IMLebanon

مانشيت: إيجابيات تسبق الإستحقاقات.. وبرّي لـ«الجمهورية»: إتفقنا على استعجال التأليف 

تلاحقت الإيجابيات على مسافة أيام من انتخاب مجلس النواب المنتخب رئيسَه المنتظر أن يكون الرئيس نبيه بري بلا منازع، لتنطلق بعدها العملية الدستورية بانتخاب نائب رئيس المجلس وهيئة مكتبه، ثمّ الانطلاق إلى عملية التكليف والتأليف الحكومي، فلبّى بري نهاراً دعوةَ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون إلى لقاءٍ هو الأوّل بينهما بعد الانتخابات النيابية، وتخلله غداء في قصر بعبدا وساده «تطابُق في وجهات النظر» و»كان جيّداً مئتين في المئة» على حدّ قول بري، فيما لبّى رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع مساءً دعوة رئيس الحكومة سعد الحريري إلى لقاء في «بيت الوسط». ورأى مراقبون أنّ هذه الإيجابيات إذا تلاحقت في الأيام المقبلة على مستويات أخرى أيضاً، فإنّها ستؤدي إلى تجاوز هذه الاستحقاقات بسلاسة وهدوء.
على مسافة أيام من بدء ولاية مجلس النواب الجديد وتحديد الجلسة الأولى لمجلس النواب الجديد مبدئياً في الثالث والعشرين من الجاري، برزت أمس زيارة بري لقصر بعبدا واجتماعه مع عون في لقاء هو الاوّل بينهما بعد الانتخابات النيابية.

وقال بري لـ«الجمهورية»: «اللقاء كان جيّداً مئتين في المئة وتفاهَمنا على ضرورة الإسراع في تشكيل الحكومة وتذليل كلّ العقبات لتسهيل ولادتها، وذلك لمواجهة الاستحقاقات الداخلية والخارجية». وجزَم برّي بأنّ اللقاء لم يتطرق الى تشكيل الحكومة والحصص والحقائب والأسماء، مكرراً التأكيد أنه يؤيّد تأليف حكومة وفاق وطني وأنّ هذا ما ينصح به. وأكد أنّ عون لم يعطِه اسمَ نائب رئيس مجلس النواب في انتظار اجتماع «تكتّل لبنان القوي» وتسميته.
وكان بري قد أكد من قصر بعبدا، أنّ اللقاء «أكثر من ممتاز»، متحدثاً عن «تطابق في وجهات النظر»، وقال: «منذ انتخاب الرئيس عون وأنا أبدي الاستعداد والتعاون مع الرئاسة الأولى». وأوضَح أنّهما تطرّقا إلى «كلّ المواضيع المستقبلية من دون تفاصيل، وكان هناك تطابُق في الرؤية والنظرة للأمور، والعبرة في التنفيذ». وأضاف: «إتّفقنا على أنّ هناك انتخاباً لرئيس مجلس النواب وهيئة مكتب المجلس ولم ندخل في قضية الأسماء ولم أطلب ولم أتلقَّ وعداً ولم ندخل في تفاصيل أسماء الوزراء في الحكومة الجديدة».

وعن العلاقة مع الوزير جبران باسيل، قال بري: «أتعاطى مع كلّ شرائح المجتمع وباسيل واحد منها».

وقالت مصادر مطلعة لـ«الجمهورية» إنّ اللقاء بين عون وبري كان تدشيناً لمرحلة جديدة في العلاقة بينهما، على قاعدة أنّ ما مضى قد مضى. ورأت المصادر أنّ عون مِن خلال دعوته بري الى اللقاء وتناوُل الغداء الى مائدته، «أعطى إشارةً إلى رغبته في طيّ صفحة الانتخابات وما رافقها من توترات وتجاذبات، وقد تلقّفَ بري هذه الإشارة وردّ على التحية بأحسن منها عبر تصريحِه الإيجابي في القصر الجمهوري».

ولفتَت المصادر الانتباه إلى «أنّ إعادة تفعيل العلاقة بين رئيسَي الجمهورية والمجلس تندرج أيضاً في إطار تحضير بيئة ملائمة للخوض في المفاوضات المتعلقة بتأليف الحكومة الجديدة بعد انتخاب رئيس المجلس النيابي المنتخب». واعتبَرت المصادر «أنّ مِن المفترض مبدئياً أن يفضيَ هذا المسار من الإيجابيات المتبادلة بين عون وبري إلى تصويت «تكتّل لبنان القوي» برئاسة الوزير جبران باسيل على انتخاب بري في رئاسة المجلس النيابي لولاية جديدة».

