IMLebanon

مانشيت:لبنان على عتبة تصريف أعمال طويـــل… وجُرح الشويفات قيد المعالجة

 

لبنان يواكب بحذَر تداعياتِ الانسحابِ الأميركي من الاتّفاق النووي مع إيران، ويحاول رصدَ الاحتمالات التي قد تترتّب على هذه الخطوة التي أربكت العالم، وأما على الضفة الداخلية، فما زال البلدُ تحت تأثير النتائج التي تمخّضت عنها الانتخاباتُ النيابية، وأحدثت تغييراً نوعيّاً في الخريطة النيابية وأحجام القوى والكتل، وبالتالي في الصورة السياسية بشكل عام. وإذا كان من المبكر الحديثُ عن كيفية تسييل هذه الخريطة سواءٌ على الصورة المجلسيّة التي تقترب من الحسم بعد انتهاء ولاية المجلس النيابي الحالي في العشرين من الشهر الجاري، وانتخاب رئيس المجلس وهيئة مكتبه خلال الأسبوع الذي يلي 20 أيار، فإنّ الاهتمامَ الداخلي ظلّ منصبّاً على العامل الأمني، في ضوء الاشتباك الدرزي بين الحزب التقدمي الاشتراكي والحزب الديموقراطي اللبناني، والذي أخذ أبعاداً خطيرة ونحا الى تصعيدٍ غيرِ مسبوق بين الطرفين أدّى الى سقوط ضحايا ورَبط العلاقة بينهما بحبالٍ من جمرٍ قابل للاشتعال.

ظلّ العالم ومعه لبنان منشغِلاً بقرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بعد إعلان الانسحاب من الاتّفاق النووي مع إيران، وإعادة فرض العقوبات الأميركية عليها، والتي ستدخل حيّزَ التنفيذ «قريباً جداً»، على حدّ ما أعلن ترامب أمس متوعّداً طهران بـ»تداعياتٍ في غاية الخطورة» إذا ما شرعت في تطوير برنامجها النووي العسكري. قائلاً: «إذا لم تتفاوض إيران فإنّ شيئاً ما سيحدث لها».

وفي وقتٍ تواصلت فيه ردّات الفعل على القرار الأميركي، بين التأييد والرفض والأسف والانزعاج، وتأكيد الالتزام الأوروبي بالتنفيذ الكامل والفعّال للاتّفاق النووي، بدأت القراءاتُ السياسية في تداعياتِ خطوةِ الانسحاب السياسية والاقتصادية.

عون

وتابع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون التطوّرات التي استجدّت في المنطقة عقب انسحاب ترامب من الاتّفاق النووي وردّات الفعل التي تركها وتحديداً العمليات التي استهدفت دمشق. واطّلع عون على التقارير التي تناولت التطورات قبل الحديث عن قرارِ لبنان بما يضمن مصالحَه ويحميه ممّا يجري من حوله.

ونُقل عن رئيس الجمهورية اعتبارُه أنّ الوضع دقيق وصعب للغاية. فالقرارُ الأميركي لم تتّضح نتائجُه المباشرة وغير المباشرة بعد، ولم يحظَ بالتأييد الدولي الجامع، فالعديد من الدول عارضته وكذلك الإتّحاد الأوروبي لم يوافقه الرأي، وهم أطراف أساسيون في هذا التفاهم. ولا سيما أنه تبيّن أنّ بعضاً من اركان الإدارة الأميركية يعارضه أيضاً.

طبارة لـ«الجمهورية»

وقال سفير لبنان في واشنطن سابقاً رياض طبارة لـ»الجمهورية»: إنّ الرئيس ترامب مصرٌّ على تفكيك كل الاتّفاقات المتعددة الأطراف التي حقّقها الرئيس باراك أوباما خلال تولّيه الرئاسة. ورأى «أنّ أوروبا ستبذل جهدَها لإنقاذ الاتّفاق النووي، ولكنها ستجد صعوباتٍ كبيرة في هذا المجال».

معتبراً أنّ « الرابحَ الأكبر سيكون روسيا، والى حدٍّ ما الصين، إذ إنّ إيران ستُضطر إلى الارتماء في أحضانهما أكثر فأكثر إذا لم تسارع أوروبا إلى إنقاذ الموقف وهي التي أصبحت لها مصالح اقتصادية حيوية مع إيران».

واعتبر طبارة أنّ «الضغوط الأميركية المتزايدة على إيران سترفع درجة الاحتقان المرتفعة أصلاً وقد تكثّف من المواجهات المحدودة المتبادَلة بين إسرائيل وإيران في سوريا، ولكنّ الأمور لن تصل إلى حربٍ إقليمية مفتوحة لأنها تحتاج إلى ضوءٍ أخضر أميركي بالنسبة لإسرائيل وضوءٍ أخضر روسي بالنسبة لإيران، ولا مصلحة لأحد في حربٍ كهذه خصوصاً أنها تحمل خطرَ المواجهة العسكرية المباشرة بين أميركا وروسيا في المنطقة».

