IMLebanon

مانشيت:بطون السلطة والمال تبلع الإنتخابات … والبنزين يقترب من الـ20 دولاراً 

باق من الزمن تسعة أيام، لتكتمل مصيبة البلد في السادس من أيار، بانتخابات مقبوض عليها سلفاً من قبل السلطة وبطون المال والعقارات وتجّار الاصوات. لم يعد هَم المواطن انتظار الصورة التي سيرسو عليها الاستحقاق الانتخابي، ولا إحصاء الارتكابات التي تمارس بحق الناخبين في مختلف الدوائر، بل صار الهم الاساس هو إحصاء الازمات التي تلقى على كاهله، وآخرها الارتفاع المريب والمتتالي لأسعار المحروقات حيث قاربَ سعر صفيحة البنزين العشرين دولاراً، مع ما يحمله ذلك من انعكاسات سلبية على مختلف القطاعات الحياتية.
يجري ذلك، وغيره الكثير، فيما هَمّ السلطة الاوحد هو إعادة استنساخ نفسها بانتخابات مشكوك بصحة تمثيلها. أمّا امام الهموم الاخرى، فتبدو إمّا غائبة عن الوعي، او كأنها تعيش في عالم آخر، او هي مغيّبة نفسها عن الحد الادنى من المسؤولية. والعلامة الفاقعة في هذا السياق، تَجلّت في مؤتمر بروكسل، الذي بَدا فيه لبنان مُفتقداً الى خطة جدية لمواجهة ازمة النازحين السوريين ولا لإعادتهم الى بيوتهم، بل تشخيص للمشكلة من دون حلول، وإقرار بحجم العبء الذي يشكّله هذا الملف، باعتراف رئيس الحكومة سعد الحريري نفسه الذي أقرّ بالأمس، بما كانت تعمي السلطة العين عنه، لناحية حصول توترات بين النازحين والمجتمعات المضيفة لهم، والغريب في هذا الأمر انّ إحجام السلطة عن طلب الدعم الدولي الجدي لإعادتهم الى سوريا، تستعيض عنه بطلب المساعدات لإبقائهم في لبنان.

واذا كان القاصي والداني صار عالماً بكل التفاصيل الدقيقة المحيطة بالتحضيرات للانتخابات النيابية، وخصوصاً ارتكابات السلطة وإمعانها في صرف النفوذ وتسخير مؤسسات الدولة ووزاراتها في خدمة انتخابات بعض الاحزاب، الى جانب صناديق المال التي ترعاها بعض قوى السلطة وتدفع الرشاوى بإسمها وعنها لشراء أصوات الناخبين، فإنّ اللافت للانتباه هو غياب، أو تغييب، هذه الصورة عن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، الذي توجّه مساء أمس برسالة الى اللبنانيين مقيمين ومغتربين عشيّة انطلاق انتخابات المغتربين في الدول العربية، داعياً إيّاهم الى «التحرر من وسائل الضغط والاغراء التي تُفسد الضمائر»، والى عدم الاقتراع «لمَن يدفع ويسخى بالمكرمات»، لأنّ «من يشتريكم يبيعكم، ومن يبيع المواطن ليس صعباً عليه ان يبيع الوطن».

ودعا عون الناخبين الى نَبذ «من يؤجّج المشاعر الطائفية والعصبيات لأنه يتلاعب باستقرار الوطن»، وأكّد على المرشحين بضرورة «مخاطبة عقول الناخبين لا غرائزهم، فالشحن الطائفي هو اول خطوة على طريق الفتنة».

واللافت في رسالة رئيس الجمهورية، الاقرار بوجود اختلافات ضمن اللوائح. وقال: «الصراع الذي نشأ بين أعضاء اللائحة الواحدة للحصول على الصوت التفضيلي لا يعود الى القانون ولكن الى المرشحين، نتيجة نقص في التعاون بين أفراد اللائحة الواحدة».

مصادر سياسية لـ«الجمهورية»

وتوقفت مصادر سياسية عند الذي قاله رئيس الجمهورية، وقالت لـ«الجمهورية»: انّ ما أشار اليه لناحية شراء الاصوات، ونبذ الخطاب المذهبي، جدير بالترحيب به.

