Site icon IMLebanon

مانشيت: ميركل: إستقرار لبنان مطلب دولي.. والحريري يُحضِّر صيغته

على وقعِ زيارة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل للبنان أمس أبلغ الرئيس المكلف سعد الحريري الى رئيس مجلس النواب نبيه بري هاتفياً أنه في صدد العمل على تأليف الحكومة قبل نهاية الاسبوع الجاري، وأنه سيزور رئيس الجمهورية العماد ميشال عون خلال الساعات الثماني والاربعين المقبلة للتشاور معه في التشكيلة الوزارية. ورشح من اوساط عين التينة انّ الاجواء التي عكسها الحريري خلال اتصاله ببري «كانت إيجابية». وعندما سُئل بري: هل توجَد تعقيدات داخلية تُواجه تأليفَ الحكومة، أجاب: «لا عِلم لي». وأكّد، ردّاً على سؤال آخر، أنه «حاضر» للتدخّل لتذليل العقبات التي تعترض الولادة الحكومية إذا طلبَ المعنيون تدخّله.
لم تَخطف زيارة ميركل للبنان التي بدأت مساء أمس وهجَ مشاورات التأليف الحكومي التي استأنفها الحريري بزخم فور عودته من باريس، بغية إنجاز التشكيلة الوزارية الثلاثينية، ليَحملها الى قصر بعبدا «وقد يكون ذلك غداً (اليوم)»، حسبما قال، علماً انّه التقى ميركل مساءً في السراي الحكومي وتخللَ اللقاء عشاء عمل سافرَ بعده الى الاردن في زيارة خاصة لبضع ساعات، للمشاركة في حفلة قرانِ أخيه نور النعيمي، ثمّ يعود بعدها إلى بيروت.

ووصَفت مصادر متابعة لعملية تأليف الحكومة لـ«الجمهورية» الحراكَ الذي بدأه الحريري فور عودته من باريس بأنّه «حراك كبير وجيّد وسيُستكمل في اليومين المقبلين بتوسيع مروحة المشاورات لتُطاول افرقاءَ سياسيين آخرين بهدف بلورةِ التشكيلة الحكومية». وأكدت «أنّ المسوّدة الاولى التي سلّمها الحريري لعون قبَيل سفره الأخير الى موسكو لم تكن سوى فكرة عامة حول شكل الحكومة قال إنه سيناقشها مع المعنيين فور عودته من إجازته، وهذا ما فعَله وسيَستكمله اليوم بعد مغادرة ميركل».

وكشَفت المصادر أنّ الحريري «ابلغ الى مَن التقاهم أنّه يعمل على حلحلة العقَد بروح ايجابية وأنّ الامور قابلة للحلّ وليست معقّدة على نحو ما يُطرح في الاعلام، وهو يميل الى تمثيل وزاريّ قريب من تمثيل «حكومة استعادة الثقة» التي تصرّف الاعمال، لكنّه يسعى للحصول على موافقة عون وبري على هذا الامر، خصوصاً أنّه يرى انّ التمثيل كلّما اتّسع في الحكومة صَعُبَت مهمّته، وطرحُ أيّ معادلة جديدة في لعبة التوازن سيؤدي الى تأخير ولادة الحكومة وبروز عقدِ ومطالب اكبر».

وفيما سرَت معلومات ليل أمس عن إمكانية ولادة الحكومة قبل الثلثاء المقبل، وهو موعد بري الى الخارج في اجازة خاصة دأبَ على أخذها سنوياً في مِثل هذه الايام من كل سنة، لم تشَأ المصادر ان تحسم موعد صدور مراسيم التأليف الحكومي، في اعتبار انّ سفر رئيس مجلس النواب ليس سقفاً زمنياً، لأنه سيعود الى لبنان بعد ايام، ويمكن ولادة الحكومة ان تأخذ هذا الوقت ما دامَ الحريري في فترة السماح».

في غضون ذلك تتبَّعت دوائر قصر بعبدا ما رافقَ عودة الحريري واللقاءات التي عَقدها ونوعيتها، وبدا أنّ اتّصالات جرت في شأنها قبَيل عودته، ومهّد لها بمجموعة اقتراحات جديدة اثناء وجوده في باريس، وقد تؤدي الى تحريك الجمود الحاصل منذ تقديمه اقتراحاتِه السابقة التي تضمّنت توزيعةً للحقائب على ممثلي الأطراف «الأكثر تمثيلاً» تمهيداً للانتقال الى مرحلة توزيع الحقائب على «الأقل تمثيلاً» و»المستقلّين» قبل الوصول الى مرحلة إسقاط الأسماء عليها.

