Site icon IMLebanon

 4 محطات ترسُم معالم المرحلة… و«8 و 14 آذار» إلى ترتيب الصفوف

في غمرة الانشغال في تطويق ذيول المبادرة الرئاسية غير المعلنة رسمياً، والتي ما تزال الأوساط السياسية منقسمة إزاءَها بين قائل بأنّها سقطت وآخر يقول إنّها طويَت، إنقسَمت الساحة الداخلية رسمياً وسياسياً حول حدثٍ أشاحَ الأنظارَ عن هذه التسوية، وتَمثّلَ بالتحالف الإسلامي لمكافحة الإرهاب، والذي أعلنته المملكة العربية السعودية أمس مكوّناً من 35 دولة بينها لبنان. ففيما أعلنَت وزارة الخارجية أنّ لبنان لم يُسأل عن رأيه بالانضمام إلى هذا التحالف، أعلنَ المكتب الإعلامي لرئيس الحكومة تمّام سلام أنّه تلقّى اتّصالاً من القيادة السعودية لاستمزاج رأيه في شأن انضمام لبنان إلى هذا التحالف، فرَحّب بهذه المبادرة مؤكّداً «أنّ أيّ خطوات تنفيذية تترتّب على لبنان «سيتمّ درسُها والتعامل معها استناداً إلى الأطر الدستورية والقانونية اللبنانية».

قبل أيام من دخول البلاد في مدار الأعياد والأسفار التي تحصل في المناسبة، إنشغلت الساحة السياسية بترقّب اربع محطات ينتظر ان تتظهّر من خلالها ما سيكون عليه مستقبل الحياة السياسية واستحقاقاتها مع انطلاقة السَنة الجديدة.

اولى هذه المحطات جلسة الانتخابات الرئاسية الثالثة والثلاثین اليوم والتي سيكون مصيرها كسابقاتها تأجيلاً الى النصف الأوّل من الشهر المقبل، ولن تؤثّر فيها التسوية التي طويَت الى أجل غير مسمّى على رغم قول البعض إنّها سَقطت الى غير رجعة.

وثاني هذه المحطات وثالثها جولة الحوار الجديدة في عين التينة غداً بين «حزب الله» وتيار «المستقبل»، والتي يتوقع المراقبون ان تكون غنية النقاش في التسوية الرئاسية المطويّة وما أحدثَته من تداعيات على ضفّتَي فريقي 8 و14 آذار، في الوقت الذي سيطلّ تلفزيونياً رئيسُ تيار«المردة» النائب سليمان فرنجية، العائد من دمشق بعدما التقى الرئيسَ السوري بشار الأسد، ليدلي بتفاصيل كثيرة حول هذه التسوية ويعكس في ما سيعلنه حقيقة المواقف الداخلية والخارجية منها، قاطعاً الشكّ باليقين في كلّ ما جرى حتى الآن.

أمّا المحطة الرابعة فستكون جلسة الحوار الوطني يوم الاثنين المقبل بين قادة الكتل النيابية التي يتوقتع أن تنأى عن التسوية الرئاسية الى البحث في تفعيل العمل الحكومي وتالياً تفعيل العمل التشريعي على قاعدة وجوب الانصراف الى معالجة القضايا التي تهمّ اللبنانيين طالما إنّ الاستحقاقات الكبرى، وفي مقدّمها الاستحقاق الرئاسي، ما تزال بعيدة المنال.

حيث إنّ كثيرين بدأوا يتحدّثون عن أنّ الشغور الرئاسي سيستمر الى بضعة أشهر إضافية إن لم يكن أكثر من ذلك بعدما تبيّنَت صعوبة حصول توافق داخلي على إنجازه، فضلاً عن انعدام التوافق الإقليمي والدولي.

وقالت مصادر مطّلعة لـ«الجمهورية» «إنّ الاهتمامات حالياً ستنصَبّ على ترتيب البيت الداخلي، بل إنّ فريقَي 8 و14 آذار، العائدين من التسوية التي طويَت، سينصرف كلّ منهما الى ترتيب صفوفه بعد التصدّع الذي أحدثَته فيها تلك التسوية وكادت أن تحدث اصطفافات جديدة في الواقع السياسي».

أمّا العيدية التي وَعد رئيس الحكومة تمام سلام اللبنانيين بها أمس فهي ترحيل النفايات الى الخارج، والذي اقترب، حيث يهمّ سلام بعَقد جلسة لمجلس الوزراء قريباً لإطلاق الإشارة في هذا الاتّجاه.

حركة كبيرة

في غضون ذلك تحدّث سلام عن التسوية الرئاسية، فكرّر الدعوة الى انتخاب رئيس للجمهورية، وقال: «توَسَّم اللبنانيون خيراً في الاسابيع الماضية بإمكانية ان يأخذ هذا الاستحقاق مجراه الطبيعي وتكون أمامه فرصة جدّية لكي نستكمل الجسم اللبناني برأس.

