Site icon IMLebanon

مانشيت:رصد اتصالات للبَلبلة وتحذير من اغتيالات.. والداخليّة تمنع التظاهر 

مضى أسبوع على استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري، والدولة اللبنانية لا تعتبر استقالته فعلية، وبالتالي هي غير قادرة على إجراء استشارات لتأليف حكومة جديدة ولا على تفعيل عمل مجلس الوزراء، فالوضع ملتبس، فلا الحكومة حكومة تصريف اعمال، ولا حكومة فعلية حالياً في غياب رئيسها. وفي غضون ذلك، كشف مرجع امني لـ«الجمهورية» أنّ اتصالات رُصدت لتحريك الشارع السنّي وفصائل فلسطينية لإحداث بَلبلة وإرباك في الأيام القليلة الماضية، إلّا أنّها لم تنجح في مسعاها. وحذّر من معطيات تؤشر إلى إمكان حدوث عمليات اغتيال بهدف خلق فتنة طائفية او مذهبية وإشعال الارض. ونبّه المرجع الى «انّ وزير العدل السابق اشرف ريفي يُعتبَر من ابرز الشخصيات التي قد تكون مستهدَفة في هذا الإطار». وبالتوازي، طمأن قائد الجيش العماد جوزف عون الى أنّ الوضع الأمني في البلاد تحت السيطرة، وأنّ حماية الاستقرار الوطني هي أولوية مطلقة لدى الجيش.
في غمرة التطورات المتلاحقة في ضوء استقالة الحريري برز موقف أميركي لافت عبّر عنه وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون ببيان أكّد فيه أن بلاده «تحض كل الاطراف، اكانوا في داخل لبنان او خارجه، على احترام وحدة واستقلال المؤسسات الوطنية الشرعية في لبنان، ومن ضمنها الحكومة والقوات المسلحة.

وفي هذا الاطار نكنُّ الاحترام لرئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري بصفته شريكاً قوياً للولايات المتحدة».

وفي تحذير لإيران و«حزب الله»، قال تيلرسون: «لا يوجد مكان ولا دور شرعياً في لبنان لقوات او مليشيات او عناصر مسلحة اجنبية غير قوات الامن الشرعية التابعة للدولة اللبنانية التي يجب ان يتم الاعتراف بها على انها السلطة الوحيدة المخولة حفظ الامن في لبنان».

بدوره، قال قائد وحدة جنوب غرب آسيا في القيادة المركزية للقوات الجوية الاميركية جيفري هاريغيان «إنّ من المهم تقديم حلول ديبلوماسية تنهي التوتر المحيط بلبنان، لا خوض حرب».

غير انّه حتى الساعة، لم تؤدّ المساعي الدولية بما فيها زيارة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الى السعودية ولقاؤه ولي العهد الامير محمد بن سلمان الى نتيجة تُذكر في قضية استقالة الحريري.

وعلمت «الجمهورية» انّ المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم الذي عاد الى لبنان منتصف الليل قد عَقد اجتماعات مع المخابرات الفرنسية الخارجية اثمرَت اقتناعاً فرنسياً بضرورة مساعدة لبنان واستعادة رئيس حكومته، فصدر على الاثر بيان للخارجية الفرنسية، عدلت فيه موقفها بعدما اطلعها ابراهيم على معطيات لم تكن تملكها، فطالبَت بـ«أن يكون الحريري حرّاً في تحرّكاته وقادراً بنحوٍ كامل على القيام بدوره الحيوي في لبنان، وذلك بعدما كانت قد ابدت اعتقادها بأنه «حرّ في تنقلاته، ولا يخضع للإقامة الجبرية» في السعودية.

وعلى الخط السعودي، ونتيجة المساعي التي يقوم بها الرئيس الفلسطيني محمود عباس، علمت «الجمهورية» انّ اللواء ابراهيم تلقّى اتصالاً من مدير المخابرات السعودي ابلغه فيه الرغبة بالبحث في قضية الحريري، واتّفقا على التواصل مجدداً بعد عودة ابراهيم الى بيروت، ما يعني احتمال ان يتوجّه ابراهيم الى السعودية في الساعات المقبلة بعد التنسيق مع رئيسي الجمهورية ومجلس النواب.

الموقف الفرنسي

وكان نائب المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية قد ذكر انّ السفير الفرنسي في السعودية ألكسندر جورجيني زار الحريري في منزله «لدى عودته من جولةٍ قام بها إلى الإمارات العربية المتحدة والتي أشار إليها وزير الخارجية جان إيف لو دوريان هذا الصباح».

