IMLebanon

مانشيت:الحريري مع برّي وضد حجز الحقائب.. وواشنــطن ملتزمة الجيش رغم مكاسب «الحزب»

 

يدخل المجلس النيابي غداً أسبوع الوداع الأخير قبل انتهاء ولايته يوم الأحد 20 الجاري. بالتأكيد سيَصعب الوداع على 79 نائباً، غالبيتُهم لم يحالفهم الحظ بالاحتفاظ بمقاعدهم، وفُرض عليهم حزمُ حقائب المغادرة، فيما ابتسَم الحظ لـ 49 نائباً وقدّم لهم إقامة إضافية لـ 4 سنوات. وفي هذه الأثناء، أعلنت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أن «الجيش الأميركي ملتزم دعم ومساعدة الجيش اللبناني رغم المكاسب التي حققها «حزب الله» في الإنتخابات البرلمانية».

الأسبوع المتبقّي من الأحد إلى الأحد، يُعدّ فترةً تأسيسية للانطلاقة الفعلية للمجلس الجديد اعتباراً من الثلثاء 22 أيار، مع انتخاب رئيس جديد للمجلس ونائبه وأعضاء هيئة المكتب، وكذلك انتخاب المطبخ التشريعي المتمثل باللجان النيابية الدائمة، وهو أمر يتمّ عادةً مطلع العقد الثاني للمجلس أوّل ثلاثاء بعد 15 تشرين الاوّل من كلّ سنة.

إلّا أنّ الفترة الزمنية الفاصلة من أيار حتى تشرين نحو 4 أشهر، ليس من الجائز فيها تركُ فراغ في المطبخ التشريعي، الأمر الذي يوجب انتخابَ اللجان، سواء في جلسة تُعقَد بعد جلسة انتخاب هيئة المكتب فوراً، أو في وقتٍ لاحق غيرِ بعيد عنها، خصوصاً وأنّ أمام المجلس مهمّات تشريعية كثيرة.

إعادة انتخابِ الرئيس نبيه بري رئيساً للمجلس باتت محسومةً من دون أيّ منافس أو حاجةٍ إلى معركة، مع الإشارة الى موقف رئيس الحكومة سعد الحريري الذي أعلِن من بعبدا، وقد انتقل منها إلى عين التينة: «إذا كان الرئيس بري مرشّحاً لرئاسة المجلس فأنا معه». وعن المطالب المسبَقة حول بعض الوزارات ومنها وزارة المالية، قال «إنّ المالية ليست ما يتمّ المطالبة بها فقط»، واعتبَر أنّ «الطلبات المسبَقة بحقائب معيّنة لا قيمة لها، ولا أعترف إلّا بعرفٍ واحد في الجمهورية اللبنانية وهو رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس النواب ورئاسة الحكومة، ولم أسمع بأعراف أخرى، ولستُ مستعدّاً للاعتراف بها».

على أنّ الخطوة التالية بعد اكتمال الصورة المجلسية الجديدة هي صدور دعوة رئاسية، ربّما الثلثاء 22 أيار، للاستشارات الملزمة التي يُجريها رئيس الجمهورية لتسمية رئيس الحكومة الجديد، والمرجّح هنا إعادة تسميةِ الحريري، على أن تنطلق بعدها رحلة التأليف والحرب على الحصص وحجم تمثيل كلّ كتلة ونوعية الوزارات التي يريدها كلّ طرف، خصوصاً وأنّ مؤشّرات المعركة تحيط من الآن وزارات المالية والاتصالات والطاقة والأشغال والصحة والشؤون الاجتماعية.

وكان الحريري زار قصر بعبدا وأعلن بعد لقائه الرئيس ميشال عون عن انعقاد جلسة لمجلس الوزراء الأربعاء المقبل، دون أن يؤكد أنها ستكون الجلسة الأخيرة.

وقالت مصادر مطلعة لـ «الجمهورية» ان البحث تناول العناوين الاتية:

– تقويم وقائع الإنتخابات النيابية وما رافقها من مواقف، والنتائج التي آلت اليها لجهة تكوين مجلس نيابي جديد. وتوافق الرئيسان على ان الإستحقاق في يوم واحد كان استحقاقا ناجحا. وبمعزل عن بعض الأحداث الأمنية المتفرقة التي تم تطويقها بسرعة، ولولا أحداث بيروت والشويفات والتي عولجت «بحكمة امنية وسياسية وحزبية» يمكن القول انها عبرت في أجواء امنية مقبولة بفضل الإجراءات التي نفذتها القوى والعسكرية والأمنية على اكثر من مستوى.

