Site icon IMLebanon

الحريري: نعم لـ«التأهيلي» لا للتمديد… وشاحنات الكسارات تحبس المواطنين

شاحنات الكسارات شحنت الأجواء الداخلية، وحوّلت الشوارع، وخصوصاً عند مداخل العاصمة والطرقات الجبلية والرئيسية، الى معتقل واسع حبس المواطنين في سياراتهم لساعات، وتعرض بعضهم لاعتداءات وممارسات استفزازية من بعض المشاغبين من دون حسيب او رقيب، في مشهد ينثر عشرات علامات الاستفهام في الاجواء الداخلية، ويضعها برسم المعنيين. لعلهم يقدِّمون أجوبة تكشف خلفيات زحف الشاحنات الى الشوارع وهل تحركت بشكل عفوي ام انّ يداً خفية كبست زرّاً سريّاً في احدى الغرف السياسية المغلقة. ولهدف أبعد من قرار بوقف العمل بالكسارات لمدة شهر؟ وامّا الشاحنات الانتخابية، فتبدو بدورها معطلة وسط الشارع السياسي، وعند محطة الفشل في بلورة الصورة التي سيرسو عليها الاستحقاق النيابي. وفي هذه الاجواء يأتي اللقاء المسائي بين رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة سعد الحريري الذي بدا واضحاً أنه غادر محور التمديد للمجلس، بما يُلقي على الفرقاء ضرورة الوصول الى قانون قبل جلسة التمديد في 15 ايار المقبل.

حتى ما قبل زيارة الحريري ليل أمس الى عين التينة ولقائه بري في حضور الوزير علي حسن خليل ومدير مكتبه نادر الحريري، كان الحدث الانتخابي قد فقد جاذبيّته وصار خبراً روتينياً وأقلّ من عادي، لا بل ثانوي، والحراك السياسي حول هذا الملف كان يراوح عند نقاط الاختلاف ذاتها على الصيغ المطروحة التي تتضارب بعضها ببعض، ولا جديد فيها سوى محاولة احياء صيغ قديمة فشلت في جذب الاطراف كلهم اليها. او عمليات تجميل تخضع لها بعض الصيغ تحت عناوين مختلفة.

على أنّ هذا اللقاء كسر جو الرتابة، الّا انه لم يعكس وجود تقدم نوعي على الخط الانتخابي، علماً انّ هذا اللقاء سبقه نهاراً لقاء بين الحريري ووزير الخارجية جبران باسيل وكان البحث في الموضوع الانتخابي من زاوية المشروع التأهيلي الذي يتقاطع حوله موقف الحريري مع باسيل.

وبعد اللقاء مع بري قال الحريري: «أنا احاول تقريب وجهات النظر لنصل الى 15 ايار بحلّ. لا أحد يريد الفراغ أو التمديد، أنا لا اريده ولا الرئيس ميشال عون يريده ولا الرئيس بري… ولا أظن انّ الرئيس عون يريد أن يكون هناك فراغ في عهده أو أن يكون هناك تمديد، واذا حصل تمديد فهو تقني من أجل القانون الجديد، وبري لديه نظرة للقوانين وكذلك النائب وليد جنبلاط ويجب أن نتساعد من أجل هذا الموضوع».

واشار الحريري الى انه وافق على القانون التأهيلي «لأنني أريد حلاً. لقد وافقنا على معظم القوانين لأنني أرى أنه بنهاية المطاف يجب الموافقة على قانون».

وكرر الحريري: «أنا لا أريد تمديداً ولا فراغاً بل أريد الوصول الى حل مهما كلّف الامر، هناك حلول موضوعة على الطاولة وإن شاء الله سنصل اليها،

المطلوب مني تحقيق بعض المواقف، وأنا لن أمشي بالتمديد. وبموضوع القوانين الانتخابية أتمنى على الآخرين أن يفعلوا القليل من الذي فعلته، أنا وافقت على ما لم أكن سأوافق عليه لأنّ المواطن «طَفح قلبه» من كل هذه الامور، ويريد أن نحارب الفساد ونقرّ الموازنة».

