Site icon IMLebanon

قمّة «الإنعطافة الحقيقية» بين موسكو والريــاض.. وبكركي تُغطِّي العهد لإعادة النازحين

 

تتجه الأنظار المحلية والاقليمية والدولية اليوم الى الكرملين، حيث ستنعقد القمة الروسية ـ السعودية بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز الذي وصل الى موسكو مساء أمس، في زيارة وصفها وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بأنها تمثّل «انعطافة حقيقية» في العلاقات بين البلدين، فيما أكد وزير الخارجية السعودي عادل الجبير أنّ الملك سلمان والرئيس بوتين سيوقعان حزمة من الاتفاقات الثنائية البالغة الأهمية بين بلديهما. وستستمر زيارة العاهل السعودي لموسكو اياماً عدة يبحث في خلالها مع القيادة الروسية في العلاقات الثنائية وتعزيز وجوه التعاون بين البلدين، والازمات السائدة في المنطقة. امّا داخلياً فتوزّع المشهد السياسي بين قصر بعبدا الذي زاره البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي أمس حاملاً معه هاجس إعادة النازحين السوريين، وبين السراي الحكومي الذي سيشهد جلسة لمجلس الوزراء برئاسة الرئيس سعد الحريري وعلى جدول أعمالها 63 بنداً، على أن تشهد ساحة النجمة جلسة نيابية عامة قبل ظهر الاثنين المقبل مخصّصة لإقرار مشاريع القوانين الثلاثة الواردة من الحكومة.

توقفت مصادر نيابية عند «الانسجام اللافت» بين الرئاسات الثلاث في هذه المرحلة، ووجدت فيه «ما يدلّ على إرادة إيجابية لتفعيل منظومة تحريك الدولة على مختلف المستويات، بدءاً بإقرار مشاريع القوانين وعلى رأسها قانون الموازنة، وكذلك اقرار قانون الضرائب لتمويل السلسلة ما يدلّ على مسؤولية جدية في التعاطي مع هذا الملف الحيوي».

وتحدثت هذه المصادر لـ«الجمهورية» عن «يد خفية تنجح دوماً في نزع صواعق تفجير الخلافات بين المسؤولين، وهو ما يوضع في خانة الحفاظ على استقرار البلد وكذلك في خانة معالجة مصالح الناس وتفعيل مؤسسات الدولة»، وقالت: «على رغم لغة التصعيد من هنا وهناك، ينجح البلد دوماً في تجاوز القطوع بعد الآخر».

إعادة النازحين

ولوحظ انّ هناك تصميماً رسمياً بدأ يتبلور ويركز على موضوع اعادة النازحين السوريين الى بلادهم، وأبرز مؤشر في هذا الاتجاه كان امس زيارة البطريرك الراعي لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون باحثاً معه في هذا الملف.

وعلمت «الجمهورية» انّ الحافز على هذه الزيارة هو موضوع وضع خطة تنفيذية لإعادة النازحين الى بلادهم وتحميل المجتمع الدولي مسؤولية تأمين ذلك من دون ربط الموضوع بإنهاء الحرب في سوريا أو تغيير النظام فيها او ما الى ذلك.

ووصف البعض زيارة الر اعي لعون بأنها «جرعة دعم بطريركية لرئيس الجمهورية الذي هو اساساً متحمّس لموضوع اعادة النازحين، من شأنها ان تخلق ديناميكية لوضع الحل لهذا الملف على طريق عملي».

وحسب معلومات «الجمهورية» لا يستبعد ان يدعو عون سفراء الدول الخمس الكبرى الدائمة العضوية في مجلس الامن الى اجتماع، ويبلغ إليهم خلاله تصميم الدولة اللبنانية على وقف المزايدات والجدل البيزنطي في ملف النازحين، لأنّ أخطاره على لبنان باتت لا تُحتَمل وذلك باعتراف السفراء أنفسهم.

وكان الراعي اكد من قصر بعبدا دعمه المواقف التي اتخذها رئيس الجمهورية في الامم المتحدة وفرنسا، ولا سيما منها موقفه من قضية عودة النازحين السوريين، والدعوة الى إيجاد حلول مناسبة لمعاناتهم، وتمييزه بين «العودة الآمنة» و»العودة الاختيارية»، والتي تشكّل اليوم موضوعاً أساسياً وخطيراً في لبنان.

