Site icon IMLebanon

مانشيت: النازحون: روسيا تتحرك ولبنان يُراقب… ومجلس الأمن يستعجل تأليف الحكومة

 

بداية أسبوع غير مشجّعة على التفاؤل بقربِ انفراج ملفّ التأليف، على الرغم من كلّ الكلام الحماسي الذي أطلِق نهاية الأسبوع الماضي، وبشّر بأنّ ولادة الحكومة صارت قريبة، وأنّ الأسبوع الجاري، حاسم على هذا الصعيد. حتى الآن يبدو هذا الملف مؤجّلاً في انتظار «عجيبة سياسية» تضرب المشهد الداخلي وتُحدث نقلةً نوعية على خط التأليف، أو «يد سحرية» تنتشله من قعرِ التعقيدات. وإلى أن يُعثَر على تلك اليد، يبقى التعثّر هو الحبل الذي يشدّ على عنق القوى السياسية وما تعبّر عنه من شروط ورغبات.

وفي موازاة هذه الصورة الحكومية المعقّدة، برزت حماسة خارجية لتأليف حكومة في لبنان في وقتٍ قريب، عبّر عنها مجلس الأمن الدولي، واللافت كان اقترانها بهجوم على «حزب الله»، حيث اتّهمه الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريس بـ«تقويض قدرةِ حكومة لبنان على ممارسة سلطتِها وسيادتها». هذا في وقتٍ كانت التطوّرات الميدانية تتسارع حول ملف النازحين، وعلى مسرح المطلوبين في البقاع، حيث نفّذ الجيش اللبناني عمليةً نوعية تمكّنَ خلالها من قتلِ ثمانية مطلوبين والقبضِ على العشرات منهم.

مجلس الأمن
في بيانٍ لافت، دعا مجلس الأمن الدولي إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية في لبنان على وجه السرعة، فيما بَرز مضمون التقرير الذي أعدّه أمين عام الأمم المتحدة حول مدى تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 1701، الذي ناقشَه المجلس في جلسة مغلقة، أمس الإثنين، وجاء فيه: «لا يزال «حزب الله» يعلن على الملأ بأنّه يحتفظ بقدرات عسكرية، كما لم يتمّ إحراز أيّ تقدّم نحو نزعِ سلاح الجماعات المسلّحة، خارج نطاق سيطرة الدولة، بما يقوّض قدرةَ حكومة لبنان على ممارسة سيادتها وسلطتها على إقليمها بشكل كامل».

واستشهد غوتيريس، في التقرير، بتصريحات أدلى بها عضو «حزب الله» في البرلمان نواف الموسوي في 26 آذار الماضي، ذكر فيها أنّ «المقاومة قادرة على ضربِ عمقِ الأراضي الإسرائيلية». كما نقلَ التقرير تصريحات لرئيس أركان الجيش الإسرائيلي غادي أيزنكوت، مطلع نيسان الماضي، حذّر فيها من احتمال نشوب حرب في عام 2018 أكبر من ذي قبل.

وأشار إلى أنه «لم يجرِ أيضاً أيّ تقدّم في تفكيك القواعد العسكرية التي تحتفظ بها الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة وفتح الانتفاضة، التي مازالت تنتقص من سيادة لبنان، وتعرقل قدرةَ الدولة على رصدِ ومراقبة أجزاء من الحدود بفعالية».

وأعرَب غوتيريس عن القلق من استمرار اختراق الطيران الإسرائيلي للمجال الجوّي اللبناني، مشيراً إلى أنّ ذلك لا يشكّل خطراً على اللبنانيين فقط، بل يؤجّج أيضًا المشاعرَ والخطابات المعادية لإسرائيل.

النازحون
من جهةٍ ثانية، وفيما سُجّلت أمس عودةٌ جديدة لنحو 850 نازحاً سوريّاً عبر معبر الزمراني في منطقة القلمون بريف دمشق، لوحِظ تكثيفُ الحضور الروسي في هذا الملف، الذي بدأ قبل أيام قليلة بإعلان الخارجية الروسية عن دخول أزمةِ النازحين إلى نهاياتها، واستكملته أمس، وزارة الدفاع الروسية بالإعلان عن فتحِ معبرَين للاجئين السوريين من الأردن ولبنان. على أن تُفتح ثلاثة معابر أخرى بعد ثلاثة أيام.