ولكن لا بدّ من لفت الانتباه الى انّ ما حذّر منه الرئيس، يمارس بوضوح من قبل التيار السياسي الذي يترأسه صهره الوزير جبران باسيل، إن من حيث الخطاب وهو ما تَكشّف خلال جولات باسيل، خصوصاً في القرى المسيحية الحدودية في الجنوب حيث أثار اعتراضات من أهالي المنطقة مسلمين ومسيحيين، او من حيث دفع الاموال، التي تدفع على المكشوف من قبل أثرياء لوائح التيار، وخصوصاً في المتن وسائر الدوائر المسيحية.

حرب

وعشيّة انطلاق انتخابات المغتربين، شَكّك النائب بطرس حرب في نزاهة عملية اقتراعهم، وتحدث عن جملة مخالفات ترتكبها وزارة الخارجية والمغتربين ووزيرها جبران باسيل، تجعل عملية اقتراع المغتربين مشوبة بأخطاء عدة وتعرّض حقهم بالانتخاب للطعن.

وقال حرب لـ«الجمهورية»: وفق ما تقوم بها وزارة الخارجية، لا إمكانية لأن تكون عملية اقتراع المغتربين سليمة لأسباب عدة، أبرزها:

أولاً، لا شيء يضمن سلامة نقل مغلفات الاقتراع الى لبنان، لأن لا رقابة عليها سوى رقابة وزارة الخارجية، وقد ثبت تحيّزها.

ثانياً، منح اللبنانيين المسجلين للاقتراع في الخارج جواز سفر جديداً بألف ليرة لبنانية لاستعماله في الانتخابات، هو مخالف لقانون الموازنة الذي يحدّد قيمة هذا الجواز بستين ألف ليرة.

ثالثاً، قرار وزير الداخلية المتعلّق بآلية فرز صناديق الاقتراع في لجان القيد الابتدائية المحلية والعائدة إلى موظفي الأقلام والناخبين اللبنانيين الذين يقترعون في الخارج، يخالف قانون الانتخاب الذي يؤكد انّ الفرز يحصل في بيروت في لجان القيد المركزية.

رابعاً، انّ وزارة الخارجية تُعرقل عملية حصول اللبنانيين الذين لا يؤيدون سياسة وزير الخارجية على الوثائق في حين انها تسهّل لمَن يواليها، وقد وردتنا من بلاد الاغتراب شكاوى عدة في هذا السياق.

خامساً، إستعمال وزير الخارجية الاموال العمومية للقيام بجولته الانتخابية فيما لم يحصل ايّ مرشح لبناني آخر على هذا الامتياز.

سادساً، توزيع وزير الخارجية على مرشحي «التيار الوطني الحر» كل المعلومات التي تمكنهم من الاتصال بالمغتربين، وحصل التوزيع في مكتب التيار ولم يُعط الآخرين الّا الاسماء فقط بلا أرقام هواتف.

الشمال: تخريب !

على صعيد انتخابي آخر، تحدثت اوساط متابعة لانتخابات الشمال لـ«الجمهورية» عن محاولات جدية وفاضحة من قبل السلطة، للتخريب على اللوائح المعارضة وتهديد أعضائها، ما دفع بعضهم الى إلغاء مهرجاناتهم التي تسبق عملية الانتخاب، بعد ورود معلومات عن مخاوف أمنية جدية قد تحصل.

ويأتي في هذا السياق إعلان المرشح العلوي على «لائحة العزم» علي درويش إلغاء المهرجان الذي كان مقرراً في جبل محسن قبل ساعات قليلة على بدئه، بعد ورود معلومات امنية عن وجود عناصر مدسوسة تهدف الى التخريب على المهرجان.

وقال درويش في مؤتمر صحافي: «بعد ورود معلومات مؤكدة عن بعض المُندسّين الذين لا تهمّهم إلّا المتاجرة بأبناء طائفتهم لتحقيق مكاسب ذاتية، وتأكيداً منّي أنّ النصر الحقيقي هو في 6 أيار حيث رغبة الأغلبية الصامتة والتي تطمح إلى بناء مناطقها بالخير والأعمار، تمنّيتُ على دولة الرئيس نجيب ميقاتي إلغاء مهرجان لائحة العزم الذي كان سيُقام اليوم (أمس)على أرض جبل محسن المسالم، منعاً لأيّ مسدوس لا يريد الخير لجبل محسن وطرابلس».

