إزدحَم المشهد الداخلي بالأحداث؛ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون قدّم جردةَ حساب للسنة الأولى من عهده، رئيس الحكومة سعد الحريري ألغى مواعيده على عجَل وانتقل إلى السعودية حيث التقى وليّ العهد الأمير محمد بن سلمان، إستئنافُ تغريدات وزير الدولة السعودي لشؤون الخليج العربي ثامر السبهان الهجومية على «حزب الله»، دخولُ الاشتباك الدائر حول ملفّ الاتصالات مرحلة الاحتدام، ودخول القضاء على خطّ هذا الاشتباك وما يُحكى عن صفقات وهدرٍ لملايين الدولارات، باستدعاءات للاستماع إلى إفادات بعض الأشخاص الواردة أسماؤهم في هذا الملف، ودخول ملفّ بواخر الكهرباء في جولة جديدة أمام إدارة المناقصات بعد استكمال بعض الشركات لمستنداتها.
قدّم الرئيس عون في حوار مع مؤسسات اعلامية مساء امس، جردةَ حساب عن السَنة الأولى من عهده، عدَّد فيها بعضَ الإنجازات، وقال: «الدولة كانت مهترئة و«منتهية الصلاحية» عندما استلمناها، بما فيها مجلس النواب»، مضيفاً أنه «ما مِن شك في أنّ البناء من جديد هو أسهلُ بكثير من الترميم الذي نقوم به حاليّاً».
وشدّد على أنّ «الدولة لا تصطلح خلال 10 أشهر، وهناك الكثير من المشاكل تحتاج للمعالجة، مشيراً إلى أنّ أخطاء كثيرة قد سُجّلت، وقال: كلّ وسائل محاربة الفساد لم تتوفّر بعد، ونعمل على تأمينها. ولكن لا يمكن فتحُ معركة الفساد قبل أن نركّز أركان الدولة».
واعتبَر أنّ «سياسة التراضي توقَّفت إلّا في حالة استثنائية». وأشار إلى أنّ «نظام المحاصَصة هو أمرٌ واقع في البلاد، وهي «العرف المتَّبع حتى اليوم في نظامنا الطائفي.
وأكّد رئيس الجمهورية أنّه ليس مكبَّلَ اليدين، وطمأنَ بأن لا خوفَ على القطاع المصرفي ولا على الليرة اللبنانية وأنّ «العقوبات الأميركية لن تؤثّر بشكل إضافي عن العقوبات السابقة». وأكّد أنّ «الانتخابات النيابية ستحصل والقانون الانتخابي لن يُعدَّل».
وإذ أكّد أنّه «لم تعُد لدينا القدرة على تحمُّلِ عبءِ النزوح السوري، أشار إلى عدم وجودِ دعوةٍ له لزيارة سوريا، وقال إنّ «إيران موجودة ولها تاثيرُها ولا أطماع لها في لبنان»، مؤكّداً «أنّنا لا يمكن أن نكون طرَفاً في الصراع العربي – العربي، فالعرب أشقّاء ولا يمكننا أن نقف مع شقيق ضدّ آخَر، ولن ندع أيّ شرارةٍ تأتي من الشرق إلى بيروت ولن ندع أيّ شرارة تخرج من بيروت إلى الشرق».
وقال: «على لبنان أن يُرسّخ استقرارَه ويحافظ على أمنِه وأن لا يدخل في لعبةٍ أكبر منه. نريد السلام مع الجميع ضمن مبادئ الحقوق والمصالح المتبادلة».
الحريري
في هذا الوقت، وصَل الحريري إلى السعودية والتقى وليّ العهد السعودي، وجرى خلال الاجتماع استعراض العلاقات الثنائية بين البلدين، بالإضافة إلى مستجدّات الأوضاع الإقليمية.
وفيما اكتفى مكتب الحريري بوصف الزيارة بـ«زيارة العمل»، لم يحدّد المدى الذي سيَمكثه الحريري في المملكة، خطفت هذه الزيارة بوصفها الأولى مِن نوعها منذ فترة، الاهتمام الداخلي، ونثرَت في الأجواء الداخلية العديد من علامات الاستفهام حول توقيتها وجدول أعمالها، وذهبت قراءات بعض السياسيّين الى حدّ الحديث عن تموضعات جديدة، وهو أمر استبعده مرجع سياسيّ، الذي قال لـ«الجمهورية»: «إنّ الامور في خواتيمها، لا نستطيع ان نحكمَ على الزيارة قبل حصولها، اي قبل الاطّلاع على نتائجها ونوعية الامور والمواضيع التي ستبحث فيها، مع أنّني أعتبر أنّ هذا الزيارة طبيعية، ولا أعتقد أنّه ستسفر عنها أيّ سلبيات تؤثّر على الاستقرار الداخلي السياسي وغير السياسي».
السبهان
في جديد السبهان هجومٌ عنيف على إيران و«حزب الله»، مشيراً إلى «أنّ لبنان وقع أسيراً لميليشيات «حزب الله» الذي يمارس أعمالَ قتلٍ وتدمير ويَستهدف دوَلنا في الخليج بشكل مباشر». ولفت الى أنّ مَن يعتقد أنّ تغريداته موقفٌ شخصي «يعيش في الوهم وسيَرى في الأيّام المقبلة ما سيَحصل»، وأوضَح أنّه توجّه بتغريداته إلى «الحكومة (اللبنانية) لأنّ الحزب ممثّل فيها.
