Site icon IMLebanon

 التحذيرات الدولية تتوالى… والجيش يُحبط عملاً إرهابياً ويُوقف 19 متورِّطاً

نحّى الهاجس الأمني كلّ الملفات الاخرى جانباً وتربّع على سطح المشهد الداخلي، وفعلت التحذيرات الدولية التي توالت على يومين متتالين، وخلقت بلبلة داخلية ورفعت منسوب القلق لدى اللبنانيين من ان يكونوا أهدافاً لعمليات ارهابية خطيرة، وهو الامر الذي دفع العديد من السياسيين الى إلغاء نشاطات كانوا ينوون القيام بها نهاية الاسبوع الحالي، خصوصاً انّ النبرة الحازمة التي تضمنتها هذه التحذيرات الى رعاياها في لبنان، بَدت وكأنها مبنية على معطيات امنية شديدة الخطورة حول استهداف مراكز حيوية وتجمّعات في لبنان، ووصلت الى حد تحديد موعد حصول عمل إرهابي خلال الساعات الثماني والاربعين المقبلة. ويأتي ذلك في وقت تمكّن الجيش من كشف خلية لـ»داعش» في مخيم عين الحلوة كانت تعد لعملية إرهابية، وألقى القبض على 19 متورطاً. وامّا في السياسة، فيبدو انّ البلد دخل في حال من الاسترخاء السياسي، تتجاذبه الفكرة التي طرحها رئيس المجلس النيابي نبيه بري بتقصير الولاية الممددة للمجلس وإجراء الانتخابات النيابية في الشتاء المقبل، طالما انّ اعداد البطاقة الممغنطة التي فرضها القانون الانتخابي الجديد معطّل وغير قابل للتحقيق.

بعد التحذيرات التي أطلقتها الولايات المتحدة الاميركية وكندا لرعاياهما في لبنان قبل يومين، انضمّت فرنسا الى التحذير امس، عبر رسائل نصيّة قصيرة بعثت بها القنصلية الفرنسية الى الرعايا الفرنسيين تدعوهم فيها الى «تنبه استثنائي عند ارتياد الأماكن العامة، نتيجة وجود خطر أمني خلال الساعات الـ48 المقبلة»، من دون ان تحدد ماهية هذا الخطر وحجمه، والجهة التي تقف خلفه، والموقع الذي سيستهدفه، على غرار ما ورد في التحذير الاميركي الذي حدّد كازينو لبنان كهدف محتمل لعمل إرهابي.

وبَدا جلياً انّ هذه التحذيرات – التي اتبعتها الامم المتحدة وقيادة اليونيفيل بتحذيرات مماثلة، وتردد في سياقها ايضاً انّ المانيا وجّهت تحذيراً لرعاياها والانتباه في تنقلاتهم في لبنان – لم تأت من فراغ، وقد أكدت على ذلك مراجع معنية بالأمن، ولا سيما وزير الداخلية نهاد المشنوق، الذي أكد في بيان له انّ «تحذير السفارات الغربية في لبنان مبني على معلومات من أحد اجهزة الاستخبارات الاجنبية، والاجهزة الامنية تقوم بمتابعتها للتحري عن صحتها ودقتها ولا داعي للخوف لتضخيم الخبر».

وكان لافتاً بيان قيادة الجيش مساء امس، الذي كشفت فيه عن إحباط عمل ارهابي كان يخطط تنظيم «داعش» للقيام به، وتوقيف 19 شخصاً على صِلة بهذا الامر.

وجاء في البيان: «على أثر توافر معلومات لمديرية المخابرات عن قيام خلية تابعة لتنظيم داعش الإرهابي، يترأسها المصري فادي إبراهيم أحمد علي أحمد الملقّب بـ»أبو خطاب»، المتواري داخل مخيم عين الحلوة، بالتخطيط والتحضير للقيام بعمل إرهابي، قامت مديرية المخابرات بتنفيذ عدة عمليات دهم، أدّت إلى توقيف 19 شخصاً لارتباطهم بشكل أو بآخر بالخلية المذكورة، ولا تزال التحقيقات مستمرة مع الموقوفين بإشراف القضاء المختص. وقد اتخذت وحدات الجيش التدابير الاحترازية اللازمة».

