IMLebanon

مانشيت:حديث سعودي عن تسوية للمنطقة وعقوبات أميركية على «الحزب»

 

فيما رشحت من السعودية معلومات عن حلول آتية لأزمات المنطقة يتيحها التقاطع الأميركي ـ الروسي وتتلمّسها القيادة السعودية من اتصالاتها وزياراتها الدولية، ينتظر أن تتقاطر الى جدة تباعاً مجموعة من القيادات اللبنانية تلبية لدعوات رسمية بدأت برئيسي حزبي «القوات اللبنانية» سمير جعجع والكتائب النائب سامي الجميّل اللذين عادا منها مساء أمس. وفي الموازاة داخلياً، نزع مجلس الوزراء صاعقاً كاد يتسبب بأزمة رئاسية لو تم تعليق تنفيذ سلسلة الرتب والرواتب، إذ تمكّن مجلس الوزراء من إيجاد الحل السياسي والتقني للواردات المطلوبة لصرف السلسلة للموظفين مع القطاع العام هذا الشهر وسيعلنه في جلسته اليوم في السراي الحكومي. وعلى وقع هذين التطورين، أقرّت لجنة الشؤون الخارجية في المجلس النيابي الأميركي مشروع قانون عقوبات جديدة على «حزب الله» ينتظر ان تكون له تفاعلاته والمضاعفات التي ترتبط بما يجري في المنطقة.

ينعقد مجلس الوزراء مجدداً عند العاشرة من صباح اليوم في السراي الحكومي برئاسة رئيس الحكومة سعد الحريري، لاعلان صيغة حل كاملة للاتفاق الذي حصل في جلسة امس بالإجماع، وذلك بعد إعداد النصوص القانونية المرتبطة فيه.

وقالت مصادر وزارية لـ«الجمهورية»: «إن مجلس الوزراء وُضع امام مفترق طرق، اما ان يذهب الى التصويت على موضوع قطع الحساب وتعليق المادة 87 وهو ما طالب به الوزير جبران باسيل، وامّا عدم الاتفاق. وفي الحالتين، الخلاف سيتظهر ويطغى على القرارات.

فارتأى رئيس الجمهورية بعد مشاورات خلال الجلسة ان يستعين بمادة في الدستور لتحصين الموازنة وفصلها عن السلسلة من دون تعليق المادة 87 لتُبرّر بالظروف الاستثنائية، على ان يُعمل بقطع الحساب خلال فترة معينة، آخذا هذا القرار بصدره حتى لو قُرِئت في سطوره مخالفة دستورية، واعداً بحماية هذا القرار».

وعلمت «الجمهورية» انّ عون فاجأ الجميع بموقفه الذي سهّل الاتفاق على المخرج بعد نقاش دستوري وقانوني طويل برز على خطه من «التيار الوطني الحر» الوزيران جبران باسيل وسليم جريصاتي في مواجهة الوزير علي حسن خليل.

وفي المعلومات أيضا انّ الانقسام في الآراء كاد يؤدي الى إنسحاب وزراء حركة «أمل» ومعهم وزراء آخرون حلفاء، من الجلسة، لو لم تُفصل الضرائب بقانون مستقل، وهم كانوا قد ابلغوا الى مدير مكتب رئيس الحكومة نادر الحريري هذا القرار صراحة قبَيل الجلسة. وقد دافع باسيل عن فكرة إدخال الضرائب في الموازنة تحصيناً للقرار حتى لا يتم الطعن فيه مجدداً، علماً انّ كل القوى السياسية اجمعت على احقّية مجلس النواب في التشريعات الضريبية.

«التيار»

وقالت مصادر «التيار الوطني الحر» لـ«الجمهورية» انّ حلّ موضوع الرواتب تحقّقَ بعد عودة عون من الخارج وتمّ الاتفاق في جلسة مجلس الوزراء على كل شيء. امّا جلسة الغد (اليوم) فهي لصوغ القانون تقنياً ولإسكمال البحث في جدول اعمال الجلسة.