«مِش مطنّش»
وكان الحريري قد ردَّ على بري من دون أن يسمّيه مؤكداً أنه «مِش مطنّش»، ولكن يحق له أن يحظى بإجازة، وقد ذهب للقاء عائلته، وقال: «الآن «فاتحين التوربو» لكي نشكّل حكومة في أسرع وقت ممكن». وأبدى تفاؤله مشدّداً على أن «لا عقَد خارجية تعوق تأليف الحكومة بل هي داخلية وقابلة للحل». وقال: «لا عقَد، لا مع «القوات» ولا مع غيرها، وهذه الأمور تحصل في أيّ حكومة ستؤلف، هذا أمر طبيعي، لكنّني متفائل، وإن شاء الله ننتهي من المسألة خلال أيام. علينا أن لا نُضخّم الأمور لأنها بالفعل ليست ضخمة». وأكد انّ لقاءه مع الوزير جبران باسيل في باريس «كان إيجابياً»

وعند سؤاله: يقال أنّ السعودية لا مصلحة لها بحكومة في الوقت الحاضر لأنّها تراهن على تطوّرات إقليمية؟ سأل الحريري: «من يقول ذلك تحديداً؟ أنا أسمع دائماً هذا الكلام ثمّ أسمع كلاماً آخر، وأنا ذهبتُ إلى السعودية، وهم حريصون على إنجاز الحكومة الأمس قبل اليوم، لذلك هذا الموضوع غير صحيح، والكلام ليس له أيّ أساس. لم يتحدّث معي أحد بهذا الأمر».

وكان الحريري قد استقبل عصر أمس القائمَ بأعمال السفارة السعودية في لبنان الوزير المفوّض وليد البخاري الذي أوضَح على الأثر أنّه قدّم له التهاني بعيد الفطر المبارك، وعرضا للأوضاع العامة.

«توربو» التأليف
ولوحِظ أنّ الحريري بدأ ترجمة قولِه أمس أنّه فتح «التوربو» للتأليف عملياً فكثّف اجتماعاته لحَلحلة العقدتين المسيحية والدرزية بغية إنجاز التشكيلة الوزارية الأوّلية، فالتقى في «بيت الوسط» الوزيرَين علي حسن خليل وملحم الرياشي والنائب وائل أبو فاعور، في حضور الوزير غطاس خوري. كذلك اجتمعَ مع رئيس تيار «المردة» النائب السابق سليمان فرنجية في حضور الوزير يوسف فنيانوس.

وعلمت «الجمهورية» أنّ فرنجية لا يزال عند موقفِه المطالب بوزيرين لـ»التكتّل الوطني» الذي يضمّ سبعة نواب، على أن يُسنَد إلى التكتل إحدى الحقائب الآتية: الأشغال العامة، الطاقة، أو الاتصالات، إلّا أنّ رئيس الحكومة المكلّف لم يعطِ جواباً بعد.

ميركل في بيروت
وفي هذه الأجواء، استبقت ميركل زيارتَها لبيروت بتشديدها من الأردن على ضرورة اتّخاذِ إجراءات في مواجهة توجّهات إيران «العدائية» في الشرق الأوسط. وقالت عقبَ محادثاتها مع العاهل الأردني عبد الله الثاني: «إنّ الدول الأوروبية ترغب في الحفاظ على الاتفاق النووي مع إيران، لكنّها تتشاطر القلق في شأن برامجها للصواريخ البالستية ووجودها في سوريا ودورها في حرب اليمن». وأضافت: «لا يجب مناقشة توجّهات إيران العدوانية فحسب، بل نحتاج إلى حلول على وجهِ السرعة».

وإثر محادثاتها مع الحريري في السراي الحكومي أكّدت ميركل وقوفَ بلادها الى جانب لبنان ودوَّنت في سجلّ الشرف الكلمة الآتية: «لا تزال ألمانيا تقف إلى جانب لبنان مستقرّ ومنفتح على العالم ومزدهر، حيث يعيش الناس من مختلف الأديان معاً في سلام. أتمنّى لكم كلَّ النجاح والتوفيق في تنفيذ الإصلاحات التي بدأت».

وأوضحت مصادر الحريري لـ«الجمهورية» أنّ محادثات ميركل مع الرئيس المكلف «تركّزَت على برنامج الاستثمار في البنى التحتية والإصلاحات الضرورية التي تُرافق تطبيق ما اتّفِق عليه في مؤتمر»سيدر»، وطلب الجانب اللبناني منها، إضافةً الى الدعم الذي تُساهم فيه بلادها، تشجيعَ القطاع الخاص الالماني للمشاركة في برنامج الاستثمارات المحدّد من لبنان، وجرى عرضٌ لأهمّية قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص والذي يتيح للقطاع الخاص الدخولَ في هذه المشاريع والاستثمارات». كذلك طلبَ المساهمة في مشاريع تنموية تخلق فرَص عمل للّبنانيين لدعمهم في تحمّلِ عبءِ النزوح.

ونفَت المصادر معلومات تحدّثت عن أنّ ميركل تحمل مساعدات ألمانية للبنان بقيمة 500 مليون يورو دعماً له في تحمّلِ عبء النازحين، وقالت: «هذا كلام إعلاميّ، فألمانيا تدعم لبنان باستمرار، لكن عبر المنظمات الدولية».

