IMLebanon

مانشيت:إتّفاق النقاط الـ11 أنقَذ القانون والحكومة تقرُّه اليوم والمجلس الجمعة

أخيراً، وبعد انتظار دام ثماني سنوات ومخاض، بل مخاضات عسيرة، ومفاوضات شاقة شهدت كثيراً من المدّ والجزر، ولِد قانون الانتخاب الجديد، وسيزفّه مجلس الوزراء اليوم إلى مجلس النواب ليقرَّه بعد غدٍ الجمعة بمادّة وحيدة وإن كان لدى البعض رغبة في نقاش لن يُغيّر في ما كتِب، لأنّ هذا الذي كتِب قد كتِب وكان نتاجَ توافقِ ربعِ الساعة الأخير بين الجميع، تلافياً للانزلاق إلى فراغ كان سيُدخل البلاد في فراغات كثيرة لا تُحمد عقباها.

بعد اجتماع الليل الفاشل الذي امتدّ إلى السحور في «بيت الوسط»، تحسَّس الجميع خطورةَ الوصول إلى الفراغ النيابي، فبادرَ رئيس الحكومة سعد الحريري صباحاً إلى إلغاء مواعيده واستدعى على عجَل اللجنة الخماسية المكلّفة وضع مسوّدة قانون الانتخاب، وأبلغ إليها وجوب إنهاء مهمتها قبل الإفطار.

وبالفعل، وبعد اجتماع عقَدته هذه اللجنة واستمرّ حتى بعد الظهر، تمّت بلوَرة الاتفاق الانتخابي ـ السياسي على قانون الانتخاب، وتسلّمته اللجنة الوزارية التي اجتمعت في الخامسة عصراً وصاغت المسوّدة النهائية للقانون التي ينتظر أن يقرَّها مجلس الوزراء اليوم ويحيلها على الفور الى مجلس النواب ليقرّها في جلسته بعد غدٍ الجمعة.

ماذا في الاتفاق السياسي الانتخابي:

مصادر المجتمعين في السراي أوجزت بنود هذا الاتفاق بالآتي:

1- لبنان 15 دائرة انتخابية على أساس النظام النسبي.

2- نقل مقعد الأقليات من دائرة بيروت الثانية إلى دائرة بيروت الأولى.

3- عتبة نجاح اللائحة هي الحاصل الانتخابي: عدد المقترعين مقسوماً على عدد المقاعد.

4- إعتماد الصوت التفضيلي وطنياً لا طائفياً في القضاء.

5- اللائحة غير المكتملة لا مانع أن تكون، شرط أن تحتوي على مقعد واحد عن كلّ قضاء على الأقل، وهي تتحمّل مسؤولية فقدان أو خسارة أيّ مقعد حصلت عليه ولم ترشّح عليه طائفياً ويحسب من حصّة اللوائح الأخرى على أن لا يقلّ عديدها عن 40%.

6- في طريقة الاحتساب: يُعتمد الكسر الأكبر.

7- الفرز يتمّ باعتماد طريقة دمج اللوائح وترتيب المرشحين في الدائرة على اساس نسبة الصوت التفضيلي في القضاء.

8- تمثيل المغتربين في الانتخابات المقبلة لا زيادة ولا نقصان في عدد النواب. وبعد 4 سنوات، أي عام عام 2022 يُزاد 6 مقاعد للمغتربين، وفي الدورة التي تليها عام 2026 تنقص 6 مقاعد من عدد النوّاب وتكون للمغتربين.

9- موعد الانتخابات والتمديد التقني لمجلس النواب الحالي يتّفق عليه رئيسا الجهورية والحكومة.

10- في الإصلاحات: يجب إنجاز البطاقة الانتخابية الممغنطة والورقة الانتخابية المطبوعة سلفاً.

11- لم يتمّ الاتفاق على تنخيب العسكريين ولا على تخفيض سنّ الاقتراع الى 18 سنة ولا على «الكوتا» النيابية النسائية.

وخلال النقاش بقيَت مدة التمديد للمجلس الحالي عالقة على أن تُحسم في خلوة يعقدها رئيسا الجمهورية والحكومة قبَيل جلسة مجلس الوزراء اليوم. فرئيس الجمهورية يُحبّذ إجراء الانتخابات في تشرين الثاني على أبعد تقدير، فيما رئيس الحكومة ووزير الداخلية وتيار المستقبل يحبّذونها في الربيع المقبل، علماً أنه كان هناك اتّفاق مبدئي بين الجميع على ان يكون التمديد التقني لمدة 3 أشهر، ولكن بعد طرح موضوع الانتخاب بواسطة البطاقة الممغنطة، وفي انتظار إنجاز هذه البطاقة يرى البعض أن لا إمكانية لإجراء الانتخابات بموجبها قبل 9 أشهر، أي في آذار 2018 في حال أقِرّ القانون بعد غدٍ الجمعة.

