Site icon IMLebanon

مانشيت:العلولا والبخاري يختليان بالحريري وجعجع وجنبلاط.. والسلطة تتوسل بالضغوط

يتواصل التحضير للاستحقاق الانتخابي على كل المستويات مترافقاً مع عمليات تزوير مسبق للعمليات الانتخابية وتشويه لهذا الاستحقاق الدستوري بما يُفقده نزاهته المطلوبة والنتائج الحقيقية والواقعية التي يفترض أن تعطي لكلّ ذي حجم حجمه، وكلّ ذي حق حقه، وفق قانون الانتخاب الجديد الذي يعتمد النظام النسبي ويعوّل عليه أن يحقق «عدالة التمثيل وشموليته لشتّى فئات الشعب اللبناني وأجياله»، حسب ما ينص «اتفاق الطائف». ويبدو للمراقبين يومياً أنّ تزوير الانتخابات إلى تصاعد في ظلّ تكاثر الاخبار عن دفع رشى هنا وهناك تجري على نطاق واسع لاستمالة كتلٍ من الناخبين، خصوصاً في الدوائر التي يريد بعض أهل السلطة والنفوذ «إقصاء الآخر» فيها وإنهاءَه، فيما الهيئة المكلفة الإشراف على الانتخابات تبدو غيرَ موجودة ولم يسجّل حتى الآن أنّها ضبَطت أياً من المخالفات الفاضحة التي يتعرّض لها الاستحقاق النيابي. كذلك لم يظهر أنّ هذه الهيئة نفسها قد راقبَت ما يُصدره البعض من استطلاعات رأي «غب الطلب» وغير مستندةٍ الى أيّ معطيات واقعية، ويتبيّن أنّ الذين يصدرونها إنّما يفعلون ذلك بغية إيهام الرأي العام بأحجام منفوخة لمرشحين على حساب مرشحين آخرين، بل إنّ بعض هؤلاء يذهب الى إعلان نتائج استطلاعات يراد منها تشويه وضعِ هذا المرشح أو ذاك لمصلحة منافسيه. وسألَ المراقبون إلى متى ستبقى الهيئات الرقابية المختصة تقف موقف المتفرج ولا تتدخّل لوقفِ عربدةِ بعض المواقع الإلكترونية وكذلك عربدة بعض الذين يدّعون أنّهم خبراء في استطلاعات الرأي وهم معروفون بأنّهم يقدّمون خدماتهم «غب الطلب»، ويصدِرون مسبقاً «نتائج» انتخابية بإعلان فوز هذا المرشح وسقوط ذاك، وذلك بغية التأثير سلباً على القواعد الناخبة وابتزاز مرشّحين.
في هذه الأجواء يُنتظر أن تتركّز الاهتمامات اليوم على اللقاءات التي بدأها مساء أمس المستشار الملكي السعودي نزار العلولا المكلف ملف لبنان في الادارة السعودية، اثر وصوله الى بيروت ممثلا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في افتتاح جادة باسمه على الواجهة البحرية للعاصمة.

وقد اختلى العلولا والقائم بأعمال السفارة السعودية الوزير المفوض وليد البخاري في فندق فينيسيا بدايةً مع رئيس الحكومة سعد الحريري، ثم توسعت الخلوة لتشمل رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع ورئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط. وذلك على هامش عشاء أقامته السفارة السعودية. وعلِم انّ البحث تناول اخر التطورات في لبنان والمنطقة.

وسبق هذا العشاء تدشين جادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز على الواجهة البحرية لبيروت مساء أمس، وقد جمع الاحتفال الذي أقيم في المناسبة برعاية الحريري وحضوره، عدداً من القيادات التي كانت حليفة وفرّقتها الظروف السياسية وسادت القطيعة بينها.

