IMLebanon

مانشيت:تجدُّد الخلافات على الملفات الداخلية.. وتخوُّف من سقوط «الهدنة» السياسية 

دخلت المواجهة السعودية مع «الحوثيين» فصلاً جديداً، في ضوء تكرار هجماتهم على المملكة التي أعلنت اعتراضَ صاروخ باليستي «إيراني ـ حوثي» فوق الرياض من جهة، وحديث القوّة الصاروخية اليمنية التابعة لـ»حركة أنصار الله» الحوثية عن «تدشين «مرحلة جديدة من المواجهة»، مهدّدةً بأنّ «القصور السعودية وكافة المنشآت العسكرية والنفطية لن تكون في مأمن» من جهة ثانية. فيما اعتبَر المتحدث باسمِ قوات التحالف الداعمة الشرعية في اليمن «أنّ سيطرة المنظمات الإرهابية، ومنها ميليشيا الحوثي المسلحة المدعومة من إيران، على الأسلحة الباليستية ذات التصنيع الإيراني، يمثّل تهديداً للأمن الإقليمي والدولي». وأكّد رئيس الحكومة سعد الحريري «أنّ تكرار استهداف الأراضي السعودية بالاعتداءات الصاروخية من الأراضي اليمنية، لا يهدّد أمنَ المملكة وسلامة شعبِها فحسب، وإنّما يعرّض المنطقة لمخاطر جسيمة ويُفاقم حالات الانقسام والنزاع القائمة». ودانَ «بشدّة مِثلَ هذه الاعتداءات»، مشدّداً على وجوب «الإقلاع عن هذه الأساليب العدوانية والابتعاد عن سياسات تأجيج النزاعات، وسلوك طريق الحوار لحلّ المشكلات المستعصية».
أصيبَ مجلس الوزراء بأوّل انتكاسة في مرحلة ما بعد طيّ صفحة استقالة الحريري، وهي التصدّع نتيجة مرسوم منحِ سنة أقدمية لضبّاط دورة عام 1994 (دورة عون)، ما ينذِر بعودة الخلاف واقتصار التضامن ووحدة الموقف على العناوين الاستراتيجية.

وذهبَ البعض الى القول إنّ «دورة عون» موضوع الخلاف تهدّد بوقفِ «تدوير الزوايا» حول كثير من القضايا السياسية الداخلية والجاري منذ ما قبل عودة الحريري عن استقالته.

فمِن خارج جدول الاعمال، انفجرَت الأزمة بين «التيار الوطني الحر» وحركة «أمل»، وعلت حدّة السجال بين وزير الدفاع يعقوب الصرّاف ووزير المال علي حسن خليل بعدما فتحَ الاخير الموضوع متحدثاً عن مخالفة دستورية لجهة عدمِ تضمين المرسوم توقيعَ وزير المال في الشكل، عدا عن مخاطر مرسوم كهذا في المضمون. فتدخّلَ الوزير مروان حمادة سائلاً عن جدوى المساس بهيكلية الجيش وصحّة هذا الأمر.

ودار الاشتباك عندما قال الصرّاف لخليل «إنّ قانون الدفاع الوطني لا يَذكر حتمية توقيع وزير المال دائماً حتى لو ترتّبَ على مرسوم منحِ الأقدمية أعباء مالية».

وأعطى أمثلةً على خمسة مراسيم صدرَت سابقاً. فانتفضَ خليل ضارباً يدَه على الطاولة، قائلاً: «هذا انقلاب فاضح على الدستور ومخالفة للأصول القانونية والأعراف الميثاقية، ولن نقبل إطلاقاً إمرارَ هذا الخطأ أو الاستمرارَ فيه.

فإذا كانت قد حصَلت سوابق فما يُبنى على باطل فهو باطل». وأشار إلى «أنّ هناك مراسيم مشابهة للأقدميات في الجيش وقّعها وزير المال عدا عن أنّ كلَّ مراسيم بقية الأسلاك العسكرية يوقّعها وزير المال». وقال: «إذا لم تتمّ إعادة النظر في الموضوع فنحن أمام قضية خلافية كبيرة متّصلة بانتظام عمل المؤسسات ككل.

