Site icon IMLebanon

مانشيت: وفد روسي لتنسيق عودة النازحين.. وسجال جديد حول المحكمة 

لا تأليفَ حومياً بعد على رغم كثرة «المؤلّفين».. فالمَعمعة، بل «المنتَعة» الداخلية مستمرّة على أشدّها بين المعنيين الذين أمضوا حتى الآن شهرين وهم يتقاذفون كرة الاتهام بالتعقيد والتصعيد والتأزيم.. والأدهى أنّ الجميع يعلنون مواقفَ شِبه يومية يستعجلون فيها ولادة الحكومة الموعودة نافِضين أيديَهم من الاتهام بمنعِ التوافق على التأليف.. أمّا الصورة الخارجية فهي الأُخرى ضبابية على رغم نفضِ هذه الجهة الإقليمية أو تلك يدَها من التدخّل في الاستحقاق الحكومي والتبرّؤ من أيّ اتّهامٍ بتعطيل المحاولات لإنجازه. والنتيجة إلى الآن أنّ البلاد تعيش تحت سلطةِ حكومةِ تصريف أعمالٍ يُخشى أنّها ستقيم طويلاً، خصوصاً إذا صحَّ ما بدأ يُردّده البعض من أنّ تأليف الحكومة قد لا يحصل قبل الخريف الآتي !؟
شاع في بعض الأوساط السياسية ليلَ أمس أنّ الرئيس المكلف سعد الحريري، وبعد الجمود والمراوحة في تأليف الحكومة، يتّجه إلى حسمِ موقفه من هذه العملية الدستورية، حيث سيزور رئيس الجمهورية العماد ميشال عون خلال الساعات المقبلة طالباً المساعدة على اتّخاذ قرارات نهائية في شأن التأليف، لأنّ الوقت لم يعُد يتيح الانتظار. وعلمت «الجمهورية» أنّ الحريري لن يحملَ معه إلى هذا اللقاء أيَّ مقترحات جديدة، بل سيَطلب البتَّ بالمقترحات التي كان قدّمها في الآونة الأخيرة لجهة توزيع الحصص الوزارية على الأفرقاء الذين سيتمّ تمثيلهم في الحكومة، وسيقول لِـ عون: «هذه تشكيلتي». وأوضح أمس أنه لم يحدّد أيَّ مهلة للتأليف وأنه غيرُ ملزم بأيّ مهلة.

ونَقل زوّار عون عنه قوله، لدى سؤاله عن احتمال سحبِ التكليف من الحريري: «ليس لديّ أيّ سلطة لسحبِ التكليف من رئيس الحكومة المكلف تشكيلَ الحكومة الجديدة».

وعندما قيل له إنّ رئيس مجلس النواب نبيه بري سيدعو إلى جلسة نيابية تشاورية لمناقشة مسألة التأخير في تأليف الحكومة، أجاب: «يستطيع الرئيس بري القيام بما يريد، ليس هناك من هو قادر على تعطيل عملِ مجلس النواب». وردّاً على سؤال حول ما يأمله من هذه الجلسة، أجاب: «مجلس النواب لا يستطيع سحبَ التكليف أيضاً، فلِمَ هذه الجلسة»؟

ملفّ النازحين
وفي الانتظار، يستمرّ ملف النازحين السوريين متصدّراً واجهة الأحداث في ضوء التطوّرات التي يشهدها غداة قمّة هلسنكي الاميركية ـ الروسية، حيث لا يزال لبنان الرسمي ينتظر تبليغاً رسمياً من الولايات المتحدة الاميركية وروسيا، لمعرفة مدى جدّيةِ المحاولات الدولية لإعادة النازحين إلى بلادهم.