وكان لودريان الذي زار الرياض قد قال لإذاعة «اوروبا 1» إنّ الحريري «توجّه الى ابوظبي عشية قدوم (الرئيس الفرنسي ايمانويل) ماكرون، وبالتالي نعتقد أنه حرّ في تنقلاته».

واضاف: «انّ لبنان كان يتجه نحو حل جديد مع دستور جديد وانتخابات مقبلة. لكن إستقالة الحريري تنذِر بمرحلة من الغموض». وأمل في «ان تظلّ الوحدة والسيادة مصانتينِ في لبنان وأن يتمكن المسؤولون السياسيون من تطبيق الدستور والعمل سريعاً على اقامة مؤسسات تمثّل فعلاً كلّ المجموعات الموجودة في لبنان».

وذكرت مصادر ديبلوماسية بارزة لـ«الجمهورية» انّ موفداً للرئيس الفرنسي هو المستشار الرئاسي للشؤون الخارجية اورليان دو شوفالييه وصَل الى بيروت مساء امس، في مهمة وُصِفت بأنها تتصل بالبحث حول وضع الحريري وسيلتقي المسؤولين اللبنانيين الكبار ناقلاً اليهم رسالةً شفوية من ماكرون تتضمن نتيجة زيارته الطارئة والسريعة للرياض.

برلين

وإلى ذلك ابدَت المانيا اعتقادها بأنّ الحريري «حرّ الحركة»، وقالت متحدثة باسم وزارة الخارجية الألمانية: «ليس لدينا دليل على أنّ الحريري محتجز في الرياض، ونفترض أنه يذهب الى ايّ وجهة شاء».

قلق أممي

ومن جهتهما الامم المتحدة ابدت «قلقَها الكبير» مما يجري، وقال الامين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريش: «كنتُ على اتصال وثيق (هذا الاسبوع) على المستوى السياسي والديبلوماسي مع السعودية ولبنان وعدد كبير من البلدان(…) هذا موضوع يشكل قلقاً كبيراً بالنسبة إلينا. ما نريده هو الحفاظ على السلام في لبنان. من المهم أن لا يحصل ايّ نزاع جديد في المنطقة يمكن ان تنجم عنه عواقب مدمرة. وفي الوقت نفسه، من المهم الحفاظ على الوحدة والاستقرار في لبنان وعمل المؤسسات اللبنانية (…) نحن قلقون جداً ونأمل في أن لا يحصل تصعيد في المنطقة تنجم عنه عواقب مأسوية».

حراك محلي

من جهة اخرى، رأى الامين العام لـ»حزب الله» السيّد حسن نصرالله انّ الحريري «محتجز في السعودية»، وانّ ذلك يشكل «اهانةً للبنان ولتيار«المستقبل»، وينبغي ان يعود الرَجل الى لبنان، معتبراً «انّ الحكومة شرعية ودستورية وغير مستقيلة ورئيسُها محتجز».

ولوحِظ انّ المراجع المسؤولة والقيادات السياسية تحرَص على الاستثمار في وحدة الموقف المتجلّية حول الحريري لتعزيز أواصر الوحدة الوطنية، بغضّ النظر عن الخلافات الساسية، الى درجة انّ عون يؤكد امام زواره «انّ لبنان اذا خرج من هذه الأزمة منتصراً فإنّ ذلك سيؤسس ليكون البلد اكثرَ استقلالية وتحصيناً امام التدخلات الخارجية».

وعلمت «الجمهورية» انّ الحراك الذي يقوده عون سيتصاعد ليبلغَ ذروته بالذهاب الى تقديم شكوى الى مجلس الامن الدولي في حال لم يعُد الحريري الى بيروت قريباً ليُبنى على الشيء مقتضاه في موضوع استقالته في ظلّ اصرار على استمرار الحكومة الحالية حتى لو اضطرّ الامر الى اجراء استشارات يعاد بنتيجتها تكليف الحريري.

وقالت مصادر مطلعة لـ«الجمهورية» انّ عون ابلغَ الى الوفود الديبلوماسية التي يلتقيها انه لن ينتظر أكثر من اسبوع لجلاء مصير الحريري قبل ان يضطرّ الى نقلِ الملف الى المجتمع الدولي، وانّ هناك إستعدادات دولية لمساعدة لبنان في هذا المسعى، في إشارة ضمنية منه الى استعدادت روسية وأخرى غربية.

