في خضمّ التحضير لزيارة الرئيس الألماني فرانك شتاينماير للبنان اليوم، حملت عطلة نهاية الأسبوع مؤشّرات إلى احتمال معالجة أزمة «مرسوم الأقدمية»، إذ سرى خلالها «وقفُ إطلاق نارٍ إعلامي» بين المعنيّين بهذه الأزمة، قد يتيح لمساعٍ حميدة جارية إيجادَ ذلك الحلّ، وتمثّلت هذه المؤشّرات بتحرك رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط شخصياً بين «عين التينة» و«بيت الوسط»، فيما تحدّثت معلومات عن انعقاد لقاء بين رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل ومسؤول الارتباط والتنسيق في «حزب الله» الحاج وفيق صفا، شاعَت بعده معلومات أفادت أنّه تخلّله محادثة هاتفية بين باسيل والأمين العام لـ«حزب الله» السيّد حسن نصرالله.
كان الحدث السياسي مساء أمس زيارة جنبلاط لرئيس الحكومة سعد الحريري في بيت الوسط، التي جاءت بعد نحو 24 ساعة على لقائه رئيسَ مجلس النواب نبيه بري في عين التينة، وتبيّن انّ جنبلاط بادرَ شخصياً الى تسويق مبادرة بري لحلّ أزمة المرسومين لدى الحريري، ليتحرّك الاخير بدوره في اتّجاه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وهي تقضي بدمج مرسومَي الاقدمية والترقيات بمرسوم واحد يوقّعه رئيسا الجمهورية والحكومة والوزراء المختصون، وفي مقدّمهم وزير المال.
وبعد اللقاء الذي حضَره النائب وائل أبو فاعور والسيّد نادر الحريري، والذي تناوَل مجملَ التطورات السياسية الراهنة، لم يدلِ جنبلاط بأيّ تصريح، فيما ردّ الحريري في دردشة مع الصحافيين على قول بري أن لا داعي للقاء بينهما: «الرئيس بري «بيمون». وأضاف: «علينا أن نخفّف أيّ توتّر في البلد»، متسائلاً: «هل إنّ مرسوم الأقدمية هو الذي يَحكم البلد؟»، وقال: «لا أظنّ أنّ هناك حكمة في الأمر. ولكن في كلّ الحالات، هناك خلاف سياسي، وأنا سأعمل على أساس أن نقيمَ تسويةً ما».
وسُئل الحريري: هل سيتمّ تفعيل مبادرة بري أو طرحُ فكرةِ جديدة؟ فأجاب: «ليس لديّ الحلّ اليوم، ولكن لا بدّ مِن القيام بشيءٍ ما، والتهدئة الإعلامية هي الأهمّ. فالمواطن اللبناني يريد إزالة النفايات والحصولَ على الكهرباء وإيجاد فرصِ العمل، وهذا ما يَهمّه.
من هنا أرى أنّ هناك أزمات أهمّ بكثير، وعلينا جميعاً أن ننكبّ على حلّها. وموضوع المرسوم هو موضوع سياسي، علينا أيضاً أن نحلّه، وأنا أرى أنّ الهدوء هو السبيل الوحيد، وإن شاء الله نشهد في الأسبوع المقبل حَلحلةً ما».
وسُئل الحريري أيضاً: لماذا لا تزور الرئيس بري؟ فأجاب: «لا تعرفون.. ربّما أذهب إليه».
برّي
وكان بري قد سُئل أمس عن علاقته مع الحريري واحتمالِ اللقاء معه، فقال امام زوّاره: «ما مِن داعٍ للقاء الحريري، فأخباره تصِلني وأخباري تصِله، خصوصاً أنّه كان قد وعَد بقطع يدِه قبل توقيعِ مرسوم الأقدميّة للضبّاط، ومع ذلك تراجَع عن وعده ووقّعَ هذا المرسوم».
وعبَّر بري عن ارتياحه الى لقائه وجنبلاط، ووصَفه بأنه «جيّد» وأكّد ما قاله الاخيرعن اتّفاقهما على التحالف الانتخابي، آملاً في «أن يتوسّع هذا التحالف ليشملَ آخرين كثيرين». وقال: «إنّ هناك اتفاقاً على وقفِ إطلاق النار الإعلامي مع «التيّار الوطني الحر»، ونحن ملتزمون بذلك».
وسُئل بري عن مصير المقعد النيابي الشيعي الوحيد في دائرة جبيل الانتخابية، فقال: «هذا المقعد خاضع للنقاش مع «حزب الله» لتحديد هويّة المرشّح عن هذه الدائرة».