وكشَفت مصادر ديبلوماسية لـ«الجمهورية» أنّ ملفّ المبادرة الروسية سيَحضر بقوّة في بيروت غداً، حيث من المقرّر أن يزورها وفد روسي هو الأرفع ديبلوماسياً وعسكرياً للقاء رئيس الجمهورية ونقلِ رسالةٍ خاصة إليه من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تتناول آخِر التطوّرات في لبنان والمنطقة عموماً والمبادرة الخاصة بالنازحين خصوصاً.

وعلمت «الجمهورية» أنّ الوفد يضمّ السيّد ألكسندر لافراتييف الموفد الخاص للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ونائب وزير الخارجية سيرغي فرشينين وعدداً من ضبّاط الأركان الكبار في القيادة المركزية للجيش الروسي.

وأعلنَت وزارة الدفاع الروسية أنّ سفير روسيا لدى لبنان ألكسندر زاسبكين سيَرأس مركز إعادة اللاجئين السوريين من لبنان إلى ديارهم.

وعشية وصولِ الوفد الروسي، عقِد اجتماع في «بيت الوسط» بين الحريري والقائم بأعمال السفارة الروسية فيتشيسلاف ماسودوف، في حضور مساعد الملحق العسكري دينيس خيتريى ومستشار الحريري للشؤون الروسية جورج شعبان، وتمّ خلال اللقاء البحثُ في المقترح الروسي في شأن عودة النازحين.

وأبلغ ماسودوف إلى الحريري بوصول ممثّل خاص للرئيس الروسي ونائب وزير الخارجية وممثّل عن وزارة الدفاع قبل نهاية الأسبوع الجاري إلى بيروت لمناقشة المقترح الروسي واستكمال البحثِ فيه.

اللواء ابراهيم
وعلمت «الجمهورية» أنّ الوفد الروسي الذي زار الحريري، سيَجتمع اليوم مع المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم قبل سفر الأخير إلى العراق في مهمّة خاصة. وأكّد ابراهيم لـ»الجمهورية» أنّ حلّ مسألة النازحين «يفرض التواصلَ المباشر مع الأمن العام من أيّ جهة كان»، وشدّد على جدّيةِ معالجة هذا الملف «أكثر من أيّ وقتٍ مضى»، داعياً إلى إبعاده «عن التجاذب السياسي، لأنّ الجميع سيَستفيد من معالجته».

الحريري
في هذا الوقت، وبعد موقفِ رئيس الجمهورية الجازم بأنّه «لن يمرَّ شيء دون عِلمنا أو عبرنا»، أوضَح المكتب الإعلامي للحريري في بيان قال فيه إنه «تعقيباً على التطوّرات الخاصة بملف النزوح السوري، وما رافقها من تفسيرات وتأويلات»، فإنّ دور الحريري في ملف عودة النازحين، «توجبه مسؤولياته القومية والوطنية والحكومية، وهو يرفض رفضاً مطلقاً إدراجَ هذا الدور في خانةِ بعض المزايدات والسباق السياسي المحلّي على مكاسب عالمية وشعبوية لا طائلَ منها. فالرئيس الحريري لا يخوض في هذا المجال السباقَ مع أحد، بل هو يسابق الزمن لمساعدة الأشقّاء السوريين على توفير مقوّمات العودة الآمنة والسريعة إلى ديارهم، ورفعِ أعباءِ النزوح الاجتماعية والاقتصادية عن كاهل المجتمع اللبناني».

التواصل مع سوريا
تزامناً مع هذه التطوّرات والمواقف، تعالت أصواتٌ تنادي بضرورة التواصل مع النظام السوري والتنسيق المباشر معه لضروراتٍ اقتصادية وتجارية، والتواصل من أجل إعادة النازحين، وأصوات تطالب بإلغاء المحكمة الدولية الخاصة بلبنان. وتباينَت المواقف والآراء بين مؤيّد ورافض.

وأيَّد النائب عبد الرحيم مراد «انطلاقَ الحملة الوطنية لإلغاء المحكمة، قائلاً: «آنَ الأوان لإيقاف خطأ المحكمة الدولية ونقلِها إلى لبنان لنكملَ البحث عن الحقيقة مع إمكان الاستعانة بقضاةٍ دوليين».

