IMLebanon

مانشيت:إستفاقة حكومية مفاجئة على حقوق الأرثوذكس وباسيل يحرق كلّ أوراق التواصل

يصِرّ بعض قوى السلطة على الاستمرار في الاحتيال على قانون الانتخاب الجديد، وممارسة الرشوة المقنّعة للناخبين، وبلغَ بها الأمر حدَّ محاولة رشوةِ الطوائف بإقرار إنشاء مؤسسات جامعية وغيرها لها، بغية استمالةِ أبناء هذه الطوائف لانتخاب لوائحها ومرشّحيها. فإلى محاولات هذه القوى شطبَ وإلغاءَ قياداتٍ بارزة في الطائفة الأرثوذكسية في عددٍ من الدوائر، وخصوصاً في المتن الشمالي، وبعدما شعرَت بأنّ هذه المحاولات فشلت، لجأت إلى رشوة هذه الطائفة بترخيصٍ كان ينبغي إقراره قبل أشهر لإنشاء الجامعة الأرثوذكسية، واللافت أنّ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون هو من بادر إلى طرح هذا الموضوع في جلسة مجلس الوزراء أمس من خارج جدول الأعمال المحدّد لهذه الجلسة. ولكن تعذَّر على المجلس إقرار هذا الترخيص لاعتراض عددٍ من الوزراء عليه، فأرجئ البتُّ به إلى جلسة مقبلة، بعد أن تكون البلاد قد خرَجت من «دوشة» الانتخابات الأحد المقبل.
قبل دخول البلاد مرحلة الصمت الانتخابي الذي يبدأ احتسابه من الساعة صفر ليل السبت – الأحد وحتى السابعة مساء الأحد، إرتفع منسوب الخطاب السياسي الى الذروة، وحفلت الساعات الفاصلة عن المهلة الجديدة بكثير من الحراك الانتخابي ومعه الخطابات ذات النبرة والسقوف العالية.

وعلى فراش أيامها الاخيرة، استفاقت الحكومة فجأةً على حقوق الطائفة الأرثوذكسية، فطرَح رئيس الجمهورية العماد ميشال عون موضوع إنشاء «الجامعة الارثوذكسية» في بيروت على طاولة جلسة مجلس الوزراء من خارج جدول الاعمال، دافعاً في اتجاه إقراره بمباركة وزراء «التيار الوطني الحر» والإصرار الطبيعي لوزراء «القوات اللبنانية» الذين يطالبون بهذا الامر منذ مدة.

واعترَض على هذا الموضوع الوزيران علي حسن خليل وعلي قانصو، من جهةٍ لأنه ملف إشكالي داخل الكنيسة الارثوذكسية ويحتاج الى تسوية، ومن جهة ثانية حتى لا يدرج إقراره في السوق الانتخابي في هذا التوقيت.

وعلمت «الجمهورية» أنّ وزير الدفاع يعقوب الصرّاف طلب الكلام ليبدي رأيه، لكنّ الوزير جبران باسيل أومأ إليه بإشارة يطلب منه فيها الصمت. فقال الصرّاف: «ألتزم بقرار «التيار» ورئيسي في «التيار»، لكنّني غير مقتنع». فاقترَح رئيس الحكومة سعد الحريري تأجيله الى الجلسة المقبلة لمزيد من الدرس.

ووصَفت مصادر وزارية هذا الطرح بأنه «إرضاء للطائفة الارثوذكسية قبَيل ساعات على فتحِ صناديق الاقتراع، عرّابُه الوزير الياس بو صعب، الذي شَمَّر عن زنوده منذ الصباح لتخريجه من الجلسة. وطُرح الموضوع في الخلوة الرئاسية التي شارَك باسيل في جزء منها، وبعد تبلّغِه من داخل الجلسة بقرار التأجيل توجّه بو صعب على جناح الطير الى متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الارثوذكس المطران الياس عودة، قائلاً إنه يحمل له رسالة من رئيس الجمهورية مفادها أنّ الملف سيُطرح في جلسة الاسبوع المقبل.

خطاب باسيل

في هذا الوقت، قالت مصادر سياسية مراقبة لـ«الجمهورية» إنّ باسيل «يَحرق كلّ أوراق التواصل مع القوى السياسية الأُخرى في البلاد، من «حزب الله» الى حركة «أمل» الى حزب «الكتائب» الى تيار «المردة» الى حزب «القوات اللبنانية». واعتبَرت أنّه «لولا زِند عمّو ما كان فيه يِتطاوَل عالكبار».

وأضافت: «خطاب باسيل غير مقبول، فهو يقول للناس: «إذا سرتم معنا سنتخلى عنكم ساعة نشاء، بمعنى أنه ليس وفيّاً مع من يسير معه، وقلّةُ وفائه ظهرت مع الرئيس ميشال المر وكذلك مع النائب سليمان فرنجية». واعتبَرت أنّ خطابه «سيرتدّ سلباً عليه»، مشيرةً الى «تآكلٍ في شعبيته، وهناك ناخبون لا يريدون الاقتراع لـ»التيار الوطني الحر» لأن لا خيار آخر أمامهم».