وهل سيَحضر قدّاس عيد مارون في 9 شباط المقبل إلى جانب رئيس الجمهوريّة، قال بري: «لم أقاطِع يوماً قدّاس عيد مارون، ولكن لا يمكنني أن أجزمَ بحضوره هذه السَنة لأسباب أمنيّة».
باسيل وصفا
وإلى ذلك، تحدّثت مصادر مطّلعة لـ«الجمهورية» عن اتصالات تجري لضبطِ الخلاف السياسي بين عون وبري، وأنّ الأصدقاء المشتركين بينهما، وفي مقدّمهم «حزب الله»، يلعبون دوراً أساسياً فيها، خصوصاً أنّ الجوّ السياسي بلغَ حدّاً من الاحتدام باتَ يهدّد الاستقرارَ عموماً.
وعبّرَت هذه المصادر عن «تجاوبٍ ملموس» لدى المعنيين مع مساعي التهدئة عبّروا عنه بـ«تعميمات داخلية» دعَت محازبيهم الى «وقفِ إطلاق النار» السياسي.
وتوقّفَت المصادر عند لقاء الوزير جبران باسيل مع مسؤول الارتباط والتنسيق في «حزب الله» الحاج وفيق صفا، وقالت إنّ البحث تناوَل الشقّ الانتخابي عموماً، والمستجدّات السياسية وتطوراتها الراهنة خصوصاً. ولم يتأكّد ما تحدّثت عنه معلومات متفرّقة من انّ اللقاء تخللته محادثة هاتفية بين الامين العام للحزب السيّد حسن نصرالله وباسيل.
الانتخابات
وكان الموضوع الانتخابي موضعَ بحثٍ وبتفاصيله يومَ السبتِ الماضي في خلال اللقاء الذي جَمع بري وجنبلاط في عين التينة، ووصَف الجانبان هذا اللقاء بأنه «ودّي وإيجابي جداً». وقالت مصادر جنبلاط لـ«الجمهورية» إنّ «ما طُرِح مع رئيس المجلس هو ملكُه ولكن لا نستطيع ان نقول إلّا إنّ وجهات النظر متطابقة معه في مقاربةِ المسائل السياسية والانتخابية».
وفي غضون ذلك اكّدت مصادر مواكِبة للماكينات الانتخابية أنّ حركة «أمل» ستعلن في الايام المقبلة عن مرشّحيها، فيما «حزب الله» وخلافاً لِما تردّد لم يَصدر عنه ما يشير الى أنّ شورى القرار في الحزب قد حدّدت المرشحين، ولكنّ هذا الأمر سيتمّ أيضاً خلال ايام.
وردّاً على موقف تيار «المستقبل» الرافض التحالفَ مع «حزب الله»، قال مسؤول في الحزب لـ«الجمهورية»: «لا نريد الدخولَ في أخذٍ وردّ، فلنا انتخاباتُنا ولهم انتخاباتهم، مع تأكيد تحالفِنا مع الاصدقاء، وفي مقدّمهم الرئيس نبيه بري الذي نشاركه قوله إنّنا في «حزب الله» وحركة أمل متحالفون ومتكاملون فعلاً وروحاً وجسداً».
«القوات اللبنانية»
إلى ذلك، وفي ظلّ صدور بعض المواقف التي وصَفت ما حصَل بين «القوات اللبنانية» وبين كلّ مِن تيار «المستقبل» و«التيار الوطني الحر» بأنّه كان غيمةً عابرة، قالت مصادر «القوات» لـ«الجمهورية» إنّ «الاتّصالات السياسية مع «التيار الوطني الحر» وتيار «المستقبل» قطَعت شوطاً مهمّاً في السياسة، إلى حدّ بات يمكن القول معه إنّ الانتقال الى البحث الانتخابي صار ممكناً في أيّ لحظة، ولكن مع فارق أنّه إذا كان التحالف الانتخابي يَشترط تفاهمات وطنية وسياسية، فإنّ التفاهمات الوطنية لا تعني بالضرورة الذهابَ إلى تحالفات انتخابية، حيث إنّ أولويات كلّ فريق يمكن ان تختلف عن الآخر، كما أنّ أيّ طرفٍ قد يجد مصلحته الانتخابية بمعزلٍ عن الآخر».
وأكّدت المصادر «أنّ العلاقة بين «القوات» و«المستقبل» مرّت في ظروف صعبة، ولكنّها غيمة وعبَرت، والعلاقة بين «القوات» و«التيار الوطني الحر» يتمّ العمل على تنقيتها في محاولةٍ لتجنّبِ الأخطاء نفسِها في المستقبل، أمّا العلاقة مع «الحزب التقدمي الإشتراكي» فقد أحرزت تقدّماً كبيراً، خصوصاً أنّ تفاهمَهما السياسي مستمر».
