فيما الجبهة الانتخابية في لبنان تشهد هدوءاً مشوباً بالحذر والتشاؤم من إمكان بلوغ قانون جديد، تتسارَع التطورات على كلّ الجبهات في المنطقة منذِرةً بتحوّلات على أكثر من صعيد، في ضوء زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب للرياض والقمم التي سيعقدها فيها والتي تتناول في جانب أساسي منها موضوع مكافحة الإرهاب، شهدت مدينة ليون الفرنسية حدثاً بارزاً على صِلة بالإنتربول وبرامجِه المستقبلية وكيفية مواجهة الأخطار الإرهابية.
فقد التقى رئيس مؤسسة الإنتربول نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والداخلية السابق الياس المر في المقر الرئيسي للإنتربول في ليون – فرنسا أمس، الأمين العام للمنظمة الدولية للشرطة الجنائية يورغن ستوك وبحَثا في الخطوات المقبلة لمتابعة البرامج الأمنية وتعزيز جهود مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة.
وعقد الرئيس المر سلسلة اجتماعات مع كبار أركان الإنتربول ومدراء الوحدات والبرامج للبحث في خطة تحديث بنك المعلومات وكيفية مواجهة مخاطر التهديدات الإرهابية باستعمال أسلحة بيولوجية وإشعاعية وكيماوية. كذلك جرى البحث في أحدث برامج إدارة أمن الحدود والمطارات والمرافئ، إضافةً إلى آلية متابعة تنفيذ البرامج الأمنية السبعة المدعومة من دولة الإمارات العربية المتحدة.
الملف الانتخابي
إنتخابياً، ركود كامل وجمود في حركة الاتصالات، فيما اللافت كان المناخ الذي ظهر فجأةً ووضع قانون الستين كسيفٍ مسلط على الواقع الانتخابي، ما أثارَ تساؤلات سياسية لدى مراجع ومستويات مختلفة واعتراضات مسبقة على العودة الى اللجوء لهذا القانون.
وقالت مصادر عاملة على الخط الانتخابي لـ«الجمهورية»: «إنّ بثَّ هذه الأجواء لا يُعتدّ به، بل هو نوع من التسالي السياسية التي لا تقدّم ولا تؤخّر في الملف الانتخابي، وتستند إلى رغبات، وكذلك الى محاولات تشويش على مسار النقاش الخجول الذي يجري في اتجاه توليد القانون الانتخابي».
وتضيف المصادر: «حتى الآن الامور ليست مقفَلة، طرح الستين حالياً هو نوع من الملهاة وتضييع الوقت، وبالتالي الوقت لا يزال متاحاً لبلوغ توافق على قانون جديد، خصوصاً وأنّ كلّ الأفرقاء اليوم خرجوا من خلفِ المتاريس، بدليل توقّفِ إطلاق النار السياسي بين القوى، ما يَعني أنّها تستشعر بحرَجِ الوقت وخطر الاصطدام بالمحظور، والايام المقبلة قد تشهد نوعاً من تسخين النقاش بعد عودة رئيس الحكومة سعد الحريري من الرياض».
وتتابع المصادر: «حتى الآن يمكن وصفُ الوضع الانتخابي بأنه في نقطة الوسط بين السلبية والإيجابية، والمأمول خلال النقاش المقبل ان تتّجه البوصلة في اتّجاه الايجابية اكثر. هذا لا يَعني الإفراط في التفاؤل، لكن كلّ الدلائل تؤشّر الى انّ الجميع بات محشوراً، وصار ملزَماً بالذهاب الى التوافق، بصرفِ النظرعن القانون، وإن كانت النسبية هي الاكثر حظاً في اعتمادها في القانون الجديد».
باسيل
وفي وقتٍ دعا رئيس الجمهورية العماد ميشال عون اللبنانيين الى عدم القلق، لأنه «مهما جرى فإنّ الانتخابات النيابية حاصلة، ولا يزال هناك متّسَع من الوقت للتوصّل الى اتفاق»، وشدّد على انّ «نهج الحكم سيتغيّر، والإصلاحات التي ننوي القيام بها ستحصل»، بَرز موقف لرئيس «التيار الوطني الحر» وزير الخارجية جبران باسيل الذي لم يقطع الأمل بعد في الوصول الى قانون جديد، إلّا أنه ألمحَ الى انّ عدم الوصول الى القانون من الآن وحتى نهاية ولاية المجلس الحالي في 20 حزيران يعني انّ لبنان مقبل على واقعٍ سياسي جديد، من دون أن يُفصح ما هو هذا الواقع، جازماً بأنّ قانوناً انتخابياً جديداً سيُقرّ آنذاك.
وقال باسيل في حديث لـ«الجمهورية» إنّ الواقع السياسي سيتغيّر بعد 20 حزيران، وكلّ من يَعتقد انّ أساليبه ستجرّ البلد نحو الستين أقول له: «لن يكون بعد 20 حزيران إلّا قانون جديد غير الستّين، ولن يستطيع أحد التعامل معنا بالتهديد، هم يضيّعون الوقت والفرصة باعتقادهم أننا سنَقبل أو سنتنازل.
لا فراغ، لا تمديد، لا ستّين، ولن نعود الى الواقع السياسي نفسه، بل سنكون امام واقع جديد تتغيّر فيه المعطيات السياسية الداخلية في البلد. فالمعطى الذي يَحكمنا ويمنعنا من إنجاز قانون سيتغيّر. (ص 7 ـ 6).
