IMLebanon

مانشيت: التأليف محاصر بكثرة المطالب… والراعي يُسلِّم ماكرون ملفاً مكتوباً 

لا شيء متوقعاً قريباً على مستوى ولادة الحكومة الجديدة، فالاستشارات النيابية غير الملزمة بنتائجها التي أجراها الرئيس المكلّف سعد الحريري في مجلس النواب أمس سيستتبعها بمشاورات سياسية، هي في الحقيقة جارية بطريقة غير رسمية منذ مدة ولكنه سيستكملها ربما قبل أن يَشدّ الرحال الى الرياض، ومنها الى مكة لأداء حج العمرة خلال الايام العشرة الأواخر من شهر رمضان، علماً أنّ كثيراً من الاطراف يبدون رغبة في ان تُبصر الحكومة النور قبل عيد الفطر السعيد منتصف حزيران المقبل. ولكنّ المؤشرات في هذا الاتجاه غير مشجّعة بعد في ظل الكم الكبير من المطالب التي تلقّاها الحريري حتى الآن، على رغم الرهان على معالجتها خلال المفاوضات الجارية، ومن خلال دالّة هذا الرئيس او ذاك على هذا الفريق السياسي او ذاك، لتأتي الحكومة مقبولة لدى الجميع وهي على الأرجح ستكون ثلاثينية، وربما أكثر…
لم تتّضِح معالم الحكومة العتيدة بعد، الّا انّ الكتل النيابية قد رمت بمطالبها وشروطها امام الرئيس المكلف سعد الحريري، بعضها لكي يأخذها في الاعتبار، وبعضها لإسماع المنافسين على الأحجام والحقائب.

وقد بدا واضحاً من كمية مطالب الاستيزار انّ التأليف الحكومي ليس مُيسّراً بعد، لأنّ هناك استحالة في تحقيق كل هذه المطالب «إلّا اذا شاء المطالبون والمعنيون بالتأليف نقل مقاعد مجلس النواب الى مقاعد مجلس الوزراء»، على حد تعبير احد السياسيين، الذي لاحظ «انّ المتميّزين المُنضوين في كتل نيابية قدِموا الى الاستشارات بمفردهم، كالنائبين نعمة افرام و رئيس «حركة الاستقلال» ميشال معوّض وغيرهما، الأمر الذي سيفرض على الرئيس المكلف، الذي أنهى استشاراته النيابية امس، إجراء استشارات سياسية مع رؤساء الكتل والمرجعيات، لعل المطالب تدخل في خرم التأليف، علماً أنّ الاستشارات السياسية ستُبرز ما اذا كانت أسباب التعقيدات داخلية ام تنطوي على خلفيات خارجية. على انّ زيارة الحريري المرتقبة للسعودية هي في حد ذاتها إعلان عن التداخل بين الخارج والداخل في عملية التأليف.

 

خلف الاضواء

وقالت مصادر متابعة للتأليف الحكومي لـ«الجمهورية»: «انّ الرئيس المكلف لم يتخذ بعد اي قرار، لا لجهة شكل الحكومة ولا لجهة التوزيع. فهو دَوّن ملاحظاته خلال اجتماعه مع الكتل والنواب، لكنّ المشاورات الفعلية التي سيجريها ستكون بعيداً من الاضواء، وفي ضوئها سيعطي نفسه بعض الوقت لكي يحدد طبيعة الحكومة وسيسير وفق الأولويات: بداية شكل الحكومة، ثم ايّ قاعدة سيتّبعها في توزيع الحقائب، ومن ثم عرض هذه الحقائب على الكتل النيابية لنيل موافقتها قبل ان يصل الى المرحلة الاخيرة، وهي إسقاط الاسماء على الحقائب». واعتبرت المصادر انّ كل ما قيل في هذا الصدد حتى الآن «يبقى كلاماً مبدئياً الغاية منه رفع السقف وتقوية الاوراق التفاوضية، قبل وضع كل هذه الاوراق على الطاولة للتفاوض».

