Site icon IMLebanon

مانشيت:برّي لحكومة سريعاً لتلافي الخطر.. والحريري يُحاسب و«ينفض التيار»

تجاوزَت البلاد قطوع الانتخابات النيابية، لكنّ التردّدات الناجمة من نتائج هذه الانتخابات لم تُطوَ بعد، وهي مرشّحة للاستمرار في قابل الأيام وبقوّة في المشهد اللبناني، لأنّ النتائج التي أفرزَتها صناديق الاقتراع جاءت مخيّبةً لفريق وصادمة لآخَر وغيرَ مفاجئة لثالث. لكنّ كلّ طرفٍ يصِرّ على تصوير ما ناله مِن مقاعد نيابية على أنّه «نصرٌ مُبين» سياسيّ، في ظلّ أسئلة كثيرة بدأت تُطرَح في جميع الأوساط السياسية حول كيف سيتمّ فيها تسييلُ هذا النصر مكاسبَ في الحكومة الجديدة التي ستنطلق آليةُ تأليفِها فور بداية ولاية المجلس المنتخب في 21 من الجاري؟
تُرجِمت التردّدات الناجمة من نتائج الانتخابات في الساعات الماضية، اشتباكاتٍ سياسية على جبهات عدة، لعلّ أبرزها جبهة «التيار الوطني الحر» ـ «القوات اللبنانية» المشتعلة على خلفية «عدّ الأرقام»، وجبهة تيار «المستقبل» ـ الحزب التقدمي الاشتراكي من جهة و«الاشتراكي» ـ «الحزب الديموقراطي اللبناني» من جهة ثانية، على خلفية حادثةِ الشويفات الأخيرة والتي ذهبَ ضحيتها قتيلٌ اشتراكي على يد مسؤول أمن رئيس «الديموقراطي» الوزير طلال أرسلان.

إقالات واستقالات

إلّا أنّ التوتّرات والسجالات السياسية لم تحُل دون مواصلةِ السياسيين قراءاتهم في نتائج معاركهم الانتخابية، وخصوصاً الرئيس سعد الحريري الذي سارَع بعد الاحتفال بمهرجان النصر في «بيت الوسط» إلى إجراء «نفضة» وإعادة هيكلةٍ داخل تيار «المستقبل»، مُتّخِذاً سلسلة قرارات تنظيمية.

وفي الوقت الذي تعدَّدت القراءات والتفسيرات لهذه «النفضة» في»المستقبل» والتي شَملت إقالات واستقالات قالت مصادرُ مطّلعة في «التيار» لـ»الجمهورية» إنّ لكلّ مَن طاولته أسباباً إدارية ومالية وانتخابية.

وأضافت: «بمعزل عن القرار الذي اتّخَذه نادر الحريري بالاستقالة التي تقدَّم بها منتصفَ الأسبوع الماضي وانتظر جواباً حتى مساء أمس الاوّل قبل أن يغادر الى باريس، فإنّ القرارات الأخرى لا تحتمل كثيراً من التفسير. فهي محصورة بقراءة الرئيس الحريري لنتائج الانتخابات بعد إقفال صناديق الاقتراع، ما دفعَه إلى محاسبة المسؤولين عمّا آلت إليه هذه النتائج».

وقالت إنّ الحريري «سأل ماكينته الانتخابية: لماذا لم نسجّل نسبةً عالية من المشاركة في الانتخابات كما كانت مقدَّرة مسبَقاً؟ ومَن هو المسؤول عن بقاء الناس في منازلهم؟ وأين ذهبَت أصوات الكتل السنّية الموالية الكبيرة في أكثر من دائرة انتخابية، بدءاً من دائرة بيروت الثانية قبل الأولى؟

وأين هي الأرقام التي تحدّثتم عنها قبل فتحِ صناديق الاقتراع في دائرة الشمال الثانية، أي في البترون والكورة وزغرتا؟ ولمن انتخبَت هذه القاعدة؟ والأمر نفسُه حصَل في زحلة والبقاع الغربي؟ ولماذا تظاهرَ في أكثر من منطقة المندوبون المكلّفون تمثيلَ لوائح «المستقبل» على أقلام الاقتراع ومحيطها لنيل حقوقِهم وبدل أتعابهم؟ وأين هي المخصّصات المحِقّة لهم؟».

وأضافت المصادر: «على هذه الأسُس وبعد تحديد المسؤوليات، انتهى الرئيس الحريري الى حلّ المنسّقيات الانتخابية وعزلِ المسؤولين عن إدارتها مباشرةً أو أولئك الذين تحمّلوا مسؤوليات محدّدة في أثناء التحضيرات للانتخابات. ولذلك فإنّ أيَّ تفسير آخر لا يحتمل أن يؤخَذ على محمل الجد».

