IMLebanon

مانشيت:السعودية و«حزب الله»: تجدُّد الإشتباك … والضرائب اليوم

 

يطلّ لبنان حالياً على مشهد إقليمي ودولي معقّد ومفتوح على احتمالات تصعيدية في مختلف الميادين. امّا داخلياً، فهو يقع وسط صورة محكومة بتفاهم سياسي، لزوم التمريرات والمقايضات بين أهل السلطة، لا يلغي الاختلافات الجوهرية على كثير من الملفات والاولويات ولا الاتفاق على الناس والحكم عليهم بسلة ضرائب مرهقة. في هذا الوقت برز وجه تفاهمي آخر، تجلّى في «عشاء كليمنصو» بين رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة سعد الحريري والنائب وليد جنبلاط الى مائدة الاخير، فيما كانت المائدة السياسية اللبنانية مشغولة بالتغريدة الهجومية التي أطلقها وزير الدولة لشؤون الخليج العربي ثامر السبهان على «حزب الله»، ورد الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله عليه.

بالتزامن مع عودة التصعيد الأميركي ضدّ «حزب الله» إلى الواجهة، من باب إقرار مشروع قانون العقوبات ضدّه، تجدّد الهجوم السعودي على الحزب، بتغريدة أطلقها السبهان عبر «تويتر» وقال فيها: «العقوبات الاميركية ضد الحزب المليشياوي الارهابي في لبنان جيدة، ولكن الحل بتحالف دولي صارم لمواجهته ومن يعمل معه، لتحقيق الأمن والسلام الاقليمي».

«الحزب»

ردّ «حزب الله» جاء على لسان أمينه العام الذي أكد أنّ العقوبات الاميركية لن تغير شيئاً في مسار الحزب، وقال: «إذا كانت واشنطن تعتقد أنّ قانون العقوبات المالية سيؤثر على الحزب بشكل كبير، فهذا الكلام ليس صحيحاً، فهو سيضع بعض الضغط على بعض الاطراف ولكنه لن يغيّر من موقفنا. والقرار الأميركي أكبر من الدولة اللبنانية وكل المساعي في الفترة السابقة كانت لتحييد البنوك والشركات والوضع المالي».

وأضاف: «نحن لا نطلب من الدولة اللبنانية أي شيء… والقانون قد يكون جزءاً من التهويل، ونحن ندعم المسعى اللبناني الذي يسعى إلى عزل الاقتصاد اللبناني والوضع المالي عن العقوبات الأميركية».

واعتبر نصرالله انّ دعوة السبهان الى تشكيل تحالف دولي لمواجهة المقاومة «يؤكد ما قلته عن تحالفات دولية لمواجهة المقاومة سابقاً، وحجّة السبهان المحافظة على الامن والسلام الإقليمي… ولتحقيق هذا الامن يجب على السعودية ان تبتعد وتكفّ عن التدخّل في شؤون المنطقة، لأنّ تدخّلها وأميركا في المنطقة هو الذي يخربها».

ووجد «إيجابيات مهمة» في تصريحات السبهان: «الأولى أنه مسلّم أنّ العقوبات ليست هي الحل، وبالتالي لا يمكن الرهان عليها. ثانياً أنه يعترف بأنّ «حزب الله» هو قوة إقليمية كبرى ولا يمكن مواجهته إلّا بتحالف دولي صارم، وهذا يعني أنّ الذهاب إلى تحالفات لبنانية لمواجهة «حزب الله» غير مُجد، «حزب الله» أكبر من أن يواجهه السبهان بتحالف محلي، وهو يعرف أنّ حكام السعودية لا يستطيعون القيام بأي شيء مع «حزب الله»، ولذلك هو بحاجة إلى تحالف دولي».

ردّ السبهان

وردّ السبهان على نصرالله من دون أن يسمّيه، فغرّد قائلاً: «وإذا أتتك مذمّتي من ناقص فهي الشهادة لي بأنّي كامل».

سعيد

وقال النائب السابق الدكتور فارس سعيد لـ«الجمهورية»: «يتأكد يوماً بعد يوم انّ «حزب الله» مارد يقف على رجل من جفصين، لأنه يتوجّس من لقاءات سياسية تقوم بها المملكة العربية السعودية، ويعتبر أنّ تدخّل الوزير السبهان هو تدخل في الشؤون الداخلية للبنان يهدف الى إعادة النظر بالتسوية التي أدّت الى استسلام جميع اللبنانيين لمشيئة «حزب الله».

أضاف: «لو كان الحزب المنتصر والمُنتَشي والقادر والآمر والناهي فعلاً بالقوة التي يدّعي أنه يملكها، لما كان خصّص للوزير السبهان كل هذه السطور، وبالتالي هذا يؤكد انّ المملكة تلعب دورها الايجابي وبأنه هو مارد واقف على رجل من جفصين».

