Site icon IMLebanon

مانشيت: إستنفار لبناني لمواجهة أزمة الصواريخ.. ومــخاطر الإقتصاد تزداد

مع دخول العامل الاسرائيلي على الخط الداخلي، وإشاعة مناخ حربي ربطاً بما سمّته اسرائيل «صواريخ حزب الله» قرب المطار، لم يعد للاستحقاق الحكومي مطرح جدي في دائرة الحسبان، خصوصاً انّ العقلية السياسية التي تتحكم بملف التأليف منذ أشهر ما زالت تتعاطى مع الحكومة وكأنها إله من تمر تحاول ان تأكلها قبل ان تتشكل. وبالتالي، مَسمَرت المسار المؤدي اليها عند نقطة الفشل والعجز عن التقدم ولو خطوة واحدة يُعتدّ بها، نحو إخراجها بولادة طبيعية.
هذا المناخ الحربي أدخل لبنان في الايام الاخيرة في حال من شد الأعصاب، يفاقمها تعمّد اسرائيل توجيه الرسائل التصعيدية المتتالية تجاه هذا البلد. والليلة الماضية اشار رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو الى ان «حزب الله يكذب على المجتمع الدولي بشكل سافر من خلال الجولة الدعائية الخادعة التي قام بها وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل حين اصطحب سفراء أجانب إلى ملعب كرة القدم، ولكنه امتنع عن زيارة المصنع تحت الأرض المتاخم له، حيث يتم إنتاج الصواريخ العالية الدقة».

اضاف نتانياهو في تصريح له على وسائل التواصل الاجتماعي، «فليسأل السفراء أنفسهم لماذا انتظر الطرف اللبناني 3 أيام قبل القيام بتلك الجولة». ولفت الى ان «حزب الله يعمل بشكل اعتيادي على إخلاء معداته من المواقع التي تم الكشف عنها، ومن المؤسف أن الحكومة اللبنانية تضحي بسلامة مواطنيها من خلال التغطية على حزب الله الذي أخذ لبنان رهينة في عدوانه على إسرائيل».

تركيز إسرائيل على ما تسمّيه «خطر» صواريخ «حزب الله» عليها ومنشآت لتصنيعها وتطويرها في بيروت، فرض استنفاراً سياسياً من الجانب اللبناني لدحض المزاعم الاسرائيلية، فيما لوحظ استمرار صمت «حزب الله» حيال هذا التطور، في وقت سرى كلام، غير مؤكد، عن إطلالة قريبة للأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله حول هذا الموضوع.

وفي هذا الاطار، علمت «الجمهورية» انّ تداولاً يجري بين المستويات السياسية حول فكرة دعوة مجلس الدفاع الاعلى الى الانعقاد في وقت قريب. فيما لم تستبعد مصادر ديبلوماسية لجوء لبنان الى مجلس الامن، وكذلك الى جامعة الدول العربية لعرض الموقف اللبناني وتبيان زيف مزاعم اسرائيل امام المجتمع الدولي. وايضاً الى جعل الخطوة الاسرائيلية التصعيدية تجاه لبنان محور الاجتماع المقبل للجنة العسكرية الثلاثية بين لبنان واسرائيل وقيادة قوات اليونيفيل العاملة في الجنوب اللبناني. التي لم تسجّل في الفترة الاخيرة اي تحرّكات غير اعتيادية في منطقة عملها ومحيطها، وعلى امتداد الحدود الجنوبية. بل انّ الوضع هناك هادىء بشكل كامل والحياة طبيعية على جانبي الحدود.

وكشفت المصادر لـ«الجمهورية» انّ قنوات الاتصال اللبنانية الدولية فُتحت بفعالية كبيرة في الساعات الاخيرة، وأشارت الى دعم روسي كامل للموقف اللبناني، وكذلك الى شعور فرنسي بدقة الوضع، مع تأكيد باريس على الحفاظ على أمن لبنان واستقراره.
ونقلت عن مصادر ديبلوماسية في الامم المتحدة دعوتها المتجددة لكل الاطراف لضبط النفس والالتزام بمندرجات القرار 1701، والامتناع عن كل ما قد يؤدي الى مواجهة عسكرية.

بري
وفي هذا السياق، أعاد رئيس مجلس النواب نبيه بري التأكيد امام زواره على أهمية التنبّه من هذا الخطر الذي أشاعه الكلام الحربي الاسرائيلي ضد لبنان، مشدداً في الوقت ذاته على انّ الضرورة صارت اكبر لتشكيل حكومة في أسرع وقت ممكن.
وقيّم بري ايجاباً، تحرّك الديبلوماسية اللبنانية لعرض الموقف اللبناني، مع التشديد على اجتماع اللبنانيين صفاً واحداً حيال الخطر الاسرائيلي، فيما علمت «الجمهورية» انّ السفراء الذين شاركوا في الجولة التي نظمتها وزارة الخارجية أمس، والتي غابت عنها السفيرة الاميركية لوجودها خارج لبنان في هذه الفترة، عبّروا عن تفهمهم للموقف اللبناني، وأكدوا وقوف بلادهم الى جانبه، والحرص على دعم أمنه واستقراره».