مرجع عسكري

وقال مرجع عسكري لـ«الجمهورية» انّ هذه التحذيرات استرعَت الاهتمام، ونتعاطى معها بمنتهى الجدية، ولا تزال مديرية المخابرات تقوم بتدابيرها الامنية الاستباقية لمنع حدوث اي خلل أمني في كافة المناطق اللبنانية.

وأكد المرجع «انّ الوضع الامني مقبول وممسوك، والجيش بعد معارك الجرود رفع من جهوزيته في المعركة الامنية مع الارهاب، وكثّف في الآونة الاخيرة من حضوره الامني، ومديرية المخابرات مع سائر الاجهزة الامنية تعمل بأقصى طاقتها في ملاحقة الخلايا الارهابية.

الى ذلك، كشف مصدر عسكري رفيع لـ«الجمهورية» أنّه «تواردت معلومات عن وجود شبكة كبيرة من «داعش» كانت على وشك تنفيذ تفجيرات إرهابية وإستهداف مراكز تجارية ومرافق سياحيّة، وقد تمّ كشفها بعد تقاطع معلومات بين المخابرات الأميركيّة والجيش اللبناني»، لافتاً الى أنّ «التعاون يجري بين المخابرات اللبنانية والأميركيّة والبريطانية وبقيّة الأجهزة العالمية من أجل القضاء عليها وتوقيف عناصرها»، موضحاً أنّه «تمّ إبطال مفعول الشبكة بعد التمكّن من كشف مخططاتها، لكنّ مستوى الإستنفار الإستخباراتي بلغ الذروة خصوصاً انّ المخابرات الأميركية دعت المخابرات اللبنانية الى أخذ الحيطة والحذر لأنّ «داعش» قد يحاول الضرب في لبنان».

وأكد المصدر العسكري أن «لا شيء يدعو الى الخوف والهلع لأنّ الأجهزة الأمنية مستيقظة ومستنفرة وتفكك الشبكات، والتدابير الأمنية مرتفعة، لكنّ الحيطة واجبة».

وبحسب معلومات لـ«الجمهورية»، فإن «خطة أمنية نفّذت أمس، فانتشر الجيش في الأماكن التي قد تكون عرضة للاستهداف، ولا سيما في الأماكن العامة والتي تشهد تجمعات، لكن لا معلومات أكيدة عن استهداف لمكان محدّد.

وأوضحت أنّ «الأجهزة المعنية في الدولة تتابع مع نظيراتها في الخارج المعلومات والتحذيرات، وأنّ الجيش أساساً مستمر بإجراءاته التي بدأت منذ ما قبل معركة الجرود لأنّ المعركة لم تنتهِ بدحر الإرهابيين في ظل وجود خلايا نائمة في الداخل، ما يتطلّب وعياً من المواطنين وضرورة التعامل مع الأجهزة لتفويت أي فرصة على الإرهابيين لتمرير مخططاتهم».

وكشفت المعلومات أنّ «الإجراءات لا تشمل فقط السيارات المفخخة والإنتحاريين، بل تأخذ بعين الإعتبار كل الأساليب التي قد يلجأ الإرهابيون إليها كعمليات الدهس والضرب بالسكاكين وغيرها».

باسيل

الّا انّ ما استرعى الانتباه حول التحذيرات الدولية، هو بيان وزارة الخارجية الذي اكد انه «على كافة السفارات الاجنبية في لبنان الأخذ بعين الاعتبار الهلع الذي تسبّبه البيانات التحذيرية على كافة المقيمين اللبنانيين والاجانب».

وجاء هذا البيان مقروناً بتغريدة لوزير الخارجية جبران باسيل على حسابه الخاص عبر موقع «تويتر»، حيث قال: «إنّ «تخوّف بعض الدول على رعاياها يسبّب الهلع لكلّ اللبنانيين والأجانب؛ الدولة مُدركة للمخاطر وتتصدّى لها كما تفعل هذه الدول على أرضها».