ونتيجة لهذه الاجواء والتسريبات الامنية بإيعاز من السلطة عن مخاوف من اشكالات يمكن ان تحصل، إنكفأت اللوائح المعارضة للسلطة عن القيام بأيّ نشاط جماهيري كبير وتخفيف الاطلالات الجماهيرية.

وبحسب هذه الاوساط، انه على الرغم من كل هذا الجَو، فإنّ اللوائح المعارضة ماضية قدماً الى الامام ولن تخضع للابتزاز، مشيرة الى خطوات بديلة تعلن عنها في حينه».

أوساط ريفي

وفي إطار ممارسات السلطة، قالت أوساط اللواء اشرف ريفي لـ»الجمهورية» انّ «عناصر جهاز أمني حاولت قطع الطريق على موكبه الكبير لدى زيارته عكار، الّا انها فشلت وواصَل الموكب طريقه». واعتبرت انّ هذه الممارسات «تأتي في إطار استمرار تدخلات السلطة الفاضحة التي تزجّ بالاجهزة الامنية في المعركة للضغط على الناخبين، وتفتعل المشاكل لعرقلة حركة المرشحين المناوئين لها، في محاولة منها للتأثير على نتائج الانتخابات. كذلك تستمر في دفع المال الانتخابي على نحو غير مسبوق في سباق مع موعد الانتخابات. ونحن نضع كل هذه الممارسات في رسم الرأي العام وهيئات الرقابة الدولية».

الجنوب: صرف أموال

بدورها، تحدثت اوساط متابعة للانتخابات في الجنوب لـ«الجمهورية» عن صرف النفوذ ودفع اموال من قبل المرشحين المحسوبين على تيارات سياسية منتمية الى اللوائح المواجهة للائحة الثنائي الشيعي.

وقالت: «الجنوب يستحق الكرامة والعنفوان والالتفات الحقيقي والتضحية في سبيل الوطن وسيادته، ولا يستحق إفساد الاخلاق والاهانة التي تمارس في اكثر من مكان».

وعدّدت الاوساط نماذج عن الارتكابات، لجهة دفع مبالغ مالية صغيرة وكبيرة وتحديداً في مرجعيون حاصبيا، وكذلك «إغراء المغتربين وجَلبهم، إذ انّ بعضهم لا يملكون القدرة على المشاركة او حتى المجيء الى لبنان لزيارة عائلاتهم، وكل ذلك يدخل في اطار الرشوى والافساد، وهو مال سياسي يُصرف».
وأشارت الاوساط «الى تقديم إغراءات لبلديات وأصحاب مشاريع عبر تسهيل مشاريعهم التي كانت متوقّفة منذ سنتين، فأُنجزت بشكل سريع وخلال ساعات.

كذلك جرى توزيع رخص «الفوميه»، وبرزت زيارات انتخابية لبعض كبار القوم ولأحد مسؤولي الهيئات الرسمية (الهيئة العليا للاغاثة) لمنطقة الجنوب، ولقائه البلديات وفاعلياتها للوقوف على احتياجاتهم بتوجيه من رئيس الحكومة، علماً انّ مثل هذه الزيارات لم تتم قبل ومنذ سنوات».

فرنجية

الى ذلك، لفت رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية، في خلال لقاء مع الكوادر والماكينة الانتخابية في مؤسّسة «المردة» في بنشعي، إلى أنّ «هناك من يسخّر الدولة لمصلحته». وقال: «إنّ من يستخدم سياسة الترهيب والترغيب عندما تسقط الهيبة يسقط».

ورأى أنَّ «هناك من يسير بالقوة أو الخوف أو المسايرة، وهذا لا يدوم». واكد «أننا لم نقتل أو نهجّر أو نترك ناسنا، بل دفعنا الدم معهم ولم نفعل مثل غيرنا ونهرب أو نهاجر».

وتساءل فرنجية: «ماذا فعل المدافعون اليوم عن المسيحيين بالمسيحيين؟ وهم السبب في كل ما آلت إليه الأمور من خسارة لبعض الحقوق أو الامتيازات، وسياساتهم هي التي أدّت إلى ما يتهموننا به خصوصاً لناحية الوصاية السورية، لأنّهم لم يجدوا لدينا حين حاولوا فتح ملفاتنا لا سرقات ولا تهجيراً ولا دماء».
وأكد اننا «سنصل الى كتلة وازنة، ولدينا حلفاء وأصدقاء في العديد من الدوائر ندعمهم ونؤيّدهم».