السفراء
الى ذلك، وفي سياق الحملة الديبلوماسية التي أطلقها وزارة الخارجية جبران باسيل، اكد لبنان التزامه بالقرار 1701، وبحق الدفاع عن نفسه، وجاء ذلك خلال اجتماع عقد في الوزارة امس، بين الوزير باسيل وسفراء الدول المعتمدين في لبنان، وعرض امامهم أرقاماً ومستندات عن الخروقات الاسرائيلية.
وقال باسيل: «إنّ اسرائيل لا تحترم منظمة الامم المتحدة ولا تطبّق قراراتها، وفي لبنان لم تحترم القرار ١٧٠١ وقد انتهكت ارضنا وجونا وبحرنا ما يقارب ١٥٠٠ مرة خلال الاشهر الثمانية الاخيرة». واشار الى انّ رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو يستخدم منبر الامم المتحدة لتبرير خرق اسرائيل للقرارات الدولية. وهو، ومن دون اي براهين، يقول انّ هناك ٣ مخازن صواريخ قرب مطار بيروت».

واكد باسيل أنّ «إسرائيل تسعى لتبرير عدوان آخر على لبنان بمزاعم عن مواقع صواريخ «حزب الله». وقال: «لبنان لا يلتزم الحياد عندما يتعلق الامر بالدفاع عن ارضه وشعبه، ويملك حق المقاومة حتى تحرير كل اراضيه المحتلة».

وتابع: «نقول لـ«حزب الله» إنّ نَشر المصانع ان كان صحيحاً فهو لا يصب في مصلحة المطار ولبنان ولكن نرجّح الّا يكون صحيحاً»، مشيراً الى انّ «لا بعقل وحكمة «حزب الله» ولا بمصلحة لبنان يمكن ان يتم تخزين صواريخ من النوع الذي زعمته اسرائيل من دون ان تكون مرئية».
وبعد هذا اللقاء، توجّه باسيل والسفراء في حافلة الى المواقع التي أشار اليها نتنياهو قرب مطار بيروت، «ليكونوا شهوداً على كذب نتنياهو»، كما قال وزير الخارجية.

إسرائيل
وكانت اسرائيل قد استمرت في العزف على الوتر التصعيدي ذاته، حول ما تسمّيه «إقامة بنية صاروخية قرب المطار ومناطق في الضاحية الجنوبية، وذلك عبر تغريدتين للمتحدث باسم الجيش الاسرائيلي افيخاي ادرعي، حيث وجّه في الأولى رسالة الى «فندق الساحة» قائلاً: «يقع فندق الساحة ذو التصميم الفني، والذي يبدو وكأنه قرية لبنانية أصيلة، على بعد أقل من 4 كيلومترات عن مطار رفيق الحريري. فهل يَعي طاقم الفندق، انه في أقل من ٤ كلم من الفندق الرائع حاول «حزب الله» إقامة بنية صاروخية؟ وهل ستنظّم جماعة «نصرالله» رحلات مجانية الى مستنقعها الإرهابي؟».
وفي التغريدة الثانية، توجّه ادرعي الى الوزير باسيل، قائلاً: «إنّو شو بدّك تقول يا «باسيل للسفرا؟ المفروض أوّل شي توَقّف إرهاب «حزب الله» وتسحب سلاحه من قرب مطار بيروت. فَحَصت منيح إذا الحزب الإلهي بعدو مِستملِك المواقع اللي كشفنالكن عنّا أو على عينك يا تاجر؟».

مرجع أمني لـ«الجمهورية»
الى ذلك، قال مرجع أمني كبير لـ«الجمهورية»: لبنان دائماً دائرة الخطر والاستهداف الاسرائيلي، وهذا ما يجعلنا دائماً في أعلى درجات اليقظة والحذر من ايّ غدر اسرائيلي، والتحسّب لأي طارىء.
ويلفت المرجع الى «اننا وإن كنّا لا نأمن لإسرائيل وغدرها، الّا اننا مع التطورات المستجدة، لم نصل بعد الى تقييم يرجع تطور الأمور الى مواجهات عسكرية».

