في موقف ناريّ، أعلنَ ولي ولي العهد السعودي وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان أنّ «السعودية هي هدفٌ أساسي للنظام في إيران الذي يريد الوصولَ إلى قبلة المسلمين، ولكنّنا لن ننتظر حتى تصبح المعركة في السعودية، بل سوف نعمل لكي تكون المعركة لديهم في إيران»، ومن المنتظر أن يترك هذا الكلام تردّدات على الساحة الإقليمية واللبنانية أيضاً، نظراً إلى الترابط بين الساحات وتأثّرِ لبنان بما يجري في المنطقة، وسط غياب أيّ أفق لتسوية حول قانون انتخابي جديد. (التفاصيل صفحة 16)
الترقّب سيّد الموقف، والملف الانتخابي يراوح مكانه ولا تطوّرات تُذكر، والأنظار شاخصة إلى جلسة مجلس الوزراء غداً الخميس في قصر بعبدا، وعلى طاولتها موضوع قانون الانتخاب بنداً أولاً، لمعرفة ما سيتمخّض عنها من نتائج، فرئيس مجلس النواب نبيه بري توقّعَ نقاشاً عاماً في هذا الموضوع لأن ليس على جدول اعمال الجلسة مشروع قانون انتخابي.
ورئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط استبَق الجلسة بالحديث عن اتفاق مع مختلف المكوّنات والأحزاب السياسية على أن لا تصويت على أيّ قانون انتخابات فيها، مؤكداً أنّ التوصل الى قانون انتخاب وطني يكون بالتوافق وليس بالتصويت.
في وقتٍ اوضَح رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل أن «لا خلافات سياسية عميقة في قانون الانتخاب، بل جزئيات بسيطة، ولهذا التصويت ممكن، والخيارات الأخرى أي «الستين» والتمديد والفراغ مرفوضة»، وسأل: «مَن يرفض التصويت على قانون جديد كيف يقبل التصويت على قانون التمديد؟» وأكّد انّ هناك إمكانية بإقرار قانون جديد حتى 19 حزيران، ولا نَقبل وضعَنا امام واقع غير صحيح كتاريخ 15 أيار».
أمّا الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله فحذّر من أنّ «البلد كلّه على حافة الهاوية، وإذا لم نصل إلى قانون جديد فكلّ الخيارات سيئة، التمديد والفراغ والستين». مؤكداً انّ ما سيتم التوصّل اليه في هذا المضمار سيكون تسوية.
وعشية جلسة مجلس الوزراء يتّجه ملف قانون الانتخاب من سيّئ إلى أسوأ، في ظلّ تشدّدِ كلّ فريق بموقفه وغياب المبادرات لعودة التواصل بين الافرقاء المتحاورين وخصوصا على خط الثنائي الشيعي مع «التيار الوطني الحر».
وآخِر الاجتماعات التي سُجّلت على هذا الصعيد كان بين رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل والنائب جورج عدوان عن «القوات اللبنانية» والسيّد نادر الحريري عن تيار «المستقبل». وعلمت «الجمهورية» ان لا اتّفاق على ايّ موعد قريب بين اللجنة الرباعية او حتى الموسّعة.
وقالت مصادر مواكبة لـ«الجمهورية» إنّ جلسة غد الخميس ستكون اختباراً للنيّات في ما خصّ قانون الانتخاب قبل جلسة 15 أيار. ورجّحت إمّا تأجيلَ بند قانون الانتخاب الذي يتصدّر جدول اعمال الجلسة، وإمّا فتحَ الأمورِ على نقاش سيكون نسخةً عن النقاش الدائر بين القوى السياسية في البلاد من دون تقديم طروحات محدّدة، ما سيضع الأزمة امام احتمالات مفتوحة خلال المدة الفاصلة عن الجلسة النيابية.