«المستقبل»
وتزامُناً، كشف وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق أنّ «الانتخابات النيابية ستجري قبل نهاية السنة»، مشيراً إلى أنّ «رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس الحكومة سعد الحريري توافقا على إصدار مرسوم فتحِ دورةٍ استثنائية لمجلس النواب».
وفيما ألمحَ وزير الدولة لشؤون النازحين السوريين معين المرعبي الى «إمكان تراجع تيار «المستقبل» عن قراره بعدم المشاركة في التمديد لمجلس النواب»، أكّدت مصادر «المستقبل» لـ«الجمهورية» أن لا شيء جديداً لديه وأنّ «المستقبل» كان قد ابلغَ الى رئيس مجلس النواب نبيه بري عدم مشاركته في جلسة التمديد، وبالتالي لم يطرَأ أيّ جديد على موقفه». وشدّدت المصادر على «أنّ التركيز الآن هو الوصول الى قانون جديد في أسرع وقت ممكن».
قائد الجيش
من جهة ثانية، علمت «الجمهورية» انّ قائد الجيش العماد جوزف عون الذي زار أميركا اخيراً سمعَ ممّن التقاهم من المسؤولين عرضاً حول الوضع في المنطقة. وأكد اهمّية الاستمرار في دعم الجيش بما يُمكّنه من القيام بالواجبات والمهام الملقاة على عاتقه.
ونوَّه الجانب الاميركي بالجيش اللبناني، مؤكداً موقفَ الادارة الاميركية الثابت في مواصلة دعمِه وحرصَها على استقرار لبنان وتمكين الجيش من مواجهة خطر الإرهاب. ونقلَ عائدون من واشنطن اخيراً أنّهم سمعوا من مسؤولين اميركيين عرضاً شاملاً للوضع في المنطقة، من العراق مروراًَ بسوريا فاليمن وصولاً الى لبنان.
وأكد الاميركيون على السعي الدائم للحرب القوية على الإرهاب، وأنّ الإدارة بصدد ذلك، مع الاشارة الى انّ مسؤولين اميركيين سمّوا «حزب الله» بالإسم وكأنّه استكمال لِما اعلنَه ترامب في الفترة الاخيرة من انّه سيواجه الحزب في سوريا، حيث كشفَ هؤلاء المسؤولون انّ مواقع لـ«حزب الله» في سوريا هي من ضمن بنك الاهداف الاميركي.
وبحسب الزوّار، فإنّ مستويات لبنانية عرَضت لمسؤولين اميركيين الواقعَ اللبناني وكذلك الواقع في سوريا، مؤكّدةً أنّ مشاركة الحزب في الحرب السورية ضد الإرهابيين منَعت وصولهم الى لبنان وأنّ أيّ محاولة لضرب «حزب الله» في سوريا تعني بشكل مباشر أو غير مباشر فتحَ البابِ امام الارهابيين للوصول الى لبنان.
واشنطن و«حزب الله»
من جهة ثانية، وبعد إعلان البيت الأبيض أنّه يدرس إقرار عقوبات جديدة على «حزب الله»، وعشية بدء الرئيس الاميركي دونالد ترامب جولته الخارجية التي يستهلّها بالرياض للقاء الملك سلمان بن عبد العزيز والمشاركة في اعمال القمّة الخليجية-الأميركية، والقمة العربية الإسلامية الأميركية، فيما كان الايرانيون ينتخبون رئيسَهم والسفيرُ الايراني في لبنان يزور وزارة الخارجية، أدرَجت وزارة الخزانة الاميركية رئيسَ المجلس التنفيذي لـ«حزب الله» السيّد هاشم صفي الدين على قائمة الإرهاب.
جاء القرار الاميركي هذا بعد ساعات على تصنيف السعودية صفيّ الدين إرهابياً «على خلفية مسؤوليته عن عمليات لصالح الحزب في أنحاء الشرق الأوسط، وتقديمِه استشارات حول تنفيذ عمليات إرهابية ودعمِه لنظام الأسد»، كما جاء في قرار المملكة الذي أوردته وكالة «واس» السعودية الرسمية.
ولفتَ القرار الى أنّ المملكة ستواصل «مكافحتها للأنشطة الإرهابية لـ»حزب الله « ومن يُسهم في تقديم المشورة لتنفيذها بكافة الأدوات القانونية المتاحة، كما ستستمرّ في العمل مع الشركاء في جميع أنحاء العالم بشكل فعّال للحدّ من أنشطة «حزب الله» المتطرّفة، ما يُنبئ عن أنه لا ينبغي السكوت من أيّ دولة على مليشيات «حزب الله» وأنشطته المتطرّفة».
وأضاف القرار: «ولطالما يقوم «حزب الله» بنشرِ الفوضى وعدم الاستقرار، وشنِّ هجمات إرهابية وممارسة أنشطة إجرامية وغير مشروعة في أنحاء العالم، فإنّ المملكة العربية السعودية ستواصل تصنيفَ نشَطاء وقيادات وكيانات تابعة لـ«حزب الله» وفرضَ عقوبات عليها نتيجة التصنيف».
وأشار القرار إلى أنّ تصنيفَ اسمِ صفيّ الدين وفرضَ عقوباتٍ عليه يأتي» استناداً لنظام جرائم الإرهاب وتمويله، والمرسوم الملكي أ/ 44 الذي يستهدف الإرهابيين وداعميهم ومن يعمل معهم أو نيابة عنهم، حيث يتمّ تجميد أيّ أصول تابعة لتلك الأسماء المصنّفة وفقاً للأنظمة في المملكة، ويحظّر على المواطنين السعوديين والمقيمين في المملكة القيام بأيّ تعاملات معه»