وشدّد الراعي على أنّ «المجتمعين الدولي والاقليمي مدعوّان، وكذلك العالم العربي واللبنانيين ايضاً، الى معالجة هذا الموضوع معاً وتكون عودتهم وخروجهم آمنين. وهذا حقهم في أن يعودوا الى وطنهم وأن يبنوا بيوتهم وحياتهم، ونحن نركّز دائماً على أنّ الاوطان لا تقوم فقط على أرضها بل على ثقافتها وحضارتها».

ونقل الراعي عن عون تطمينه الى «أنّ الانتخابات النيابية ستجري في شهر أيار المقبل مهما كانت الظروف».

مصادر بكركي

من جهتها، أشارت مصادر بكركي لـ«الجمهورية» الى أنّ البطريرك الماروني خرج مرتاحاً بعد لقائه رئيس الجمهورية، «ما يدلّ الى استمرار التنسيق والتفاهم بين بكركي وبعبدا».

وشددت على أنّ «المواضيع التي نوقشت تشكّل خطراً على الكيان اللبناني وأبرزها ملف إعادة النازحين السوريين الى بلادهم، حيث اكّد البطريرك أنّ هذه الأزمة يجب معالجتها باعتماد كل الوسائل لتأمين عودة آمنة لهؤلاء.

كذلك شدّد على أهمية طرح رئيس الجمهورية هذا الملفّ في الأمم المتحدة وفي خلال زيارته الأخيرة لفرنسا، حيث انّ البقاء مكتوفين ومتفرّجين على ما يحصل سيؤدّي الى تفاقم خطر النزوح».

واكدت المصادر نفسها أنّ «البطريرك أثار أمام رئيس الجمهورية مخاوفه من تأجيل الإنتخابات النيابية المقبلة في أيار، مشيراً الى انّ هذا الهاجس موجود وحقيقي، وقد يعمد النواب الى التمديد لأنفسهم مرة أخرى وهذا أمر مرفوض.

فما كان من الرئيس عون إلّا أن أكد امامه أنّ الإنتخابات حاصلة في أيار وان لا مجال لتأجيلها، قائلاً للراعي: «لقد أصرّيتُ على إنتاج قانون انتخابي جديد يؤمّن صحة التمثيل، لذلك انا متمسّك بإجراء هذه الإنتخابات، لأنّ التمديد مرفوض».

المطارنة الموارنة

وطالب مجلس المطارنة الموارنة، الذي اجتمع برئاسة الراعي في بكركي، أمس، السلطات السياسية الوطنية والدولية بأن «تبذل كل جهدها في سبيل تسريع عودة النازحين السوريين الى بلادهم، فهذا حق طبيعي لهم، ويفتح أمامهم باب المساهمة في إعادة بناء وطنهم، ويُخفّف العبء عن لبنان واللبنانيين»، معتبراً «أنّ تطوّر الأوضاع الميدانية في سوريا قد أوجَد كثيراً من المناطق الآمنة التي يمكنها استقبال النازحين العائدين، وتوفير ظروف ملائمة لهم، في انتظار أن يعمّ السلام كل تراب وطنهم».

وتجدر الاشارة الى انّ البطريرك الماروني يستعدّ للقيام بجولة خارجية بدءاً من يوم غد وتستمر حتى نهاية الشهر الجاري، وتشمل الفاتيكان حيث تعقد اجتماعات للكنائس الشرقية على مدى الاسبوع المقبل، ومن هناك ينطلق الى زيارات رعوية في الولايات المتحدة الاميركية، ويتخللها محطة في واشنطن لمناسبة اللقاء السنوي لمؤسسة «الدفاع عن مسيحيي الشرق».

«السلسلة» والضرائب

من جهة ثانية، يستأنف مجلس النواب ورشته التشريعية بجلسة يعقدها الاثنين المقبل، لدرس وإقرار مشاريع القوانين المدرجة على جدول الاعمال، والواردة من الحكومة، وهي:

ـ مشروع الإجازة للحكومة تجميد قانون سلسلة الرتب والرواتب إلى حين إقرار قانون ضرائب جديدة، على أن يحتفظ الموظفون بحقهم بالمفعول الرجعي.

ـ مشروع قانون استحداث مواد ضريبية ورسوم جديدة.

ـ مشروع متعلق بإضافة مادة إلى الموازنة 2017 لتجميد «قطع الحساب» لمدة سنة.

وأكد رئيس مجلس النواب نبيه بري، امس، انّ دعوته الى هذه الجلسة «هي لمناقشة وإقرار مشاريع القوانين المعجلة التي أحالتها الحكومة في شأن الضرائب لتمويل السلسلة، وانّ المجلس في إطار ورشته التشريعية حريص على حسم هذا الموضوع وإنهائه».