 

الحريري

في أي حال إنّ الرئيس المكلف، وبعد استطلاعه آراء الكتل والنواب المستقلين في التشكيلة الوزارية العتيدة، أبدى تفاؤله وشدد على «ضرورة تأليف حكومة وفاق وطني لتحصين ساحتنا الداخلية أمام التحديات الاقليمية، بالاضافة الى الوضع الاقتصادي الذي نواجهه». واكد انه «كان هناك تعاون من الجميع لتسهيل تشكيل الحكومة، والجميع متوافق على الإسراع في التأليف».

وتعليقاً على حصة رئيس الجمهورية من الحقائب الوزارية، قال الحريري: «من حق الجميع أن يطلب ما يريد حالياً، ولكن في المرحلة المقبلة لا أتصوّر أنّ أحداً سيضع العصي في الدواليب ويعرقل تأليف الحكومة»، لافتاً إلى «أنّ الإنتخابات النيابية كانت بمثابة إنجاز لمصلحة المواطن، ويجب أن يُبنى على الإيجابيات من أجل تأليف الحكومة». وختم: «الآن نحن في مرحلة مشاورات، والبعض ينصح بحكومة كبيرة أو صغيرة، وسنصل إلى توافق كما جرى في الحكومة السابقة».

 

مطالب الكتل والنواب

وفي استعراض لأبرز مطالب الكتل والنواب، طالبت كتلة «الوفاء للمقاومة» بـ«وزارة وازنة» وكذلك باعتماد وزارة للتخطيط. وقال رئيس الكتلة النائب محمد رعد لـ«الجمهورية»، لدى سؤاله عن تعليقه على ما نُقل عن رأي الحريري من أنّ «حزب الله» لن يسمّي وزراء له مشمولين في العقوبات الاميركية: «نحن أصلاً لسنا معترفين بالعقوبات، ولن نعترف بحكومة تتعاطى مع العقوبات».

إلى ذلك اعتبر تكتل «لبنان القوي» الذي يجتمع اليوم برئاسة الوزير جبران باسيل أن «لا أحقية لأحد بالتمسّك بحقيبة معينة، وأنه حان الوقت لحصوله على «وزارة المال او وزارة الداخلية الى جانب حقائب اخرى اساسية». وطالبَ بتمثيل الطائفتين العلوية والسريانية في الحكومة وتوزيع الحقائب السيادية على الطوائف الصغرى.

في حين شدّد تكتل «الجمهورية القوية» على «انّ تمثيل «القوات اللبنانية» يجب أن يوازي تمثيل «التيار الوطني الحر»، مُتعهداً بأن يكون «حصة رئيس الجمهورية في الحكومة المقبلة».

من جهتها أصرّت كتلة «التنمية والتحرير» على إعطائها وزارة سيادية، معتبرة أنه يحق لها بـ ٤ وزراء من ضمنهم وزارة سيادية «وهي وزارة المال، إذا كان المعيار أنّ لكل كتلة من ٤ نواب، وزيراً».

واستعجلت كتلة «المستقبل» ولادة الحكومة، وطالبت بأن تكون ثلاثينية.

وفي حين لم تكشف كتلة «اللقاء الديموقراطي» عن مطالبها، مؤيدة تأليف حكومة وحدة وطنية. أكدت كتلة «ضمانة الجبل» من جهتها حقّها في أن تتمثّل في الحكومة بنحو صريح.

وطالبت كتلة «الوسط المستقل» بحقيبة وزارية من دون تحديدها. كذلك طالبت كتلة «الوطن المستقل» بحقيبة اساسية: إمّا وزارة الاشغال وإما وزارة الطاقة أو الاتصالات، وبحقيبة خدماتية اخرى.

وطالبت كتلة «نواب الأرمن» بحكومة من ٣٢ وزيراً تتمثّل فيها الطائفة الأرمنية بوزيرين. واوضحت كتلة نواب «الكتائب» انها ستعقد جلسة أخرى مع الحريري «لأنّ ما يهمها، قبل النظر الى الاشخاص، النظر الى البرنامج والاولويات التي بناء عليها سنتّخذ الموقف المناسب».

