Site icon IMLebanon

مانشيت:هجوم سعودي عنيف على «حزب الله» … والبواخر: «صفقة» مريبة بالتراضي

تعرّضَ الداخل اللبناني لهزّةٍ سعودية عبر تغريدةٍ أطلقَها أمس وزير الدولة السعودي لشؤون الخليج ثامر السبهان على صفحته الرسمية في موقع التواصل الاجتماعي، وقال فيها: «ما يفعله حزب الشيطان من جرائم لا إنسانية في أمّتِنا سوف تنعكس آثارُة على لبنان حتماً، ويجب على اللبنانيين الاختيار معه أو ضدّه. دماء العرب غالية». وعلى الحدود الجنوبية، بدأ الجيش الإسرائيلي مناوراتٍ هي الأضخم منذ 19 عاماً، بمشاركة الآلاف من قوات الجيش وجنود الاحتياط من القوات البرّية والجوّية والبحرية. وذكرَت وسائل إعلام إسرائيلية أنّ المناورات ستستمرّ 11 يوماً، وأنّها «تُحاكي فيها عمليات إجلاء المدن وصدّ عمليات التسلّل عند الحدود من قبَل «حزب الله» والهجوم على لبنان بالإضافة إلى إبطال عمل خلايا التجسّس». وتحدّثت عن مشاركة العشرات من الطائرات الحربية، وطائرات من دون طيّار في هذه المناورات.

في سياق تغريدة السبهان كشفَت مصادر ديبلوماسيّة لـ«الجمهورية» أنّ الرياض تعتبر أنّ «حزب الله» «هو حزب شيطاني وإرهابي قتلَ ودمّر ودرّب في مختلف الدول العربية، ويجب أن يتحمّل نتائج عمله هو ومَن يعمل معه أو يتحالف».

وأعربَت هذه المصادر عن اعتقادها في «أنّ لبنان سيدفع ثمنَ جنونِ الحزب غالياً إذا لم يواجَه هذا الحزبُ داخليّاً». وأكّدت «أنّ موقف المملكة الذي عبَّر عنه السبهان موجّه إلى كلّ لبناني حر يرفض القمع والإرهاب».

هذه التغريدة جاءت لافتةً للانتباه في مضمونها الهجومي العنيف على «حزب الله»، كما في توقيتها الذي يأتي على مسافة أيام من زيارة السبهان نفسِه إلى بيروت ولقائه مجموعةً من الشخصيات، وعلى مسافة أيام من الخطاب الأخير للأمين العام لـ«حزب الله» السيّد حسن نصرالله، وإعلانه «الانتصار» على «داعش»، وكذلك في تزامنِها مع إعلان المتحدّث باسمِ الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي أمس، أنّ وفدين من السعودية سيقومان بزيارة إلى إيران لتفقّدِ الأماكن الديبلوماسية.

على أنّ النبرة العالية لهذه التغريدة تفرض التوقّفَ عندها مليّاً، إذ إنّ مضمونها بدا أقربَ إلى صندوق بريد برسائل تبدو موجّهةً في آنٍ واحد في إكثر من اتّجاه، سواء إلى من تَعتبرهم المملكة خصومها، وكذلك إلى حلفائها بمن فيهم حلفاؤها القريبون جداً منها.

والسؤال الأساس الذي تفرضه يتمحور حول ما إذا كانت تؤشّر إلى سياسة سعودية جديدة في لبنان عنوانُها المواجهة المباشرة مع «حزب الله»، ومع من يقف معه ومن يجاريه أو يُساكنه ويتعايش معه. حيث إنّ مضمون التغريدة لا يحمل سوى تفسيرٍ بسيط يخيّر اللبنانيين بين أمرين: من معنا معنا ومن مع «حزب الله» مع «حزب الله».

ولعلّ الآتي من الأيام هو الذي سيحدّد حجم ارتدادات هذه التغريدة وتداعياتها على الداخل اللبناني، وتحديداً على الحكومة التي يرئسها الرئيس سعد الحريري، وما إذا كانت ستتأثّر بهذا التوجّه السعودي الجديد، أم أنّها ستبقى في منأى عنه؟

سياسياً، يُفترَض أن تعود العجَلة السياسية إلى الدوران مجدداً، والتصدّي لمجموعة الملفات المرحَّلة إلى ما بعد العيد. ويشكّل ملف العسكريين الشهداء البندَ الاساس للبتّ به نهائياً، وتحديد هوياتهم ربطاً بصدور نتائج الـ«D N A».