الإتحاد العمالي

في هذا الوقت، دعا رئيس الإتحاد العمالي العام بشارة الأسمر، في مؤتمر صحافي عقده أمس، الحكومة إلى عدم ربط سلسلة الرتب والرواتب بالضرائب للإطاحة بها، وإلى مكافحة الفساد وجباية الأموال المهدورة وترشيد الإنفاق وإرساء سياسة ضريبية عادلة. واعلن أنه سيتم الإعلان عن إضراب فوري في حال مسّت أيّ شائبة ملف السلسلة والضرائب، محذّراً من أنه سيتم النزول إلى الشارع بوتيرة أكبر من السابق.

الهيئات الاقتصادية

وكان وفد من الهيئات الاقتصادية زار أمس وزير المال علي حسن خليل، وقال رئيس اتحاد الغرف اللبنانية محمد شقير بعد اللقاء: «إتفقنا مع الوزير على استمرار الحوار مع الهيئات الاقتصادية لوضع أفكار ضريبية تتماشى مع العصر الراهن».

واضاف: «لنعمل على إمرار هذه المرحلة، ولنتطلّع نحو سنة 2018 حيث سنقدّم كهيئات اقتصادية اقتراحات لقوانين جديدة لتكون من ضمن موازنة 2018». ونفى «ما يُشاع في البلد عن ضغوط تمارس على القطاع المصرفي».

وأكد ان «لا سلبية بين الوزارة أو الحكومة والقطاع المصرفي، ونحترم القطاع المصرفي وندرك أنه لولا هذا القطاع لَما كان الاقتصاد موجوداً بما أنه يحمل القطاعين العام والخاص، وعلى الجميع دعمه».

تحذير المدارس

وحذّر نقيب المعلمين رودولف عبود، بعد اجتماع المجلس التنفيذي للنقابة، «المدارس التي قد تمتنع عن تنفيذ القانون 46 او التي قد تطبقه مشوّهاً، لأننا لن نقف مكتوفي الأيدي، والرد سيأتي صاعقاً من الهيئة التعليمية في هذه المدارس».

وأضاف: «نسمع من جديد إحالة مشروع قانون وقف العمل بالسلسلة الى المجلس النيابي. هل هو عود على بدء؟ ام انها محاولة لحض المجلس النيابي على إنهاء مشروع الموازنة العامة؟».

وقال: «سنلتقي ضمن «هيئة التنسيق» النقابية لنبحث في كل الاحتمالات، ولاتخاذ التدابير اللازمة لتأمين استمرارية تطبيق القانون 46». وأكّد «استعداده لأيّ تفاعل إيجابي مع اتحاد المؤسسات التربوية، شرط ان يعلن انه أسقط من أجندته مطلبه بفصل التشريع».

الموازنة

الى ذلك، ينتظر أن يدعو بري إلى جلسة تشريعية لإقرار مشروع قانون الموازنة لسنة 2017 قبل نهاية الشهر الحالي، بعدما اصبح التقرير النهائي للجنة المال حوله في عهدة المجلس.

في غضون ذلك أكد الحريري «أنّ همّنا اليوم يتركّز على سبل إخراج البلد من الخمول الاقتصادي الحالي، وإحداث نمو اقتصادي يكون كفيلاً في خلق فرص العمل للشباب على كل الأصعدة».

وقال الحريري خلال استقباله مساء أمس في «بيت الوسط» وفداً كبيراً من طلاب «تيار المستقبل» في الجامعة اللبنانية ـ الأميركية: «هناك كثيرون ممّن يزايدون عليّ وعلى تيار «المستقبل»، ويسلّطون الضوء على أمور غير صحيحة، ويصوّرون كأنّ التسوية أمر سهل بالنسبة إلينا.

ولكن الحقيقة أننا ننظر إلى مصلحة البلد ككل قبل أن ننظر إلى مصالحنا الشخصية، وهذا هو الفارق بيننا وبين الآخرين الذين ينظرون أولاً إلى مصالحهم الحزبية البحتة حتى وقبل الطائفية».

وشدّد على أنّ «تيار «المستقبل» هو تيار سياسي يتبنّى الاعتدال، لكن الاعتدال لا يعني الخوف بل يعني الوقوف في وجه التطرّف بالعقل، وليس بالصوت المرتفع».