وردا على سؤال أشار الحريري الى انّ مجلس الوزراء سينعقد الاسبوع المقبل وقال: «أنا لا أدعو الى جلسة لأنني أضغط على الجميع من أجل العمل على قانون الانتخاب، وأركّز العمل على ذلك».

مسار النقاش

الى ذلك، عرضت مصادر عاملة على الخط الانتخابي مجريات النقاشات الاخيرة حول هذا الملف. وقالت لـ«الجمهورية» في اللقاء الرباعي الاخير بين «امل» و«حزب الله» والتيار الوطني الحر والمستقبل بحث الملف الانتخابي وأعلن الحريري خلاله تأييده المشروع التأهيلي، وهو أمر فاجأ المجتمعين. كون هذه الموافقة جاءت بعد ايام قليلة على اعتراضه على هذا الامر.

واشارت المصادر الى ارتياح ممثل التيار الوطني الحر الى هذا الموقف، فيما لاحظ بعض المشاركين انّ موافقة الحريري جاءت بعد رفض الرئيس بري للتأهيلي، مع الاشارة الى انّ «حزب الله» كان أبلغ تأييده الصيغة التأهيلية منذ نحو شهر. كما تزامنت موافقة الحريري حسب ما لاحظوا، بعد اللقاء العاصف بين الحريري ووفد الحزب التقدمي الاشتراكي قبل ايام، والذي قالت المصادر انّ الوفد كان حاداً جداً في موقفه حيال ما يطرح من صيغ وبينها التأهيلي وصولاً الى حد التلويح بأنّ مثل هذا الامر يوصِل الى حرب أهلية.

واللافت للانتباه في هذا السياق، هو ما قاله الحريري أمس الاول امام عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب علي فياض حيث أشار الحريري الى انسداد في الافق الانتخابي وانّ الامور مقفلة و»مش ماشية»، واصلاً الى خلاصة: انّ الحل لِما نحن فيه هو بالنسبية.

وذكّرت المصادر بأنّ احتمالات إعلان بري لمشروعه الذي أنجزه والقائم على اجراء الانتخابات على اساس النسبية في المحافظات الست هي قوية الآن اكثر من اي وقت مضى، علماً انّ موقف التيار الوطني الحر في هذه الصيغة جاء رفضاً لها من قبل باسيل. وقد لوحظ أمس إصرار بري على هذه الصيغة.

وبحسب المصادر فإنّ خروج الحريري من معسكر التمديد والانضمام الى معسكر عدم المشاركة بالتمديد يلقي «صعوبات» على الجلسة المقررة في 15 ايار ويجعل انعقادها في وضع حرج جداً.

وتوقعت المصادر ان يتمّ الوصول الى شيء ما ربما قبل 14 ايار، لكن ليس معلوما ًما اذا كان إقرار التأهيلي او النسبية او العودة الى الستين لأنّ الصورة حتى الآن يشوبها غموض شديد. وهناك مَن يلعب لعبة حافة الهاوية، خصوصاً تلك القوى التي تحوّل موقفها بين يوم وآخر.

وكشفت المصادر عن فكرة وصفتها بالخطيرة يتمّ تداولها في اوساط مؤيّدي التأهيلي تقوم على دعوة مجلس الوزراء الى الانعقاد في جلسة انتخابية يتم في خلالها التصويت بأكثرية الثلثين على المشروع التأهيلي رغم اعتراض بري والاشتراكي، علماً انّ خطورة هذه الفكرة هي اللجوء الى التصويت في موضوع حساس يتطلب توافقاً شاملاً حوله وليس توافقاً بأكثرية معينة ما قد يفتح الايام التالية على شتى الاحتمالات.

مرجع سياسي لـ«الجمهورية»

وفي موازاة الانسداد السياسي برز تحذير مرجع سياسي لـ«الجمهورية» من انّ استمرار الانسداد الانتخابي قد يدفع لبنان نحو التحول الى «الدولة الفاشلة»، خصوصاً انّ كل الوقائع الراهنة تشي بانسداد الافق والاستحقاق النيابي ليس متوافراً حتى الآن، الّا انّ الرهان يبقى على يقظة وطنية تمنع السقوط في الدولة الفارغة من المؤسسات والفاقدة لكل هيكليتها القانونية والدستورية.