واعتبَر نائب الأمين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم أنّ «الاقتصاد اللبناني لن يتمكّن من الاستفادة من الاقتصاد السوري إلّا عبر الاتفاق بين الحكومتين، ودعا «الأصوات النشاز التي تحاول أن تمنع التفاهم مع سوريا إلى أن تسكت لمصلحة الشعب اللبناني».

حمادة
وقال الوزير مروان حمادة لـ«الجمهورية»: «مشهد هذه الأيام يعود بنا إلى ما قبل اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، ونرى استهدافاً مباشراً من خلال تعطيل تأليف الحكومة والتهويل على الرئيس المكلف، ونقلِ لبنان إلى عبودية جديدة والقضاءِ على علاقاته العربية والدولية وتكبيلِه داخل القفص السوري ـ الإيراني. هذا لن يحصل، فلن تؤلَّف حكومةٌ على هذا الأساس، ولن تنجح مساعي إبعاد الحريري، ولن ينصاع أحد إلى الإملاءات التي ترِد عبر أصواتٍ تعوَّدنا عليها وتغَلّبنا عليها، ولن نسمح بأن تحتلّ فضاءَنا السياسي. لا تطبيع مع النظام السوري إلّا بعد حلّ متوازن مقبول لبنانياً وعربياً ودولياً وقبلَ كلّ شيء سوريّاً. أي من قبَل كلّ الأطراف وبعد انتهاء حرب لا تزال، رغم مظاهر غلبةِ الميدان، مستمرّةً ومفتوحة على كلّ الاحتمالات. أمّا بالنسبة إلى الهجوم الجديد على المحكمة الدولية فلا أُفقَ له، خصوصاً وأنّها مُنشَأة بقرار دوليّ تحت الفصل السابع ومستمرّة على الأقلّ حتى صدور الحكم النهائي في قضية الرئيس الشهيد رفيق الحريري. وأخيراً إلى المدّعين أنّ أصوات النشاز هي التي تَحول دون انتعاش الاقتصاد اللبناني، إلى هؤلاء نقول: اللحاقُ بأطلالِ نظامِ الاقتصاد السوري وبالهيكل المتداعي للنظام الاقتصادي الإيراني لا يَدفعنا إلى اعتماد مدارس اقتصادية بالية منعزلة عن العالم وعن العصر وعن كلّ القواعد المالية والنقدية والاقتصادية».

منصور لـ«الجمهورية»
في المقابل، شدّد النائب ألبير منصور على ضرورة التواصل مع النظام السوري، وقال لـ«الجمهورية»: «في النهاية، لا بدّ من عودة العلاقة الطبيعية مع النظام السوري، لأن لا حلّ للمشكلات العالقة بين لبنان وسوريا إلّا عبر إعادةِ هذه العلاقة، وأبرز هذه المشكلات مشكلة النازحين التي لا حلَّ لها لا في أميركا ولا في روسيا أو في أيّ بلد من دون التفاهم مع النظام السوري. كذلك فإنّ سوريا هي طريقنا البرّي إلى الداخل العربي، ويستحيل تأمين مصالح لبنان من دون التفاهم مع النظام. ثمّ إنّ سوريا مقبلة على إعمار ما تهدّم فيها، وهي فرصة تاريخية للبنان للمساهمة في إعادة الإعمار».