عون
والواضح أنّ لبنان يرصد تطوّرات هذا الملف الضاغط، ويسعى لتوفير عودةٍ سريعة للنازحين والتخفيفِ من العبء الذي يشكّلونه على أكثر من صعيد.

وفي هذا السياق، نَقل زوّار رئيس الجمهورية ميشال عون ترحيبَه بالمقترحات الروسية باعتبارها من ثمار القمّة الأميركية – الروسية. وقال إنه ما زال بانتظار التفاصيل الدقيقة المتعلقة بها والمراحل التي تتحدّث عنها. فهو وحتى بعد ظهر أمس لم تصِله أيّ مذكّرات أو تقارير رسمية عن المبادرة ليُبنى على الشيء مقتضاه. وإنّ ما اطّلع عليه لا يزيد عمّا اطّلع عليه اللبنانيون من خلال تقارير وسائل الإعلام والبيانات التي أصدرَها مسؤولون روس والتي نَقلتها وكالات الأنباء العالمية وما نَشرته بعض وسائل الإعلام الروسية والدولية.

وبحسب الزوّار، فإنّ ترحيب رئيس الجمهورية وتفاؤلَه بالمقترحات الروسية مردُّه إلى أنه كان ينتظر شيئاً مِن هذا القبيل في أيّ وقتٍ متى توافرَت الإرادة الدولية الجامعة، وذلك نتيجة الجهود التي بَذلها على أكثر من مستوى، سواء مع السفير الروسي في بيروت ألكسندر زاسبكين والموفدين الروس الآخرين، كما المسؤولين الأوروبيين الذين زاروا لبنان ومنهم المستشارة الألمانية انجيلا ميركل التي كانت من آخِر هؤلاء الزوّار الدوليين.

واستطرَد رئيس الجمهورية أمام زوّاره ليقول: سبَق أن أبلغتُ هؤلاء جميعاً ومنهم سفراء مجموعة الدعم الدولية من أجل لبنان والذين زارونا بناءً لطلبهم في أعقاب الإشكال الذي حصَل مع وزارة الخارجية بأنّ لبنان لا يمكنه أن يتحمّل عبءَ النزوح السوري لوحده وليس بقدرتنا استيعابهم. وأضاف: كنتُ واضحاً أمام أعضاء الوفد الذي ضمّ الجميع من ممثلي الدول الخمس ذاتِ العضوية الدائمة في مجلس الأمن والسفراء الأوروبيين وممثّلي الاتّحاد الأوروبي والجامعة العربية أنّه لا يمكننا أن ننتظر الحلَّ السياسي لتكونَ هناك خطوات عملية من أجل إعادةِ النازحين السوريين.

وانتهى الزوّار إلى القول إنّ رئيس الجمهورية ينتظر التفاصيلَ المتعلقة بكلّ المراحل المقترَحة، بما فيها الحديث عن لجنةِ تنسيقٍ مشتركة وغيرُها من الآليات التنفيذية، ليكونَ لنا الموقف المناسب في الوقت المناسب، جازماً بأنه «لن يمرَّ شيء دون عِلمنا أو عبرنا».

برّي
وأملَ رئيس مجلس النواب نبيه بري أن يُصار إلى عودةٍ سريعة للنازحين إلى ديارهم، ونَقل زوّاره عنه قوله «إنّ هناك ضرورة للتواصل بين الحكومتين اللبنانية والسورية لمتابعة قضيةِ النازحين السوريين وحلِّها.

وأكّد بري «أنّ حلّ قضية النازحين هو لمصلحة لبنان وسوريا على حدٍّ سواء، مع التشديد على أنّ التواصل مع سوريا يَخدم لبنان اقتصادياً، لا سيّما في مرحلة إعادةِ الإعمار».

إسقاط «أوسكوبار»
من جهةٍ ثانية، كان البقاع أمس على موعد مع واحد من فصول الخطة الأمنية لمنطقة البقاع، لإخراج هذه المنطقة من حالة الفوضى التي تعيشها، والتي أدّت إلى الفلتان وتنامي الجريمة واللصوصية وتجارةِ الفدية في شكل لم يَسبق له مثيل.