جنبلاط

ورأى النائب وليد جنبلاط أنّ الشرق الأوسط دخل في المجهول مع كل الاحتمالات بعد خروج الولايات المتحدة من الاتّفاق النووي مع إيران، وقال في تغريدة: «لذا، وأكثر من أيّ وقت مضى، يجب إعادة النظر في المشاريع المفرطة في الفساد لباريس أربعة واتّباع سياسة إنتاجية بدل ترف الاستملاكات المشبوهة بقيمة 500 مليون دولار» .

تداعيات مالية

وفيما تمحور السؤال المطروح محلّياً، على التداعيات المحتمَلة لقرار ترامب، ظهرت أولى التداعيات أمس من خلال تراجع قيمة سندات لبنان الأجنبية (اليوروبوند) الى أدنى مستويات لها منذ أزمة استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري في تشرين الثاني الماضي.

وقد تراجعت السنداتُ اللبنانية المقوّمة بالدولار بما يصل إلى 2.745 سنت لتسجّلَ أدنى مستوياتها في عدة أشهر. وتكبّدت سندات بقيمة مليار دولار تستحق في العام 2022 أشدّ الخسائر، إذ هوت إلى 90.66 سنتاً.

يأتي ذلك في وقت، أعلن فيه حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أنّ المركزي سيبيع سنداتٍ دولية بمليارَي دولار على مدى عام في إطار مبادلة ديون تقول الحكومة إنها ستعزّز احتياطيات البنك المركزي وتقلّص تكاليف خدمة الدين.

وفي هذا الإطار، رأى خبير اقتصادي أنّ توقيت تراجع قيمة السندات الدولارية المتداوَلة غيرُ مناسب للبنان، لأنه سيؤثر سلباً على سعر السندات التي يعتزم مصرف لبنان طرحَها للبيع في الأسواق الدولية والتي تصل قيمتها الى مليارَي دولار.

وقال لـ«الجمهورية» إنّ هذا الأمر قد يدفع مصرف لبنان ربما الى تأجيل عملية طرح السندات دولياً، الى أن تتوضّح أكثر صورةُ التداعيات الإقليمية للقرار الأميركي. (تفاصيل ص 11)

الشويفات

من جهة ثانية، ما زال الإحتقان يسيطر على الشويفات بعد الإشكال الذي شهدته بعيد الإنتخابات، وأدّى الى وقوع قتيل من مناصري الحزب «التقدمي الاشتراكي»، والذي توعّد أهلُه بعدم دفنه لحين تسليم الحزب «الديموقراطي اللبناني» قاتله.

وفي السياق، أعلن النائب طلال أرسلان أنه «سلّم من عنده وليس من واجبه التفتيش على باقي المتورّطين». فيما عقد اجتماع في مجلس آل ابي فرج في مدينة الشويفات، في حضور مشايخ الطائفة، مطالبين بتسليم القاتل خلال 24 ساعة.

الجيش

وعلمت «الجمهورية» أنّ قيادة الجيش أبلغت مَن يعنيهم الأمر في الحزب الديمقراطي اللبناني ولا سيما رئيسه الوزير أرسلان أنّ تسليم الجناة جميعهم أمر مطلوب قبل أن تُضطر قيادة الجيش الى اتّخاذ التدابير اللازمة لتأمين وقوفهم أمام المراجع الأمنية المختصّة.

كما علم أنّ القيادة لن تستكين قبل إتمام هذه المهمة ومن الأفضل أن تتمّ على يد المسؤولين الذين يوفّرون الحماية لهم. وفي الرسالة التي وجهت الى المعنيين لا مكان للرؤوس الحامية بين المدنيّين وإنّ الأمن خط أحمر وممنوع العبث به على الإطلاق.

مصادر عسكرية لـ«الجمهورية»

تزامناً، قالت مصادر عسكرية لـ«الجمهورية» إنّ على الجميع فهم معنى الرسالة التي وجّهتها الجولة التي قام بها قائد الجيش غداة الإنتخابات النيابية على مناطق الجنوب وبيروت وطرابلس لجهة إصرار المؤسسة العسكرية على الحفاظ على الأمن في أيّ منطقة من لبنان، فالجيش جاهز للقيام بما يجب من أجل أن تبقى الحياة طبيعية وأن يتحرّك اللبنانيون والمقيمون بأمان أينما شاؤوا.

ما بعد الانتخابات

داخلياً، وفي وقت تتواصل القراءات في أرقام نتائج الانتخابات، بالتوازي مع تحضّر مرشحين للطعن، نقلت قناة الـ«MTV» عن رئيس مجلس النواب نبيه بري، قوله أنه لم يحدّد بعد موعدَ جلسة لانتخاب رئيس مجلس نيابي جديد، وأنه سيتشاور مع رئيسَي الجمهورية والحكومة لتحديده، مشيراً الى أنّ «للجميع الحقّ في الترشح. وحتّى لو فزتُ في التزكية، ففي الجلسة نفسها سيتمّ انتخابُ نائب رئيس مجلس النواب وأعضاء هيئة المكتب واللجان».