 

السيّد

وفي إطار استشارات التأليف، كان لافتاً لقاء الرئيس المكلّف مع النائب جميل السيّد، الذي اعتبر انّ اللقاء «كان طبيعياً»، مشيراً الى انه تخلله استعراض موجَز عن المحطة الماضية التي طَغت على العام 2005. واشار الى «انّ الحريري أبدى كل تفهّم للمرحلة السابقة والظروف التي رافقتها»، وقال: «الحريري تعاطى معي وكأنه لم يكن بيننا شيء». وطلب السيّد من الحريري أن تُسند حقيبة وزارة العدل إلى فريقه السياسي «كنوع من رّد الاعتبار، ولأنّ هذه الوزارة شهدت تركيب شهود زور».

 

الراعي ـ ماكرون

الى ذلك، تتجه الانظار الى باريس اليوم حيث يتوّج البطريرك الماروني الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي زيارته لها بلقاء يعقده بعد ظهر اليوم مع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في قصر الايليزيه، وُصف بأنه «مهم جداً».

وعلمت «الجمهورية» انّ الراعي يحمل معه ملفاً مكتوباً سيسلّمه الى ماكرون، ويحتوي على مواضيع عدة أبرزها:

• أولاً، العلاقات الفرنسية ـ اللبنانية عموماً والفرنسية ـ المسيحية خصوصاً.
• ثانياً، دور فرنسا في الحفاظ على كيان لبنان في المرحلة التي تَتفتّت فيها كيانات الشرق الاوسط.
• ثالثاً، موضوع النازحين السوريين ودور باريس في معالجة هذا الملف.
• رابعاً، الدور الثقافي والتربوي لفرنسا في لبنان والشرق الاوسط.

وقبَيل سفره الى باريس، اكد الراعي أنّ «لفرنسا والدول في الأسرة الدولية إيماناً بأنّ لبنان يشكل قيمة كبيرة في هذا الشرق، ويقولون انه اذا تمّت حمايته وأصبح قوياً بمؤسساته سيكون مساعداً للسلام، ليس في الشرق فقط وإنما في أوروبا».

وكرّر الراعي دعوته إلى «ضرورة الإسراع في الإصلاحات في القطاعات». وقال: «نصلّي لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون حتى تتحقق أمنياته مع رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري في تأليف الحكومة اليوم قبل غد».

 

روسيا وإيران

دولياً، برز الى العلن مجدداً الخلاف الروسي ـ الايراني حيال الملف السوري، فبعدما كانت ايران قد أعلنت انه لا يمكن لأحد أن يخرج قواتها من سوريا، وانّ وجودها فيها سيستمر ما دام هناك طلب من الحكومة السورية، وذلك في ردّ منها على روسيا، جَدّدت موسكو امس دعوتها طهران الى سحب قواتها من سوريا، وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف: «انّ الاتفاق على إنشاء منطقة لخفض التوتر جنوب غربي سوريا نَصّ منذ البداية على أنّ القوات السورية فقط يجب أن تبقى على تلك الحدود»، آملاً في «انسحاب القوات الأميركية من التنف في جنوب شرق سوريا».

 

إسرائيل

وفي وقت يتوجّه وزير الدفاع الاسرائيلي أفيغدور ليبرمان إلى موسكو غداً للاجتماع مع نظيره الروسي سيرغي شويغو، ومناقشة الوجود العسكري الايراني في سوريا، أشار رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو الى أنه سيزور أوروبا الأسبوع المقبل، للقاء المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وربما التقى ايضاً رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، للبحث في «صَد الطموحات النووية الإيرانية وصَد التمدد الإيراني في الشرق الأوسط». وقال: «نؤمن أن لا مكان لأيّ وجود عسكري إيراني في أيّ جزء من الأراضي السورية. هذا يعكس ليس موقفنا فحسب، بل يمكنني أن أقول بكل ثقة إنّ هذا الموقف يعكس أيضاً مواقف أطراف أخرى في الشرق الأوسط وخارجه. هذا سيكون المحور الرئيسي للمناقشات التي سأجريها هناك».