وحدات «فجر الجرود»

من جهة ثانية، يترأس قائد الجيش العماد جوزف عون صباح اليوم احتفالاً تكريمياً للوحدات التي شاركت في عملية «فجر الجرود» في قاعدة رياق الجوية، بحضور قادة الأجهزة الأمنية وكبار ضباط الجيش وقادة الأفواج التي نفذت العملية. وسيُلقي كلمة في الاحتفال يتناول فيها الظروف التي رافقت العملية العسكرية وحجم الإنتصار الذي تحقق.

وسيوجّه تحية خاصة الى اهالي شهداء الجيش متعهداً بكشف كامل الحقائق المتصلة بالظروف التي أدت الى استشهادهم. وسيؤكد على اهمية وحدة القرار السياسي التي دعمت الجيش في خطواته العسكرية الإستباقية منها وتلك التي نفّذها على الحدود مع سوريا. وسيشّدد على انّ الجيش مصمّم على حماية الحدود ومكافحة الإرهاب أينما وجد.

الملف الانتخابي

سياسياً، شكّل الملف الانتخابي محور الحركة في الساعات الماضية، فانعقدت اللجنة الوزارية المكلفة دراسة تطبيق قانون الانتخاب برئاسة رئيس الحكومة سعد الحريري وحضور الوزراء نهاد المشنوق، جبران باسيل، علي حسن خليل، طلال ارسلان، ايمن شقير، بيار ابي عاصي، محمد فنيش وعلي قانصو والامين العام لمجلس الوزراء فؤاد فليفل.

وعلمت «الجمهورية» انه تمّ الاتفاق على التسجيل الإلكتروني للمنتشرين بهدف تسهيل عملية اقتراعهم. وتقرّر السير بالبطاقة البيومترية، وتمّ تكليف المشنوق البدء بالعمل لتلزيمها وكلفتها تبلغ 140 مليون دولار. علماً انّ «التيار الوطني الحر» كان شدّد على اعتماد البطاقة، وفي حال عدم اعتمادها طلب إجراء انتخابات فورية في غضون شهرين. وظل «التيار»على رفضه للتسجيل المسبق.

وفيما تحدثت المعلومات عن ملاقاة «القوات اللبنانية» «التيار» في هذا الامر بعدما طالبت به في السابق، أوضحت مصادر «القوات» لـ«الجمهورية» ان موقفها وخيارها الاول والاساس هو كالتالي: «نتمسّك بالاقتراع على قاعدة التسجيل المسبق وفق البطاقة القديمة. لكن في حال أصرّت الاطراف كلها على اعتماد خيار آخر الذي هو البطاقة البيوميترية والتسجيل المسبق في الوقت نفسه، عندها نحن مع «البيومترية» من دون تسجيل مسبق.

اذاً، موقفنا اليوم هو ضد «البيومترية»، مع التسجيل المسبق على قاعدة البطاقة القديمة وهذا الخيار الاول. امّا الخيار الثاني فهو: اذا كنّا سنذهب الى «البيومترية» وتسجيل مسبق، عندئذ نحن مع «البيومترية» بلا تسجيل مسبق لأنه لا يجوز تحميل الناس معاناة الذهاب الى أخذ البطاقة ومن ثم الذهاب للتسجيل. وهنا نحمّل وزارة الداخلية مسؤولية التأخير في إصدار «البيومترية» فهذه المسألة يجب ان تكون على عاتقها، وبالتالي عليها ان تؤكد ما اذا كانت قادرة على إنجاز المهمة ام لا».

وقال باسيل ‏عبر «تويتر»: «إتفقنا في اللجنة الوزارية على إطلاق التسجيل الالكتروني للمنتشرين تسهيلاً لاقتراعهم والاقرار في مجلس وزراء الأحد. إنجاز جديد للانتشار، مبروك»!

«الكتائب»

وتوالت المواقف حول الانتخابات النيابية ربطاً بطرح بري. وقال مصدر كتائبي مسؤول لـ«الجمهورية»: «التمديد لمجلس النواب لثلاث مرات كان خطيئة دستورية ووطنية، والانتخابات يجب ان تتمّ في أسرع وقت، وكلما كان وقتها قريباً كلما سمحنا للبنانيين بالتعبير عن آرائهم في اختيار من يمثّلهم وأمنّا لهم حقوقهم الدستورية التي سلبتها منهم السلطة الحاكمة».