وشدّدت على «أنّ التواصل لا يقتصر على تلك القوى، بل مفتوح على أحزاب وشخصيات أخرى، وإنّ الأمور بدأت تقترب من الحسم إفساحاً في المجال أمام الرأي العام اللبناني لحسمِ خياراته في المرشحين واللوائح».
قمّة لبنانية – ألمانية
على صعيد آخر، تُعقَد قمّة لبنانية ـ ألمانية عصر اليوم، إثر وصول الرئيس الألماني فرانك شتانماير إلى بيروت، حيث سيَستقبله رئيس الجمهورية العماد ميشال عون عند مدخل القصر الجمهوري، وسيَلي هذه القمّة مؤتمرٌ صحافي مشترَك بين الرئيسين وعشاءٌ رسمي دُعيَ إليه المسؤولون الكبار وأعضاءُ السلك الدبلوماسي الغربي والعربي.
وقالت مصادر مطّلعة لـ«الجمهورية» إنّ الترتيبات النهائية للقمّة قد أنجِزت بالتعاون بين بيروت وبرلين. وستتركّز المحادثات خلالها على العناوين الآتية:
• العلاقات اللبنانية ـ الألمانية على مختلف المستويات.
• حجم المساعدات الألمانية في مؤتمرات؛ «روما 2» المخصّص لدعم الجيش والقوى الأمنية، و»باريس 4» المخصص للمساعدات الاقتصادية، و«بروكسل» المخصّص لملفّ النازحين السوريين ومساعدة لبنان لمواجهة كلفته.
• القضايا العربية والإقليمية والدولية التي تعني الدولتين، وتحديداً ما على الساحة السورية والمنطقة.
ومِن المقرر أن يلتقي الرئيس الألماني غداً رئيس مجلس النواب والحكومة، ثم يتفقّد الكتيبة الالمانية العاملة في القوّة البحرية للـ»اليونيفيل». كذلك سيلتقي رؤساءَ وممثلي الطوائف المسيحية والإسلامية في دار الفتوى، ويشارك في احتفال وضعِ الأكاليل أمام تمثال الشهداء في ساحة الشهداء وسط بيروت، على ان يزور مدينة رفيق الحريري الجامعية في الحدث، حيث يلقي محاضرةً يَليها حوار مع طلّاب الجامعة اللبنانية. ثم يغادر صباح الأربعاء عائداً إلى بلاده.
مجلس الدفاع
ويُعقَد قبل ظهر اليوم اجتماعٌ استثنائي للمجلس الأعلى للدفاع في قصر بعبدا بدعوةٍ من رئيس الجمهورية وحضور جميعِ الأعضاء، للبحث في جملةٍ مِن القضايا الأمنية التي كانت مدارَ بحثٍ في الاجتماع الأخير للمجلس الذي خُصّص جانب منه، بالإضافة الى التطوّرات على الساحة اللبنانية وما يَجري في المنطقة وانعكاساته على الوضع في لبنان، للتحضيرات الإسرائيلية لاستكمال بناء الجدار العازل على الحدود بين لبنان وفلسطين المحتلة.
وأكّدت مصادر مطّلعة لـ«الجمهورية» أنّ البحث سيتركّز على نتائج الاتصالات التي أجراها قائد قوات «اليونيفيل» في بيروت الأسبوع الماضي ومع الأمم المتحدة، وتلك التي أجراها رئيس الحكومة ووزارة الخارجية في ضوء الموقف اللبناني المتشدّد من موضوع النقاط الـ 13 على الخط الأزرق، التي يتحفّظ لبنان عنها في اعتبارها أراضيَ لبنانية لا يحقّ لإسرائيل أن تهدّدها بالجدار العازل الذي أوقفَت بناءَه بعد اعتراضٍ من الجانب اللبناني.
وقالت المصادر إنّ الاجتماع سيكون مناسبةً لبناء موقفِ لبنان النهائي تحضيراً للاجتماع العسكري الدوري في الجنوب المقرّر عقدُه في 5 شباط المقبل بين الضبّاط اللبنانيين والإسرائيليين في موقعٍ للأمم المتّحدة عند معبر رأس الناقورة برعاية وحضور القائد العام لقوات «اليونيفيل» الجنرال مايكل بيري، للبحثِ في الوضع على الحدود الجنوبية واستكمالِ تنفيذ القرار 1701 والخروقات التي أحدثها الجدار الذي باشرَت إسرائيل في بنائه.