وأكّدت مصادر مواكبة لهذا الموضوع لـ«الجمهورية» انّ ظهور النتائج بات وشيكاً جداً، والمسـألة يمكن ان تُقاس بالساعات لا أكثر، مشيرةً في الوقت ذاته الى انّها تلتقي مع ما قاله المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم من انّ الجثامين الخاضعة لفحوص الـ«D N A»، هي من شِبه المؤكد تعود للعسكريين الثمانية.

يتوازى ذلك، مع معلومات ترجّح قربَ انطلاقِ عملية التحقيق التي دعا إليها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لجلاء بعض الملابسات المحيطة بما جرى في 2 آب 2014 ومصير العسكريين.

ولكن على الرغم من هذه المعلومات، فثمّة تساؤلات كثيرة تُثار حول هذه المسألة، وخصوصاً حول الجهة التي ستتولّى التحقيق، هل هي جهة مدنية أم جهة عسكرية أم جهة قضائية مدنية أم عسكرية؟ وكذلك حول هذا التحقيق، وهل هو ميداني أم عسكري محصور، أم أنه تحقيق أوسع يتخطى العسكري الى السياسي؟ والأهم، الى أين سيصل هذا التحقيق، إن بدأ في تحديد المسؤوليات؟ وماذا بعد تحديد هذه المسؤوليات؟

مناقصة البواخر .. مخالفة

ولعلّ الملف الاكثر سخونةً، هو ملفّ بواخر الكهرباء الذي ينذِر باشتباك حكومي سياسي حوله، ربطاً بالتقرير الذي اعدّته ادارة المناقصات حول دفتر الشروط الجديد، وأحالته الى وزير الطاقة سيزار ابي خليل بعد ظهر الخميس، متضمّناً سلسلة من الثغرات القانونية التي تَحول دون وضعِه موضع التنفيذ.

وجاء في تقرير إدارة المناقصات: «من التدقيق في دفتر الشروط الخاص بالصفقة، ومن خلال تجربة استدراج العروض الملغى، يتبيّن وجود مؤشرات جدّية توصل إلى عارض وحيد، منها على سبيل المثال: مهل التنفيذ 3 أشهر و6 أشهر، ومهلة تقديم العروض 21 يومًا، وخيار التشغيل HFO/Diesel… وإنّ دفتر الشروط المعروض لا يستجيب لمبادئ العلنية والمنافسة والمساواة وتكافؤ الفرص على نحوِ ما سبق تبيانُه، ويخالف أحكام قانون المحاسبة العمومية، سيّما لناحية مهلة الإعلان وشروط الاشتراك في المناقصة». (نص التقرير ص 11 ـ 12 ـ 13)

أبي خليل

وفي إشارة إلى ملاحظات غير مرضية لفريق المناقصة، حدَّد وزير الطاقة سيزار أبي خليل لـ«الجمهورية» النقاط التالية:

أوّلاً، الملاحظات التي وضَعتها هيئة إدارة المناقصات على دفتر الشروط لا تُلزم وزير الطاقة وفق قانون المحاسبة العمومية.

ثانياً، نموذج دفتر الشروط الذي أرسلته إلى الهيئة، هو نفس نموذج دفتر الشروط الذي استعملناه في مناقصة معامل الزوق والجيّة ودير عمار ووافقت عليه إدارة المناقصات، وبالتالي، كلّ ملاحظة توضَع اليوم تدلّ على وجود تدخّلات سياسية في ملفّ الكهرباء، لأنّ إدارة المناقصات سبق أن وافقت على الشروط نفسِها.

ثالثاً، من خلال قراءة هذه الملاحظات يتبيّن أنّها قالت الشيءَ ونقيضَه.

رابعاً، ملاحظات هيئة إدارة المناقصات تبلّغتها بعد ظهر الخميس فوزّعتها على فريق العمل لكي يطّلع عليها في نهاية الاسبوع، وسنجتمع الثلثاء (اليوم) لتقييمها، فإذا وجدنا ما يمكن أخذه في الاعتبار سنفعل، لكن من الواضح وجود ملاحظات خاطئة، وهي ناجمة إمّا من عدم إحاطة تقنية بالموضوع، أو من سوء نيّة وتدخّلات. وبناءً عليه، أرسل جوابي إلى رئيس هيئة ادارة المناقصات لتنفيذ قرار مجلس الوزراء الذي وافقَ على دفتر الشروط.