– الحديث عن الإنتخابات انسحب لاحقا على صورة المجلس الجديد وما انتهت اليه من صورة التكتلات النيابية المعلن عنها وما هو محتمل من تحالفات جديدة توحي بحياة سياسية ناشطة تنعكس على العجلة الإقتصادية والإجتماعية في اجواء من الديمقراطية بعد الترحيب الإقليمي والدولي بما رافق هذه الإنتخابات.

– الإستحقاقات الدستورية المقبلة تحضيرا للإنتقال الى ولاية نيابية جديدة تقود حكما الى انتخاب رئيس جديد للمجلس النيابي ونائب له واعضاء هيئة مكتب المجلس ورؤساء اللجان النيابية ومقرريها وهو انتقال دستوري سلس لا بد من عبوره في إطار السعي الى فتح صفحة جديدة. وبعدما تفاهم الرئيسان على مقاربتها بما يضمن توافقا لبنانيا حيث يمكن واللجوء في حالات اخرى الى الآليات الديمقراطية التي ينص عليها الدستور.

– التشكيلة الحكومية المقبلة وما يمكن ان ينشأ من عقبات نتيجة الشروط والشروط المضادة التي عبر عنها البعض وما هو مرتقب منها. وهو موضوع سيكون مدار تنسيق متبادل متى آن اوانه وهذا لا يعني ان المشاورات المسبقة ليست مهمة بل يمكن ان تسهل عبور هذه الإستحقاقات لتجري في مواعيدها الدستورية وفي افضل الظروف. مع التفاهم ان احدا لوحده لا يمكن ان يقود اي من هذه المحطات الدستورية وعلى اهل الحكم التفاهم لعبورها بما يضمن قيام «حكومة العهد الأولى» بعد ولادة المجلس النيابي الأول المنتخب في هذا العهد.

وبالتزامن مع ذلك، ولتسهيل العمل التشريعي، يُفترض أن تُفتح دورة استثنائية للمجلس بعد 31 أيار، موعد نهاية العقد العادي الأوّل للمجلس، وهو أمر يتمّ عادةً عبر مرسوم يُصدره رئيس الجمهورية بالتوافق مع رئيس الحكومة، ولأنّ الحكومة حكومة تصريف ورئيسَها غيرُ مكتمل الصلاحيات، فقد يتمّ الركون إلى المادة 33 من الدستور التي تحدّد باباً آخر لفتح الدورة الاستثنائية عبر طلبٍ من الأكثرية المطلقة من عدد أعضاء المجلس أي 65 نائباً.

من جهةٍ ثانية، ستبرز على طريق التأليف مسألة الفصلِ بين النيابة والوزارة، وفيما حسَم بري أنّ هذا الأمر يحتاج الى تعديل دستوري في المادة 28 من الدستور التي تنصّ على الآتي: «يجوز الجمع بين النيابة ووظيفة الوزارة. أمّا الوزراء فيجوز انتقاؤهم من أعضاء المجلس أو من أشخاص خارجين عنه أو من كليهم». إلّا إذا ارتأت القوى السياسية أن تعتمد هذا الفصل ذاتياً، بحيث يكون لها أن تختار وزراءَها في الحكومة من غير النواب، على غرار ما قرّر «حزب الله»، وكذلك ما قرّره «التيار الوطني الحر».

«التيار»

ولم يتّخذ «التيار» قرارَه بعد بشأن تسمية برّي رئيساً لمجلس النواب، علماً أنّ الوزير جبران باسيل، ولدى سؤاله منذ أيام عمّا إذا كانت الإشارة الإيجابية التي عبّر عنها بري بوصفه بـ»البرغوث الذي يتحرّك كثيراً»، بأنّه سيترجمها بانتخاب برّي رئيساً للمجلس، أجاب: «كلّ إشارة إيجابية نقابلها بإشارة إيجابية، كلام بكلام، فِعل بفِعل، تصويت بتصويت، مشاركة بمشاركة».

وفي مسألة التكليف والتشكيل، علمت «الجمهورية» أنّ «التيار» سيَستند الى النتائج التي أفرَزتها صناديق الاقتراع، أمّا مفاوضات التشكيل فسيقودها باسيل حصراً، علماً أنّ «التيار» لم يَطرح بعد أيّ أسماء مرشّحة للتوزير.