برّي
وكرّر رئيس مجلس النواب نبيه بري أمام زواره أمس تمسّكَه بالمشروع الذي تقدّمَ به لقانون الانتخاب، وقال: «أنا أريد قانوناً للبلد، وبطرحي هذا لا أشتغل لنبيه برّي، بل للبلد، ولأحميَ العهد، ومع الأسف هم يقدّمون طروحات تهدم العهد ولا تساعده». وأضاف: «ما يعنيني هو المشروع الذي قدّمته، وبالتالي كما يقول الشاعر: «إنّني اعطيتُ ما استبقيتُ شيئا». ومن هنا لا يمكن أن أقبلَ بالتمديد، هذا قراري النهائي، فليتفضّلوا ويقدّموا المخرج».
وردّاً على سؤال قال بري: «المرحلة من الآن فصاعداً ليست مرحلة مسايرة أو سكوت، بل هي مرحلة اعتماد سياسة «الرطل بدّو رطل ووقيّة»، قالوا وزايَدوا في انّهم يريدون تمثيلَ المسيحيين فتبيَّن انّهم يريدون مسيحيّين هم يختارونهم وإقصاءَ المسيحيين الآخرين، فهل يجوز الفرز بين مسيحي ابن ستّ ومسيحي ابن جارية؟ لقد قدّمت مشروعي للتمثيل العادل والصحيح للجميع، وفي مقدّمهم المسيحيين، وإن كانوا لا يصدّقون ذلك فليجرّبوه».
وكرّر بري استغرابه التراجعَ عن النسبية، وقال: «أنا في مرحلة ترشيح فخامة الرئيس لم اسمع منه كلمة غير أنه مع النسبية، فما الذي حصَل ليتبدّل هذا الموقف؟ لا أعرف، لقد صُدمت».
ورداً على سؤال آخر قال بري: «مجلس الوزراء ينعقد الخميس (غداً) وليكن معلوماً ان لا تصويت على قانون انتخاب، فجدول اعمال الجلسة يتضمن اكثرَ من مئة بند معظمُها سفرات وطلعات ونزلات، كان بلاها كلها، ووضعوا بدلاً منها قانون انتخاب وبَحثوا فيه، هنا الاساس هذه مسؤوليتهم وليست مسؤولية أحد آخَر».
وسأله زوّاره حول تهديدات البعض بالنزول الى الشارع، فأجاب بري: «هناك مَن يظنّ انّ الشارع لعبة، وأكثر من ذلك يظنّ انّ له أرجلاً صلبة على الشارع. الشارع يا جماعة له أربابُه ونقطة على السطر».
وحول الفراغ النيابي، قال بري: «بعد 20 حزيران إن لم تُجرَ انتخابات ولم يكن هناك قانون، فلا يبقى بلد ولا مؤسّسات ولا مَن يحزنون، و»يشَرّفوا يفَرجونا كيف بدن يحلّوا هالمسألة».
وقيل لبري: هناك مَن يؤكّد أن لا فراغ؟ فأجاب: «كيف يخاف من الفراغ مَن لم يمتهن مهنة إلّا فرض الفراغ؟ ولنعُد بالذاكرة قليلاً، في الاستحقاق الرئاسي عيّشونا في فراغ لنحوِ ثلاث سنوات، وفي حكومة تمّام سلام منعوا مجلس الوزراء من الانعقاد، تفضّلوا قولوا لنا ماذا حقّقت هذه الحكومة، أليسَ هذا فراغاً؟ والمجلس النيابي الذي يقولون إنّه ممدَّد له ماذا فَعل؟ منَعوه من الانعقاد اليسَ هذا فراغاً؟ ثمّ بـ«ألف يا ويلاه» انعقد تحت عنوان «تشريع الضرورة» من أجلِ الأميركان وبضغط منهم، أليسَ هذا فراغاً؟
ألم نعُد الى تشكيل الحكومات ايام حكومة ميقاتي وتعطيل التشكيل لأشهر، اليس هذا فراغاً؟ كذلك الأمر بالنسبة الى تشكيل حكومة تمّام سلام، اليس فراغاً؟ هم يسبقون الجميع الى الفراغ ومع ذلك لا يكترثون لخطورته».