ولوحِظ أنّ الجميع اعترضوا على موضوع «الصوت التفضيلي» باستثناء الحريري وباسيل اللذين اختلفا على مدّة التمديد في اجتماع اللجنة الوزارية، فدار جدال بينهما لم يخلُ من الحدّة عندما سأل باسيل: «لماذا لا تُجرى الانتخابات خلال 3 أشهر إذا كنّا سنتخلّى عن البطاقة الممغنطة لهذه الدورة؟».

وإذ أصَرّ على رأيه ردّ عليه الحريري مؤكّداً «أنّ الجميع يحتاج إلى وقتٍ للتحضير للانتخابات، فضلاً عن الاعتبارات التقنية والسياسية التي تفرض نفسها». ووافقَ وزير الداخلية نهاد المشنوق الحريري رأيَه، وأكّد أنّ وزارة الداخلية لا تستطيع إجراءَ الانتخابات في مدة أقلّ من 7 أشهر». وانتهى النقاش بالعودة الى النص المكتوب في الاتفاق وهو تركُ تحديد مدة التمديد لاتفاق بين رئيسَي الجمهورية والحكومة.

وفي الموقف من القانون الانتخابي الوليد، اعتبرَه باسيل «إنجازاً» مؤكّداً «وإنّ الجميع رابحون فيه». وتمنّى «أن لا تكون مدة التمديد حتى أيار المقبل».

وسجّل وزير تيار «المردة» يوسف فنيانوس اعتراضات، وأوضح انّ رئيس الحكومة سينقلها إلى مجلس الوزراء، وأشار الى «أنّ حركة «أمل» و«القوات اللبنانية» شاركانا الرأي حول المطالبة بالصوت التفضيلي في الدائرة وليس في القضاء».

واعتبر الوزير مروان حماده القانون «قانوناً مشربَكاً ومعقّداً والاكثر طائفية»، لكن قال: «مع ذلك نحن مع التوافق الوطني ومع القانون الانتخابي».

أمّا النائب وائل ابو فاعور فقال: «طارت العتبة وتأجّل موضوع المغتربين، ولن يحصل تصويت على القانون في مجلس الوزراء، بل تسجّل الاعتراضات، ولن تكون معطّلة لقانون توافقي هو أسوأ الممكن».

وحسب مصادر لجنة الصياغة، فإنّ القانون هو نفسه قانون حكومة الرئيس نجيب ميقاتي وأدخِلت عليه التعديلات التي اتّفِق عليها. وهو متكوّن من 124 مادة وملحَق بالتقسيمات وتوزيع الدوائر.

وعلمت «الجمهورية» انّ الوزير علي حسن خليل سيتحدّث بعد جلسة مجلس الوزراء غداً في بعبدا وسيضيء على موقف حركة «أمل» والفريق الذي يمثله في التفاوض من القانون.

عون

وتزامُناً مع سلسلة الاجتماعات التي كانت تتوزّع بين السراي الحكومي الكبير ووزارة الخارجية وعين التينة، كان رئيس الجمهورية يواكب حركة الاتصالات والمقترحات التي تبودِلت في اللحظات الأخيرة التي سبَقت التفاهم على النقاط الـ11.

وقالت مصادر مطّلعة لـ«الجمهورية» إنّ عون اتّصل بمختلف الأطراف للوقوف على آرائهم لتوفير المخارج للقضايا العالقة الى ان تمّ التوصل الى اتفاق على البنود الخلافية وترك موضوع التمديد للمجلس النيابي للتفاهم عليه بين رئيسي الجمهورية والحكومة.

وقالت المصادر إنّ تحديد مدة التمديد للمجلس سيكون مادة من مواد قانون الانتخاب.

رؤساء الكتل في بعبدا

وقالت المصادر إنّ عون سيلتقي رؤساء الكتل النيابية قريباً بعد إقرار قانون الانتخاب وانطلاق المرحلة التي تليه لطرح العناوين الرئيسة للعهد انطلاقاً ممّا وعد به في خطاب القسم وآلية تطبيقها.

وذكرَت المصادر أنّ عون يريد لرؤساء الكتل المشاركة في ورشة العهد، خصوصاً أنّ بينهم من ليس ممثّلاً في الحكومة ويتمنّى مشاركتهم في هذه الورشة الوطنية الشاملة.

