حسم معركة الغوطة على لبنان. وفي هذا السياق، اشار مرجع امني لـ«الجمهورية» الى انعكاسات ايجابية اضافية على لبنان، مُستبعداً بعض المخاوف التي تحدثت عن محاولات تسلل للمسلحين في اتجاه لبنان، خصوصاً في ظل الاجراءات المتخذة على الحدود، فضلاً عن انّ طريق خروجهم من الغوطة إمّا مقطوع بالكامل، وإمّا دونه مشقات كبرى ليس في امكانهم عبورها.

وتقاطع اطمئنان المرجع الامني الى الحدود الشرقية مع اطمئنان على الحدود الجنوبية، ومردّ ذلك بحسب معلومات لـ«الجمهورية» هو تطمينات دولية وردت الى مستويات لبنانية سياسية وغير سياسية، بأنّ الوضع على الحدود الجنوبية لا يدعو الى القلق.

وفي هذا السياق قال مرجع سياسي لـ«الجمهورية» انه تبلّغ شخصياً من احد السفراء الغربيين «تأكيداً بأن لا خوف على الاطلاق من اي عمل اسرائيلي حربي ضد لبنان، او بمعنى أدقّ انّ احتمالات حصول عدوان اسرائيلي ضعيفة جداً لأسباب عدة، أوّلها الوضع الداخلي الاسرائيلي المُربك سياسياً، وثانيها، وهنا الاهم، سلاح النفط، الذي بات يشكل سلاحا رادعا لإسرائيل اذ انها بعدما باشرت في استخراج النفط من الحقول المتاخمة للبنان، باتت تخشى مُسبقاً على منصّاتها النفطية من نتائج اي حرب تشنّها، اذ انّ صاروخ كاتيوشا ثَمنه عشرة آلاف دولار يمكن ان يعطّل منصة نفطية قيمتها 200 مليون دولار».

الموازنة الى المجلس

من جهة ثانية، إنتهى الفصل الحكومي المرتبط بالموازنة، ليبدأ اعتباراً من اليوم الفصل النيابي بعدما سلكت طرقها اليه بمرسوم الإحالة الرقم 2508 تاريخ 12 آذار 2018. وينتظر ان تُحال الموازنة الى اللجنة النيابية للمال والموازنة، حيث يفترض الّا تمكث فيها لفترة تزيد عن آخر الشهر الجاري كما توقّع رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي أشار الى جلسات مكثفة نهارية ومسائية للجنة.

في خلاصة الأمر انّ الموازنة أحيلت الى المجلس في وقت مقبول زمنياً، بما يمكن من إقرارها قبل انعقاد مؤتمر «سيدر» في 6 نيسان المقبل في باريس. والبارز فيها تخفيض العجز بحوالى المليار دولار، بما يخفّض العجز الى 5,3 مليارات دولار بزيادة حوالى 500 مليون دولار عن موازنة العام 2017.

لكن، اذا حذف عجز الكهرباء من مضمون الموازنة، فإنّ العجز ينخفض ظاهرياً الى حوالى 4,3 مليارات دولار، بما يعطي الانطباع بأنّ العجز تراجع عمّا كان عليه عام 2017 بواقع 500 مليون دولار. وفي كل الاحوال، تمّ خفض حوالى 20 في المئة من معظم موازنات الوزارات. وأضيفت ايرادات بحوالى 300 الى 400 مليون دولار تتعلّق بالتسويات الضريبية.

وجاء إقرار مشروع الموازنة في جلسة لمجلس الوزراء عقدت في السراي الحكومي امس، برئاسة رئيس الحكومة سعد الحريري. وعلمت «الجمهورية» انّ الجلسة كادت «تفرط» بعد مناوشات وزارية حول موازنات بعض الوزارات والتوظيفات داخل المؤسسات العامة.

الأمر الذي أشعَر وزير المال علي حسن خليل بوجود محاولات لإعادة النقاش الى بداياته، فبادر الى مغادرة الجلسة بعدما خاطب الجميع بالقول: «لا تحاولوا إعادة النقاش، لقد استغرقنا ساعات وساعات لإنجاز ما هو امامنا، وعلى حدّ علمي كل القوى السياسية وافقت على الارقام والاجراءات فلماذا إعادة النقاش الى نقطة الصفر؟ «يبدو انكم لا تريدون موازنة». فتدخّل الحريري وبعض الوزراء لترطيب الاجواء وإعادة تصويب النقاش.

وقال خليل لـ«الجمهورية»: «إنجاز الموازنة على ابواب المؤتمرات الدولية اشارة ايجابية جداً للمجتمع الدولي، ومن دون الدخول في تفاصيل ما جرى، علينا الارتكاز الى الايجابيّات كما قال رئيس الحكومة، خصوصاً اننا نتّخذ للمرة الاولى إصلاحات على هذا المستوى».