وأضاف: «من المستحيل الوصول الى استعادة القرار الوطني الحر والسيادة الوطنية وعمل مؤسساتي سويّ من دون انتخابات نيابية تسمح بوصول دم نيابي جديد يفرز حكومة تعيد الاعتبار للدستور اللبناني في القضايا السيادية، وتبسط سلطتها بقواها الشرعية حصراً على كل الاراضي اللبنانية وتضبط الحدود وتحمي الداخل وتوقف الهدر والفساد، وتحاسب المرتكبين وتضع الانسان المناسب في المكان المناسب، وتؤمن للبنانيين شبكة حماية اجتماعية متكاملة.

وما يهمّ الكتائب هو انتخابات ديموقراطية شفّافة في أقرب فرصة بعيداً عمّا يُحضّر له من آليّات وتركيبات تؤشر الى نيّة السلطة للتحكّم بمسار هذه الانتخابات ونتائجها، سواء كان ذلك من خلال محاولة التحكم بخيارات الناخبين بالبطاقة الممغنطة حيناً او بشرط التسجيل المسبق للناخبين حيناً آخر، او بغيرها من الاساليب التي تحد من حرية الناخب احياناً».

ورأى المصدر «انّ حسن نية السلطة لا يكون بالمواقف والتصريحات والمزايدات التي تتحدث عن تقريب الانتخابات في اطار التجاذبات في ما بين أركانها، وإنما بالخطوات العملية وفي مقدمها إجراء الانتخابات الفرعية في كسروان وطرابلس». وتخوّف «من ان يكون الكلام عن انتخابات عامة قبل ايار المقبل ذريعة لتبرير عدم إجراء الانتخابات الفرعية، على أن يُصار بعد ذلك الى صرف النظر عن تقصير الولاية الممددة للمجلس الحالي والمضي قدماً في البحث عن أساليب للتحكم بنتائج الانتخابات العامة المقبلة».

«القوات»

من جهتها، أوضحت مصادر»القوات» لـ«الجمهورية» انّ إقرار هيئة الإشراف على الانتخابات «يؤكد أنّ الأمور تسير في الاتجاه الصحيح»، وأكدت «الجهوزية لخوض الانتخابات اليوم قبل الغد، وقد تكون «القوات» الفريق الوحيد الذي أطلق ترشيحات عدة وترشيحاته المتبقية على الطريق، والماكينة الانتخابية اكتملت فصولها منذ مطلع الصيف والعمل جار على قدم وساق تحضيراً للانتخابات في الربيع المقبل أو في أي وقت في حال تمّ تقريب موعدها».

ورأت «انّ الانتخابات المقبلة ستكون الأولى من نوعها التمثيلية وطنياً والمفتوحة على المفاجآت، وبالتالي لا يجب حرف النقاش عن أهمية ما تحقّق وترك ايّ انطباع بأنّ البلاد تتجه إلى تمديد جديد، لأنّ التمديد خط أحمر وممنوع، والرأي العام ينتظر بفارغ الصبر هذا الاستحقاق بعد 8 سنوات على آخر انتخابات للتعبير عن رأيه، وندفع بهذا الاتجاه لتزخيم الحياة الوطنية والسياسية والوصول إلى مجلس نواب جديد يعكس إرادة الشعب اللبناني».

استانا

في مكان آخر في المنطقة، إتفقت كل من روسيا وإيران وتركيا امس على إقامة مِنطقة خَفض توتر في منطقة ادلب، على أن تَنتَشر قوة مراقبين من الدول الثلاث لضمان الأمن على حدود هذه المنطقة ومنع الإشتباكات بين النظام والمعارضة.

ورحب موفد الكرملين إلى أستانا الكسندر لافرنتييف بالإتفاق واعتبره «المرحلة النهائية» نحو اقامة المناطق الاربع لخفض التوتر في سوريا، معتبرًا انّها «ستفتح طريقاً فعلياً لوقف حمّام الدم». الّا ان المسؤول الروسي اقر مع ذلك ببقاء «الكثير من العمل غير المنجز لتعزيز الثقة» بين النظام والمعارضة.