Site icon IMLebanon

فراغ و«الستين» أو نسبية وتمديد.. وغـــارات تستهدف قيادات «النصرة»

فيما يترقّب لبنان باهتمام شديد الحدث التاريخي المتمثل باستضافة الرياض في 20 و21 أيار الجاري، 3 قمم ستجمع الرئيس الأميركي دونالد ترامب مع العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، والقمّة الخليجية ـ الأميركية والقمّة العربية ـ الإسلامية، بدا أنّ كلّ الملفات اللبنانية أصبحت أسهلَ من الملف الانتخابي، إذ إنّ مشاركة لبنان في القمّة الإسلامية ـ العربية ـ الأميركية بشخص رئيس الحكومة سعد الحريري ووفدٍ وزاري يضمّ الوزراء نهاد المشنوق وجبران باسيل وملحم الرياشي، مرّت في سلام، ولم تُفجّر مجلس الوزراء، بحيث إنّ الحريري احتوى الموقفَ في الجلسة قبل أن يتفاعل، قاطعاً بذلك الطريقَ على إثارته خارج مجلس الوزراء ومحاولة إظهار الحكومة منقسمةً على نفسها في هذا الصَدد، علماً أنّه بات معروفاً أنّ القمّة ستتناول في جانب من المحادثات التي ستشهدها إيران و«حزب الله». في موازاة ذلك، برز تطوّر ميداني، حيث استهدفت مروحيات الجيش اللبناني مواقع تنظيم «داعش» في جرود رأس بعلبك. كذلك، استهدفت المدفعية سيارات لقيادات من «جبهة النصرة» في جرود عرسال. وأكّد مصدر عسكري رفيع لـ«الجمهورية» وقوع إصابات كبيرة في قيادات النصرة، لكنّه لم يتسنَّ له بعد التأكّد إنْ كان المسؤول أبو مالك التلّي من بين الضحايا، علماً أنّ الإصابات مباشرة، والضربة حقّقت إصابات نوعية، وأشار المصدر إلى أنّ احتمال إصابة التلّي كبير.

في سياق متّصل، زار رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مساء أمس، قائد الجيش العماد جوزيف عون في مبنى القيادة في اليرزة، حيث بحث معه أوضاع المؤسسة العسكرية ومهماتها واحتياجاتها المختلفة.

ثمّ انتقلا معاً برفقة وزير الدفاع الوطني يعقوب الصرّاف إلى غرفة عمليات القيادة، واستمع الرئيس إلى إيجاز حول الانتشار الدفاعي والأمني لوحدات الجيش، خصوصاً المهمات التي تقوم بها على الحدود الشرقية، ومن ثم تابَع عبر تقنيةِ النقل المباشر عمليةً نوعية نفّذتها طوّافات من القوات الجوّية ضد أهداف تابعة للتنظيمات الإرهابية في جرود منطقتَي عرسال ورأس بعلبك.

مجلس الوزراء

من جهة ثانية، علمت «الجمهورية» أنّ الحريري، وقبل أن يبتّ مجلس الوزراء بجدول أعماله، أبلغَ إلى الوزراء أنه سيتوجه إلى قمّة الرياض على رأس وفد وزاري للمشاركة في أعمالها. فسأله الوزير علي حسن خليل: «هل هذه الزيارة منسَّقة مع رئيس الجمهورية؟». فردّ قائلاً: «بالطبع، نحن متفاهمون حول الموقف اللبناني الذي سنتّخذه».

وهنا تدخّلَ الوزير علي قانصو قائلاً: «نحن لا نريد أن يورَّط لبنان في موقف ضد «حزب الله»، و«حزبُ الله» هو فريق لبناني موجود في الحكومة وفي مجلس النواب وكلّ المؤسسات الدستورية، وهو شريحة من مكوّنات الشعب اللبناني».

وعقّبَ خليل على كلام قانصو، فقال: «يا دولة الرئيس، أنتَ أجَلّ من أن تُذلّ، ونحن على ثقة من أنّك ستتّخذ الموقفَ المناسب الذي يمثّل الحكومة».

فردّ الحريري: «صحيح أنّني على خلاف مع «حزب الله» في قضايا داخلية واستراتيجية، لكنّني أضع مصلحة لبنان ووحدته في الأولوية».