فقد نفّذت وحدات من الجيش عمليةً نوعية، أسقطت خلالها إمارةَ المطلوب بعشرات مذكّرات التوقيف بتهَمِ الإتجار بالمخدّرات، علي زيد إسماعيل، المعروفة بإمارة «أوسكوبار» في بلدة الحمودية البقاعية. وتواكبَت العملية مع تساؤلات عمّا إذا كانت الخطة الأمنية ستتوقف عند هذا الحد أم أنّها ستستمر وتُسقِط كلَّ الرؤوس الكبيرة وجميعَ المطلوبين الذين كانوا حتى الأمس القريب من الفئة الممنوعِ توقيفُها وتسرَح وتمرح بسمومِها وارتكاباتها التي لم تؤثّر فقط على منطقة البقاع بل على كلّ المناطق اللبنانية ؟

عملية الدهم هذه، نفّذها الجيش عند التاسعة صباحاً، بدأت بمحاصرةِ بلدة الحمودية وقطعِ المفارق الفرعية التي يمكن أن يفرَّ منها المطلوبون، وبإحكام الطوقِ على البلدة وسدِّ كلِّ المخارج، كذلك عملت فرَق المجوقل والمغاوير على إقامة حواجز ثابتة داخل البلدة، وبدأت بعملية دهمِ المنازل واحداً تلوَ الآخر وصولاً إلى منزل علي زيد اسماعيل، حيث وقعت اشتباكات بمختلف أنواع الأسلحة الرشاشة والصاروخية لأكثر من سِتّ ساعات، ضيَّق فيها عناصر المجوقل والمغاوير الخناقَ على اسماعيل وعددٍ مِن أفراد عصابته داخلَ شقّة هدَّد خلالها اسماعيل بتفجير نفسِه في حال اقتحَم العناصر المكان، والذين طالبوه عبر مكبّرات الصوت بتسليم نفسِه.

وبحسب المعلومات أنّ طوّافات الجيش اللبنانية التي ساندت في عملية الدهم وحلّقت في أجواء بلدتَي الحمودية وبريتال، رصَدت سيارة «بيك اب» تستقلّها مجموعة اسماعيل باتّجاه السهل فأطلقت عدداً مِن الطلقات النارية أصيبَ خلالها مَن كان في البيك أب بين قتيلٍ وجريح.

ونتجَ عن العملية مقتلُ كلٍّ مِن علي زيد اسماعيل، وشقيقه محمد ووالدته زينب، وأحمد حويشان اسماعيل وابنه، سوريَين اثنين وامرأة، إضافةً إلى ستّة جرحى، وتوقيفِ أكثر من أربعين مطلوباً بينهم سوريّون.

مصدر عسكري
في السياق، أكّد مصدر عسكري لـ«الجمهورية» أنّ هذه العملية النوعية هي إنجاز للجيش الذي يضع الأمنَ في سلّمِ أولوياته، إذ إنّ علي زيد اسماعيل المطلوب توقيفُه بموجب 2941 ملاحقة قضائية خطيرٌ جداً، لا بل مِن أخطرِ المطلوبين، وكان يلجَأ لأساليب عديدة للتهرّبِ من المراقبة والملاحقة. ولكن نتيجة الرصدِ والمتابعة من قبَل الجيش والتي جرت 24 على 24 في الفترة الأخيرة، تمّ تحديد مكانه وانطلقَت عملية توقيفِه بعد وضعِ خطّةٍ محكمة لها. وشاركت فيها عدة وحدات من الجيش، بينها القوات الجوّية، واستمرّت عدة ساعات.

وروى المصدر تفاصيلَ المداهمة، مشيراً إلى أنّ «المطلوب، وعند حصول عملية الدهم، أطلقَ النار ثمّ حاوَل الهروب فوقعَ بكمين، ما أدّى إلى مقتله»، موضحاً أنّ «الجيش اضطرّ للردّ على مصادر إطلاق النار من قبَل المجموعة المتواجدة في مكان العملية.

وكشَف المصدر أنّ «الموقوف كان المسؤولَ عن كلّ المخدّرات التي تُوزَّع في عدة مناطق لبنانية، وتحديداً في بيروت، أي أنّه يحمل ذنبَ المئات من ضحايا المخدّرات».

في المحصّلة، أثبتت هذه العملية أنّ الجيش مستمر بمهمتِه الأمنية بصرفِ النظر عن كلّ الحملات التي شُنَّت ضدّه، ليؤكّد يوماً بعد آخر أنّ شيئاً لن يقفَ أمام تحقيقه الأمنَ للمواطنين، وهو ما تجلّى أمس.