وقال المرجع: لبنان بحاجة الى صدمة إيجابية تخرجه من الواقع التعطيلي المتفشّي فيه على كل المستويات ويهدّد بالمزيد من التعطيل والجمود. وهذه الصدمة لا شك انها مسؤولية مشتركة من كل القوى السياسية، فلا تنفع المكابرة ولا المزايدة ولا الاستعراضات على حساب الاولويات، إذ لا يمكن ان يتعافى البلد ابداً في ظل هذا الجو.

وحذّر المرجع من «أنّ الضرورات المحلية تتراكم على كل المستويات، وليس خافياً على الجميع، والسياسيين بالدرجة الاولى، انّ الهمّ الأمني ضاغط اكثر من ايّ وقت مضى، وعلى نحو يوجِب الارتقاء الى مستوى المسؤولية ونزع فتيله، والسبيل الامثل الى ذلك هو الترفّع عن كل الحسابات الشخصية وبالتالي الاصطفاف، ليس خلف المصالح الخاصة والكيديات، حول الوطن وحول كل ما يوحّد بين كل مكوّناته. وهذا يفرض أن يوضع كل شيء على الطاولة ومحاولة ابتداع الخيار الانتخابي الأنسب.

المستقبل لـ«الجمهورية»

وقالت مصادر المستقبل لـ«الجمهورية»: «انّ المشاورات الانتخابية تحقق نتائج، وجددت ثقتها وتأكيدها بأنّ الانتخابات النيابية «ستجري وفق قانون انتخابي جديد، وليس على أساس قانون الستين او حتى مع بعض التحسينات عليه».

وإذ جدّدت المصادر التأكيد على انّ «قانون الانتخاب هو الموضوع الاهم»، لفتت الانتباه الى أن «لا شيء يمنع مجلس الوزراء من الانعقاد والبحث في هذا القانون، اضافة الى البحث في شؤون الدولة والمواطنين». ولفتت الى «انّ التحضيرات لعقد جلسة هي متواصلة».

وعن عدم اجتماع اللجنة الوزارية اكتفت المصادر بالقول: «واضح انّ الكلام الآن لا يزال في مستوى القوى السياسية وليس على مستوى اللجنة».

واضافت المصادر انّ «رئيس الجمهورية يحذّر من الفراغ ونحن كذلك نحذّر منه والرئيس الحريري هو في موقع المسؤولية ولا يتعاطى مع المسائل بإحباط بل بمسؤولية وهو يعمل لمعالجة الامور».

«الكتائب»

وأكد مصدر كتائبي مسؤول انه «لو لم تكن الحكومة نفسها مستقيلة من مسؤولياتها لكنّا دعونا الى استقالتها. ولكن كيف ندعو حكومة مستقيلة من واجباتها الى الاستقالة»؟

وقال المصدر لـ«الجمهورية»: «حتى انّ البطريرك الراعي الذي لا يمكن لأحد أن يزايد على رغبته في الحفاظ على مصالح المسيحيين خصوصاً

واللبنانيين عموماً طفح الكيل عنده من السياسات المتّبعة ما اضطرّه للخروج عن صمته والحديث عن فشل الطبقة السياسية الحاكمة وعن ازدواجية في المواقف بين ما هو معلن وما هو مُضمَر.

فإذا كانت مرجعية وطنية بحجم بكركي المعروفة بابتعادها عن الاصطفافات باتت تجاهر بهذه القناعات، فكيف يمكن لحزب الكتائب أن يثق بأداء سلطة تتخلى عن الآليّات الدستورية وتستقيل من مسؤولياتها الوطنية وتمتنع عن عقد اجتماع لمجلس الوزراء وحتى عن دعوة اللجنة الوزارية المصغّرة التي شكّلوها بأنفسهم للبحث في قانون الانتخاب؟.

واعتبر المصدر ان «لا جدية عند ايّ من الاطراف الذين يقولون إنهم يعملون لقانون انتخاب جديد ولانتخابات نيابية، وان لا مجال للثقة بهم طالما بقي الملف خارج طاولة مجلس الوزراء وقاعات مجلس النواب».