لقاء كليمنصو

ومساء، عقد «لقاء عشاء» في كليمنصو، ضمّ برّي والحريري وجنبلاط، إستمر ساعتين، في حضور وزير المال علي حسن خليل، تيمور جنبلاط والنائب وائل أبو فاعور.

وأوضح بيان صادر عن مفوضية الإعلام في الحزب التقدمي الإشتراكي أنّ اللقاء تخلّله «إستعراض الأوضاع المحلية والتطورات الإقليمية، حيث تم التأكيد على ضرورة بذل كل الجهود من أجل حفظ الاستقرار وتحصين الساحة الوطنية إزاء كل الأخطار المحدقة بالوطن وتفعيل عمل المؤسسات لما فيه مصلحة الوطن والمواطن».

وقالت مصادر المجتمعين لـ«الجمهورية»، إنّ «هذا اللقاء تمّ التحضير له منذ فترة، وقد سادته أجواء إيجابية وودّية». وأشارت المصادر الى أنّ هذا اللقاء ليس موجّهاً ضد أحد، إنّما أملته ضرورة التلاقي، وتمّت جوجلة كل الملفات الداخلية، وتم التوقف خصوصاً عند موضوع الإنتخابات، فيما تمّ المرور مرور الكرام على الجلسة التشريعية المقررة اليوم.

وشدّدت المصادر على أنّ الهمّ الأساس الجامع بين بري والحريري وجنبلاط هو مصلحة البلد وضرورة تخفيف الخطاب السياسي، وأيضاً ضرورة التنسيق بين القوى السياسية حول كل الملفات الداخلية خصوصاً تلك التي تتّسم بصفة الأولوية.

وفي السياق، غرّد جنبلاط عبر «تويتر»: «جمعة حوار ووفاق وإتفاق على أهمية الإستقرار ومقاربة الأمور بواقعية. إنّ تحصين لبنان يجب أن يبقى أولوية فوق كل إعتبار».

الحكومة غائبة

وفي موازاة التطورات الكبيرة التي تشهدها المنطقة، تتصرّف الحكومة اللبنانية وكأنها لا تسمع ما يجري بل تنصرف الى التفتيش عن سبل معالجة الملفات المطروحة والقضايا الحياتية والاجتماعية والمطلبية، وفي طليعتها سلسلة الرتب والرواتب والموازنة العامة وموضوع النازحين السوريين، ما دفع ببعض المراقبين الى استغراب إغفالها ما يحدث في المنطقة والتغاضي عمّا يحصل، خصوصاً انّ جزءاً كبيراً ممّا يجري يتعلق بلبنان إنطلاقاً من دور «حزب الله» في سوريا والعقوبات الاميركية التي صدرت في حقه».

رئيس الجمهورية

في هذا الوقت، تجددت تأكيدات المسؤولين على حتمية اجراء الانتخابات النيابية في موعدها في ايار المقبل، الّا انه رغم ذلك، تبقى الشكوك في إمكانية إجرائها قائمة.

وعلم انّ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون سيشدد مجدداً اليوم، امام رئيس واعضاء هيئة الإشراف على الإنتخابات المدعوّين الى القصر الجمهوري لأداء قسم اليمين امامه،على إجراء الإنتخابات النيابية المقبلة في موعدها وفق القانون الجديد، «بهدف إحياء العمل البرلماني والحياة الديموقراطية في البلاد، والتي لا يتم تجديدها من دون الإنتخابات النيابية التي تشكل مناسبة لترجمة رغبات الشعب وطموحاته الوطنية وشوقهم الى قيام المؤسسات القوية».

وسيجدّد التأكيد على عناوين وثوابت العهد عبر دعوته رئيس وأعضاء الهيئة «الى ممارسة المهام المنوطة بهم بكل حرية لتجسيد المهمة بوجوهها كافة وعلى كل المستويات الإدارية والقانونية». وسيؤكد على أهمية إحياء المؤسسات الدستورية والسلطة التشريعية واحدة أساسية منها.

بري

بدوره، قال رئيس مجلس النواب نبيه بري امام زواره حول الموضوع الانتخابي: «يبدو انّ الامور قد حسمت، ليس هناك من تسجيل مسبق ولا غير مسبق، ولا بطاقة بيومترية ولا غير بيومترية او ممغنطة او غير ذلك، الانتخابات ستجري بشكل طبيعي وكالمعتاد في أماكن تسجيل النفوس وببطاقة الهوية وجواز السفر».

وحول ما اذا كان القانون الانتخابي يحتاج الى بعض التعديل، قال: «انّ التعديل غير مطروح، والقانون واضح»، مستغرباً في الوقت ذاته الحديث عن تأجيل الانتخابات النيابية المقررة في ايار المقبل، ورافضاً بشكل قاطع «ايّ تأجيل او بالأحرى اي تمديد جديد للمجلس النيابي حتى ولو كان لدقيقتين. وأكرّر، الزلزال وحده يعطّل الانتخابات، وليس اي شيء آخر».