وعلمت «الجمهورية» أنّ البحث مع ميركل تطرّقَ إلى ملفّ النزوح السوري وتداعياته، حيث قال الحريري لها: «المبدأ، هو أن لا حلّ إلّا بعودة اللاجئين، لكنّ آليّة العودة هي موضع نقاش داخل المجتمع الدولي». وشدّد على «ضرورة توزيع المساعدات الدولية على المجتمعات المضيفة، والمساهمة في برامج استهداف الفقر والتعليم التقني». وأطلعَها على الاستراتيجية الوطنية التي ستطلَق الثلثاء المقبل في السراي الحكومي بهذا الشأن. وأكّدت ميركل اهتمام بلادها الشديد بهذه الاستراتيجية والمساهمة في مشاريع تنموية تخلق فرصَ عملٍ للّبنانيين بغية التخفيف من عبء النزوح. وشدّدت على أهمّية الحفاظ على استقرار لبنان، مؤكّدةً «أنّ هذا الاستقرار مطلب دولي».

ماذا سيطلب عون
وعلمت «الجمهورية» أنّ عون سيطالب ميركل اليوم بمبادرة أو بخطوات عملية تعزّز المشاريع والخطط الدولية التي تشجّع على عودة النازحين السوريين الى سوريا والسعي الى تنظيمها في افضل الظروف الى المناطق الآمنة التي توسعت اخيراً واستتبّ الأمن فيها. كذلك سيشكرها على دور بلادها الكبير في القوة البحرية العاملة في إطار القوات الدولية (اليونيفيل) وسيطالبها بمواقف اكثر تشدّداً لوقف الخروقات الإسرائيلية البرية والبحرية والجوّية والضغط في اتجاه حماية مصالح لبنان في المنطقة الإقتصادية الخالصة وحماية الحدود من الاعتداءات على الأراضي اللبنانية على طول «الخط الأزرق».

كذلك سيشدّد عون على أهمّية دور ألمانيا وهي من أبرز المشاركين في المجموعة الدولية من اجل لبنان، في توفير الأجواء التي تؤدي الى تنفيذ مقررات مؤتمر «روما 2» الخاصة بدعم الجيش والقوى الأمنية والعسكرية المختلفة، كذلك بالنسبة الى متابعة تنفيذ مقرّرات «سيدر 1» وإزالة المعوقات التي تحول دون البدء بتنفيذها.

كذلك سيَشرح عون لميركل مواقفَ لبنان الثابتة من الأوضاع في المنطقة ولا سيّما منها تلك المتصلة بالأزمة السورية والتي تعصف بالعالم العربي بما فيها الوضع في اليمن، مكرّراً تأكيد ضرورة ان تتركّز الجهود على التسويات السياسية والسلمية ووقفِ استخدام السلاح.

نكبة تجارية
وفي خضمّ العمل لتأليف الحكومة تعالت صرخة التجّار نتيجة تراجعِ النشاط التجاري وتردّي الوضع الاقتصادي. واعتبَر رئيس جمعية تجّار بيروت نقولا شماس بعد اجتماع طارئ وموسع للجمعية، «ان الوضع الإقتصادي بات على حافة الإنهيار أكثر من أي وقت مضى» . ولفت الى تراجع النشاط في الأسواق التجارية، بنسبة تراوح بين 20% و 30% مع ذروات لامست 50%، خلال النصف الأول من السنة الجارية مقارنة مع الفترة نفسها من العام المنصرم، والذي كان هو الآخر نتائجه رديئة». وأكد «أن القطاع التجاري يكاد يلفظ أنفاسه الأخيرة بالمعنى الإقتصادي من دون أن تتخذ الجهات المسؤولة أي تدابير حازمة». وتوقع «أن تشهد السنتين المقبلتين إقفال ما لا يقل عن 20 إلى 25% من المؤسسات التجارية التي لا تزال قائمة شرعيا في لبنان، إذا ظلت الظروف الإقتصادية على حال كهذه من دون معالجة». وشدد على دور الحكومة في إغاثة القطاع التجاري، «وهو المريض الأكبر في الإقتصاد الوطني».

ولفت الى «إن الكساد عم التجارة برمتها، قطاعيا في كل المكونات، وجغرافيا في كافة المناطق». واستعجل المجتمعون «تشكيل حكومة إستثنائية، يتحلى أعضاؤها بالكفايات العلمية وجرأة المواقف، خصوصا في الحقائب الإقتصادية، وذلك لوضع وتنفيذ برامج إنقاذية طال إنتظارها، وإستقطاب الإستثمارات المحركة للقطاعات الإنتاجية، وإطلاق عجلة الشراكة بين القطاعين العام والخاص. كذلك ضبط فلتان المالية العامة، وتقليص مساحة الهدر والفساد في الدولة وتخفيض حجم القطاع العام، والمبادرة إلى تخفيض شامل للضرائب والرسوم عن المؤسسات وعن الأسر، وتخفيف الإجراءات الضريبية وتخفيض فوائد التقسيط على المتوجبات الضريبية». ورأى المجتمعون «أنه يترتب على الحكومة الجديدة الحد من تغلغل المؤسسات والبضائع والعمالة غير الشرعية، حفاظا على سلامة الإقتصاد بمختلف قطاعاته، كما وعلى الشركات والقوى العاملة اللبنانية».