لم يسجل أمس أي جديد على جبهة الاستحقاق النيابي، فيما بدا انّ الساحة الداخلية بدأت تشهد حالاً من الانتظار لما ستسفر عنه زيارة الرئيس الاميركي للمملكة العربية السعودية والقمم التي سيعقدها فيها وما يمكن ان يكون لها من انعكاسات وتداعيات على الساحة اللبنانية المتأثرة في بعض ملفاتها الداخلية بالاوضاع والازمات السائدة في المنطقة. ولكن ما يحصل من تحركات ومواقف يشير الى انّ بحثاً جدياً يركز على إمكان الاتفاق على قانون انتخاب يعتمد النسبية الكاملة لأنّ الغالبية الساحقة من القوى السياسية أيّدت هذه النسبية ولكنها اختلفت في ما بينها على تقسيم الدوائر الانتخابية وحجمها وعددها. وهو أمر قابل للنقاش والاتفاق عليه اذا صدقت النيّات، على حد قول قطب نيابي لـ«الجمهورية».
فالحراك الجاري حالياً وبعيداً من الاضواء يستهدف الاتفاق على قانون لإنجاز الاستحقاق النيابي قبل انتهاء ولاية مجلس النواب في 19 حزيران المقبل.
وقال القطب النيابي في هذا السياق انه ما يزال هناك أمل في إتفاق الافرقاء السياسيين في لحظة سياسية ما على قانون انتخاب يعتمد النظام النسبي وتقسيم لبنان الى دوائر كبرى (المحافظات التقليدية) او دوائر متوسطة يبلغ عددها 15 دائرة حداً اقصى، وفي حال عدم الاتفاق على مثل هذا القانون قبل انتهاء العقد التشريعي العادي لمجلس النواب في 31 من الجاري، فإنّ عقداً تشريعياً استثنائياً سيفتح لمجلس النواب لأن لا مصلحة لأحد وعلى رأسهم رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في إقفال باب البحث في قانون الانتخاب العتيد قبل انتهاء ولاية المجلس في 20 حزيران المقبل.
وكذلك لا مصلحة لأحد في دخول البلاد في فراغ نيابي سيستتبعه حتماً فراغ حكومي وشلل على مستوى كل المؤسسات الدستورية يضع البلاد امام مخاطر شتى.
وأكد القطب نفسه انّ هناك سباقاً فعلياً بين من يريد مباشرة او مداورة اعتماد القانون النافذ المعروف بقانون الستين مشفوعاً ببعض التعديلات الطفيفة، وبين اعتماد مشروع حكومة الرئيس نجيب ميقاتي مشفوعاً ايضاً ببعض التعديلات التي يقترحها بعض «كبار القوم» وهو مشروع يعتمد النظام النسبي على اساس لبنان 13 دائرة انتخابية.
وقال بعض المعنيين في هذا السياق لـ«الجمهورية»: «اذا عدنا الى قانون الستين فمع إدخال تعديلات طفيفة عليه لن يقال عنه انه قانون الستين. واذا اعتمدنا مشروع حكومة ميقاتي معدلاً في بعض الدوائر لن يسمّى بهذه التسمية. ذلك أنّ البعض يريد تجنّب الاحراج لأنه رفض الستين طويلاً، ثم عاد اليه، والبعض الآخر لا يريد ان يسجّل لميقاتي وحكومته فضلاً أو مكتسباً سياسياً ومعنوياً باعتماد مشروع حكومته».
«الوفاء للمقاومة»
وفي هذا السياق اعتبرت كتلة «الوفاء للمقاومة» انّ «قبول جميع الافرقاء بصيغة النسبية الكاملة، هو مؤشر ايجابي جداً يحتاج الى استكمال النقاش الذي لا بد منه حول عدد الدوائر وحجمها وضوابط تحقيق الانصاف وحسن التمثيل».
ودعت الكتلة الى «مواصلة النقاش بعقلية وطنية منفتحة للتوافق النهائي على القانون الجديد خلال المهلة القصيرة المتبقية». وشددت على «التَنَبّه الى مخاطر المغامرة بالبلاد عبر استسهال انقضاء ولاية المجلس النيابي الحالي قبل اقرار قانون الانتخاب وآليات ومهل تنفيذه».
قانون ولو بعد حين
من جهته، أكّد رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل أنه «مقتنع بأنّ قانوناً جديداً سيُعتمد، ولو بعد حين». ورفض «اعتماد لبنان دائرة واحدة مع النظام النسبي»، معتبراً «أنّ ذلك يؤدّي الى الديموقراطية العددية»، وقال: «إنّ المعضلة الأساسية التي تواجهنا لا تكمن في التفاصيل التقنية للقانون المرتجى، بل في القرار السياسي وتفسير فحوى المناصفة».