وأشار الى أنّ «تشكيل الحكومة قد يتأخر نظراً إلى التعقيدات»، وأنّ «مرشّحي لرئاسة الحكومة هو سعد الحريري بغضّ النظر عن موقف الأخير من وزارة المال»، مشيراً إلى أنّ «الفصلَ بين الوزارة والنيابة في حاجة إلى تعديل الدستور».

وأكّد تمسّكه بوزارة المال للطائفة الشيعية، وتحديداً للوزير علي حسن خليل»، وقال إنّ «قانون الإنتخابات في حاجة إلى تطوير»، لافتاً إلى أنّ «حجمَ كتلة «التنمية والتحرير» معروف، والمرشّح المنتخَب مصطفى الحسيني أبلغني أنّه سيكون ضمن الكتلة، وإذا أراد آخرون الإنضمام، فسنشكّل كتلتين».
وفي موضوع الإشكالات في بيروت، أوضح بري «أنّني لا أغطّي أحداً، وطلبتُ من الأجهزة الأمنية القيام بما يلزم».

نحاس

في غضون ذلك، كشف النائب المنتخَب نقولا نحاس لـ»الجمهورية» أنّ كتلة الرئيس نجيب ميقاتي ستكون نواةً لتحالف أكبر، مشيراً الى أنّ العمل بدأ لتشكيل كتلة نيابية وازنة تستطيع أن تشكّل قوة ضغط حقيقي في مجلس النواب من أجل تصحيح المسار الانحداري في البلاد. لافتاً الى أنّ الكتلة ستضمّ نواباً يشبهوننا ويُثبت تاريخُهم بالفعل لا بالقول، أنّ لديهم نفس توجهاتنا لبناء دولة فعلية».

الإتّحاد الأوروبي

وأثنى الاتّحاد الأوروبي على سير إجراءات العملية الانتخابية في لبنان، مؤكّداً «الوفاء بجميع الالتزامات التي تمّ التعهّد بها في أولويات الشراكة بين الاتّحاد الأوروبي ولبنان وكذلك الالتزامات التي أُقرّت في الأسابيع الأخيرة في مؤتمرات روما وباريس وبروكسل 2».

إجتماع اليرزة

ترأس قائد الجيش العماد جوزف عون في اليرزة، اجتماع لجنة الإشراف العليا على برنامج المساعدات الأميركية والبريطانية لحماية الحدود البرية اللبنانية، بحضور السفيرة الأميركية اليزابيت ريتشارد والسفير البريطاني هيوغو شورتر، إلى جانب أعضاء فريق العمل المشترك. وتمّ خلال اللقاء عرض المساعدات التي قدّمها البلدان خلال المراحل السابقة والخطوات المقبلة لتلبية احتياجات وحدات الجيش المكلّفة بضبط الحدود الشرقية والشمالية».

مجلس الوزراء

على صعيد آخر، وعلى عكس المعلومات التي راجت أمس الأول علمت «الجمهورية» أنّ تفاهماً جرى بين المديرية العامة لرئاسة الجمهورية والأمانة العامة لمجلس الوزراء على تأجيل جلسة مجلس الوزراء التي قيل أنها ستُعقد اليوم الخميس الى الأسبوع المقبل، من أجل إفساح المجال أمام جميع الوزراء المشارَكة فيها بعد الإنتهاء من البرامج المقرّرة هذا الأسبوع والمرتبطة بالإحتفالات التي أعقبت الإنتخابات النيابية التي أُنجزت الأحد الماضي.

وعلمت «الجمهورية» أنّ الجلسة التي ستكون «الجلسة الوداعية» قبل دخول الحكومة مرحلة تصريف الأعمال فور انتهاء ولاية المجلس النيابي في العشرين من أيار الجاري ليس محسوماً أنها ستقارب الملفات الكبرى كملفات الكهرباء وغيرها. والمهلة الأخيرة التي أُعطيت لوزير الطاقة بشأن ملف الكهرباء ليست سلّة متكاملة، وأنّ بإمكانه تقديم تقارير مفصّلة الى مجلس الوزراء تتناول الملفّ من زوايا مختلفة دون أن يُعتبر ملفاً كاملاً.

فملفّ رفع إنتاج الطاقة إنتاجاً أو استيراداً ليس ملفاً واحداً وهو أمر منفصل عن التفاهم الذي طلب منه ومن وزير المال حول تقديم عرض الى الشركة التي بنت معمل دير عمار لإنتاج المزيد من الطاقة، لإدارته عن طريق الـ «BOT» وإنّ أيّاً من هذه التقارير إن تمّ إنجازُه سيُطرح على مجلس الوزراء فوراً.