IMLebanon

مانشيت:الحريري: لبنان محطة لإعمار سوريا… والأمــن والإنتخابات يتصدّران

يطلّ عيد الصليب اليوم فيما لبنان ما يزال ينتظر الخلاص وهو المعلّق على خشبة أزماته السياسيّة والأمنية والإقتصاديّة والإجتماعيّة التي لا تنتهي. وعلى رغم الاهتمام بالتطوّرات الإقليمية والدولية المتلاحقة وفي مقدّمها الأزمة السورية وما يمكن أن تتركه من انعكاسات على لبنان، فإنّ ملفّ الانتخابات النيابية عاد يتصدّر الواجهة في ضوء مواقف رئيس مجلس النواب نبيه بري الداعية إلى إجرائها قريباً، والتي استتبعها أمس بدعوته إلى إجرائها حتى خلال الشتاء إذا لم تعتمد البطاقة الممغنطة التي كان التمديد للمجلس بهذه المدّة الطويلة التي تنتهي في أيار 2018 لسبب إفساح المجال لإنجازها. ومِن المنتظر أن يضع مجلس الوزراء اليوم هذا الملف «على مشرحته» من خارج جدول أعماله، في الوقت الذي أعلنَ وزير الداخلية نهاد المشنوق عبر «تويتر» أنّ مشروع مرسوم «هيئة الإشراف على الانتخابات» موجود في الأمانة العامّة لمجلس الوزراء منذ مدة، وسيناقَش في الجلسة اليوم من خارج جدول أعمالها. كذلك سيناقش مجلس الوزراء ما سينقله رئيس الحكومة سعد الحريري إليه من معطيات حول نتائج محادثاته في سوتشي مع القيادة الروسية وعلى رأسها الرئيس فلاديمير بوتين، وكان اللافت في ما أعلنَه الحريري من هناك أنّ لبنان سيكون محطة لإعادة إعمار سوريا عندما ينجَز الحلّ السياسي فيها. ويُنتظر أن يناقش المجلس أيضاً موضوع المناورات الإسرائيلية على حدود لبنان الجنوبية والتي تقرَّر تقديم شكوى لمجلس الأمن في شأنها. وقد أنهت إسرائيل أمس هذه المناورات التي تحاكي حرباً جديدة يمكن أن تندلع مع «حزب الله».

على وقعِ الاهتمام بالملف الانتخابي انشدّت الأنظار أمس إلى مدينة «سوتشي» الروسية على البحر الأسود حيث أجرى الحريري مع بوتين محادثات تناولت آخر التطورات في لبنان والمنطقة وسبلَ تطوير العلاقات الثنائية في المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية وتسليح الجيش.

وأكد الحريري أنّ بوتين «يدعم» تحييد لبنان بمقدار كبير، خصوصاً أنّ لبنان تمكّنَ من حماية نفسه من كلّ التداعيات التي حصلت حوله، وقد اظهَر انّ السبيل الى الاستقرار هو التفاهم السياسي الموجود فيه».

وأعلنَ الحريري انّ لبنان سيكون محطة في إعادة إعمار سوريا، «فهناك مرفأ طرابلس وخطة للسكك الحديد ومطارات يمكن إنشاؤها، وإلى ان ينجَز الحلّ السياسي في سوريا عندها قد يكون لبنان محطة لإعادة إعمارها».

وقال: «نتطلّع الى الشركات الروسية لتستثمر في مشاريع عدة في لبنان، وهناك شركات عدة لديها مشاريع بالنسبة الى التنقيب عن الغاز ولديها فرصٌ حقيقية للنجاح». وإذ أوضَح انّ لدينا خطة للاستثمار في البنى التحتية، شجّع الشركات الروسية للاستثمار فيها.