قائد الجيش

وظهر اليوم ايضاً يتحدث قائد الجيش العماد جوزف عون امام جمع من الإعلاميين مدعّوين الى غداء في الحّمام العسكري في بيروت، دعت اليه مديرية التوجيه في قيادة الجيش برعايته وحضوره، تكريماً للإعلاميين وتقديراً للجهود التي بذلت في مواكبة معركة الإنتصار على الإرهاب «فجر الجرود».

وسيجدد العماد عون التأكيد على جهوزية الجيش لمواجهة اي طارىء على الحدود كما في الداخل، فالحرب على الإرهاب مفتوحة على شتى الإحتمالات وفي اي زمان ومكان.

وسيؤكد في كلمته من وحي المناسبة على استمرار التعاون مع الإعلام ضماناً للقيام بالمهام الكبيرة الملقاة على عاتق المؤسسة العسكرية في افضل الظروف.

السلة الضريبية

الى ذلك، ينتظر ان يشهد اليوم ترجمة جديدة للتفاهم السياسي – الرئاسي الذي ساد في الفترة الاخيرة، فيقرّ مجلس النواب في جلسته التشريعية السلة الضريبية الجديدة، بما يعيد إحياء الصورة على ما كانت عليه ما قبل الطعن بها أمام المجلس الدستوري وإبطال القانون المتّصل بها. كذلك يعيد رَمي هذا الثقل الضريبي وأعبائه وزياداته على الناس وحدهم، وخصوصاً الطبقات الفقيرة منهم.

والواضح من الاجواء عشيّة الجلسة، انّ فرقاء التفاهم السياسي سيكونون اليوم في مواجهة مع قلة نيابية، وخصوصاً من فريق النواب العشرة الموقّعين على الطعن السابق، خصوصاً انّ هؤلاء وجدوا محاولة تَحايل واضحة من قبل اهل السلطة بحيث خرجت الضرائب من باب المجلس الدستوري فأعادوها من شباك التفاهم السياسي على حساب الناس والفئات الشعبية وعلى حساب خزينة الدولة التي تعاني الارهاق المزمن.

مع الاشارة هنا الى انّ أجواء الطعن المسبق بالقانون الجديد تلوح في الافق من جديد، وفق ما أكدته مصادر نيابية لـ»الجمهورية» التي قالت: «سننتظر مجريات الجلسة وفي ضوئها نبني على الشيء مقتضاه».

وقالت مصادر عين التينة لـ«الجمهورية» انّ الجلسة اليوم محددة بـ3 بنود، ومن ضمنها المشروع المتعلق بوقف العمل بالسلسلة الى حين تأمين وارداتها. بداية، هذا المشروع لا يمكن ان نمشي به بأي شكل من الاشكال، وبالتالي كان الاجدى الّا يُحال الى المجلس لسببين: الاول، لأنه أحدث إرباكات كبرى في صفوف الفئات المستفيدة من السلسلة، والتي لوّحَت بتصعيد خطير في الشارع.

امّا السبب الثاني فلأنّ مشروع واردات السلسلة مُحال الى المجلس، والمجلس سيبدأ المناقشة من هذا البند، حتى اذا ما أقرّ، وهذا ما سيحصل، تنتفي قيمة او معنى مشروع وقف العمل بالسلسلة».

موازنة 2018

وعلمت «الجمهورية» انّ جلسة دراسة وإقرار موازنة العام 2017 ستعقد اعتباراً من 17 تشرين الاول الجاري، وبجلسات متتالية نهارية ومسائية، وبذلك تنتهي الحالة الشاذة السائدة في لبنان منذ العام 2005 والقائمة على الصرف على القاعدة الاثني عشرية.

وقالت مصادر وزارة المالية لـ»الجمهورية»: «في الإمكان، بعد إقرار الموازنة، ان نقول إننا دخلنا عملياً في مرحلة الانتظام من جديد، والذي تنتهي معه كل الشوائب والثغرات التي تَبدّت طيلة السنوات الـ11 الماضية».

وكشفت «انّ مشروع موازنة العام 2018 صار شبه جاهز، ونستطيع القول انه سيصبح مُنجزاً بالكامل ويُحال الى المجلس النيابي لتدرسه لجنة المال والموازنة قبل آخر الشهر الجاري.ونستطيع القول انها ستنجز في الوقت المحدد لها».

وعلمت «الجمهورية» انه تم الاتفاق، على المستوى الحكومي، على عقد اربع جلسات متتالية لمجلس الوزراء خلال النصف الثاني من الشهر الجاري، مخصّصة لدرس وإقرار موازنة العام 2018، تمهيداً لإحالتها الى مجلس النواب.

واكد بري أمام زوّاره انّ جلسة اليوم طبيعية وعادية، وتعيد تصويب الامور مرة أخيرة، وتؤكد بالدرجة الأساس على حق الموظفين بسلسلة الرتب والرواتب.