وقالت دوائر قصر بعبدا لـ«الجمهورية» انّ عون «كان واضحاً وصريحاً امام مجموعة الدعم الدولية، وشرَح لها الظروف التي رافقت الاستقالة مستغرباً ان يتحدّث اليه رئيس الحكومة السبت الماضي ويبلِغه بانّه لم يعد قادراً على تحمّلِ الوضع وبأنه سيكون في بيروت في غضون يومين او ثلاثة ايام كحدّ أقصى، لكنّه ومنذ ذلك الوقت لم يسمع صوته ولم يعد الى بيروت».

وعبّر عون عن «قلقه الشديد تجاه الظروف المحيطة بإقامة الحريري حيث هو، وقال «انّ لبنان ينتظر من مجموعة الدعم المساعدة بما اوتيَت من قوة لتأمين عودته الى لبنان، لأنّ ما يحصل يمسّ بكرامة لبنان واللبنانيين».

8 آذار

وفي سياق متصل قال قطب نيابي في 8 آذار لـ«الجمهورية»: «انّ المراجع المسؤولة والقيادات الامنية عمّمت بوجوب اتّخاذ الحيطة والحذر على الصعيد الامني خوفاً من دخول المصطادين في الماء العكر على خط الأزمة القائمة ومنعاً لوقوع ايّ احداث يُراد منها ايقاع الفتنة بين اللبنانيين في هذه المرحلة، مع العلم ان لا خوف لدى المعنيين من ايّ تهديد امني خارجي، سواء على المستوى الاسرائيلي او غيره».

وقال: «انّ الجميع من اعلى قمة هرم السلطة الى قاعدته مروراً بالقوى السياسية وعلى رأسها تيار«المستقبل» يتصرّفون وكأنّ استقالة الحريري لم تحصل».

ونوَّه بموقف كتلة «المستقبل» الذي يشدّد على عودة الحريري، وكذلك بموقف بعض القياديين «المستقبليين» الذين رفضوا ما تردَّد عن وجود محاولات لاستبدال الحريري بشخصية اخرى»، واعتبَر «انّ هذه المواقف معطوفة على مواقف اخرى في هذا الاتجاه تؤسس لمرحلة وطنية جديدة من شأنها ان تُرسّخَ الاستقرار السايسي والامني الذي كانت التسوية الرئاسية قد أرسَت دعائمه».

البخاري

وكان التطور البارز في مشاورات عون لقاؤه مع القائم بالاعمال السعودي وليد البخاري حيث حمّله طلباً الى ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان بعودة الحريري الى لبنان تجنّباً لتداعيات الاوضاع السائدة على امن لبنان واستقراره في هذا السياق. وعلمت «الجمهورية» انّ البخاري ابلغ الى عون انّ الحريري الذي التقى أمس سفيرَي إيطاليا وروسيا في السعودية لوكا فيراري وسيرغي كوزلوف، «حرٌّ في قراره العودةَ الى لبنان، وأنّ القرار بهذه العودة يعود لتقديره وحسب».

واضاف البخاري «امّا بالنسبة الى الادعاءات بأنّ المملكة تفرض اقامة جبرية او ما شابَه على الحريري، فيَدحضها بأنّ الرجل يلتقي يوميا سفراء دولٍ اوروبية واجنبية، وهو قبل ايام سافر الى دولة الامارات العربية المتحدة وعاد بحرّية منها الى الرياض من دون ايّ قيود، وفي امكان رئاسة الجمهورية اللبنانية التواصل معه مباشرةً او إيفاد وزير الخارجية الى الرياض للّقاء معه، وهذا الامر متاح بكلّ حرّية».

خطف سعودي
ومن جهة ثانية، رَبطت مصادر ديبلوماسية عربية طلبَ السعودية وبعضِ دولِ الخليج من رعاياها مغادرةَ لبنان بتهديدات تلقّاها بعض الرعايا بخطفِهم، واشارت الى انّ حادثة خطف المواطن السعودي علي البشراوي امس من منزله في جوار أدما إنّما تندرج في اطار هذه التهديدات».

وفيما يطالب خاطفو البشراوي بفدية مالية لاطلاقه. قال القائم بأعمال سفارة السعودية في لبنان وليد البخاري في تغريدة له عبر «تويتر» إنّ السفارة «تتواصل مع السلطات الأمنية على أعلى المستويات للإفراج عن المواطن السعودي المختطف من دون قيدٍ أو شرط بأقرب فرصة ممكنة».