Site icon IMLebanon

إسدال الستار على القانون… وانطلاق العجَلة الحكوميَّة والمجلسيَّة

عبَر قانون الانتخاب المحطة ما قبل الأخيرة في مجلس الوزراء، وغداً الجمعة تعلَن الولادة النهائية في مجلس النواب، والسبت يومٌ آخر. كان يؤمل لهذا العبور أن يكون سلِساً، وما أكل النقاشُ حوله كلَّ هذا الوقت والاشتباك السياسي الذي أنزَل الجميعَ إلى الحلبة فاختلط فيها حابل العلاقات بنابِلها فتصدّعَت كلّها ودخَل البلد في لعبةٍ كان في غنىً عنها، احترَف فيها الجميع ومِن دون استثناء الرقصَ على حافّة الهاوية.

المهمّ ولِد القانون، وأقرّه مجلس الوزراء بجملة تعديلات، كان الأبرز فيها التمديد التقني لمجلس النواب لمدة أحد عشر شهراً تنتهي في 20 أيار 2008، فيما تَحدّد موعد إجراء الانتخابات في يوم واحد في السادس من أيار 2008، ولقد أشار رئيس الحكومة سعد الحريري إلى جهوزيّة وزارة الداخلية إلى إجراء الانتخابات قبل هذا التاريخ إذا ما وجَدت أنّ ذلك ممكن.

وكذلك تمّ تعليق البنود المتعلّقة بنوّاب الاغتراب إلى الانتخابات النيابيّة المقبلة، وكذلك حول شروط الترشّح للموظفين ورؤساء البلديات، حيث اشترط على رئيس البلديّة ونائبه ورئيس اتّحاد البلديّات الراغبين بالترشّح الاستقالة بعد شهرٍ من نشرِ القانون في الجريدة الرسميّة.

كما أنّ ما بَرز في التعديلات إقرار البطاقة الممغنظة، التي ستتيح للمقيمين الاقتراع من أماكن سكنِهم، وكذلك لغيرِ المقيمين من اللبنانيّين الاقتراع خارج لبنان عبر استخدام البطاقة.

إلى ذلك، يُفترض أن تُعلن رسمياً ولادة القانون الجديد من مجلس النواب، والآن فقط يمكن القول إنّ الستّين مات ودفِن إلى غير رجعة، وإنّ هناك حقبةً جديدة قد فتِحت لقانونٍ هو الأوّل من نوعه مجهولِ النتائج لا يستطيع أيٌّ من الطبّاخين وخصوصاً أكثرهم خبرةً ودهاءً وذكاءً أن يرسم صورةَ تلك النتائج التي يفترض أن تَظهر بعد الانتخابات التي ستجري على أساسه ربيع العام المقبل.

هي حقبة جديدة في ظلّ قانون مجهول الأب والأم، لا يستطيع أيّ من القوى السياسية أن يعلن أبوَّته له، ذلك أنّ الولادة كانت أقرب إلى «شركة حلبية «، كلُّ طرَف أدخَل فيه التفصيلَ الذي يعتقد أنه يَخدمه، وهذا الاعتقاد سيذوب حتماً إذا ما حملت نتائج الانتخابات في القانون مفاجآت لا أحد يستطيع أن ينفي حدوثَها من الآن.

بصرفِ النظر عمّا إذا كان هذا القانون مُلبّياً أوّلاً لنسبية يؤمل منها أن تفتح الطريق إلى تمثيل سليم لكلّ شرائح ومكوّنات المجتمع اللبناني فإنه يبقى القانون الأصعب كونه يشكّل الاختبار الأصعب لتنفيذه للمرّة الأولى في تاريخ لبنان، ومَكمن الصعوبة هو أن لا يكون القانون الذي وصَف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون إقرارَه بـ«الإنجاز الكبير»، وسمّاه رئيس مجلس النواب نبيه بري «أفضل الممكن» وسمّاه رئيس الحكومة سعد الحريري «قانون اللحظات الأخيرة»، قد صيغَ على عجَل أو سلِق سلقاً وفي وقتٍ ضيّق لم ينتبه الطبّاخون إلى العثرات والمطبّات التي يمكن أن تتبدّى فيه، وخصوصاً طريقة تعلّم النسبية والتدريب عليها واحتساب النتائج التي قيل إنّها قد تحمل مفاجآت.