ومِن جهة ثانية في المضمون، كيف توقَف دورات لموظفين في فئات رابعة وخامسة لاعتبارات عدمِ التوازن ويسوَّق لمِثل هذا المرسوم وهذا الإجراء، علماً أنّ هناك اقتراح قانون مقدَّم في مجلس النواب في هذا الصَدد وهو يناقَش».

و تدخّلَ الوزير جبران باسيل قائلاً إنّ الصرّاف «لم يقصد إسقاطَ توقيع وزير المال أو تجاوُزَه إنّما استند إلى سابقات، فهؤلاء حصَل إجحاف في حقّهم، وما نفعله هو جزء بسيط ممّا يستحقّونه، فأعطيناهم سنة واحدة وحقّهُن سِنتَين».

وطلبَ خليل من الصرّاف أن يسحب كلامه وأن يسجّل هذا الامر في محضر الجلسة. فيما تدخّلَ الوزير جان اوغاسبيان «من منطلق خبرتِه»، معتبراً «أن لا انعكاس ماليّاً على الأقدمية، والامر مرتبط بجدول الترقيات». ولوحِظ صمتُ الحريري طوال مدة هذا النقاش الحاد ولم يتدخّل سوى برفع الجلسة عندما ارتفعت حدّة التوتر بين المتداخلين.

وتخوّفَت مصادر وزارية من سقوط الهدنة السياسية الاخيرة بين عون وبري، وقالت لـ«الجمهورية»: «يبدو أنّ الخلافات الكبيرة على الملفات الداخلية ستعود، فاليوم المرسوم وغداً الكهرباء، عدا عن النفايات والخلوي والاتصالات وغيرها من البنود المتفجّرة».

وعلمَت «الجمهورية» أنّ المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم دخلَ على خط الوساطة مقترحاً مخارجَ لمرسوم لضبّاطِ «دورة عون»، وهو سيَستكمل اتصالاته اليوم في محاولةٍ لإحداث خرقٍ يأخذ في الاعتبار هواجسَ الطرفين.

«القوات»

وأوضَحت مصادر «القوات اللبنانية» لـ«الجمهورية» أنّ وزيرها بيار بوعاصي «تحدّثَ خلال الجلسة «عن الانعكاسات السلبية للمشكلة المتفاقمة في التمثيل الديبلوماسي بين بيروت والرياض في ظلّ المصالح المشتركة بين البلدين، متسائلاً عن أفق الحلّ والمساعي القائمة لإعادة تصحيح الوضع.

فتدخّلَ الحريري وقال إنّه يتابع هذه المسألة بعناية، مذكّراً بتأخير تعيين سفير لبنان في الرياض، وأنّه يهتمّ بالموضوع، إذ حصل تأخير في تعيين سفيرنا في الرياض، داعياً إلى تجنّبِ تحويلِ هذه المسألة خلافية».

ولفتَت مصادر «القوات» الى أنّ الوزير غسان حاصباني «كانت له مداخلة في موضوع قطاع الاتّصالات، أشار فيها إلى حاجة هذا القطاع لنظرةٍ استراتيجية تبدأ بتنفيذ القانون ٤٣١ الصادر في العام ٢٠٠٢ أو تحديثِه ثمّ تطبيقه والاستفادة من قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص لتطوير القطاع.

واقترح تقليص مدّة التمديد لتحفيز العمل على المناقصة سريعاً، فاتّفق على تضمين العقدِ الممدّد نصّاً واضحاً يحفظ حقّ الدولة بتقليص مدة العقد في حال استطاع إنهاءَ المناقصة الدولية في فترة قصيرة والتي قدّرَها وزير الاتصالات بـ ١٠٥ أيّام. وشدّد حاصباني على أهمية هذا القطاع لِما له من اثرٍ على الاقتصاد إذا أُديرَ بطريقة فعّالة.