وكرّر بري القول: «أنا لست مؤيّداً للتمديد، وإذا لم يكن هناك اتفاق على قانون انتخاب قبل 15 أيار فإنّ جلسة مجلس النواب لن تنعقد».
وعلمت «الجمهورية» انّ بري يبحث جدّياً موضوع تأجيل جلسة مجلس النواب لتعذّرِ الاتفاق. وقالت مصادر عين التينة لـ«الجمهورية» إنّ بري يصِرّ الآن على إجراء الانتخابات النيابية، وهو يمتلك وحده مفاتيح عقدِ الجلسة التشريعية إمّا لإقرار القانون الجديد وإمّا لتعديل مهَل القانون النافذ.
وإذا كان الرهان على استمرار الحكومة بعد نهاية عقد المجلس فرهانُهم خاطئ وعلمُهم بالدستور ضعيف، لأنّ الدستور ينصّ على انّ ولاية الحكومة تنتهي مع بداية ولاية المجلس النيابي الجديد على ان تُجرى الانتخابات قبل نهاية ولاية المجلس.
معنى ذلك ان لا حكومة بعد دخول المجلس في الفراغ الذي سينسحب على الحكومة، خصوصاً إذا تكرّر سيناريو حكومة الرئيس فؤاد السنيورة بعد فقدانها ميثاقيتَها، علماً أنه إذا انسحب الوزراء الشيعة من الحكومة فليس هناك من وزير شيعي آخر في حصّة رئيس الجمهورية».
ودعت المصادر نفسُها إلى «التوقّف عند أجواء «القوات اللبنانية» الأخيرة بعد طرح بري، حيث نَقل له موفد رئيسها الدكتور سمير جعجع النائب جورج عدوان ترحيباً بطرحه واعتباره «دَيناً من المسيحيين لبري» .
نصرالله
في غضون ذلك كان نصرالله قد اعتبَر أنّ موضوع قانون الانتخاب «حسّاس جدّاً وعلى درجة عالية من الأهمّية» وأكد انّ محاولة القول إنّ الحزب «لا يريد للمسيحيين أن ينتخبوا نوّابهم أو أنه لا يريد قانوناً يُمكّن «التيار» و«القوات» بأن يكون لهما ثلث معطّل في مجلس النواب ليست صحيحة، كوننا وافَقنا على القانون الأرثوذكسي».
وأشار إلى أنّ هناك من يستغلّ قانون الانتخاب لتصفية حسابات سياسية أو تسجيل نقاط أو تخريب التحالفات».
وأضاف: «نحن مع قانون النسبية لأنه يؤمّن الإنصاف والعدالة، ولكن اتركوا «حزب الله» و«أمل» وتوافَقوا على أيّ قانون انتخابي تريدون، ونحن كثنائي شيعي لا مشكلة لدينا على الإطلاق».
وشدَّد على أنّ كلّ الطوائف لديها هواجس، لكن يجب الاعتراف أنّ المسيحيين هواجسُهم أكثر، كما الدروز، وبالتالي لا يمكننا فرضُ قانون معيّن خلافاً لرغبتهم وإرادتهم، وعلى الجميع أخذُ ذلك في الاعتبار ولمواصلة الحوار للوصول إلى نتيجة».
واعتبَر أنّ التمديد والستين والفراغ هي خيارات سيّئة، وقال: «لا تدفعوا لبنان إلى الهاوية، ولا أحد يستهين بالخلاف القائم الآن في البلد»، مؤكّداً أنّ «بلدنا أمانة في أيدنيا ولا يجوز أن تدفَعوا هذا البلد إلى الهاوية».