لقد حصَلت حركة كبيرة، بعد جمود دامَ سنة ونصف سنة، وأملُنا جميعاً في ان نخطو خطوات عملية لإنجاز هذا الاستحقاق. يبدو أنّ هناك بعض التعثّر والتأخير». وتمنّى «أن لا تتوقف الحركة وأن ننجزَ شيئاً يعيد الثقة الى هذا الوطن».

وقال: «لا يختلف اثنان في حاجتنا اليوم وفي كلّ لحظة الى انتخاب رئيس جديد للجمهورية. وأنا شخصياً لن أتخلى عن هذه المطالبة، وسأستمرّ بها يوماً بعد يوم وساعة بعد ساعة آملاً في ان يتحقّق الإنجاز.

لكن من جهة ثانية، لا بدّ لي أيضاً من ان أقول إننا في الحكومة، وزراءَ ومجلسَ وزراء، ماضون في تحَمّل مسؤولياتنا، ولن نتوقف مهما واجهنا من عقبات، وهي كثيرة». وجدّد سلام التأكيد «أنّ حكومة من دون مجلس وزراء لا لزوم لبقائها».

لا آفاق مسدودة

ومن جهته، قال البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي الذي كان التقى في بكركي المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم: «بِتنا نَخجل من تعطيل عملية انتخاب الرئيس، ولم نعُد نتحمّل لا داخلياً ولا خارجياً، ومع ذلك نقول ان ليس من آفاق مسدودة، ربّنا يَفتح الأبواب ودائماً أوسع ممّا يتوقع الإنسان»، مؤكّداً إيمانه «أنّ الله يَصنع المعجزات».

«المستقبل»

وقد اعتبَرت كتلة «المستقبل» أنّ استمرار عرقلة التسوية جريمة بحق اللبنانيين. وثمّنَت في بيانها الاسبوعي استمرار التواصل الذي يجريه الحريري مع الأطراف السياسية للعمل على إنهاء الشغور الرئاسي وإعادة تفعيل المؤسسات الدستورية». وكرّرت التأكيد «أنّ الوجهة المركزية والأساسية للقوى والشخصيات السياسية اللبنانية، يجب أن تنصَبّ على مهمَّة واحدة لها الأولوية على ما عداها وهي مهمَّة انتخاب الرئيس الجديد بلا أيّ تأخير أو تردّد».

التحالف السعودي

على أنّ الجديد الذي أثارَ بَلبلة وجدلاً في الوسط السياسي أمس هو إعلان السعودية بلسان وليّ وليّ العهد ووزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان عن تشكيل تحالف عسكري إسلامي لمحاربة الإرهاب بقيادتها ومشاركة 34 دولة أخرى بينها لبنان. وسط تساؤلات عن الجهة التي أعطت الموافقة على انضمام لبنان الى هذا التحالف فيما رئيس الجمهورية غائب والحكومة لا تجتمع. وقد اعتبَر البعض أنّ رئيس الحكومة تَفرّد في اتّخاذ الموقف، فيما الانضمام الى ايّ حلف دولي هو من الصلاحيات الحصرية لرئيس الجمهورية.

وأوضَح المكتب الإعلامي لسلام أنّه «تلقّى اتّصالاً من القيادة السعودية لاستمزاج رأيه في شأن انضمام لبنان إلى التحالف العربي الإسلامي. وقد أبدى دولته ترحيباً بهذه المبادرة انطلاقاً من كون لبنان على خط المواجهة الأمامي مع الإرهاب، حيث يخوض جيشه وجميع قواته وأجهزته الأمنية معاركَ يومية مع المجموعات الإرهابية التي مازالت إحداها تحتجز تسعة من العسكريين اللبنانيين.

وإذ ذكّرَ سلام بأنّ حكومة «المصلحة الوطنية» شدّدت في بيانها الوزاري الذي نالت على أساسه الثقة، على الأهمّية الاستثنائية التي توليها «لمواجهة الأعمال الإرهابية بمختلف أشكالها، واستهدافها بكلّ الوسائل المتاحة للدولة»، فإنّه أكّد «أنّ أيّ خطوات تنفيذية تترتّب على لبنان في إطار التحالف الإسلامي الجديد سيتمّ درسُها والتعامل معها استناداً إلى الأطر الدستورية والقانونية اللبنانية».

الحريري

بدوره، أشاد الرئيس سعد الحريري بالإعلان السعودي واصفاً إيّاه بأنّه «خطوة تاريخية في الطريق الصحيح، للتعامل مع معضلة سياسية وأمنية وفكرية باتت تشكّل عبئاً خطيراً على صورة الإسلام الحضارية والإنسانية وتُهدّد الوجود الإسلامي وتعايُشَه مع المجتمعات العالمية».