وكان لافتاً حضور رؤساء الحكومة السابقين: فؤاد السنيورة، نجيب ميقاتي وتمام سلام، وجنبلاط وجعجع، وحشد من الوزراء والنواب والشخصيات الدينية والاقتصادية والاجتماعية والمواطنين. وأكّد البخاري في كلمة القاها في المناسبة أنّ «السعودية كانت ولا تزال وستبقى، وبتوجيه من القيادة الرشيدة، ضنينةً على سلامة لبنان وأمنِه واستقراره والمحافظة على وحدته الوطنية ووحدة أبنائه بكلّ أطيافهم ومذاهبهم»، مشدداً على «أنّ العلاقات السعودية اللبنانية راسخة، وستبقى كالأرز متجذّرة، صلبة وثابتة، كما هي على مرّ العصور».

الإنتخابات

إلى ذلك، وعلى وقع هديرِ الماكينات الانتخابية، تستمر الاستعدادات لخوض هذا الاستحقاق وإقامة المهرجانات لاعلان اللوائح غير المتجانسة في مختلف الدوائر، مصحوبةً بخطابات تحريضية لشد العصب وبرفع شعاراتٍ برّاقة، لحشد الحاصل الانتخابي. وفيما تضجّ الصالونات بالاحاديث عن مخالفات وتجاوزات قانونية، اكتفت هيئة الاشراف على الانتخابات بدعوة القوى السياسية ووسائل الاعلام الى التقيّد بقانون الانتخاب.

برّي

وأبدى رئيس مجلس النواب نبيه بري أمام زوّاه أمس امتعاضَه من «مظاهر صرف النفوذ التي تُسجّل في عدد من الدوائر»، وقال «إنّ هناك شكاوى متزايدة من لجوء مرشحين يملكون مواقع في الدولة او تربطهم علاقات بأجهزة رسمية الى استخدام هذا النفوذ لاغراض انتخابية». وأضاف «إنّ مسار الامور حتى الآن يُبين انّ قانون الانتخاب الحالي بحاجة الى تطوير»، معتبراً «أنّ التجربة العملية تظهر أنه اقرب ما يكون الى «ميني ارثوذكسي».

وعمّا إذا كان سيعاود تسمية الرئيس سعد الحريري لرئاسة الحكومة بعد الانتخابات النيابية، أجاب: نعم.. سأصوّت له، من دون ان يعني ذلك انني أستبق نتائج الانتخابات، ولكنني أبني موقفي على ما هو متوقع ومرجّح»..

«الحزب»

وإلى ذلك أسفَت مصادر «حزب الله» بشدة «لانحدار الخطاب الانتخابي الى مستوى متدنٍّ جداً، من «الأوباش» الى «المشروع الفارسي» الى آخره». وإذ أكدت لـ«الجمهورية» انّها تكتفي بالأسف فقط وبعدم الرد على هذه المواقف، اشارت الى انّها كانت تأمل في «انّ التسوية السياسية التي اتت بسعد الحريري رئيساً للحكومة قد انهت الحاجة الى مِثل هذا النوع من الخطاب»، وأنها كانت «تفضّل لو ذهبَ الحريري والآخرون الى معالجة القضايا الحياتية ومطلب العدالة الاجتماعية وقضايا التنمية بدلاً من الضحك على جمهورهم في حكاية المشروع الفارسي وخطرِ سيطرة «حزب الله» على العاصمة».

جعجع

ومِن جهته، تحدّث رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع عن توظيفات مشبوهة، وأكد انه «لا يمكن للدولة أن تكون فعليّة إن لم نتصرّف كرجال دولة من دون فساد وباستقامة وشفافيّة، بعكس ما نشهده اليوم من أداءٍ قوامُه زبائنيّة مفرطة وتوظيفات مشبوهة، الأمر الذي يقوّض صلاحيات الدولة بالمقدار نفسه لعمليّة مصادرة صلاحياتها».