ولوحِظ أنّ وزيرَي «حزب الله» محمد فنيش وحسين الحاج حسن كانا مستمعَين ولم يعلّقا أو يتدخّلا في النقاش الذي انتهى في هدوء.

وطلب الحريري من خليل الانضمام إلى الوفد لكنّه رفض، عازياً السبب الى أنه لا يمكن أن يكون في قمّة تستهدف المقاومة.

نفس تصعيدي

وقال الوزير قانصو لـ«الجمهورية»: «أبلغت إلى مجلس الوزراء مخاوفَنا كفريق سياسي، من أن يأخذوا الموقف اللبناني داخل القمة الى الاتّجاه الخطأ، خصوصاً أنّ ترامب يأتي الى القمّة بنَفَس تصعيدي ضد إيران و«حزب الله»، ونحن لا نَقبل وصف «حزب الله» بأنه حزب إرهابي ومتطرّف».

قانون قبل 19 حزيران

وقال الوزير غسان حاصباني لـ«الجمهورية»: «نحن نؤيّد موقف رئيس الحكومة تماماً، وهو أبلغَنا أنّ موضوع القمة محصور بنقاش معيّن، وأنّه على تنسيق كامل مع رئيس الجمهورية. علينا تحصين موقفنا كحكومة وأن نبقى محافظين على استقرار لبنان وتماسك المؤسسات، وهذا ما التزَمنا به في البيان الوزاري».

وعن إمكان وصفِ «حزب الله» في قمّة الرياض بأنه «تنظيم إرهابي»، قال حاصباني: «نحن لن نغيّر شيئاً في المعادلات الدولية، والأهمّ ان تكون لدينا قدرة على الاستمرار في الداخل».

وعن قانون الانتخاب قال حاصباني: «ما يحصل الآن هو نقاش داخلي مفصّل نحرَص على عدم التداول به في الإعلام، ونحاول ان نوفّق بين كلّ الافكار المطروحة من كلّ المكوّنات السياسية. صحيح أنّ الوقت قصير والخسارة كبيرة على الجميع، وأنّ قانون الانتخاب لم يوضَع بعد على السكة، لكنّنا مستمرّون ونبذل كلّ الجهود لكي نتوصّل الى قانون قبل مهلة 19 حزيران».

التجديد لسلامة

وبعدها أثارَ الوزير مروان حمادة مجدداً قضية التجديد لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وسأل: «أين اصبح؟»، فلم يلقَ جواباً.

وعلمت «الجمهورية» أنّ هذا البند سيكون على جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء المقبلة التي ستُعقد في قصر بعبدا.

الملف الانتخابي

إنتخابياً، قال مصدر بارز مشارك في الاتصالات الانتخابية لـ«الجمهورية» أن ليس هناك أفكار جديدة في شأن قانون الانتخاب، إذ إنّ لقاء عين التينة الأخير بين رئيس مجلس النواب نبيه بري والحريري لم يكن جيّداً بنتائجه، وإنّ بري منزعج جداً من المواقف والتصريحات التي يطلِقها البعض وتُحمّله مسؤولية إحباط مشروع إنشاء مجلس الشيوخ، في حين أنّ الملاحظات التي تلقّاها حول هذا المجلس تُجوّف المشروع من أساسه.

وأكّد المصدر أنّ بري ينتظر ما سيَطرحه الآخرون من أفكار، ونُقِل عنه قوله: «إنّني أستبعد الوصول الى 21 حزيران بلا اتّفاق، ولذلك لا بد من ان يحصل اتفاق».

وأكّد المصدر «أنّ مجلس الشيوخ لم يعد لديه فرَص للنفاذ، لأنّ التعقيدات امامه كبيرة، وهي تعقيدات لها علاقة بصلاحياته وبرئاسته، ولذلك بات متعذّراً الاتفاق عليه».