وتساءلَ عن جدوى العقود القائمة مع الشركات الحالية التي لا تعطي صلاحيات واسعة للإدارة التشغيلية وكلُّ القرارات الأساسية تعود لوزارة الاتصالات، وبالتالي لماذا إبرامُ عقدٍ إداريّ ووزارةُ الاتصالات تتّخذ كلَّ القرارات الإدارية، وما الفارقُ بين العقد الإداري وبين مديرين تعيّنهم وزارة الاتصالات لإدارة تلك الشركات.

ولذلك يجب درسُ دفترِ الشروط سريعاً وتحسينُ شروطه وتحسين وضعية إدارة القطاع لكي تكون هناك جدوى للعقود الإدارية، وفي الوقت نفسه يجب الإسراع في إجراء المناقصة لاستقطاب شركات كبرى تعطي قيمة مضافة للقطاع».

الجميّل في باريس

على صعيدٍ آخر، واصَل رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل زيارته الى باريس والتقى مساء أمس وزير الخارجية جان ايف لودريان بعدما كان التقى رئيس المجلس النيابي فرنسوا دو روجي الذي شدّد على «ضرورة تطبيق كلّ قرارات مجلس الامن المتعلقة بلبنان»، مؤكداً وقوفَ فرنسا الدائم الى جانب لبنان.

وعلمت «الجمهورية» أنّ المسؤولين الفرنسيين الكبار الذين التقاهم الجميّل ركّزوا في أسئلتهم على «دور الجيش اللبناني في هذه المرحلة، ومدى قدرتِه على القيام بواجباته السيادية على الحدود وفي الداخل».

وشدّد الجميّل على «ضرورة الفصل بين الموقف من الأخطاء والتجاوزات التي ترتكبها السلطة الحاكمة راهناً، خصوصاً لجهة التخلّي عن القرارات السيادية، وبين دور الجيش اللبناني الذي يجب التركيز على دعمِه وتسليحه وتدريبه وتقويتِه ليكون جاهزاً في أقربِ فرصة لبسطِ سلطة الدولة اللبنانية بقواها الذاتية حصراً على أراضيها بمساعدة قوات «اليونيفيل» من جهة ثانية».

وكشفَت مصادر مواكِبة لزيارة الجميّل لـ«الجمهورية» أنّ المسؤولين الفرنسيين أبدوا استغرابَهم ودهشتهم «لِما رافقَ البيان الأخير الصادر عن مجموعة الدعم الدولية للبنان التي انعقدت في باريس من محاولاتٍ قامت بها بعض الجهات اللبنانية لشطبِ القرار ١٥٥٩ من مضمون البيان مشدّدِين على تمسّكِ فرنسا خصوصاً والمجموعة الدولية عموماً بتطبيق القرارَين ١٥٥٩ و١٧٠١ وغيرهما من القرارات المتعلقة بلبنان وباستعادة سيادته وحصرِ اقتناء السلاح واستخدامه بالقوى الشرعية حصراً».

وفي المعلومات أنّ اجتماعات الجميّل الباريسية «غالباً ما امتدّت لاكثر مِن الوقت المحدّد لها اصلاً في ضوء إصرار المسؤولين الفرنسيين على استيضاح تفاصيل حول كثير مِن الملفات والنقاط، معبّرِين بطريقة ديبلوماسية لبِقة يُفهَم منها رغبتهم في تكوين موقفٍ يتجاوز مطالب الاكثرية الحاكمة ليأخذَ في الاعتبار رأيَ المعارضة وملاحظاتها على مواقف الأكثرية الحاكمة من هذه الملفات الوطنية».