ولفت الى «أنّنا شهدنا في الأشهر المنصرمة توظيف 300 أو 400 موظف بنحوٍ مشبوه في مختلف الإدارات، وفي هذا الإطار سأضع برسم وزير الداخليّة والبلديات نهاد المشنوق ولجنة الإشراف على الإنتخابات النيابيّة المذكّرة التي أصدرها رئيس مؤسسة كهرباء لبنان في 20 آذار 2018 لتشكيل هيئة فاحصة لتوظيف 75 أجيراً في مؤسسة كهرباء قاديشا وذلك قبل شهر ونصف شهر فقط من الإنتخابات النيابيّة، فيما أعضاء هذه الهيئة من لون سياسي – إنتخابي واحد، والأدهى أنّ أحدهم هو الأستاذ طوني ماروني المرشح عن المقعد الماروني في دائرة طرابلس، فهل من الممكن أن يرضى أيّ طرف سياسي في أن يكون هناك مرشح للانتخابات النيابيّة من ضِمن لجنة فاحصة لتوظيف 75 أجيراً في الدائرة الإنتخابيّة التي هو يترشّح عنها؟».

«سيدر» والمشاريع

وفي غمرة الاستعداد للانتخابات تتّجه الأنظار إلى باريس التي يسافر اليها اليوم وفد كبير برئاسة رئيس الحكومة سعد الحريري للمشاركة بعد غدٍ الجمعة في مؤتمر «سيدر» لدعم لبنان اقتصادياً ومالياً، حيث سيطرح لبنان برنامجه الاستثماري لإعمار وتأهيل البنية التحتية والذي تبلغ قيمته 16 مليار دولار.

وفيما يطالب لبنان بتمويل مشاريع يقترحها لتأهيل البنى التحتية، يتبيّن أنّ هناك لائحة تضمّ 40 مشروعاً لا تزال عالقة في الأدراج بسبب الاهمال الرسمي. وتبيّن أنّ كلفة هذه المشاريع تبلغ نحو 4 مليارات دولار ويتوافر لها التمويل من مصادر مختلفة دولية وعربية، إلّا أنه ينقصها نحو 700 مليون دولار تمثّل حصة الدولة عبر تمويل من الخزينة، وهي مخصصة لإنجاز الاستملاكات اللازمة لهذه المشاريع التي لا تموّلها المصادر الخارجية.

وأكدت مصادر في البنك الدولي لـ«الجمهورية» أنّ هناك 3 مشاريع عالقة مموّلة من البنك تبلغ قيمتها الإجمالية 326 مليون دولار، وهي تتعلق بمشاريع تطوير شبكة الطرق في لبنان. ومشروع لتعزيز النظام الصحي بقيمة 150 مليون دولار يهدف الى تطوير البنى التحتية للقطاع الصحي بما فيه المستشفيات الحكومية ومراكز الرعاية الاوّلية، ومشروع لإصلاح الإدارة المالية بقيمة 6 ملايين دولار. يهدف الى تقوية قدرة المتلقي على تحليل السياسة الضريبية وإدارة الدين ورصد الموارد العامة لأقسام الموازنة. (ص11)

وعلمت «الجمهورية» أنّ عدد المشاركين في المؤتمر بلغ 50 بين دولة ومنظمة، أبرزُها البنك الدولي، البنك الاوروبي للتثمير، البنك الاوروبي لاعادة الاعمار، معظم الدول الاوروبية، بالإضافة الى السعودية وقطر والامارات والكويت. كذلك تُشارك الصين واليابان والولايات المتحدة الاميركية وكندا.
وتحدّثت مصادر متابعة لـ«الجمهورية» عن 4 أهداف للمؤتمر: الهدف الاوّل والأهمّ، الحصول على نسبة قروض ميسّرة لتمويل المشاريع.

والهدف الثاني الذي لا يقلّ اهمّية، يتعلق بدعم فوائد القروض من الدول المانحة التي ستحوَّل على شكل هبات الى صندوق برعاية الدولة اللبنانية. امّا الهدف الثالث فهو تأمين الجهات المقرضة في المؤتمر ضمانات لقروض من القطاع الخاص. والهدف الرابع تأمين قروض عادية بفوائد مخفوضة لا تحتاج الى دعم وتسمّى قروضاً ميسّرة جداً ودعمُها منها وفيها، وهذا النوع من القروض تعطيه دول تكون سيّدة نفسِها في القرار».