الحريري

وليلاً زار الحريري بري وقال بيان لمكتب رئيس الحكومة إنّ اللقاء «اتّسَم بالودّية» وإنّ رئيس المجلس هنّأ الحريري على إنجاز الاتفاق على قانون الانتخاب، و«عرَضا للأوضاع العامة في لبنان».

وقال الحريري خلال رعايته إفطارَ دار الأيتام الإسلامية في بيال إنّ إنجاز قانون الانتخاب هو «إنجاز ليس لحزب أو لطائفة بل للبلد، خصوصاً أنّه، في رأيي، كان آخرَ موضوع أساسي مختلف عليه في البلد. وبعد هذا الإنجاز، أستطيع أن أقول إنّه لم تعُد هناك مسائل صدام سياسي أساسية تعطّل البلد وتعرقِل مشروعنا للنهوض الاقتصادي وإيجاد فرَص عمل خصوصاً للشباب».

وشدّد على مسؤولية الجميع في الحفاظ على الاستقرار الداخلي وحماية لبنان من «العواصف التي ترونها جميعكم من حولنا في المنطقة». وقال: أنا آسف

علناً وأمامكم لكون هناك إصلاحات جاهدنا وقاتلنا لأجلها ولم نتمكّن من إقرارها، وأهمّها في نظري «الكوتا» للمرأة، والتي أعتبرُها إصلاحاً سياسياً أساسياً، وكنتُ أنا ودولة الرئيس نبيه بري متمسكَين بها، لم ننجح للأسف، لكنّنا سنبقى نناضل ونحاول. وبالنسبة إليّ كـ»تيار مستقبل»، ستكون هناك كوتا نسائية في كلّ لوائحنا الانتخابية إن شاءَ الله».

وقال مراقبون لـ«الجمهورية» إنّ النقطة الإيجابية الوحيدة هي أنّه بات للبنانيين قانون انتخاب إنّما النقاط السلبية كثيرة، وأبرزُها:

ـ هذا القانون مرتبط بالتأجيل وهذا التأجيل سيكون نحو سنة.

ـ هذا القانون هو أبعد ما يكون في خدمة المسلمين والمسيحيين لأنّه قانون «تلزيق» ينقصه التركيب المنطقي ويفقد الصفة الطبيعية لقوانين الانتخابات.

ـ تأكد أنّ هذا القانون هو ليس على حساب المكوّنات الشعبية إنّما على حساب المكوّنات السياسية الحاكمة، والدليل أن لا تمثيل لسنّ الـ 18 بغية ضرب التجديد، ولا تمثيل للمرأة بحيث غابت «الكوتا» النسائية، ولا تمثيل للمغتربين ـ ورفع سقف الاحتساب والتأهيل بشكل أنّ القوى الكبرى ضمنت حصّتها «المحادل».

جنبلاط

مِن جهته، غرّد النائب وليد جنبلاط على «تويتر» قائلاً: «نتيجة اختلال التوازن خرجنا بقانون آية في الغموض نهايتُه ستكون عاطلة مع تفسيرات متناقضة وليس فيه إنجاز إلّا الاسم فقط»، ومرفقاً تغريدته بصورة لسفينة «التايتنك» قبَيل اصطدامها بجبل الجليد. واعتبَر في تغريدة أخرى أنّه «في لبنان يولد قانون انتخابي معقّد مشربَك كصانعيه ومبتدعيه، ذي أبعاد غامضة».

«الكتائب»

وفي تعليق أوّلي على ما تمّ الاتفاق عليه، قال مصدر كتائبي مسؤول لـ«الجمهورية»: «ما حصل هو عملية غشّ سياسي هدفُها العودة المقنّعة الى قانون الستين». وأضاف: «إنه قانون فصِّل على قياس بعض أهل السلطة، وقد تمّ تفريغ النسبية الحقيقية من مضمونها لمصلحة صفقة سياسية واضحة». وأضاف: «القانون مليء بالسلبيات وسيكون للحزب خلال 24 ساعة موقفٌ واضح ومفصّل من كلّ الأمور التي وعَدت السلطة بها الناس من دون أن تفيَ بوعودها».

«التيار الوطني الحر»

وقال أمين سر تكتّل «التغيير والإصلاح» النائب ابراهيم كنعان لـ«الجمهورية»: «إنّ «التيار الوطني الحر» رَبح خياره القائم على رفض التمديد والستين والفراغ، وساهمَ في إنجاز قانون انتخاب جديد بعد نضال طويل، انسجاماً مع مبادئه واقتناعه بضرورة تصحيح التمثيل وتحقيق أكبر مقدار ممكن من الشفافية والميثاقية المطلوبة مسيحياً ووطنياً منذ التوصّل إلى «إتفاق الطائف».