إنتظار قمم ترامب
وفي الوقت الذي لم تحقق الاتصالات ايّ نتائج عملية بعد، بَدا واضحاً من المواقف انّ معظم الأطراف المعنية تعاود قراءة التطورات وتقيّم حصيلة المشاورات متوقفة عن كل أشكال الحوار الانتخابي تمهيداً لتحديد الخطوات المقبلة. وقالت مصادر معنية لـ«الجمهورية» انّ التطورات الإقليمية ألقت بظلالها على حركة المشاورات فجمّدت المساعي الجارية لتقريب وجهات النظر وإنهاء حالات التصلّب التي عبّر عنها الأطراف المعنيون، وخصوصاً اولئك الذين كانوا على طرفي نقيض، وذلك في انتظار نتائج القمم الأميركية السعودية والخليجية والإسلامية المقرر نهاية الأسبوع الجاري في المملكة كون هذه القمم ستلامس التطورات في لبنان بعدما تبيّن انّ كلّاً من طرفي الخلاف حول قانون الانتخاب ينتظرون جديد التطورات في سوريا والمنطقة لأنّ تلك القمم ستتناول دور ايران وحلفائها في المنطقة.
غارات الجيش
وفي وقت يستمرّ الجيش في تسديد الضربات للمسلحين في جرود رأس بعلبك وعرسال، أكّد مصدر عسكري رفيع لـ«الجمهورية» انّ «الغارات الجوية التي نفّذها الجيش ليل أمس الأول والرمايات بالمدفعية حقّقت أهدافها، وأثبتت مرّة جديدة أنّ الجيش جاهز لكل الإحتمالات ويسدّد الضربة تلو الأخرى للمسلحين».
وشدّد المصدر على انه «لا مراكز لـ«حزب الله» في أراضي عرسال أو رأس بعلبك، والجيش وحده منتشر في هذه النقاط وهو يوسّع انتشاره على كل الحدود الشرقية، وما يحكى عن استهداف «حزب الله» قيادات «جبهة النصرة» من جهة عرسال عار عن الصحة»، لافتاً الى أنه «في حال قيام الحزب بأيّ عمل في الجرود فهو قد يكون انطلق من مراكزه السورية وليس من الأراضي اللبنانية»، مشيراً في الوقت نفسه الى «غياب المعلومات عن مصير المسؤول في النصرة أبو مالك التلي».
الوزير الايطالي
جال وزير الخارجية والتعاون الدولي الايطالي انجيلينو الفانو على كل من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، رئيس مجلس النواب نبيه بري، رئيس الحكومة ووزير الخارجية جبران باسيل، كما تفقّد كتيبة بلاده العاملة في إطار قوات «اليونيفيل».
وقد نقل الفانو الى عون دعوة رسمية من الرئيس الايطالي سيرجيو ماتاريللا لزيارة إيطاليا، مؤكداً انّ بلاده ماضية في تقديم الدعم الى لبنان، وخصوصاً لقواته المسلحة من خلال الدورات التي تنظمها، إضافة الى المشاريع التنموية والانمائية. وشدد على «أنّ ايطاليا تُعتبر الشريك الاول تجارياً واقتصادياً للبنان بين الدول الاوروبية، وهي راغبة في تعزيز هذه الشراكة على نحو واسع».
وأكّد أنّ بلاده تُثمّن عالياً الرعاية التي يحيط بها لبنان النازحين السوريين، وأنّ الأسرة الدولية ممتنّة هي أيضاً لما يفعله لبنان في هذا المجال، معرباً عن ثقة بلاده بأنّ لبنان بقيادة الرئيس عون سيتمكن من مواجهة الصعاب والمضي قدماً بنجاح وطمأنينة».
ومن الخارجية أعلن ألفانو في مؤتمر صحافي مشترك مع باسيل «اننا نتعاون ونقدم المساعدة الى لبنان من اجل المحافظة عليه ولتفادي عدم الاستقرار فيه، ومن اجل المساهمة في استقرار المنطقة ككل».
إقيلمياً
من جهة ثانية شكّلت الغارة التي شنتها طائرات التحالف الدولي – والتي يعتقد أنها اميركية – عصر أمس على قافلة للجيش السوري على الطريق بين دمشق وبغداد وقرب الحدود الأردنية إيذاناً بحظر حراك القوات السورية النظامية وحلفائها في تلك المنطقة.
وتعليقاً على هذه الغارة قالت مصادر ديبلوماسية تراقب التطورات على الساحة السورية لـ«الجمهورية» انّ «هذه الخطوة لم تفاجىء أحداً، فكل المعلومات تؤكد إصرار الجانب الأميركي على حظر ايّ نشاط لقوات النظام السوري وحلفائه، وتحديداً الإيرانيين منهم، في اتجاه المناطق المتاخمة للحدود العراقية والأردنية التي ستكون على ما يبدو مُستهدفة في القريب العاجل في العملية المنتظر إنطلاقها من الشمال الأردني في اتجاه الجنوب السوري وصولاً الى مثلث الحدود العراقية ـ الأردنية ـ السورية للسيطرة على البادية السورية، ومنع ايّ تواصل بين بغداد ودمشق على ايران وحلفائها من القوات العراقية واللبنانية، وتحديداً قوات «الحشد الشعبي» و«حزب الله» وغيرهما».
وربطت هذه المصادر بين الغارة في شكلها وتوقيتها وأهدافها وبين مضمون التهديدات الأميركية بضرورة وضع حد للدور الإيراني في الأزمة السورية، فجاءت بمثابة ترجمة أولية وصريحة للتوجهات الأميركية الجديدة عشيّة وصول ترامب الى السعودية على وقع التهديدات التي أطلقتها الرياض وبعض العواصم المناهضة لإيران ودورها في الخليج العربي وسوريا والعراق.