في أيّ حال، ما بعد إقرار هذا القانون يومٌ آخر. مجلس النواب مستمرّ في ولايته والحكومة تعود إلى الدوَران مجدداً، ويفترض أن تكون الخطوة الرئاسية الأولى بعد إقرار القانون غداً فتحُ دورة استثنائية لمجلس النواب بما يطلِق العجَلة التشريعية لإقرار سلسلة المشاريع الملِحّة، سواء المطلبية منها أو الحياتية والاجتماعية أو الاقتصادية أو كلّ تلك البنود التي تتّصل بإطلاق عجَلة الدولة التي تفَرملت طيلة فترة الاشتباك حول القانون.

مرجع سياسي

وإذا كان لبنان سيطلّ السبت على مشهد جديد فإنّ أولويات هذا المشهد تُخبر عن ذاتها بذاتها وتتبدّى في الملفات الساخنة وكيفية مقاربتها، إذ لم يعد، في رأي مرجع سياسي، مسموحاً إغماضُ العين على كلّ الموبقات المشكو منها، وأوّلها الفلتان الأمني والقتل المجاني الذي يزهِق حياة الأبرياء ويدخِل كلّ المواطنين من دون استثناء في خوف على مصيرهم وخشية من أن يَخرجوا من بيوتهم ولا يعودوا، بل يسقطون في كمين لزعران الشارع والشبّيحة وتجّار الموت والعابثين بأمن البلد وهيبة الدولة».

ويضيف المرجع لـ«الجمهورية»: «هنا تكمن المهمّة الأولى للدولة بكلّ أجهزتها السياسية والأمنية لاسترداد هيبتها التي عبَث بها الزعران، ولعلّ المهمّة الأهمّ تكون في صياغة الاستقرار الداخلي المهدّد من المجموعات الإرهابية الكامنة له عند كلّ مفرق وتتحيّن الفرصة للانقضاض عليه وزرعِ الفتنة بين اللبنانيين، وشعارات التنبيه والتحذير لم تعد كافية، بل المطلوب العمل الجادّ والمسؤول ورفعُ الغطاء عن كلّ المخيّمات التي يلوذ فيها من يكنّون العداء للبنان وأهله».

وقال المرجع: «أمّا وقد استغرقنا كلّ ما استغرقناه من وقتٍ لإنجاز قانون الانتخاب، فإنّ المهم بعد ولادة هذا القانون وبعدما صار الفول بالمكيول أن لا نجدَ أنفسَنا أمام محاولة العبثِ بالوقت من جديد ونهدرَ وقتاً إضافياً البلدُ بحاجة إليه.

إذ لا وقت للمزايدة ولتسجيل النقاط وعرضِ العضلات، بل إنّ الوقت هو للعقلانية، ولعلّ ما جرى على حلبة الاشتباك الأخير يشكّل حافزاً للقوى السياسية جميعِها بأن تدخل في مراجعة ذاتية لا بل مراجعة نقدية لكلّ الأداء ولكلّ ما حصَل وما نتج، وليس الاستمرار في المكابرة والطيش السياسي والثبات على المواقف التي كادت في لحظة معيّنة أن تدفع البلد إلى الهلاك».

وخَتم المرجع: «إذا افترضنا أنّ ما حصل إنجازٌ، فالكلّ شركاء في هذا الإنجاز، لقد انتهى اللعب على حافّة الهاوية وآنَ أوان اللعبِ على حافة الانتقال إلى مرحلة تأسيس الدولة كدولة وترسيخِ استقرارها، وهنا تتبدّى المسؤولية المشتركة للعمل الجادّ وليس فقط للتغنّي بالإنجاز وإطلاق الشعارات والكلام الكبير حول القانون، والتنافس على أبوّتِه، فهذا قد يؤدّي إلى أن نُصابَ بما أصاب العميان: «مِن كِتر الملحسِة على وجه ابنهم عموه».