حاصباني لـ«الجمهورية»

وفي هذا الاطار قالت مصادر وزارية قواتية لـ«الجمهورية»: «هناك مجموعة إصلاحات في موازنة 2017، تمّ الالتزام بها في موازنة 2018. والمهم الالتزام بتنفيذها. لكنها لفتت الى انّ بعض الايرادات الاضافية التي خفّفت العجز في موازنة 2018 هي لمرة واحدة، وبالتالي لا يمكن التعويل عليها في المستقبل، والمطلوب إصلاحات بنيوية في مقدّمها معالجة ملف الكهرباء، من خلال البدء في تنفيذ خطة تشييد معامل الانتاج». وشدّدت «على ضرورة السير في تنفيذ الخصخصة، وليس فقط تطبيق قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص»، وقالت «انّ الخصخصة ينبغي ان تبدأ فوراً بقطاع الاتصالات».

«التكتل»

وقالت مصادر تكتل «التغيير والاصلاح» لـ«الجمهورية»: «النقاط الخمس التي أكد «التكتل» ضرورة الاتفاق عليها للسير بالموازنة قد وردت في المشروع»، مشيرة الى «انّ عجز ٢٠١٨ اقل من عجز ٢٠١٧وذلك نتيجة الإصلاحات التي أقرّت في الموازنة».

اضافت: «من الطبيعي ان يراجع وزراؤنا ارقام الموازنة ويدققون فيها، بغية اقرار الإصلاحات وأبرزها تبنّي بند يتعلق بالكهرباء اقترحه الوزيران جبران باسيل وسيزار ابي خليل، وأصرّا عليه وجاء فيه: «على الحكومة اتخاذ مرسوم في مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير الطاقة يحدّد تعديلاً تدريجياً للتعرفة على استهلاك الكهرباء وفق جدول يوحّد التعرفة والتغذية بين المناطق، ويؤدي الى توازن مالي تدريجي لكهرباء لبنان مع وصول التغذية الى ٢٤ ساعة يومياً من ضمنها ساعات الأعطال وأعمال الصيانة، على ان يبدأ هذا التعديل مع وصول التغذية الى ٢٠ساعة يومياً مع الإبقاء على تعرفة مخفّضة لذوي الاستهلاك المنخفض ولأهداف صناعية، بما يؤدي الى خفض الكلفة الإجمالية على المواطن بعد إلغاء توليد الكهرباء الخاص، وما يوصل الى خفض العجز المالي للدولة اللبنانية».

مؤتمر «روما 2»

الى ذلك، أنهى لبنان عملياً تحضيراته لمؤتمر روما 2 الذي ينعقد غداً في العاصمة الايطالية. وكان هذا الامر محلّ متابعة من قبل رئيس الجمهورية ميشال عون مع كل من المنسّقة الخاصة للامم المتحدة في لبنان السيدة برنيل داهلر كارديل وسفير ايطاليا ماسيمو ماروتي. وامل عون في أن يحقّق المؤتمر النتائج المرجوّة منه، لجهة توفير الدعم والاسلحة المتطورة للجيش والقوات المسلحة اللبنانية.

واطّلع عون هاتفياً من وزير الدفاع يعقوب الصرّاف على لقاءاته في الدوحة مع كل من نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع القطري خالد بن محمد العطيه، ووزيري دفاع اليونان وتركيا الذين أكدوا جميعاً دعم بلادهم للمؤتمر عبر هِبات ستعلن بشكلها ومضمونها من روما.

الورقة اللبنانية

وعلمت «الجمهورية» انّ الورقة التي رفعتها قيادة الجيش الى المؤتمر تلحظ حاجات المؤسسة العسكرية للمزيد من الأسلحة المتطورة، ولا سيما تلك التي تعزّز بصورة خاصة القوات البحرية، لناحية تجهيزها وتزويدها بالأسلحة الصاروخية وأجهزة الرصد والمراقبة المتطورة لحماية المياه الإقليمية اللبنانية، بالإضافة الى نظام دفاع ورصد بري للدفاع عن السفن والمياه الإقليمية اللبنانية.

ويلفت الجانب اللبناني، في الورقة الموحدة التي جرى تعميمها على الجهات المانحة، الى انّ ما هو مطلوب أنجز تصنيعه في المصانع الفرنسية (منذ الهبة السعودية) بالمواصفات التي حدّدها لبنان، وهي بكلفة تقارب المئة مليون دولار اميركي. وهذا الامر بحث بين لبنان وفرنسا التي أبدَت استعدادها للتجاوب مع هذه الحاجات بالتعاون مع الدول المشاركة في المؤتمر.

مصادر عسكرية

الى ذلك، أملت مصادر عسكرية في أن يحصل الجيش من هذا المؤتمر على أكبر جزء ممكن من الدعم المطلوب، وقالت لـ«الجمهورية»: «انّ انعقاد روما ـ 2 يعكس اهتماماً دولياً ملموساً بتعزيز جهوزية المؤسسة العسكرية، لا سيما من قبل الاتحاد الأوروبي الذي سيحضر بقوة إضافة إلى جهات أخرى».

واكدت المصادر «أنّ الجيش أعدّ لائحة كاملة بالأسلحة التي يحتاج إليها على مستوى القوات البرية والجوية والبحرية، لكن حدود تلبيتها تتوقف في نهاية الأمر على ما تقرره الدول المشاركة».

وكشفت المصادر «عن أنّ من بين الأسلحة التي لحظها الجيش في لائحة الطلبات دبابات وآليّات نقل ومعدات متطورة، إلى جانب مروحيات هجومية وأخرى للنقل، وغيرها من الاحتياجات التي تعزّز قدرات الجيش في مواجهة التحديات».