وقالت المصادر نفسها: «الجميع يريدون الآن إمرار استحقاق الانتخابات لكن بعد 7 أيار سيكون لكلّ حادث حديث، إذ سيكون هناك مشهد سياسي جديد بغضّ النظر عن النتائج التي ستفرزها الانتخابات، سواء لجهة التحالفات او لجهة تعاطي القوى السياسية بعضها مع بعض. وهذا ما أشار إليه الامين العام لـ«حزب الله» السيّد حسن نصرالله أساساً في إحدى خطاباته، حين قال انّه كان لدينا حلفاء قبل الانتخابات وحلفاؤنا ثابتون، ولكنْ بعد الانتخابات سيكون لنا تواصُل جديد مع قوى وشخصيات جديدة، فنصرالله كان بذلك يؤشّر الى هذا الامر، ويعلن انّ الحزب لن يبقى حاصراً نفسَه في مكان واحد لا يُعرف متى يغادره».

المرحلة الثالثة

وأمس، انتخَب رؤساء أقلام الاقتراع من موظفي الوزارات وأساتذة التعليم الثانوي في الأقلام العائدة لكلّ منهم في الأقضية التي ينتسبون اليها، ففُتحت الصناديق في القائمقاميات والسراي من السابعة صباحاً وحتى السابعة مساء، ودعيَ اليها 14816 ناخباً على مساحة الأراضي اللبنانية، فشارَك فيها ما نسبته 98 % منهم كما حصل في مراكز سراي جونية (133 من أصل 138) وجبيل وما بينهما. ونُقلت صناديق الإقتراع مساء الى مخازن خاصة في مصرف لبنان لتُضمّ الى الصناديق التي نُقلت من بلدان الاغتراب تميهداً لفرزها بعضُها مع بعض في لجان القيد العليا مع إقفال مراكز الاقتراع الداخلية.

وحضَر الملف الانتخابي في جلسة مجلس الوزراء من باب عرضِ تقارير عن الإجراءات اللوجستية والأمنية والإدارية التي اتخِذت لمواكبة العملية كذلك من باب ما حصل في عملية اقتراع المغتربين، إذ طلب الوزير علي حسن خليل الكلام مستفسراً عن الشوائب الكثيرة التي برَزت مع المقترعين المنتشرين في الخارج وخصوصاً في مناطق معينة حيث الثقل لناخبين من لون سياسي معيّن، وقال: «الثغرات واضحة وهي ليست تقنية فقط، نحن نتفهّم انّ مثلَ هذه الأخطاء يمكن ان تحصل ولكن إذا تخطّت المقبول من حقّنا أن نسأل.

هناك اسماء لم ترِد وهي مسجّلة ومعها إثباتات على التسجيل وعلى المعلومات التي تزوّدت بها السفارات فتفاجَأ عدد كبير من الناخبين الذين أتوا رغبةً منهم بممارسة حقّهم بالاقتراع بأنّ أسماءهم واردة في مراكز تبعد عن أماكن سكنِهم مئات آلاف الامتار.

وعلّقَ الوزير غازي زعيتر والوزير بيار بوعاصي على الامر في السياق ذاته، ما أثارَ غضبَ وزير الداخلية نهاد المشنوق الذي أكد انّ الأخطاء التي حصلت تقنية محض، وأنّ جوازات السفر التي لم تصل الى السفارات سيُتّخَذ اجراء للسماح لأصحابها بالاقتراع في لبنان الأحد المقبل وعددُها 400. وانتهى النقاش الى الطلب من وزيري الداخلية والخارجية إعداد تقرير لتقويم العملية والثغرات ورفعُه الى مجلس الوزراء.

الجديد الانتخابي

وعشيّة اﻻنتخابات النيابية وجّه رئيس مجلس النواب نبيه بري الى اللبنانيين نداءً دعا فيه الى المشاركة الكثيفة في الاستحقاق الانتخابي المصيري والاقتراع للوائح «الأمل والوفاء» من أجلِ الدفاع عن الثوابت في الوحدة والعيش المشترك وقيام دولة المؤسسات وتكافؤ الفرص ومحاربة الفساد وحفظِ قوّة لبنان المتمثلة بالجيش والشعب والمقاومة. وكرّر الدعوة ايضاً الى «تحويل الانتخابات استفتاءً حقيقياً للإثبات أنّ الوطنية ليست شعارات ولا أرباحاً أو مكاسب ولا متاعاً للمساومة وللعرض والطلب.