ودعا أبي خليل اخيراً، من يعترض على خطة الكهرباء «إلى الاعتراض علناً، لا الاختباء وراء موظف».

المعارضون

وفيما جدّد حزب الكتائب أمس مطالبتَه المجلس النيابي بتشكيل لجنة تحقيق برلمانية لكشفِ كلّ ملابسات صفقة البواخر، قالت مصادر وزارية لـ«الجمهورية»: «ما نخشاه في مناقصة البواخر، ان تكون خلف الأكمة محاولة واضحة لنصبِ كمينٍ، يوصل في نهاية الامر الى تحقيق ما رمى اليه اهل المناقصة من البداية، اي الوصول الى صفقة بالتراضي لصالح عارضٍ وحيد هو الشركة التركية، التي تبيّنَ انّ دفتر الشروط الثاني «مدوزَن»على مقاسها».

وأضافت المصادر: «ما وفّرته حلقات مسلسل «مناقصة البواخر» من معلومات وتفاصيل ومناورات وأساليب، يكشف عن عيوب في الممارسة تخفي نيّات غير بريئة، وإصراراً على إجراء صفقة باتت مقاصدُها وغاياتها معروفة.

وما عزّز الريبة اكثر هو أنّ صياغة قرار مجلس الوزراء تاريخ ٢٤ آب ٢٠١٧، المتعلّق بإحالة دفتر شروط مناقصة البواخر، قد جاءت مخالفةً لِما تمَّ الاتفاق عليه في جلسة الحكومة، وبعيدةً من تصريحات الوزراء المعترضين. وباستباق مجلس الوزراء دورَ إدارة المناقصات من خلال تحديد التعديلات المطلوبة سلفاً، وبمحاصرتها بمهلةٍ ضيّقة حدّدها بـ ٤٨ ساعة مخالفةٌ واضحة لقانون المحاسبة العمومية ولنظام المناقصات».

وتساءلت المصادر الوزارية :»كيف يمكن ان يُعدّ في هذه المناقصة دفتر شروط منسوخ عن دفتر شروط معمل دير عمار القديم، بكلّ ما انطوى عليه من التباسات أدّت إلى ما أدّت إليه من نتائج سلبية لم يظهر منها الى العلن سوى قضية الضريبة على القيمة المضافة، حيث يبدو أنّنا مع المناقصة الجديدة، أمام احتمال تكرارها والوقوع في نفس الفخّ، لا سيّما وأنّ العقد المرفق بدفتر الشروط يحدّد سلفاً نوع التكليف الضريبي واحتساب التوقيفات والمقتطعات الضريبية، التي تدخل ضمن اختصاص القانون الضريبي، حصراً دون سواه؟»

وقالت المصادر: «إنّ هذا الأمر لا بدّ أن يشكّل في مجلس الوزراء نقطة اشتباك جديدة، وسنسعى جهدنا لإيقاف هذا المسلسل الذي حدّد سلفاً طريقه إلى إفقار خزينة الدولة على حساب مصالح خاصة بعقدِ صفقاتٍ مشبوهة مع شركة تُثار حولها علامات استفهام. وما نحن امامه اليوم هو استدراج عروض جديد يجري في هذا الاتجاه وعلى أساس دفتر شروط «مدوزَن» على قياس «كاردينيز». والخشية من عملية احتيالية تجري بسيناريو

مفترَض يُبقي على الصفقة حيّة، بحيث يَعمد مجلس الوزراء الى ان يجيزَ لنفسه التعاقد بالتراضي مع العارض الوحيد الموجود، اي الشركة التركية، بحجّة الفشل في الوصول الى نتيجة إيجابية من إجراء استدراج العروض مرّتين متتاليتين»؟

ولفتَت المصادر الوزارية الى «أنّ مسؤولية وقفِ هذه المسرحية الملهاة تقع على الوزراء المعارضين لهذه الصفقة، وخصوصاً وزراء «حزب الله» وحركة «أمل» و«القوات اللبنانية» و«المردة» و«اللقاء الديموقراطي»، قبل أن تؤدّي الى مأساة لا تُحمد عقباها، في ظروف لم تعد فيها الماليّة العامة قادرةً على دفع أيّ أثمان قد تترتّب عن الدلعِ السياسي الذي آنَ الأوان لوقفِه، وكذلك وقف الاستخفافِ بعقول الناس وحقوق المواطنين، والاستهتارِ بالقوانين الذي يفترض محاسبة المسؤولين عنه».