وقال مصدر في «القوات اللبنانية» انّ ايّ دفع للرواتب تبعاً للسلسلة يستوجب حكماً إقترانه بتدبير قانوني يمنع على الحكومة صرف أي شهر آخر في حال لم تتأمّن الموارد المطلوبة لذلك، لانه خلاف هذا المسار سيؤدي دفع السلسلة من دون تأمين الموارد المطلوبة لها إلى تدهور مالي يطيح بالاستقرار النقدي واستطراداً بالموظفين والسلسلة والرواتب».

وأكد «أنّ «القوات» ضد اي فذلكة اصطناعية لإمرار قطع الحساب، ولذلك لا مفرّ من تعديل المادة 87 من الدستور للتمكّن من إقرار الموازنة على ان يكون قطع الحساب الفعلي عن كل السنوات الماضية جاهزاً قبل موازنة السنة المقبلة».

إحصاءات عن النازحين

ومن جهة ثانية عُلم انّ رئيس الجمهورية وزع في بداية الجلسة تقريرا حول احصاءات المنظمات الدولية المتعلقة بالنازحين السوريين في لبنان، كانت «الجمهورية» نشَرته في عددها الصادر في 11 تموز الماضي تحت عنوان (معلومات مخيفة عن تداعيات النزوح)
واظهَر هذا التقرير خطورة الوضع، وقرَأ بعض الوزراء في خطوة عون مؤشراً الى طرح ملف عودة النازحين على الطاولة قريباًَ جداً لِما له من انعكاسات اقتصادية خطيرة. (راجع ص 7)

لقاءات في السعودية

وفي هذا الوقت انشغل الداخل باللقاءات الجارية في جدة بالسعودية، وليس آخرها لقاء ولي العهد السعودي نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز بكل من رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، ورئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل، كلّ على حدة، حيث «تم استعراض عدد من المسائل ذات الاهتمام المشترك»، حسب وكالة الانباء السعودية الرسمية (واس)

«القوات»

وفيما انهى كل من الجميّل وجعجع زيارتهما الى السعودية وعادا الى بيروت مساء امس، قالت مصادر «القوات» لـ«الجمهورية» انّ جعجع اراد استشراف المرحلة التي سيذهب اليها لبنان والمنطقة في ظل معلومات اكيدة، انطلاقا من تقاطع اميركي ـ روسي ومن زيارات المسؤولين السعوديين لواشنطن وموسكو، عن مساعٍ جدية تجهز للمنطقة، وانّها دخلت فعلاً في مرحلة تسوية جديدة، وبالتالي هذه التسوية تقتضي بأن يكون جعجع على اطلاع على كل تفاصيلها ولذلك رغبَت السعودية في إطلاعه على تفاصيل المعلومات المتصلة بالاجواء الروسية والاميركية والغربية لِما يحضّر للمرحلة الجديدة على المستوى السوري، وكيف ستتم مواكبتها اقليميا، وهناك دور مركزي للمملكة العربية السعودية في التسويات التي تحضّر للمنطقة، وقد وضعت جعجع في صورة خريطة الطريق التي بدأت ترسم دوليا للحلّ على مستوى المنطقة.

وشدد جعجع خلال المحادثات على ضرورة ان يكون لبنان جزءاً لا يتجزأ من هذه التسوية وأن لا يُستثنى منها، وكان هناك تأكيد سعودي انّ لبنان لن يكون خارج سياق الحل لأن هذا الحل سيبدأ في سوريا ولكنه سيشمل المنطقة كلها وفي طليعتها لبنان».

واشارت المصادر نفسها الى انه في ضوء ما طرحه جعجع «كانت هناك تطمينات سعودية الى ان لبنان سيكون جزءاً من الحل ومن التسوية. وفي هذا السياق شدد جعجع على وجوب ان تكون التسوية مضمونة بحيث لا يتكرر ما حصل عام 1990 من وصاية سورية على لبنان، كذلك شدد على ان التسوية هذه المرّة يجب أن تحترم الدستور ومشروع الدولة التي هي المساحة المشتركة التي تضم الجميع، وان تحترم ايضاً كل المكونات اللبنانية وتطلعاتها وان لا تكون لمصلحة طرف ضد آخر. وكان هناك تشديد سعودي على انّ المملكة لن تتخلى عن لبنان وعن اي دولة عربية».