قراءة ديبلوماسية
وبحسب قراءة ديبلوماسية للتطور الاسرائيلي، فإنّ «الاجابة الدقيقة عن التطورات، وما أشاعته اسرائيل حيال صواريخ لـ«حزب الله» قرب مطار بيروت، يمكن استخلاصها من الاعلام الاسرائيلي، الذي ما زال يحذّر من مخاطر ايّ عمل عسكري على اسرائيل في حال بادرت إليه ضد لبنان. وتلفت القراءة الديبلوماسية الى انّ المستوى العسكري الاسرائيلي ما زال يشكّك بانتصار اسرائيل في اي حرب، خصوصاً انها أجرت منذ العام 2006 وحتى اليوم سلسلة مناورات عسكرية لحماية جبهتها الداخلية في حال اندلاع حرب، وأثبتت هذه المناورات فشلها باعتراف الجيش الاسرائيلي، إضافة الى السيناريوهات الحربية ضد «حزب الله»، والتي كان آخرها قبل أسابيع حينما عرض الجيش الاسرائيلي على المجلس الوزاري المصغّر 3 سيناريوهات لحرب طويلة ضد «حزب الله»، وحرب قصيرة الأمد وحرب متوسطة الأمد. وخلاصتها كلها انّ إرادة الحرب موجودة، لكنّ إمكانية الانتصار فيها وكذلك حماية الجبهة الداخلية صعبة.
وبحسب القراءة الديبلوماسية، فإنّ اسرائيل تريد القضاء على «حزب الله» امس قبل اليوم، ولكن ما يخشى منه هو ان ايّ حرب مع لبنان قد لا تقتصر على هذه الجبهة بل قد تتحدرج الامور الى حرب إقليمية واسعة، والخشية متزايدة في اسرائيل ممّا تعتبره مخزون الصواريخ الضخم الذي يملكه «حزب الله». وفي الخلاصة، وحتى في ظل هذا الوضع الذي تتبنّى فيه إسرائيل لهجة أكثر عدوانية، من خلال التلويح بعدوان، الّا انّ ما يعكسه الاعلام الاسرائيلي نقلاً عن المستويات العسكرية الاسرائيلية، يشير الى أنّ طبول الحرب مع لبنان سوف تبقى في انتظار فترة طويلة.
الوضع المالي

من جهة ثانية، ومع جمود الوضع الحكومي، والفشل في بلورة مخارج لأزمة التأليف، يتقدم الوضع الاقتصادي اكثر فأكثر نحو إبراز الوهن الذي يعتريه، والمخاطر التي تتأسّس عليها. وفي هذا السياق، برز مضمون التقرير الذي نشرته وكالة «رويترز» ووصف بالسوداوي حول الوضع الاقتصادي والمالي في لبنان، وفيه أنّ حلول الأزمات التي يعانيها لبنان تبدو بعيدة المنال.
واللافت انّ «رويترز» تناولت في تقريرها الوضع المالي والاقتصادي في لبنان، بأسلوب غير اعتيادي. حيث ركّز التقرير على مسألة تراجع اسعار سندات الدين اللبنانية في الاسواق الخارجية، والتي «أثارت مخاوف في شأن ما إذا كانت البنوك المحلية راغبة في مواصلة تمويل الحكومة وقادرة على هذا، ممّا يزيد الضغوط على بيروت للإسراع في تنفيذ إصلاحات وإلّا ستخاطر بحدوث أزمة تزعزع استقرار العملة». وذكر التقرير أنّ «تكلفة التأمين على الديون السيادية اللبنانية ضد مخاطر التخلف عن السداد ارتفعت في ايلول الماضي إلى أعلى مستوى منذ الأزمة المالية العالمية في عام 2008، مما ينطوي على احتمال تخلّف لبنان عن السداد بنسبة تزيد عن 40 بالمئة في السنوات الخمس المقبلة. وأظهر بحث من بنك ميتسوبيشي يو.إف.جيه أنه من المقرر أن يحلّ أجل استحقاق نحو نصف الدين الحكومي بالعملة الأجنبية على مدى السنوات الخمس المقبلة. (تفاصيل ص 12)

«كباش» العدادات
على صعيد آخر، بدأ العمل أمس بالعدادات لدى أصحاب المولدات كما سبق وأعلنت وزارة الاقتصاد، فيما تبقى المفاوضات مفتوحة في شأن تسعيرة الكيلواط حتى نهاية الشهر الجاري عندما يحين موعد إصدار فواتير تشرين الاول.
وقالت المديرة العامة لوزارة الاقتصاد عليا عباس لـ«الجمهورية» انّ الرقابة على تركيب العدادات انطلقت أمس. وفي المحصّلة، سطّر مراقبو وزارة الاقتصاد اليوم 62 محضر ضبط في حق اصحاب المولدات الذين لم يركبوا بعد عدادات، اي لم يلتزموا بقرار وزارة الاقتصاد. وشدّدت على انّ وزارة الاقتصاد ليست بانتظار إذن من اصحاب المولدات لتتخذ قراراً في شأن العدادات، فكل صاحب مولّد لم يطبّق القرار الصادر عن وزارة الاقتصاد بتركيب عدادات سينظّم في حقه محضر ضبط. (ص 11).