تجدر الإشارة الى أنّ باسيل سيتحدّث اليوم في «مهرجان الانتصار» في «الفوروم دو بيروت» بحضور نواب «تكتّل لبنان القوي» ومشاركة مرشّحي «التيار» الذين لم يحالفهم الحظ في الانتخابات، وذلك في مشهد «استعراض قوّة» يتخلّله عرضٌ للأرقام ونِسَب التمثيل.

«القوات»

ولم تقرّر «القوات» موقفَها بشأن تسمية بري، وقرارُها سيُتخَذ في اجتماع يَعقده «تكتل الجمهورية القوية» عند تحديد جلسة انتخاب الرئيس ونائبِه وهيئة مكتب المجلس.

وقالت مصادر القوات لـ«الجمهورية»: «القوات تستعدّ في هذه المرحلة السياسية الجديدة لمواكبة الاستحقاقات المقبلة إنْ على مستوى انتخابات المجلس أو على مستوى التكليف والتأليف، وقد انطلقت في مشاورات داخلية تحضيراً لهذه المرحلة. فرئيس الحزب سيدعو «تكتّلَ الجمهورية القوية» إلى الاجتماع عند تعيين جلسة انتخابات رئاسة المجلس لاتّخاذ الموقف المناسب في شأنها وفي شأن انتخاب بديل عن النائب أنطوان زهرا في هيئة المكتب.

ومن ثمّ البحث في موضوع التكليف، علماً أنّ رئيس الحزب أعلن صراحةً أنّ التكليف يجب ان يستند بشكل واضح الى تفاهم سياسي مسبَق مع الرئيس الحريري حول عناوين المرحلة المقبلة ومن ثم الدخول في التكليف».

وأكّدت المصادر أنّ «القوات» لن تفصِح اليوم عمّا تريده من عدد مقاعد وزارية وحقائب، فالمسألة تنطلق مع المشاورات ولـ»القوات»رؤيتُها لطبيعة المرحلة ولكيفية تمثيلِها، خصوصاً بعد ما أفرَزته الانتخابات من توازنات سياسية واضحة لا يمكن القفز فوقها، وبالتالي من حقّها الطبيعي ان تكون شريكةً داخل السلطة التنفيذية نسبةً لحجمها النيابي والشعبي، ولأنها جزء لا يتجزّأ من تفاهم معراب ولأنها تشكّل توازناً على المستوى السيادي والإصلاحي انطلاقاً من ممارساتها الشفّافة».

وأكّدت المصادر حِرص «القوات» على «ترجمة الفوز الذي حقّقته في الانتخابات داخل المؤسسات الدستورية، فهي نجحت في مضاعفة نوابِها، الأمر الذي يمكّنها من مضاعفة تأثيرها وفاعليتها على المستويات الوطنية والحياة البرلمانية والحكومية، ولا شكّ، هناك من سيحاول تزويرَ الوقائع من خلال نفخِ حجمِه، لكنّ الوقائع واضحة للغاية، فـ«القوات» مِن ضِمن الكتل السياسية الكبرى، وبالتالي شريكةٌ مع سائر الكتل في المرحلة الجديدة، وهي تنصَح بعدم التفرّد الذي لن يؤدّي إلى النتائج المطلوبة، فيما الشراكة هي المعبَر الوحيد لتحقيق تطلّعات اللبنانيين».

البنتاغون

من جهة ثانية، وفي اول موقف أميركي بعد صدور نتائج الإنتخابات النيابية أعلنت وزارة الدفاع الأميركية أن «الجيش الأميركي ملتزم دعم ومساعدة الجيش اللبناني رغم المكاسب التي حققها «حزب الله» في الإنتخابات البرلمانية».

وقالت المتحدثة باسم البنتاغون اللفتنانت كوماندر ريبيكا ريبرتش في بيان أمس، إن «الولايات المتحدة ما زالت ملتزمة بدعم السيادة والاستقرار والأمن ومؤسسات الدولة في لبنان بما في ذلك القوات المسلحة اللبنانية بصفتها القوات المسلحة الشرعية الوحيدة في الدولة اللبنانية رغم المكاسب التي حققها «حزب الله» في الإنتخابات البرلمانية».

وشددت على ان «تعزيز العلاقة الدفاعية بين الولايات المتحدة ولبنان اكتسب أهمية إضافية في ضوء التهديدات المستمرة القادمة من سوريا بما في ذلك التحديات المستمرة من جانب تنظيم الدولة الإسلامية والعدوان الإيراني». ولفتت الى إن «الولايات المتحدة ولبنان يتشاركان في هدف بناء قدرات القوات المسلحة اللبنانية بصفتها «المدافع الشرعي الوحيد عن السيادة اللبنانية».