وشددت المصادر على انّ جعجع «عاد بتطمينات سعودية كبيرة وبصورة واضحة عما يتم التحضير له، خصوصا انه لمسَ لدى المسؤولين السعوديين قراءة دقيقة وتصوّراً للمرحلة المقبلة، ما جعله يعود من جدة مرتاحاً ولكنّ ارتياحه هذا لا يعني مطلقا انّ المنطقة غير مقبلة على تحديات ومنعطفات خطيرة، لأنّ امكانية تعطيل الحلول تبقى قائمة، ولكنّ هناك اصراراً على مواجهة محاولات التعطيل.

وشدد جعجع في هذا السياق على ان يحافظ لبنان على استقراره وعلى النأي بالنفس في ظل هذه المرحلة التي تتم فيها هندسة التسوية ولا يدخل في ازمات عنف، وتم الاصرار على وجوب الحفاظ على النأي بالنفس بما يضمن انتقال لبنان من الحرب الباردة التي يعيشها الى السلام الحار الذي سيشهده والمنطقة»

سعيد

وقال النائب السابق الدكتور فارس سعيد، عبر «تويتر»: «هناك من يصوّر الموارنة بين ايران والسعودية، الموارنة مع لبنان الدستور والطائف وقرارات الشرعية الدولية، من يدافع عن الاسد وإيران ليس مارونياً». وأضاف: «ما يؤسفني انّ بَعضنَا في عكس خيارنا التاريخي، ماروني يطالب بالتنسيق مع الاسد، سنّي يرفض التنسيق مع الاسد، خيار تحالف الاقليات لا يمثلني».

السعودية و«8 آذار»

وفيما يترقّب فريق 8 آذار ما يجري في المملكة قالت مصادر فيه لـ«الجمهورية» ان «لا معلومات لديها بعد عن الحراك الجاري هناك وأنها لا تدرك السبب الفعلي لهذه الزيارات اللبنانية «فمن المبكر معرفة ما يجري».

الا انّ هذه المصادر شددت ردّاً على سؤال على «ان لا مصلحة لأحد، لا في لبنان ولا في السعودية، في اسقاط الحكومة».

وعن سبب استمرار الحكومة على رغم كل الخلافات بين مكوناتها قالت المصادر: «اولاً الخلافات ليست بشيء جديد» فكلّ عمرو في حكومة وفي خلافات»، وما يجعل الحكومة مستمرة هو اوّلاً مصلحة الرئيس سعد الحريري في ان تبقى مستمرة، فهذه حكومته، وبالتالي الاتفاق الذي اتى به رئيساً للحكومة وافضى الى انتخاب العماد عون رئيسا للجمهورية لا يزال ساريَ المفعول بين مختلف القوى السياسية المحلية.

فقوة الدفع للحكومة لا تزال مستمرة حتى موعد الانتخابات، ونعتقد انّ كل محاولات التوتر بين «المستقبل» و«التيار الوطني الحر» او بين «القوات» و«التيار» او بين الرئيسين عون وبري لن تؤدي الى استقالة الحكومة، لأن كل الاطراف ملتزمة الاتفاق الذي ادّى الى وصول الحريري الى رئاسة الحكومة، وهذا الاتفاق لا يزال ساريَ المفعول.

وسألت المصادر: «إذا سقطت الحكومة ما هي مصلحة السعودية؟ فرئيس الحكومة الآن هو حليف السعوديين. هناك مصلحة للجميع اقليمياً ودولياً، وبالطبع محلياً، في مزيد من الاستقرار الامني والسياسي في البلد، ولا نعتقد انّ احداً يفكّر في استقالة الحكومة».

واضافت: «انّ الحريري لم يعد رئيس حكومة منذ العام 2011 عندما زار الرئيس اوباما في البيت الابيض، ولم يتولّ سدّة الرئاسة الثالثة مرة منذ حينه، بل جاء الرئيس نجيب ميقاتي والرئيس تمام سلام «مِش بالهيّن يستقيل» بغضّ النظر عن خوف السنّة من انتقال الصلاحيات الى رئيس الجمهورية اذا استقالت الحكومة. مصلحته تقتضي بالبقاء رئيساً للحكومة حتى الانتخابات ويمكن طوال عهد الرئيس عون».