وقال المصدر نفسُه إنّ هناك إمكانيةً للاتفاق على قانون انتخاب يَعتمد النسبية الكاملة مقرونةً بتقسيمات للدوائر الانتخابية تأخذ بمطالب المسيحيين، وفي حال بَلورةِ مِثل هذا القانون قبل 19 حزيران، فإنّ تمديداً سيحصل لمجلس النواب حتى ربيع 2018 لكي تكون هذه الفترة كافية لوزارة الداخلية لإنجاز كلّ الترتيبات التقنية والإدارية وتأهيل الجهاز الإداري ليتمكّن من إدارة العملية الانتخابية والإشراف عليها».

وأضاف المصدر: «في حال عدم الاتفاق على هذا القانون النسبي فسيكون البلد امام احتمالين: الاحتمال الاوّل الدخول في فراغ نيابي لكنْ يبقى بري وهيئة مكتب المجلس يمارسان مهامّهما وفقاً للمادة 55 من الدستور، ويُسيّران أعمال المجلس، وفي الوقت نفسه يَستند رئيس الجمهورية إلى المادة 74 من الدستور لإجراء الانتخابات خلال 3 أشهر بحيث تجري في أيلول المقبل. وهذه المادة تجيز الاجتهاد بتجاوز المهل بما يساعد الحكومة على إتمام العملية الانتخابية.

أمّا الاحتمال الثاني فهو تلافي الفراغ بالتمديد لمجلس النواب مدة 3 أشهر تجري خلالها الانتخابات على أساس قانون الستين النافذ.

«تسوية تاريخية»

وإلى ذلك، قالت مصادر «القوات اللبنانية» لـ«الجمهورية»: «إنّ الكلام عن أنّ الأفق الانتخابي مسدود، هو غير صحيح على الإطلاق، فالاتصالات واللقاءات البعيدة من الاضواء مستمرّة على قدم وساق، وهناك للمرة الأولى مساحة مشتركة اسمُها النسبية الكاملة، والنقاش يدور اليوم على ثلاث نقاط اساسية، وهي: عدد الدوائر، الصوت التفضيلي ونقل المقاعد.

وهناك مرونة في النقاش يُبديها معظم القوى السياسية التي ترى أنّ عدم الاتفاق سيأخذ لبنان إمّا إلى قانون «الستين» وهو مرفوض، وإمّا إلى الفوضى الدستورية وهي مرفوضة أيضاً، وبالتالي لا حلّ سوى في الاتفاق على تسوية تاريخية تَجمع بين من يطالب بالنسبية الكاملة، أي الثنائي الشيعي، وبين من يطالب بتوسيع الدوائر تبديداً لهواجسه».

لودريان ولبنان

فرنسياً، أعلن الرئيس الفرنسي الجديد إيمانويل ماكرون تشكيلة حكومته الجديدة التي تضمّ وزراء من مختلف الأحزاب السياسية برئاسة إدوار فيليب. فعيّنَ الاشتراكي جان إيف لودريان وزيراً للخارجية، وسيلفي غولار وزيرةً للدفاع خلفاً للودريان، وجيرار كولومب وزيراً للداخلية، وفرنسوا بايرو وزيراً للعدل.

وقالت أوساط مطلعة على سياسة فرنسا لـ«الجمهورية»: «إنّ انتقال جان إيف لودريان من وزارة الدفاع الى وزارة الخارجية يعطي دفعاً قوياً للعلاقات اللبنانية – الفرنسية في المجالات كافة». ولفتت إلى أنّ «لودريان يعرف جيّداً الملف اللبناني، وهو سيكمِل سياسة أسلافه في بناء شبكة علاقات متينة مع بلدان الشرق الأوسط وعلى رأسها لبنان الذي تعتبر باريس أنّ علاقتها معه تاريخية واستراتيجية».

وأشارت الى أنّ «النقطة الأهم في هذا التعيين هي اطّلاع لودريان جيّداً على تفاصيل هبة الـ 3 مليارات السعودية للجيش اللبناني وأسباب توقّفِها، لذلك يأمل البعض أن يشكّل تعيينه على رأس الديبلوماسية الفرنسية حافزاً لتحريك هذه الهبة، نظراً إلى العلاقات الفرنسية – السعودية وتواصُل باريس الدائم مع الرياض، واهتمام هاتين العاصمتين بأمن لبنان واستقراره، ووقوفهما معه في أصعب المراحل».