جملة استحقاقات

وسط هذا المشهد، تستعدّ البلاد لمواجهة جملة استحقاقات، وفي مقدّمها جلسة انتخاب رئيس مجلس نواب جديد ونائبِه، وهيئة مكتب المجلس التي تتألف من رئيس ونائب رئيس وأمينَي سر و3 مفوّضين، ليتمّ بَعدها انتخاب اللجان النيابية ورؤسائها والمقرّرين، وذلك مع بدء العدّ العكسي لانتهاء ولاية مجلس النواب في 20 أيار، لتبدأ بعد ذلك الاستشارات النيابية الملزِمة في القصر الجمهوري، تمهيداً لمرحلة التكليفِ وتأليف الحكومة العتيدة، قياساً على الأحجام الجديدة، قبل الدخول في مرحلة إعداد البيان الوزاري.

برّي

في هذا السياق قال رئيس مجلس النواب نبيه بري أمام زوّاره أمس: «مبدئياً ستُعقد جلسة انتخاب هيئة مكتب المجلس النيابي ورئيسه ونائب رئيسه يوم الثلثاء في 22 من الجاري.

وسُئل عن انتخابات هيئة مكتب المجلس، فقال إنه اتّصَل برئيس الجمهورية العماد ميشال عون وتشاوَرا في الأوضاع السائدة وصولاً إلى موضوع نيابة رئاسة مجلس النواب، وأشار إلى رئيس الجمهورية أنّه طالما إنّ كتلة «التيار الوطني الحر» هي الكتلة الأكبر عدداً، فهذا يعطيها الحقّ في أن ترشّح أحد نوّابها الأرثوذكس لموقع نائب رئيس المجلس.

وسُئل بري هل إذا اختار عون اسماً لهذا المنصب ستنتخبه؟ فقال: أنا أحترم موقفَ الرئيس وسأصوّت له».

وقال بري إنّه أكّد لعون وكذلك لرئيس الحكومة سعد الحريري الذي زاره في عين التينة قبل أيام «أنّ الضرورة الملِحّة توجب تشكيلَ حكومةٍ في أسرع وقت. وأضاف أمام زوّاره: «على الرغم من أنّ الوضع الإقليمي خطير جداً فإنّ التأخير في تأليف الحكومة هو أخطر من الوضع الإقليمي، لأنّنا في الداخل لدينا خطرٌ كبير اسمُه الخطر الاقتصادي الذي وصَل إلى وضعٍ مخيف وخطير.

عِلماً أنّ ما عقِد من مؤتمرات وما إلى ذلك، وآخرُها مؤتمر باريس ـ 4، فإنّ كلّ ما أُعطي فيها إنّما أُعطيَ بشروط. لذلك المطلوب تأليف حكومة سريعاً لاحتواء ما يمكن احتواؤه وبناءِ ما يمكن لإطلاق العجَلة الاقتصادية».

وردّاً على سؤال قال بري: «أنا مع تأليف حكومة وفاق وطني أو ما تسمّى حكومة وحدة وطنية تضمّ الجميع في عملية الإنقاذ».

وقيل لبري: «هناك من يقول إنه إذا تعذّرَ التوافق، فلتشكَّل الحكومة من أكثرية في وجه معارضة»، فردّ قائلاً: «موقفي دائماً ضدّ عزلِ أيّ طرف ومع إشراك الجميع من دون استثناء».

وهل ستؤلّف الحكومة وفق الأحجام التي أفرزَتها نتائج الانتخابات النيابية؟ أجاب بري: «بالتأكيد، وهذا ما يجب أن يحصل».

بعد 20 أيار

وقالت مصادر وزارية لـ»الجمهورية»: «نعتقد أنّ الكلام عن تركيبة الحكومة لن يُصبح جدّياً إلّا بعد 20 أيار، وأنّ تكليفَ الرئيس الحريري تشكيلَ الحكومة أمرٌ شِبه محسوم».

وشدّدت على «أنّ تشكيل الحكومة سيكون مستحيلاً إذا لم تُكن حكومة وحدة وطنية، ولو تطلّبَ تشكيلها سنتين أو ثلاث سنوات، إذ لا يمكن بعد نتائج الانتخابات تشكيلُ حكومة من لون واحد، ومِن الأسهل على الرئيس الحريري أن يذهب الى خيار حكومة الوحدة الوطنية من الذهاب الى أيّ خيار آخر. وبالطبع، هناك خريطة قوى نيابية صارت واضحة، وحكومة الوحدة الوطنية ستتألف من هذه القوى التي بات لها حضورٌ نيابي يؤهّلها إلى أن يكون لها حضور سياسي، وخصوصاً في الحكومة».

إلّا أنّ هذه المصادر لفتت الى أنّ «هذا الأمر تعترضه صعوبات، أهمّها الخلاف على الحقائب»، وقالت: «لا يعتقدنَّ أحد أنّ ذلك سهلٌ، حيث التجاذب على عدد من الحقائب متوقّع، وبشكلٍ أساسي على حقيبة وزارة المال، إضافةً إلى حقائب الطاقة والصحة والأشغال والاتصالات والداخلية، الى أن يرسوَ التجاذب على تفاهمات تساعد رئيسَ الحكومة في إنجاز عملية التأليف.