مجلس وزراء

وكان مجلس الوزراء قد انعقد في القصر الجمهوري في بعبدا أمس، في جلسة وصَفتها مصادر وزارية بالمثالية، من حيث الهدوء الذي سادها، والتفاهم الذي أحاط بالنقاشات حتى حول الأمور التي ظلّت محلَّ تحفّظ. وعلى هامش الجلسة انعقدَت اللجنة الوزارية التي أنهت الصياغة الأخيرة للمشروع الجديد، قبل أن يُحال إلى مجلس النواب لإقراره، وربطاً بذلك أعلن رئيس المجلس النيابي نبيه بري تثبيتَ الجلسة التشريعية في موعدها يوم غدٍ الجمعة، على أن تُعقد في الثانية بعد الظهر.

الرؤساء

واعتبَر رئيس الجمهورية العماد ميشال عون إقرارَ قانون الانتخاب، إنجازاً كبيراً، ولفتَ إلى أنه قد لا يتمّ تحقيق عدالة التمثيل بالمطلق ولكن ما تمّ التوصّل إليه هو خطوة إلى الأمام»، فيما اعتبره بري في «لقاء الأربعاء النيابي» بأنّه أفضلُ المستطاع لأنه ينقل البلد إلى ما هو جديد، ويعطي الأملَ للّبنانيين للتأسيس لبناء مرحلةٍ جديدة، ونأمل أن يكون لخير ومصلحة اللبنانيين جميعاً».

وأشار إلى «أنه كان من الممكن أن يكون القانون أفضل، ولكنّ النتيجة جاءت بعد توافقِ الجميع على هذه الصيغة». مشيراً إلى «أنّ المرحلة التي تفصلنا عن الانتخابات يجب أن نستثمرَها بورشة تشريعية، وتكون فرصة لإعادة بناء مؤسسات الدولة وتنشيطها في كلّ المجالات».

وفي السياق ذاته جاء موقف الرئيس سعد الحريري عبر تغريدةٍ معبّرة، قال فيها: «اليوم أزفّ إلى اللبنانيين إنجازاً وطنياً بعد مسار طويل من التباينات التي أصبحت في ذمّة التاريخ».

من جهةٍ ثانية، سُئِل الحريري عن قول أحدِ النواب إنّ قانون الانتخاب الجديد معقّد مِثل أصحابه، في إشارةٍ إلى النائب وليد جنبلاط، فردّ الحريري: «ما هوّي واحد من أصحابو».

باسيل

وفقَ المعلومات فإنّ الوزير جبران باسيل أبلغَ مجلسَ الوزراء أمس أنّ موضوع العتَبة للمرشّح يشكّل نقطةً أساسية ما زالت ناقصةً في قانون الانتخاب. ووعَد بأنّه سيستمرّ في المعركة بعد إقرار القانون لاستكمال تصحيح التمثيل.

كذلك تحدّثَ عن «عيوب في القانون، من الضروري تصحيحُها حتى لو عدنا إلى تعديل القانون قبل الانتخابات النيابية، هذه العيوب هي طريقة الفرز واللائحة غير المكتملة»، مشدّداً على اقتراع المغتربين واللوائح المختلطة، أي حضور المرأة وخفض سنّ الاقتراع للشباب.

وأوضَح باسيل أن «كنّا قبِلنا ألّا ينتخب المنتشرون في هذه الدورة الانتخابية لأنّ الوقت لم يكن يَسمح بذلك، أمّا وإن أصبح الوقت يسمح فنطلب إشراكَهم في هذه الدورة»، متسائلاً «لماذا نخسر ٤ سنين لإشراكهم»؟

أبي خليل

وقال الوزير سيزار أبي خليل لـ«الجمهورية»: «إنّها الحكومة الأولى التي تُنجز قانون انتخابات يَسمح بإشراك الجميع ويجدّد الحياة السياسية». وشدَّد على «أنّ هذه الحكومة هي حكومة منتِجة، إذ إنّها في فترة قصيرة أنجَزت مشروع قانون الموازنة ومراسيم النفط وقانون الانتخاب، وستُنجز الحكومة مشاريع أخرى كثيرة تكون لمصلحة اللبنانيين».