واضاف: «غياب الثقة لم يعد محصوراً بالكتائب ولكنّ شريحة واسعة من الرأي العام اللبناني باتت مقتنعة بأنّ ما يجري هو مجرد مناورات ومسرحيات لتمرير الوقت وفرض أمر واقع على شكل تمديد، او الإبقاء على قانون الستين».

شاحنات الكسارات

وعَلق اللبنانيون صباح امس لساعات في سياراتهم بعدما لجأ اصحاب الشاحنات الى قطع الطرقات في عدد من المناطق احتجاجاً على قرار وزارة الداخلية وقف أعمال المرامل والكسارات.

ويثير هذا التحرك الذي تزامن مع تحركات مماثلة شهدها لبنان هذا الاسبوع، سؤالاً عن سرّ هذه الاستفاقة المفاجئة لمجموعة قضايا مطلبية دفعة واحدة وخلفياتها واهدافها، في وقت يعيش البلد اكثر لحظاته إرباكاً واختلافاً حول ملف انتخابي تتزايد عُقده يوماً بعد يوم.

حيث طَفت الى السطح في الايام الأخيرة: قضية المياومين، إحتجاجات مستخدمي برنامج الرصد السكاني، إعتصامات وتظاهرات مستخدمي الضمان الاجتماعي بالتنسيق مع الاتحاد العمالي العام، إعتراضات مزارعي التفاح النازلين الى الشارع اليوم…

ولم تستبعد مصادر سياسية مراقبة ان يكون تعاطي السلطات الرسمية مع إقدام سائقي الشاحنات على قطع الطرقات إشارة سياسية على علاقة باستيعاب ايّ تحركات مستقبلية كردة فِعل على التمديد او الابقاء على قانون الستين.

ولفتت الى انّ الرئيس عون الذي أبدى دعمه لقرارات مجلس الامن المركزي بفتح الطرقات ومنع إقفالها مستقبلاً ولو اقتضت الامور طلب مؤازرة الجيش سيجد حرجاً في دعوة مناصريه لقطع الطرقات لمنع انعقاد جلسة التمديد للمجلس النيابي.

واشارت الى انّ قرار وزير العدل الطلب من النيابة العامة التمييزية ملاحقة مطوّقي وزارتي الطاقة والشؤون الاجتماعية ومانعي الوزيرين من الدخول والخروج من وزارتيهما لا بدّ ان ينسحب على من يحاول منع النواب من الوصول الى المجلس للمشاركة في جلسة التمديد.

واكدت المصادر انّ ردات الفعل الشعبية المشمئزة والرافضة لقطع الطرقات شكّلت رسالة الى الثنائي المسيحي الذي سيكون في مواجهة الرأي العام في حال تقرّر التظاهر وقطع الطرقات.

وكان اصحاب الشاحنات قد أغلقوا العديد من الطرقات الرئيسية وكأنها خطة مدروسة لتطويق لبنان منذ ساعات الصباح الاولى. واندلعت اعمال شغب حيث تمّ تحطيم بعض السيارات على طريق المطار، حاول أصحابها الاعتراض على قرار إقفال الطرقات، وما لبثت شعبة المعلومات ان أعلنت عن إلقائها القبض على مفتعل الإشكال الذي وقع صباحاً في محلّة الكوستا برافا.

أمّا الطرقات التي قطعت أمس فكانت طريق عام ترشيش – زحلة، اوتوستراد الزهراني، ضهر البيدر، اوتوستراد الصفرا واوتوستراد الاوزاعي.

وفي اعقاب مناشدات المواطنين عقد اجتماع طارىء لمجلس الأمن المركزي في وزارة الداخلية، تقرّر على أثره الطلب إلى القوى العسكرية والأمنية المباشرة من صباح اليوم اتخاذ التدابير والاجراءات اللازمة لمنع إقفال الطرقات الدولية وتأمين حرية تَنقّل المواطنين وسلامتهم ومنع إقفال أي طريق دولية مهما كانت الأسباب.

ومع تفاعل هذا الملف، أعلنت أكثر من جهة عدم علاقتها بهذا التحرك، فأكد المكتب العمالي في حركة «أمل» إدانته أسلوب قطع الطرق الذي ينتهجه بعض أصحاب الشاحنات، ودعاهم الى اللجوء الى أساليب المطالبة المشروعة التي لا تسبّب ضرراً للمواطنين.