ولكي لا يتفاجأ الرأي العام، هذا الأمر لن يكون سهلاً، بل سيأخذ وقتاً، خصوصاً أنه يأتي في لحظة سياسية تشهد توتّراً في علاقة عددٍ من التيارات والقوى السياسية، وهي قوى فاعلة وكبيرة ولا تتشكّل الحكومة من دونها. لذلك، سيكون هذا الأمر عاملاً سلبياً في التشكيل، ونتمنّى أن يتمّ التأليف سريعاً لأنّ الوضع الاقتصادي يهتز، والوضع الإقليمي على شفير حرب، ولا يعتبرَنَّ أحدٌ أنّ الحرب إذا وقعت لن ينال لبنان نصيبَه من نتائجها. فعلى الأقلّ يجب تحصينُه، عبر تأليف حكومة قوية، ومجلس نواب قوي وتفاهُم سياسي بين جميع الاطراف.

لذلك مسؤوليتُنا جميعاً هي تأمين الحد الأقصى من الاستقرار لكي نوفّرَ على أنفسِنا وعلى البلاد مخاطرَ آتية، سواءٌ من بوّابة المنطقة أو من بوّابة الأوضاع الاقتصادية».

البيان الوزاري

إلى ذلك، اعتبَر نائب الأمين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم أنّ «ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة أصبحت ثابتةً وغيرَ قابلة للتغيير»، وقال: «مَن أراد أن يلعب على الألفاظ فيسحب عنوانَ المقاومة ليضع عنواناً آخر ويُركّب ثلاثيةً جديدة فهو يضيّع وقتَه ويتسلّى بأحجيةٍ وكلمات لا معنى لها ولا أيّ مضمون. هذه الثلاثية هي التي أثبتَت نفسَها، هي ليست أغنيةً ولا تركيبة لأحرف، هي ثلاثية حقيقية تعمَّدت بالتضحيات….ولولاها لَما كانت الدولة القوية ولَما كانت قائمة».

نحّاس

وأعلن النائب المنتخب نقولا نحّاس لـ«الجمهورية»: «إنّ مرشّح «تكتّل العزم» الطبيعي لرئاسة مجلس النواب هو الرئيس نبيه بري».

وردّاً على سؤال حول تسمية الحريري في الاستشارات الرئاسية الملزمة، أجاب: «المهم بالنسبة إلينا هو المشروع وليس الشخص، والترشيح سيكون على أساس مبادئه الإصلاحية ورؤيته لبناء الدولة وإعادة صوغِ كلّ السياسات التي أوصَلت لبنان إلى ما هو عليه اليوم. فمن هو مستعدّ لحملِ هذه الأمانة ولديه الفرصُ لينجح أكثر ويملك القدرة على التغيير ونقلِ لبنان إلى مرحلة جديدة يكون مرشّحَنا لرئاسة الحكومة».

ولفتَ نحّاس إلى «أنّنا ننتظر عودةَ الرئيس نجيب ميقاتي من الخارج لاستكمال المشاورات التي بدأت في شأن توسيع «التكتل» والاتّفاق على المواقف المناسبة في شأن الاستحقاقات النيابية والحكومية المقبلة».

جلسة الأربعاء

من جهةٍ ثانية يَعقد مجلس الوزراء جلسةً بعد غدٍ الأربعاء في قصر بعبدا. وذكرَت مصادر مطّلعة لـ»الجمهورية» أنّ الجلسة ستبحث في ملفات أساسية كملفّ الكهرباء، بغية وضعِها على سكّة الحلّ قبل أن تدخل الحكومة في 20 أيار الجاري مرحلة تصريف الأعمال بالتزامن مع نهاية ولاية المجلس النيابي الذي منحَها الثقة.

وأضافت: «لن يكون سهلاً على الحكومة أن تتجاوز في هذه المرحلة ما هو مسموح به في حال «تصريف الأعمال» الضيق والضروري عملاً بما ينصّ عليه الدستور، ولذلك تمّ التفاهم بين رئيسَي الجمهورية والحكومة في لقائهما الجمعة الماضي على عقدِ جلسةٍ استثنائية ثانية لمجلس الوزراء قبل 20 الجاري ما لم تنهِ جلسة بعد غدٍ الأربعاء بتَّ الملفات».

إعتداء فرنسا

دولياً، قُتلَ شخص وأصيبَ أربعة آخرون بجروح مساء أمس الأوّل وسطَ باريس، في اعتداء بسكّين نفَّذه رَجل، وأعلنَ تنظيم «داعش» مسؤوليته عن الهجوم.
وذكر شهود عيان أنّ المعتدي صَرخ «ألله أكبر» خلال تنفيذ الاعتداء، قبل أن يُقتل بأيدي الشرطة الفرنسية.

ونَقلت الوكالة عن «مصدر أمني» أنّ «منفّذ عملية الطعن في مدينة باريس هو جنديّ في التنظيم ونفَّذ العملية استجابةً لنداءات استهداف دولِ التحالف».
وتمكّنَت الشرطة من قتلِ المعتدي واعتقلت في وقتٍ لاحق صديقاً له ووضِع قيد الحبسِ الاحتياطي، بحسب مصدر قضائي.