وعن الأصوات المعترضة لهذا المنحى، قال منصور: «إنّ الرئيس الحريري سيضطرّ في النهاية رغماً عنه للسير في هذا المنحى». واعتبَر «أنّ ما قام به في ملفّ النازحين ليس من صلاحياته، بل من صلاحيات وزارة الخارجية. كذلك فإنّ الخارجية هي التي تعيد علاقات لبنان بصورةٍ طبيعية، والقرار يتّخَذ في مجلس الوزراء. صحيح أنّ الحكومة اليوم تُصرّف الأعمال لكن هناك وزير خارجية عليه القيامُ بواجباته». واعتبَر «أنّ عودة النازحين من الأعمال الملِحّة والضرورية. واستبعَد عودة اصطفاف 14 آذار، واصفاً الأصوات المعترضة بأنّها «للمكابرة فقط ورفعِ السعر ليس إلّا»، وقال: «في النهاية سيتعاملون رويداً رويداً مع الواقع القاسي بالنسبة إليهم بعدما استعاد النظام السوري بعضاً من عافيته».

قانصوه لـ«الجمهورية»
وقال الأمين القِطري لحزب البعث العربي الاشتراكي في لبنان النائب السابق عاصم قانصوه لـ«الجمهورية»: «يجب التفتيش عن مصلحة لبنان أوّلاً، فبماذا نفعَتنا سياسة «النأي بالنفس»؟ منذ عهد الرئيس ميشال سليمان ونحن نرفض التحدّثَ مع النظام السوري، «طيّب، وبَعدين»، لدينا مليون ونصف مليون نازح سوري على أرضنا يستهلكون مياهنا وكهرباءَنا وبُنانا التحتية، ألا يَستلزم ذلك معالجة؟». وشدّد «على وجوب أن يتّخذ الرئيس الحريري قراراً بعودة العلاقة الطبيعية مع سوريا ومِن دون أيّ خلفية، إذ لا يجب أن نكون صدى للخلاف السعودي ـ السوري في لبنان، فإمّا يكون رئيس حكومة يَعمل لمصلحة لبنان وإمّا ليتنحَّ، وبذلك يحفظ ماء وجهِه، لعدم قدرتِه على تأليف الحكومة».

«المستقبل»
ورأت كتلة «المستقبل» التي اجتمعت برئاسة الحريري في المطالبة بإلغاء المحكمة الدولية «دليلاً قاطعاً على أنّ المحكمة قد قطعت شوطاً كبيراً في إظهار الحقيقة وإحقاق الحق في هذه القضية الوطنية الكبرى». وذكّرَت بأنّ المحكمة «هي مِن ضِمن قرارات الشرعية الدولية التي يلتزم بها لبنان التزاماً كاملاً»، محذّرةً من «أنّ العودة إلى التشكيك بها وبعملِها تفتح البابَ أمام عودة مرحلةِ الانقسام العامودي وما رافقها من فِتن، وهي مرحلة تخطّاها اللبنانيون بحكمةِ الرئيس سعد الحريري ومبادرته الشجاعة، لحفظِ الأمان والاستقرار في لبنان».

تسليم جثث الحمودية
إلى ذلك، سلّمت قيادة الجيش جثث سبعة قتلى من أصل ثمانٍ إلى ذويهم، والذين كانوا قد سقطوا خلال عملية دهم منزل المطلوب علي زيد اسماعيل، وهم إضافة إلى الأخير، السوري حسين علي المطر، واللبنانيون: محمد زيد اسماعيل, أحمد علي إسماعيل، يحي أحمد اسماعيل، زينب محمد اسماعيل، وبول نعمان الذي كان موجوداً داخل منزل المطلوب علي اسماعيل خلال تنفيذ عملية الدهم.

أسقاط طائرة سورية
إقليميًّا، أعلنت إسرائيل أمس عن أسقاط طائرة حربية سورية من نوع «سوخوي»، قالت إنّها اخترقت المجال الجوّي الواقع تحت سيطرتها فوق هضبة الجولان التي تحتلّها، الأمر الذي نفته دمشق مؤكّدةً أنّ الاستهداف الاسرائيلي لهذه الطائرة حصَل في الأجواء السورية، عندما كانت تشارك في غارات على مسلّحي المعارضة داخل سوريا، في حين ذكر مصدر «غير سوري» قريب من دمشق أنّ الطيار قُتِل.