مصالحة مع برّي

وعلمت «الجمهورية» من قريبين من قصر بعبدا أنّ عون كان قد أبلغ إلى البعض أنه ماضٍ في المصالحة مع بري وأن لا عودة إلى الوراء في علاقتهما وأنه يعوّل على مرحلة جديدة من التعاون بينهما في كلّ الملفات وفي العمل النيابي والحكومي. ولم تستبعِد المصادر أن يذهب عون في هذه الإيجابية إلى حدّ الطلب من «التيار الوطني الحر» التصويتَ لبري في جلسة انتخاب رئيس المجلس، أو تركِ الخيار مفتوحاً داخل «التكتّل».

جعجع في «بيت الوسط»

وفي هذه الأجواء، عقِد لقاء لافت ومفاجئ مساء أمس في «بيت الوسط» بين رئيس الحكومة سعد الحريري ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع هو الاوّل بينهما منذ أزمة استقالة الحريري من الرياض في 4 تشرين الثاني من العام الماضي وما تبعَها من ذيول وتوتّر في العلاقة بين «القوات» وتيار «المستقبل». ويأتي هذا اللقاء بعد الانتخابات النيابية التي لم تحصل تحالفات فيها بين الفريقين باستثناء دائرتَي بعلبك ـ الهرمل وعكار. كذلك يأتي في خضمّ التحضيرات الجارية للاستحقاقات النيابية والحكومية، خصوصاً وأنّ جعجع قال في مقابلته المتلفزة الأخيرة إنّه رهن تسمية الحريري بشروط سياسية يتفق عليها مسبقاً.

وتناوَل اللقاء بين الحريري وجعجع، الذي حضَره الوزيران غطاس خوري وملحم رياشي والوزير السابق باسم السبع، الأوضاعَ السياسية العامة في البلاد وآخِر التطورات.

وقال جعجع بعد اللقاء إنه أبدى رأيه بالنسبة للحكومة الجديدة وإنّ الحريري كان مستمعًا، «وقلتُ إننا نحتاج الى انطلاقة جديدة»، وأكّد الحاجة الى «وجوه جديدة ونمطِ عملٍ جديد، وإلّا سنحصل على النتائج نفسِها». وشدّد على «أنّ ما يجمعنا مع تيار «المستقبل» أكبر بكثير ممّا يفرّقنا». وقال: «الكلام عن اعتقال الحريري وتقديم «القوات» الشكاوى ضده كلام لا معنى له، والزمن طوى تلك الصفحة». وشدّد على أنّ تفاهم معراب لم ينتهِ، وأوضَح أنّ «القوات» لا تطالب بأيّ حقيبة وزارية «إنّما أن نتمثّل بمقدار تمثيلنا الشعبي».

فتفت

وفي سياق متصل قال النائب المنتخب في كتلة «المستقبل» سامي فتفت لـ«الجمهورية»: «إنّ أفضل سيناريو للمحاسبة والإنتاجية هو تشكيل حكومة معارضة، لكنّ الواقع في لبنان يفرض علينا تشكيلَ حكومة وحدة وطنية مع استراتيجية دفاعية تُرضي الجميع ولا تمسّ بكرامة أحد». ولاحَظ «خطاباً تصعيدياً لدى كلّ الاحزاب حيال موضوع توزيع الحقائب الوزارية»، وقال: «مِن حق كلّ طرف أن يطالب بالحقيبة التي يريدها، لكنّ خطاب فرضِ الحقائب سيؤخّر تشكيلَ الحكومة وسينعكس ضرَراً على الجميع». لافتاً إلى «أنّ كتلة «المستقبل» هي الوحيدة «أم الصبي» ولم تعتمد هذا الخطاب، فيما يبدو وكأنّ الجميع يفرض الحقائب فرضاً، لذلك عليهم مغادرة هذا الخطاب التصعيدي والجلوس معاً للاتفاق على صيغة معيّنة»، وقال: «عدد الحقائب السيادية والخدماتية معروف فلتوزَّع على الجميع».

دكاش

ودعا النائب المنتخب في كتلة «القوات» شوقي الدكاش إلى»عدم تأخير ولادة الحكومة ووضعِ العصيّ في دواليب تأليفها، لأنّ الوضع في المنطقة صعب والبلاد لا تتحمّل أيَّ تأخير». وقال لـ«الجمهورية»: «يجب أن يتنبَّه الجميع الى انّ حجم كلّ طرف بات معروفاً، ويستطيع كلّ وزير في أيّ وزارة يتولّاها ان يقدّم الافضل للّبنانيين».