إلغاء الاحتفال

وفي انتظار ترجمة نتائج زيارة الحريري لروسيا، ووسط استعدادات قيادة الجيش لتكريم الوحدات التي شاركت في عملية «فجر الجرود» في احتفال يقام السبت المقبل في قاعدة رياق الجوّية، انشغلت الأوساط السياسية بإعلان الدولة انّها لـ»أسباب لوجستية بحتة» أجّلت الاحتفال بالانتصار الذي كان مقرّراً مساء اليوم في ساحة الشهداء، وبالبحث عن الأسباب الحقيقية وخلفيات هذا التأجيل ـ الإلغاء

الجميّل

وأسفَ رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل «لإلغاء الاحتفال الشعبي بانتصار الجيش اللبناني» معتبراً «أنّ ما حصل هو استكمال من جانب السلطة السياسية لحرمان الجيش والشعب اللبناني من الثمار الوطنية والمعنوية للانتصار والتضحيات».

وقال لـ«الجمهورية»: «الحجّة الرسمية التي تحدّثَت عن اسباب تقنية، لا تليق بدولة عندها من القدرات والإمكانات ما يمكّنها من تنظيم مِثل هذا الاحتفال. أمّا ما سُرّب عن مخاوف من خروق امنية فهو جزء من المحاولات المستمرّة لضرب معنويات الجيش وإظهاره غيرَ قادر على ضبط أمنِ منطقة الاحتفال».

وأضاف: «نرفض الحجج التي برّرت من خلالها السلطة إلغاءَ الاحتفال، ونَعتبر انّ ذلك عائد في الواقع الى انّ الشعب كان سيُعبّر بنحوٍ جارف عن ثقته بالجيش وتمسّكِه بمرجعية سلاحه الحصرية في الدفاع عن لبنان، وهو ما كان سيُعرّض اهلَ السلطة لمزيد من الانكشاف والإحراج ويُظهر مدى الهوّة التي تفصل بينهم وبين الشعب اللبناني. فيوماً بعد يوم، تثبت هذه السلطة عجزَها وتقاعُسَها وتواطؤَها، ويوماً بعد يوم تكبر الحاجة الى رحيلها لإنقاذ القرار الوطني الحر واستعادة السيادة الوطنية وتثبيتِ مرجعية الدولة».

حمادة

وفيما غرّد رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط عبر «تويتر» قائلاً: «قرّر البعض الاحتفالَ بالانتصار، ثمّ تراجعوا عنه. تخبُّط ما بَعده تخبّط، يعكس الضَياع وغيابَ رؤية واضحة لإدارة الدولة في أبسطِ الأمور»، قال الوزير مروان حمادة لـ«الجمهورية»: «لم نُبلَّغ أصلاً بالاحتفال إلّا بمؤتمر صحافي دفاعي ـ سياحي، ولا نعرف أسبابَ إلغائه، وغالبُ الظنّ أنّه يُعبّر عن التخبّط الذي ساد المواقفَ الرئاسية والقيادية، قبل عمليتَي عرسال ورأس بعلبك وخلالهما وبعدهما».

وأضاف: «عندما تكثر محاولات استغلال الجيش الذي وقفَ موقفاً مشرّفاً ولكنْ تنازَعته بعد ذلك الطموحات والأحقاد، تظهَر مجدّداً مفارقة الدولتين. وفي كلّ الحالات كثرةُ الطبّاخين تُفسد الطبخة، وهذا ما يدلّ على أنّ «الثلاثية المقدّسة» سبب مستمرّ للانقسام الوطني».

شمعون لـ«الجمهورية»

وقال رئيس حزب «الوطنيين الأحرار» النائب دوري شمعون: «لم أكن أعلم أصلاً باحتفال في ساحة الشهداء لكي أعرف لماذا أُلغِي، فلا فكرة لديّ ولم أُحاول أن أستفسر، إذ كنتُ منشغلاً بأمور أُخرى. ثمّ لا أعتقد أنّ إقامة مهرجان للانتصار ضرورية، فالجيش قام بوظيفته و«كتّر خيرو» وانتصَر».

وأضاف: «لن أرتاح قبل ان يمتدّ القرار 1701 إلى طول الحدود «الفالتة» والتي يدخل عبرها ويخرج من يشاء. صحيح أنّ الحكم في سوريا يمكن ان يبقى على ما هو عليه، لكن بالنسبة إليّ هذا ليس ضماناً أبداً».