وأوضح أنّ «المناورات انتهت، وكلّ الأوراق ظهَرت ولا يوجد شيء بعد لإخراجه، والأرانب انتهت كما الوقت، وعلى الجميع ان يتحمّل المسؤولية كاملةً وعدم رمي المسؤوليات على بعضنا البعض».
جنبلاط
كلام نصرالله وجَد صداه عند جنبلاط فسارَع إلى التغريد قائلاً: «كلام السيّد نصرالله دقيق وشامل في أهمّية التوافق وضرورة الخروج من الحلقة المفرغة الآنية وأبعادها المقلقة».
«القوات»
وقالت مصادر «القوات» لـ«الجمهورية»: «نحن مع إبقاء أبواب التوافق مفتوحة حتى إشعار آخر، من أجل الوصول الى قانون انتخابي تمثيلي. ولكن في حال أصبَح الخيار ما بين الفراغ أو التصويت فنحن مع الوصول إلى ما يقوله الدستور في المادة 65، في حال تعذّر التوافق اللجوء إلى التصويت.
ولفتت الى انّ الانقسام اليوم ليس انقساماً من طبيعة طائفية أو سياسية، هناك تقاطُع بين مجموعة كتل سياسية، والقوانين الانتخابية هي حصيلة تفاهمات كبرى توصّلنا إليها اليوم».
باسيل
وجدّد باسيل رفضَه للتمديد وللفراغ وللستين، وقال: «نعَم لقانون انتخابي كبير، ونحن بدأنا حملةً للضغط لإقرار قانون جديد، ولسنا متمسّكين بأيّ قانون بذاته».
وأكّد بعد الاجتماع الأسبوعي لتكتّل «التغيير والإصلاح»، أن «لا خلافات سياسية عميقة في قانون الانتخاب بل جزئيات بسيطة، ولهذا التصويت ممكن، والخيارات الاخرى اي الستين والتمديد والفراغ مرفوضة، وهناك إمكانية بإقرار قانون جديد حتى 19 حزيران، ولا نقبل وضعَنا أمام واقع غير صحيح كتاريخ 15 أيار»، مشدّداً على «أنّنا نريد قانوناً يؤمّن التمثيل الصحيح لجميع المكوّنات، وكلّ ما يقال غير ذلك تشويهٌ للموقف».
كلمتان لعون
وفي هذه الأجواء، تنتظر مصادر واسعة الاطّلاع لـ«الجمهورية» ما سيكون عليه موقف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون من التطورات في كلميتن له، واحدة أثناء رعايته لمؤتمر الطاقة الاغترابية المقرّر عقدُه في «البيال» قبل ظهر غدٍ بحضور ما يقارب 1700 شخصية لبنانية من المقيمين والمغتربين المتحدّرين من أصول لبنانية، وأخرى بعد الظهر أثناء رعايته العيدَ السادس والستين للجامعة اللبنانية المقرّر عند الرابعة بعد الظهر في منشآت الجامعة اللبنانية في الحدث.
وفي معلومات لـ«الجمهورية» أنّ الكلمة الأولى للرئيس ثابتة، بالنظر الى الموعد الثابت، وسط احتمال إلغاء الثانية إذا طالت جلسة مجلس الوزراء التي دعِيَ إليها عند الثانية من بعد ظهر اليوم نفسِه في قصر بعبدا، بحيث سيكلّف عون من يتحدّث باسمِه في الاحتفال.
الراعي
وفي المواقف، شدّد البطريرك مار بشارة بطرس الراعي على أنه بين كلّ هذه المشاريع الموجودة والتي تفوق الـ 25 مشروعاً، واحدٌ فقط منها شرعيّ، كما يقول الرئيس الحسيني، وهو القانون الذي صَدر خلال حكومة الرئيس ميقاتي، والذي قدّمه الوزير مروان شربل، وشرعية هذا القانون تعود إلى أنّه صوَّتت عليه الحكومة وأقرّته وأرسَلته إلى المجلس النيابي، الذي لم يصوّت عليه».