ورفضَ الدكاش تظهيرَ موقف «القوات» من انتخاب بري رئيساً للمجلس، أو الحديث عن نوعية الحقائب التي تطالب بها في الحكومة الجديدة، مشيراً إلى أنّ القرار في هذا الصدد سيُتّخذ في اجتماع «تكتل الجمهورية القوية» والذي سيتحدّد موعده فور تعيين جلسة انتخاب رئاسة مجلس النواب». وقال: «لا شيء واضح بعد فلنأخذ الأمور برويّة ولنكن إيجابيين أكثر، ومن أراد أن يبيّنَ سلبياته فليُبينها، لكن مِن جهتنا لن نُظهِر إلّا الإيجابيات لمصلحة لبنان».

مجلس وزراء

على صعيد آخر، لا يبدو أنّ جلسة مجلس الوزراء اليوم ستنسجم مع الأجواء الوداعية، بل يُنتظر أن تشهد عراكاً على أكثر من ملف، فإلى ملفّ الكهرباء هناك بنود تتعلق بتسوية أملاك بحرية اعتبَرت مصادر وزارية أنّ هناك محاولة لتهريبها في الجلسة الاخيرة من دون انتظار التسوية العامة للأملاك البحرية. فضلاً عن بنود تتعلق بالمخطط التوجيهي لمطار بيروت، إذ هناك طلبُ مبلغ 10 مليارات ليرة زيادةً إضافية على مبلغ 28 مليون دولار التي خُصّصت للتجهيزات الأمنية في المطار. ويُستبعد أن يقرّ المجلس بند اقتراح إلغاء الشهادة المتوسطة.

وفيما تحدّثت مصادر وزارية عن أنّ المجلس سيقرّ تعيين نديم المنلا مستشار الحريري رئيساً لمجلس الإنماء والإعمار، أكّدت مصادر أُخرى أنّ «مِن الصعب إقرار أيّ تعيين إداري في هذه الجلسة من ضِمن جدول الأعمال أو من خارجه».

مصير الشهادة المتوسطة

في مجالٍ آخر، وعلى بُعد أسبوعين من انطلاق الامتحانات الرسمية، اشتعلت ردود فعلِ التربويين تزامُناً مع تداوُل إمكانِ إلغاء الامتحانات الرسمية للشهادة المتوسطة في جلسة مجلس الوزارء اليوم، نتيجة اقتراح قانون أعدّه بعض النوّاب. وفي هذا السياق أكّد وزير التربية والتعليم العالي مروان حمادة في بيان رفضَ الوزارةِ المساسَ بالشهادة المتوسطة، معتبراً «أنّ ما يتمّ تداوُله اقتراح قانون وليس مشروع قانون صادر عن الحكومة وعن الوزارة المختصة، وبالتالي، فإنه يُعرَض على الحكومة لإبداء الرأي».

وفيما أعرَب نقيب المعلمين رودولف عبود لـ«الجمهورية» عن «تمسّكِ الأساتذة بالامتحانات الرسمية نظراً إلى أهمّيتها في تحديد مسار التلميذ على المستويين الأكاديمي والمهني». دعا الأمين العام للمدارس الكاثوليكية الأب بطرس عازار عبر «الجمهورية» إلى التركيز على إنجاز الامتحانات بشفافية في مواعيدها (تفاصيل ص.8).

تصعيد في غزّة

وفي المشهد الدولي والإقليمي، ظلّت أحداث غزّة تتصدّر المشهد الدولي والإقليمي لليوم الثاني، ففي موازاة استمرار التصعيد الأميركي ضدّ إيران وليس آخره فرض عقوباتٍ جديدة عليها استهدفت حاكم المصرف المركزي الإيراني ومصرف «البلاد» ومقرّه العراق، وشملت ايضاً المسؤول في «حزب الله» محمد قصير بتهمة تحويل ملايين الدولارات للحزب بالنيابة عن «الحرس الثوري الإيراني»، استمرّ التصعيد الاسرائيلي ضد الفلسطينيين في اليوم التالي لتدشين مقرّ السفارة الاميركية في القدس وارتفعت حصيلة المواجهات بين الاسرائيليين والفلسطينيين، الى أكثر من ستّين قتيلًا وما يزيد عن ألفين وخمسمئة جريح. وترافقَ ذلك مع دعوات للمجتمع الدولي الى التدخّل السريع لمنع اندلاع الحرب في المنطقة. وأكّدت فرنسا بلسان وزير خارجيتها جان إيف لودريان أنّ «الوضع في الشرق الأوسط متفجّر والحرب ربّما تلوح في الأفق»، في وقتٍ غرّد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون قائلاً: «تستمرّ الجريمة والحرّاس غياب». أمّا «حزب الله» فدعا بلسان النائب محمد رعد إلى توحيد كلّ فصائل المقاومة لمواجهة إسرائيل.