الأقساط

في غضون ذلك، يبدو أنّ العام الدراسي الجديد قد وضِع فوق برميل بارود الأقساط المدرسية التي عمدت إليها بعض المدارس، ودفعت لجانَ الأهل إلى التلويح بخطوات تصعيدية لمواجهة هذه الخطوة التي تهدّد الأمنَ الاجتماعي.

وما يزيد من اندفاع الأهالي الى التصعيد هو أنّ بعض المدارس بدت أنّها غير عابئة بصرخات الناس جرّاء العبءِ الذي تُلقيه عليهم هذه الزيادات. ومِن هنا جاء تأكيد لجان الأهل على القيام بتحرّكات احتجاجية تصل الى حدّ النزول الى الشارع، الأمر الذي قد يهدّد العام الدراسي.

وشكّل هذا الأمر محورَ متابعة لدى وزير التربية مروان حمادة الذي يحاول ان يحتوي هذه المسألة، ويشدّد على الحوار. وقد التقى أمس لجانَ اتّحاد المؤسسات التربوية الخاصة ونقابة المعلمين ومجالسَ الاهل، وشدّد على انّ اعتماد المدارس أيَّ رسوم جديدة يجب أن يأتي ضمن القسط السنوي للمدرسة، ودعا إلى انتظار القرار النهائي للمجلس الدستوري في موضوع الضرائب، وإلى عدم التسرّع نحو خطوات تصعيدية.

«عين الحلوة»

وفي الملف الامني، قال مصدر امني لبناني رفيع لـ«الجمهورية»: «إنّ وضع مخيّم عين الحلوة صار على نار حامية جداً، وفي الايام القليلة الماضية، وحتى خلال عطلة عيد الاضحى، تمّ ابلاغ قيادات وممثلي الفصائل الفلسطينية في المخيم رسائلَ لبنانية شديدة اللهجة، وتحديداً من قبَل الجيش اللبناني بأنّ الوضع في هذا المخيّم لم يعد مسموحاً القبول باستمراره، بحيث يشكل نقطة توتيرٍ دائم مع جواره ومصدراً لخلقِ الفتنة وتهديد أمن اللبنانيين والفلسطينيين على السواء، فضلاً عن كونه يشكّل ملاذاً لأخطر المطلوبين والرؤوس الكبيرة للإرهابيين».

ولفتَ المصدر الامني الى «أنّ الطلب الأساس الذي تلقّته الفصائل، هو تسليم المطلوبين ولفظهم من داخل المخيّم، وعلى وجه الخصوص بلال بدر وشادي المولوي، مع الاشارة الى جهوزية القوى العسكرية والامنية اللبنانية لوضع هذا الامر في رأس قائمة الاولويات من ضمن جهودها في مكافحة الخلايا الارهابية، التي يحوي مخيّم عين الحلوة اخطرَها، والتي لا بدّ ان تقع في قبضة الجيش والأجهزة الامنية في نهاية المطاف».

وأشار المصدر الى انّ «الجانب اللبناني تلقّى من الفصائل تأكيداتٍ متجدّدة على رفضها الحالات الإرهابية الموجودة داخل المخيّم بدءًا من قتَلة القضاة الاربعة في العام 2000 وصولاً الى بلال بدر وشادي المولوي وغيرهما من الإرهابيين الخطِرين، وكذلك رفضها لحصول نهر بارد ثانية في عين الحلوة بسبب تلك الحالات الإرهابية».

وعلى رغم ذلك ـ قال المصدرـ «إنّنا ننتظر ان يتمّ تسليم المطلوبين في اقرب وقتٍ ممكن، والكرة الآن في ملعب أهل المخيّم وكذلك الفصائل الفلسطينية التي هي الآن في امتحان إثباتِ صدقيتها وإقران قولِها بالفعل».

الرقة ودير الزور

على الصعيد الإقليمي، أعلنَ المتحدّث باسم التحالف الدولي ضد تنظيم «داعش» الكولونيل الأميركي ريان ديلون أنّ فصائل سوريّة مدعومة من واشنطن سيطرَت على المدينة القديمة في الرقة ومسجدها التاريخي مع تقدّمِها في الهجوم على التنظيم المتطرف. وقال ديلون إنّ قوات سوريا الديموقراطية حقّقت مكاسبَ إضافية متماسكة في المنطقة الحضرية من المدينة وتُقاتل من بناية إلى أخرى».

ويأتي ذلك بالتزامن مع تقدّمٍ ميداني ملحوظ حقّقته قوات النظام السوري وحلفاؤه في دير الزور.