جولة موغيريني

مِن جهة أخرى برزَت أمس جولة الممثّلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني على كلّ من رئيس الجمهورية ميشال عون، رئيس مجلس النواب نبيه برّي، رئيس الحكومة سعد الحريري ووزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل، حيث أعلنَت أنّ «الاتحاد الأوروبي يعمل لإنجاح المؤتمرات التي سوف تُعقد لدعم لبنان، لا سيّما في المواضيع التي توليها الدولة اللبنانية أولوية».

وقالت: بالنسبة إلى الاتحاد الأوروبي، من المهمّ جداً أن نرى المؤسّسات اللبنانية تعمل معاً، والأطرافَ السياسية تعمل سويّاً، مع التزام قوي بالنأي بالنفس، والذي ننتظر الآن أن يُحترَم ويطبَّق بالكامل، وهذا أولويّة قصوى لنا كأصدقاء للبنان».

باسيل عند جنبلاط

وفي الحراك الداخلي التقى رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط وعقيلتُه السيّدة نورا جنبلاط في دارتهما في كليمنصو وزيرَ الخارجية والمغتربين جبران باسيل وزوجتَه شانتال ميشال عون، في حضور تيمور وليد جنبلاط. وتناوَل البحث التطوّرات السياسية الراهنة.

وغرّد جنبلاط عبر «تويتر» ناشراً صورةَ اللقاء مع باسيل ومعلّقاً: «لقاء سياسي ودّي وصريح مع الوزير جبران باسيل شملَ عناوين عدة ومتفرّقة، اتّفقنا خلاله على ضرورة تمتين العلاقة الثنائية معه ومع «التيار الوطني الحر» والتعاون لمعالجة مواضيع عالقة وحلّها من أجل مصلحة الوطن».

عون يطرح حلّاً لرواتب الأساتذة

مِن جهةٍ ثانية، شكّلت قضية رواتب الأساتذة وأقساط المدارس في التعليم الخاص، وما نتجَ من تداعيات بعد صدورِ سلسلة الرتب والرواتب، محورَ زيارةِ وفدٍ موسّع مِن اللجنة الأسقفية للمدارس الكاثوليكية لرئيس الجمهورية ميشال عون أمس.

وأعرَب رئيس اللجنة المطران حنّا رحمة لـ«الجمهورية» عن تفاؤله إزاء طرحِ رئيس الجمهورية، مِن ضِمن الحلول «أن تتولّى الدولة دفعَ رواتبِ المعلمين في المؤسسات التعليمية الخاصة، شرط أن تكون أقساطها محدَّدة استناداً إلى موازنتها التي تخضع لرقابة وزارة التربية».

وقال رحمة: «لمسنا أنّ الرئيس عون مدركٌ جوهرَ المشكلة، ولأهمّية المحافظة على الهوية الثقافية الفكرية، الحضارية للبنان، فطرَح حلّاً يقضي أن تكون رواتب الأساتذة على عاتق الدولة، وهذا يَستدعي درساً ومتابعة لتتحوّلَ الفكرة قراراً ومرسوماً وقانوناً، فالدولة لن تُسدّد فقط الفروقات الناتجة من السلسلة، إنّما رواتب الأساتذة كاملةً، وبالتالي لن يتكبّد الأهالي إلّا جزءاً بسيطاً من الأقساط»، وأشار إلى «أنّ عملية التنفيذ لن تكون في ليلة وضحاها، وإنّما بعد درسٍ معمَّق لمعرفة مدى كلفتِها وإمكانية تطبيقها».

وفي سياقٍ متّصل علمت «الجمهورية» أنّ لجنة من قصر بعبدا ستتولّى التواصل مع اللجنة الأسقفية ولجنة الطوارئ التي شكّلها وزير التربية مروان حمادة، والتنسيق مع نقيب أساتذة التعليم الخاص رودولف عبود بهدفِ الوصول إلى نتيجة، خصوصاً أنّ اجتماعاً ضيّقاً عقِد في أحد مكاتب القصر بعد الاجتماع الموسّع مع عون، بَحث في الآليّة المناسبة لمعالجة الأزمةِ بنحوٍ سليم.