ورجّحت المصادر «أن يؤمّن لبنان أكبرَ قرضٍ من البنك الدولي، نحو مليار ونصف مليار دولار، ومبلغاً تقريبياً من البنك الاوروبي. وتوقّعت المصادر «مفاجَأة» من المملكة العربية السعودية، مرجّحة ان تكون «مفاجاة كبيرة، خصوصاً أنّ الحديث بدأ عن مشاركة ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان في جزء من المؤتمر، علماً أنّ وجوده في فرنسا في زيارة خاصة يصادف وانعقادَ المؤتمر.

كذلك توقّعت المصادر أن يؤمّن لبنان في مؤتمر «سيدر» بين 4 و 6 مليارات من الدولارات، وقالت «إنّ هذا المؤتمر ليس سوى المرحلة الأولى من البرنامج الاستثماري الذي وضعَته الحكومة اللبنانية على مدى 12 عاماً و«سيدر» سيغطّي فقط السنوات السِت الأولى، ودعت الى عدمِ الأخذِ بما يشاع من أنه سيؤمّن 20 مليار دولار، لأنّ لبنان يتوقع هذا المبلغ خلال الـ 12 عاماً وليس من «سيدر».

وعلمت «الجمهورية» أنّ البيان الختامي للمؤتمر بات شِبه منجَز بعدما تمّ الاتفاق على ابرز نقاطه، وهو لن يأتي على ايّ موقف او ملف سياسي داخلي او اقليمي، بل سيكون بياناً اقتصادياً مالياً بامتياز لا سياسة فيه.

وستنبثق من المؤتمر لجنة متابعة مع الجهات المقرضة والمانحة لمراقبة ما وعدت به الدولة اللبنانية من إصلاحات، وهذه النقطة أصرّت عليها الدول المقرضة لكي لا يتكرر ما جرى مع باريس 2 و3 وطلبَت تحديد جدول زمني لتنفيذ هذه الإصلاحات. وقالت المصادر: «الإصلاحات المطلوبة ستكون على عاتق الحكومة الجديدة بعد الانتخابات وهذه الإصلاحات «مِش مزحة» لأنّ الدول المقرضة والمانحة طلبَت تنفيذها بجدّية وضِمن جدول زمني محدّد».

«الحزب» واسرائيل

من جهةٍ ثانية، بدا أنّ تهديدات إسرائيل بشنّ حربٍ مدمّرة ضد لبنان و«حزب الله» لم تُقلِق الحزب ولم يرَ فيها أيّ جدّية، إلّا أنه أكد في الوقت نفسه جهوزيتَه للمواجهة. وتعليقاً على تصريحات رئيس الأركان الإسرائيلي غادي أيزنكوت، قالت مصادر الحزب لـ«الجمهورية»: «لا أحد يطمئن الى العدو لأنه عدوّ، ولكننا نعتقد بأنّها مجرّد تهديدات وليس هنالك فرَص حقيقية لاحتمال حصول حرب بين لبنان وإسرائيل او بين العدو ودول محور المقاومة. ولكن يبدو انّ الاسرائيليين فَقدوا عقولهم على ضوء الانتصارات الكبيرة التي يحقّقها محور المقاومة في سوريا».

وذكّرَت المصادر بـ«أنّ تهديدات إسرائيل للبنان ولـ«حزب الله» ليست جديدة، لكن يبدو انّ ايزنكوت ومسؤولين اسرائيليين آخرين مستقوون بالعلاقة مع السعودية التي انتقلت من السر إلى العلن. وفي مطلق الحالات، سبق للامين العام للحزب السيّد حسن نصرالله أن ردَّ على هذه التهديدات وأكّد انّنا لسنا هواةَ حرب ولكنّنا جاهزون للدفاع عن لبنان.

ويَعلم ايزنكوت وغيرُه انّ خيار الذهاب الى الحرب ليس نزهة. كذلك اعلنَ الامين العام في خطابه في المسيرة التي انطلقت في الضاحية عقب قرار ترامب بنقلِ السفارة الاميركية الى القدس، أنه في المرّة المقبلة سنقاتل كمحور ولن نقاتل منفردين. وبالتأكيد فإنّ أيّ اعتداء على لبنان سنواجهه كمحور».