وعن الخلافات والتصعيد في الخطاب السياسي قالت المصادر: «عندما يجلسون معاً في الحكومة او مجلس النواب ينتهي كل ذلك، لانّ السبب الحقيقي للتصعيد هو انتخابي. لو كانت لديهم النيّة فعلاً بالاستقالة «ما بيشتغلوا بهالطريقة».

وتعليقاً على إمرار لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب الأميركي مشروعي قرار لتشديد العقوبات على «حزب الله»، قالت المصادر:

«بطبيعة الحال انّ الخطة الاميركية لمحاصرة «حزب الله» قديمة، فحتى حين كان الحريري في واشنطن صرّح الرئيس دونالد ترامب في حضوره ضد الحزب. فالموقف الاميركي من موضوع «حزب الله» والعقوبات عليه مرتبط باسرائيل اكثر ممّا هو مرتبط بأي عنصر آخر. لكن كما قيل في المرة الماضية، ايّ تأثير لهذه العقوبات سينعكس على مجمل الاقتصاد اللبناني وعلى الشعب اللبناني.

لكن لا شكّ في انّ هناك مجموعة عناصر سيئة تتجمّع في المنطقة من بينها مخاطر التقسيم التي تلوح من شمال العراق او العقوبات على الحزب او استدعاء فريق من السياسيين من 14 آذار الى السعودية وهذه العناصر تنبئ بوجود ملامح مشروع ضد «حزب الله» محلياً، وعلى مستوى المنطقة.

والسبب الرئيسي هو أنّ نتيجة الحرب في سوريا على الارهاب ادت الى انتصار محور وفشل محور آخر في تحقيق اهدافه على الارض السورية، فكل ما يجري هو محاولات انتقام مما حصل في سوريا، لكن نأمل في ان لا يكون لهذا الموضوع اي اساسات داخلية في لبنان، ونعتقد انّ الجميع ملتزم الاستقرارَ الامني والسياسي والحفاظ على الحكومة حتى موعد الانتخابات النيابية».

وتوقّعت المصادر «ان تتصاعد اللهجة السياسية في قابل الايام»، وقالت: «انظروا، هناك مشكلات بين «التيار الوطني الحر» و»المستقبل» على خلفية الاحداث في سوريا، فالانتخابات تفصلهم والصفقات تجمعهم، وكل المناخ المتوتر على المستوى الداخلي سببه الفعلي هو الانتخابات».

مسوّدة عقوبات
وكانت لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأميركي قد أقرّت بالإجماع أمس مسوّدة قانون تسمح بتشديد العقوبات على «حزب الله»، وتتضمن إجراءات إضافية تحدّ من مصادر تمويله.

ويهدف مشروع القانون، بحسب مصادر اعلامية، إلى الحد من تمويل الحزب الذي تدعمه إيران من خلال فرض عقوبات جديدة وقاسية على شبكات تمويله للحدّ من قدرته على استعمال الأموال في نشاطه.

وتشمل العقوبات أيضاً تجميد الأصول، وحجبَ التعاملات المالية، ومنعَ إصدار تأشيرات السفر إلى الولايات المتحدة، فضلاً عن تضمين مشروع القانون إمكانية فرض عقوبات على دول أجنبية في حال قدّمت دعماً عسكرياً أو مالياً ذا أهمّية لـ»حزب الله» أو أحد الكيانات المرتبطة به. كذلك يخوّل مشروع القانون الرئيس الأميركي دونالد ترامب تحديد الأشخاص والكيانات الذين ستفرض عليهم عقوبات لتعاونهم مع «الحزب».

الإعدام للاسير
وسط تدابير أمنية مشددة، أصدرَت المحكمة العسكرية الدائمة أمس أحكامها في قضية أحداث عبرا التي كانت قد وقعت في 23 حزيران 2013. وطلبت المحكمة برئاسة العميد الركن حسين عبدالله الإعدام لإمام مسجد بلال بن رباح الشيخ أحمد الاسير، والاشغال الشاقة 15 سنة لفضل شاكر الذي يحاكَم غياباً، وتجريده من حقوقه (تفاصيل ص.8).