الجميّل لـ«الجمهورية»

وفي المواقف، قال النائب نديم الجميّل لـ«الجمهورية»، تعليقاً على دعمِ «حزب الله» المرشّح عن المقعد الماروني على لائحة «التيار الوطني الحر» في الاشرفية مسعود الاشقر: «الاشرفية عصيّة على «حزب الله»، وهي لن تصوّت لحزب يَحمل السلاح ويضرب الدولة، فالاشرفية تصوّت للبنان ١٠٤٥٢ كلم مربّع وليس لسلاح الميليشيات، ولن تسمح لـ»حزب الله» أو حلفائه بالسيطرة على الدولة وإطلاق يد حلفائه لإبرام الصفقات ونهبِ مال الدولة والشعب».

ميقاتي

وإلى ذلك، عبّرت مصادر الرئيس نجيب ميقاتي «عن ارتياحها الى مسار العملية الانتخابية في مناطق الشمال وخصوصاً في طرابلس والمنية والضنية، على رغم محاولات السلطة المستمرة للتأثير على الناخبين وبثّ الأضاليل من خلال فيديوهات مركّبة من صنعِ الاجهزة والمخابرات تتّهم «لائحة العزم» بشراء الاصوات والناخبين وبدفعِ اموال للمشاركين في مهرجانها.

وقالت المصادر لـ«الجمهورية»: «هذا الاسلوب الممجوج سيرتدّ سلباً على اصحابه. فالطرابلسيون شرفاء ولا يخضعون للابتزاز أو لإغراءات المال، وهذا الاسلوب تعوَّد عليه تيار «المستقبل» لأنه يَعتبر أنّ كلّ التضليل وشراء الاصوات سيؤدّي الى نتيجة، فيما واقع الحال يؤكّد انّ شعب الشمال عموماً والطرابلسي خصوصاً واعٍ الى درجةٍ لا يَغرق معها في هذا النوع من المتاهات والترّهات».

وأبدت المصادر ارتياحَها «إلى الالتفاف الشعبي حول الرئيس ميقاتي»، معتبرةً «أنّ حملة «المستقبل» المستمرّة عليه «ما هي إلّا دليل على حجم انزعاجه من هذا الالتفاف». وقالت: «نحن مستمرّون ولا نأبَه لمحاولات إشغالِنا عن الهدف الاساسي وهو تجنيدٌ كامل للماكينة الانتخابية يوم الاستحقاق الأحد المقبل، والتجهيزات قائمة على قدم وساق، وكذلك الجولات على الناخبين والعائلات الطرابلسية في الضنّية وعكار لأكبرِ حشدٍ لـ»لائحة العزم».

ولفتت المصادر إلى «حجم الحشد للرئيس ميقاتي في القلمون بعد محاولات «المستقبل» الأحد الفائت افتعالَ مشكلات خلال المشاركة في الوقفة التضامنية مع نزار زكّا في ايران». واعتبَرت أنّ «جولة الحريري وحملاته لم تؤثّر في حجم الالتفاف الشعبي حول «لائحة العزم» لا بل على العكس هناك استياء من حملات التجنّي عليها، وهو ما دفع الحريري خلال عودته الى بيروت الى السعي لتخفيف لهجته وتبرير ما فَعله والقول إنّه يتحدّث بالسياسة، على رغم أنّ بعض ما تسرّبَ من كلامه خطير، خصوصاً لجهة قوله إنه سيُقفل بيوتات سياسية تُعارضه، وهذا النهج دأبَ عليه «المستقبل» منذ زمنٍ بعيد، ولكن احتراماً لذكرى الذين ذهبوا لن ننكأ الجِراح، علماً أنّ كلّ البيوتات التي أُقفِلتَ سابقاً كانت بقرار من «المستقبل».

وتوقّفت المصادر عند الإشكال في الطريق الجديدة، وقالت: «إنه مؤشّر خطير ويُخشى ان يعمد فريق السلطة إذا استمرّ الغضب الشعبي على ممارساتها، الى محاولةٍ لتخريب الانتخابات. ويُفترَض بالقوى الامنية منعُ مواصلة هذا النوع من الاحداث المفتعلة التي تصبّ أوّلاً وأخيراً في خانة محاولات السلطة وسعيِها لتعطيل الانتخابات والتأثير على الناخبين».

وكان تيار «المستقبل» قد أصدر بياناً اشار فيه الى انّ «منطقة الطريق الجديدة شهدت عصر امس إشكالاً خلال احتفال انتخابي لمناصري احد المرشحين في العاصمة، ما لبثَ ان انتقل الى محلّة برج ابو حيدر حيث تعرّض المركز الانتخابي لـ»المستقبل» للاعتداء». وأكّد عدم علاقته «بأسباب الإشكال، وأنّ التداعيات التي رافقته، جاءت في سياق ردود فِعل ابناء المنطقة على تصرّفات بعض المحازبين المشاركين في الاحتفال».

وأهاب التيار بمحازبيه وبمناصريه «التعاون مع السلطات الأمنية المختصة لحفظ الأمن، ولإمرار الاستحقاق الانتخابي بكلّ هدوء، وعدم الانجرار وراء أيّ استفزاز من أيّ نوعٍ كان، لأنّ سلامة أهلنا في بيروت وكرامتهم فوق كلّ اعتبار».