وقال: «حزب الله» حزب شيطاني إرهابي، والمسألة ليست تطيير الحكومة بل يجب تطيير «حزب الله»، وكما قضَينا على «داعش» والقاعدة سنقضي على الجسم السرطاني الموجود في لبنان، ونحن قادرون، وعلى قادة ميليشيا «حزب الله» أن يعوا مسؤولياتهم لأنّهم سيحاسَبون على كلّ ما قاموا به، ويوم المحاسبة قريب».
وإذ حذّرَ من أنّ لبنان «أصبح كقنبلة موقوتة قد ينفجّر بأيّ لحظة بسبب وضعِه الاقتصادي وبسبب كلّ ما يقوم به «حزب الله»، أنهى كلامه بالقول: «الآتي سيكون مذهِلاً بكلّ تأكيد».
«الاتّصالات»
من جهةٍ ثانية، دخل القضاء على خطّ الاشتباك الدائر حول ملف الاتصالات، باستدعاءات وجّهها المدّعي العام المالي القاضي علي ابراهيم للاستماع الى بعض الاشخاص الواردة اسماؤهم في الملف. وفي هذا السياق، قال رئيس مجلس النواب نبيه بري امام زواره: «كنتُ وما زلت أؤكّد أنّ قطاع الاتصالات هو نفط لبنان، ويجب الحفاظ على هذه الثروة وعدم التفريط بها وضرورة إفادة خزينة الدولة منها».
وحول تطوّرات هذا الملف قال: «طالما الامر في عهدة القضاء، مجلس النواب ينتظر، وفي ضوء ما يقرّره القضاء في هذا الشأن يُبنى على الشيء مقتضاه». أضاف: «سبق وقلت إنّ إقرار الموازنة يوقِف ما نسبته 60 % من الفساد، لكنّ السرقة ما زالت مستمرة».
البواخر
على صعيد بواخر الكهرباء، استكملت ثلاث شركات أوراقَها وقدّمتها أمس الى إدارة المناقصات، بحيث أصبح أمام لجنة التلزيم اربعُ شركات، هي: كارادينيز التركية، شركة «BBE» (بساتني)، شركة «MEP» (تحسين خياط)، وشركة يونس بروس (عماد يونس).
وعلمت «الجمهورية» انّ لجنة التلزيم ستجتمع في التاسعة صباح اليوم، وتدرس مستندات الشركات للتأكّد من صوابيتِها وصلاحيتها، وخصوصاً إفادات «الخبرة» في هذا القطاع المرتبط بالصفقة، فإذا ما تبيَّنت صلاحيتها، ستنتقل اللجنة الى بيت القصيد المتعلق بالعرض التقني الذي يُعتبَر أساسَ الصفقة.
ويفترض ان تنهي اللجنة مهمّتها خلال خمسة ايام، ووجّه رئيس إدارة المناقصات جان العلية توجيهات صارمة الى اللجنة للتشدّدِ في تطبيق القانون ودفتر الشروط، وأيّ أمر لم يَرِد في قرار مجلس الوزراء يطبّق في شأنه قانون المحاسبة العمومية.
وقالت مصادر معنية بملفّ البواخر لـ«الجمهورية»: «في حال اكتمال المستندات واستيفائها الشروط المطلوبة، أو اكتمال بعضِها، وهذا محتمل، فيتوقع أن تنتقل المشكلة التي تواجه نجاح مشروع التلزيم من الملف الإداري إلى الملف التقني واستيفاء العروض الشروطَ المحددة في دفتر الشروط، والتي حاوَل الاستشاري في المرحلة السابقة «التساهل» فيها بحيث كان يعمل على تعديل دفترٍ ليتلاءم مع العروض كما هي، بخلاف المنطق، وعلى أساس أنّها أوراق بسيطة.
وهو الأمر الذي اعترَضت عليه إدارة المناقصات في تقريرها السابق وحدا بها إلى إبداء ملاحظاتها حول الشروط التقنية المحدّدة في الدفتر الخاص بالصفقة، واقتراح إجراء تعديلات جوهرية مهمّة وعديدة عليها. ولم يستجب مجلس الوزراء، في حينِه لهذه الملاحظات والاقتراحات بالرغم من النقاشات الطويلة التي دارت حولها».
وتوقّعت المصادر الوصولَ مجدّداً إلى ذات النتيجة السابقة، فيبقى استدراجُ عروض معامل الكهرباء، البحرية والبرية، طبخةَ بحصٍ لا جدوى منها. وإذ أشارت الى ما سمَّتها «تسريبات عن تعديل في موقف الفريق المتحمّس للبواخر»، دعَت إلى التوقّف مليّاً عند ما قاله وزير الطاقة والمياه سيزار أبي خليل خلال مؤتمر تحريك عجَلةِ الاقتصاد في «البيال»، حيث أعرَب عن رؤيته لقطاع الكهرباء، التي بَدت تعكسُ توجّهاً جديداً، فتحدّثَ عن مشاريع مستقبلية، لافتاً الى أنّه ذاهبٌ إلى إتمام معمل دير عمار- 2 بالإضافة إلى إنشاء معمل في سلعاتا وآخَر في الجية، بحيث تمّ تكليف استشاري دولي لمعاونة الدولة في إدارة هذا المشروع، كما أنّه ذاهبٌ الى إعادة تأهيل معمل الذوق».
فهذا التوجّه ينسجم مع ما نادى به فريقٌ واسع من المسؤولين والخبراء في قطاع الطاقة وشؤونِها، منذ انطلاق إجراءات استدراج عروض معامل الكهرباء العائمة. فهل هذا الكلام بمثابة تمهيد للانسحاب من مشروع البواخر باتّجاه مختلف؟