وعزا شمعون سببَ بقاء الحكومة إلى «عدمِ رغبة أحد بافتعال خضّة كبيرة في لبنان»، وتوقّفَ عند غزل «حزب الله» للحريري وقال: «لا لزومَ لأن يتكلّم «حزب الله»، فسياسته نعرفها جيّداً وهي تنفيذ سياسة إيران، وإيران عنده اوّلاً ولبنان ثانياً». وأبدى اعتقاده بأنّ الحريري «يحاول قدر الإمكان استعمالَ بعضِ الصداقات، كالصداقة الروسية ـ الايرانية والروسية ـ السورية لكي لا تنعكسَ سلباً على مصلحة لبنان».

سعيد لـ«الجمهورية»

وأكّد النائب السابق الدكتور فارس سعيد لـ«الجمهورية» أنّ الاسباب التي قدّمها وزير الدفاع لتأجيل الاحتفال «غير مقنِعة، إذ كان قد أعلن بنفسه أنّ كلّ التحضيرات اللوجستية باتت منجَزة، وبالتالي لا يمكن ان يقدّموا لنا تبريراً لوجستياً لسببٍ ليس بلوجستي.

فالإعلان عن الاحتفال وإرجاؤه أو إلغاؤه، يؤكّد مجدداً انهيارَ هيبة الدولة وصورتها وتكبيرَ صورةِ الميليشيا، وما جرى يؤكّد انّ كلفة التسوية التي أُبرِمت منذ انتخاب الرئيس عون حتى اليوم هي أكبرُ بكثير من المردود الإيجابي لها». وخَتم: «مهما كانت التبريرات والاسباب، في المحصّلة نجَح «حزب الله» في إقامة احتفالِ النصر في بعلبك وفشِلت الدولة في إقامة احتفال النصر في بيروت».

«القوات»

وأوضَحت مصادر «القوات اللبنانية» لـ«الجمهورية» أنّ وزراءَها «سيطرحون وبقوّة» في جلسة مجلس الوزراء اليوم موضوع تأجيلِ أو إلغاء احتفال الانتصار، «لمعرفة الاسباب الحقيقية وراء هذه الخطوة المفاجئة التي صَدمت «القوات» والرأيَ العام اللبناني الذي كان ينتظر هذه المناسبة للاحتفال بالنصر رغبةً منه في الوقوف صفّاً واحداً موحّداً وراء الجيش وعَلمِ لبنان، تحقيقاً لانتصارٍ حقّقه بالدم وأكّد أنه قادر وحده على حماية الحدود والسيادة بعيداً من ازدواجية السلاح.

وبالتالي هناك من لا يريد تعزيزَ هذه الصورة وضربَ هذه المشهدية من خلال إلغاء الاحتفال الذي كان سيؤكّد، خلافاً لكلّ ما قيل، أنّ الرأي العام اللبناني غيرُ منقسم بين 8 و14آذار، فالانقسام كان حول: من هو مع الدولة ومن هو مع الدويلة، فيما هذا الانتصار هو لكلّ شعب لبنان، و8 و14 آذار ستقفان صفّاً واحداً خلف الجيش والدولة والانتصار المحقّق، وبالتالي ساحة الشهداء كانت ستتوحّد تحت الفكرة اللبنانية، وكانت مناسبة لتأكيد أنّ مهرجان «حزب الله» وكلّ ما يقوم به الحزب يشكّل مناخاً انقسامياً، بينما ما تقوم به الدولة والجيش يوحّد اللبنانيين ويشكّل جسرَ عبور بين 8 و14 آذار ومساحة تلاقٍ حول عناوين وطنية كبرى».

وذكّرَت المصادر نفسُها بكلام رئيس «القوات» في موضوع التنسيق مع سوريا في ذكرى «شهداء المقاومة اللبنانية»، حيث أكّد «أنّ هذا الموضوع مرفوض رفضاً باتاً من قريب ومن بعيد، ولوَّح في حال الإصرار على هذا الطرح بوضعِ إلغاء معاهدة الأخوة والتعاون والتنسيق برُمّتها على طاولة مجلس الوزراء».