الخارجية تنفي

أمّا وزارة الخارجية فنَفت عِلمَها بموضوع إنشاء التحالف، وأكّدت «أنّها لم تكن على عِلم، لا مِن قريب ولا من بعيد، بموضوع إنشاء تحالف إسلامي لمحاربة الإرهاب، وأنّه لم يَرد إليها في أيّ سياق وأيّ مجال أيُّ مراسلة أو مكالمة تشير إلى موضوع إنشاء هذا التحالف، وأنّه لم يتمّ التشاور معها، لا خارجياً كما تفرضه الأصول، ولا داخلياً كما يفرضه الدستور».

قزّي

وفيما لوحِظ أنّ «حزب الله» لم يقارب موضوع التحالف لا من قريب ولا من بعيد، أكد وزير العمل سجعان قزي انّ لبنان غير مشارك في هذا التحالف. وأوضح انّ الانضمام الى حلف خارجي، وعسكري تحديداً، يتطلب قراراً يتّخذه مجلس الوزراء في غياب رئيس الجمهورية .

وقال: «نحن مع أيّ تحالف ضد الإرهاب ولكنْ نتمنّى ان يكون هناك حلف واحد لا ديني، لا إسلامي ولا مسيحي، لأنّ التحالفات ذات التسمية الدينية من شأنها تعميق النزاعات المذهبية والدينية التي تجتاح الشرق الأوسط.

وشدّد وزير العمل على «أنّ الحكومة اللبنانية ليست على علم بهذا الامر، وخلاف ذلك لا يزال تمنّيات». وأضاف: قد نشارك أو لا نشارك، موضوع آخر، ولكنّ الحكومة لم تتّخذ قرارَ المشاركة، فلبنان ليس دولة إسلامية ولا مسيحية لكي ينضمّ الى حلف إسلامي أو مسيحي».

وقال: «لقد تأكّدتُ أنّنا لسنا عضواً في هذا التحالف، وحتى سفارتُنا في السعودية ليست على عِلم بذلك، فهناك ألفُ حِلف وحلف ضد «داعش»، فيما «داعش» تَقوى. فالمطلوب حِلف واحد جدّي وفعّال.

الجبير

وكان وزير الخارجية السعودي عادل الجبير أعلنَ «أنّ التحالف يهدف إلى محاربة التطرّف من خلال تبادل المعلومات والتدريب وتقديم المساعدة للدوَل التي تعاني من أنشطة إرهابية، ونشر قوات إذا لزمَ الأمر». وأوضَح «أنّ هيئة التحالف الجديدة التي سيكون مقرّها العاصمة السعودية، ستضمّ، بالإضافة إلى القادة العسكريين، علماءَ دين وخبَراء في العلاقات العامة وقادةً سياسيين».

وأشار إلى «أنّ التحالف سيَعمل على ثلاثة أبعاد، أوّلها قطعُ الدعم المالي عن المجموعات المتشدّدة، والمواجهة العسكرية، وأخيراً محاربة الأيديولوجية المتطرّفة». ورحّب بمشاركة مزيد من الدول في التحالف، مشيراً إلى «أنّ الانضمام إليه يتوقّف على رغبة كلّ دولة».

ترحيل النفايات

وفي ملف النفايات، تجتمع اللجنة المختصة في السراي الحكومي بَعد ظهر اليوم لإرفاق الأرقام بتكاليف خطة ترحيل النفايات. وفي ضوء هذا الاجتماع يحدّد رئيس الحكومة موعداً لانعقاد جلسة مجلس الوزراء.

وعشيّة الاجتماع، قال وزير الزراعة أكرم شهيّب لـ«الجمهورية»: «لا أحد يَعلم بالأرقام إلّا رئيس الحكومة، وأهمّية هذه المرحلة من جهة البحث في الحلول لأزمة النفايات أنّها بقيَت سرّية، وحافَظنا على سرّيتها من أجل إنجاح الخطة، ونأمل في أن تُكشَف كلّ الأمور أمام الجميع خلال الجلسة، ومجلس الوزراء هو صاحب القرار النهائي، ومَن لديه حلّ آخر فليقدّمه لنا».

وأضاف: «عمِلنا على الملف بمستوى عالٍ من الجدّية وأتمَمنا كلّ الخطوات القانونية والإدارية والمالية، هذا الحلّ وصَلنا إليه بعد تعطيل الخطة السابقة، ومَن سيقدّم حلّاً بديلاً آنيّاً وسريعاً نحن جاهزون لكي نستمع إليه.

نتوقّع أن يُصار إلى عقد جلسة لمجلس الوزراء في أسرع وقت ممكن بعد اجتماع اليوم الذي سيَضع اللمسات الأخيرة على خطة ترحيل النفايات. همُّنا الأوّل كان أن تأتي الأرقام من ماليّة الدولة والمكلّف اللبناني بأسرع وقت وبأعلى شفافية، وقد عملَ وزير المال علي حسن خليل على مدى يومين لإتمام هذا الأمر».