وقالت: «إنطلاقاً ممّا تقدَّم فإنّ «القوات» لن تسمح بإمرار أيّ تنسيق تحت غطاء رسمي وحكومي لأنّ هذا الموضوع خطّ أحمر ولا يَحلمنَّ أحد أنّه يمكن إمراره بالقضمِ أو بالتحايل أو بالفرض».

مصدر معارض

مِن جهته، قال مصدر سياسي معارض: «إنّ الحكومة ألغَت الاحتفال بانتصار الجيش في ساحة الشهداء لأنّها خافت من مشهد 14 آذار جديد. وقال لـ«الجمهورية»: «في 8 آذار 2005 نظّم «حزب الله» احتفالاً لشكرِ سوريا، فردّ اللبنانيون في 14 آذار بتظاهرة مليونية رَفعت شعار «حرّية، سيادة، استقلال».

وقبل أيام أعاد «حزب الله» السيناريو نفسَه في بعلبك مصادِراً انتصارَ الجيش اللبناني وكان الشعب اللبناني يستعدّ للردّ في احتفال النصر في ساحة الشهداء بشعار «ما بَدنا جيش بلبنان إلّا الجيش اللبناني»، فعَمدت حكومة الصفقة إلى إقفال الطريق على الشعب اللبناني للتعبير عن تمسّكِه بالسلاح الشرعي ورفضِه سلاحَ «حزب الله».

الملفّ الأمني

أمنياً، أوقفَت قوّة من مخابرات الجيش في بلدة عرسال السوري خالد فياض برو، وهو ينتمي إلى تنظيم «داعش» الإرهابي، والمتّهم بتفخيخ سيارات والإعداد لعمليات انتحارية.

ودهمت هذه القوة «مخيّم النور» في عرسال، والمعروف بـ«مجمع أبو طاقية الصناعي»، وأوقفَت ثلاثة مطلوبين بينهم لبنانيان أحدُهما من آل أمون وآخر من آل الحجيري من عرسال، وثالث سوري، وجميعُهم على علاقة بالتنظيمات الارهابية، وضَبطت في داخل المجمّع كمّية من الأسلحة المتوسطة والخفيفة والذخائر، وكمّية من الأقنعة والأمتعة العسكرية المختلفة.

وعلمت «الجمهورية» أنّ توقيف برو جاء نتيجة المتابعة وتوافرِ معلومات عنه، خصوصاً أنّ اسمه ورَد في تحقيقات عدة وهو مطلوب، وحدّد الجيش مكانَه ودهَمه.

أمّا بالنسبة الى مجمّع «أبو طاقية»، فالعملية جاءت نتيجة الضغط المتزايد عليه وبعدما بات ملفّه أمنياً وليس عسكرياً، إلى حين تحديد مكان وجوده كونه متوارياً، ونتيجة اعترافات حول مخابئ الأسلحة في عرسال التي تبيّنَ أنّ المجمع الذي دوهِمَ كان إحداها، إضافةً إلى أسماء مطلوبين اعترف بها موقوفون آخرون».

وفي المعلومات أنّ عرسال ستشهد هذا النوعَ من العمليات في الفترة المقبلة نتيجةً لاعترافاتٍ، بعضُها جديد وآخر قديم، إلّا أنّ الظروف لم تكن تسمح بالإقدام عليها في الفترة السابقة، أمّا اليوم فالوضع مناسب ولم يعُد هناك عمل بالمعنى العسكري المباشر، بل بات أمنيّاً، سواء داخل المخيّمات أو في عرسال.

صفقة «داعش»

من جهةٍ أخرى، أعلن قائد في التحالف العسكري الموالي لدمشق أنّ الحافلات التي أقلّت مقاتلي «داعش» من الحدود اللبنانية – السورية وصَلت إلى منطقة خاضعة للتنظيم في دير الزور مقابل إطلاق سراح أسير «حزب الله» أحمد معتوق.