IMLebanon

برّي: سأكون أوّل المدافعين عن الحكـومة وسلام إلى السعودية غداً

 

السباق بين التعطيل والتسوية يسير على قدم وساق على رغم أنّ المواقف السياسية التي حفلت بها عطلة نهاية الأسبوع دَلّت الى أنّ التصعيد ما زال سيّد الموقف، وإذا كان من رهان فسيبقى على ربع الساعة الأخير الذي يضع كل القوى السياسية أمام مسؤولياتها في اللحظة الحساسة التي يجتازها لبنان والمنطقة. ولكن لغاية اللحظة لا يمكن الكلام عن أيّ تطور إيجابي، حيث أنّ رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون يتمسّك بالربط بين مصير المدير العام لقوى الأمن الداخلي وقائد الجيش، فيما «المستقبل» يدعو إلى الفصل بين الموقعين في ظل بروز مسعى جديد لترحيل الخلاف إلى شهر أيلول من أجل حسم الموقعين معاً، خصوصاً أنّ الأشهر المقبلة قد تشهد انقشاعاً في الرؤية بعد توقيع الاتفاق النووي نهائياً، غير أنّ عون ما زال مصرّاً على الحسم اعتباراً من اليوم، الأمر الذي يجعل جلسة اليوم أو الخميس المقبل كحدّ أقصى مفتوحة على شتى الاحتمالات ربطاً بالتعيينات. وتفيد المعلومات أن لا استقالة للحكومة، وأنّ أقصى ما يمكن أن تشهده اعتكافاً لوزراء «التيار الوطني الحر» وتضامن وزراء «حزب الله» حصراً معهم، ولكنّ اللافت أمس ما نقله زوّار رئيس مجلس النواب نبيه برّي عنه من أنه سيكون في طليعة المدافعين عن الحكومة، من دون الكلام عن الخلاف حول موضوع عرسال الذي شهد مقاربات هادئة في الكواليس خلافاً للمواقف المعلنة في ظل وجهة نظر تدعو للفصل بين عرسال وجرودها، ووجهة نظر أخرى ترفض إعطاء أيّ غطاء لعمل أمني في هذه المنطقة، فضلاً عن أنّ «المستقبل» أعطى إشارة واضحة أخيراً بأنه يرفض الخضوع والتسليم لأيّ ابتزاز حكومي أو من أيّ نوع كان.

عشيّة توجّهه الى الممكلة العربية السعودية حيث ستعقد اللقاءات اللبنانية – السعودية غداً، يترأس رئيس الحكومة تمام سلام جلسة مفصلية لحكومته في ظل ترجيحات بترحيل الخلاف وما سيستتبعه اليوم في موضوعي التعيينات وعرسال إلى ما بعد عودته من جدة، لأنه خلاف ذلك يعني الإصرار على تكرار المشهد نفسه تقريباً مع حكومة الرئيس سعد الحريري واستقالة وزراء 8 آذار لحظة دخوله إلى البيت الأبيض، ما يعني أنّ المقصود أبعد من التعيينات وعرسال، ويشكّل رسالة إلى «المستقبل» والرياض بالردّ العملي والأوّلي في لبنان على «عاصفة الحزم» وتطورات الميدان السوري. لكنّ السؤال الذي يطرح نفسه: هل من مصلحة «حزب الله» سورنة لبنان وعرقنته؟ وفيما لا يبدو أنّ الحزب في هذا الوارد اليوم، فإنّ معظم التوقعات تؤشّر إلى أنّ الاعتكاف أو الاستقالة ليس بالضرورة أن يعنيا خروج الأمور عن السيطرة.

اتجاه لترحيل الخلاف

ومن الواضح أنّ البحث في قيادة الجيش غير وارد من اليوم، حيث أنّ تقصير ولاية قائد الجيش مرفوض، والأمر غير قابل للبحث قبل الأسبوع الأخير من أيلول المقبل. وأمّا لجهة المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء ابراهيم بصبوص الذي تنتهي ولايته في الخامس من حزيران الجاري، فالإتجاه هو الى ترحيل هذا الملف الى الخميس المقبل، حيث ستكون آخر الجلسات التي تسبق نهاية ولايته، وإذا بقيَ الوضع على حاله في تلك الجلسة فقرار تأجيل التسريح سيكون جاهزاً.

برّي

ورداً على سؤال عن المخاوف على مصير الحكومة بسبب الخلاف على ملفّي عرسال والتعيينات العسكرية والامنية، قال بري أمام زوّاره أمس: «إنني سأدافع عن الحكومة بكلّ ما أوتيتُ من قوة، فعندما عطّلوا مجلس النواب راعَيتُ الموقف الماروني ولم أدعو الى جلسات تشريعية مع انّ نصاب هذه الجلسات مؤمّن، ولم أذهب في رفع السقف الى الحد الأقصى حتى لا يبدو الأمر انني أدافع عن المؤسسة التي أترأسها. أمّا بالنسبة الى الحكومة الآن، فإنني سأكون في مقدّم المدافعين عنها».

واعتبر برّي انّ «ملف عرسال البلدة هو قيد المعالجة، وقد باشَر الجيش إجراءاته في بعض أحيائها، فقضيتها كبلدة شيء وجرودها شيء آخر، وقد سحب ملف البلدة من الحساسية المذهبية، والجيش هو المسؤول عن أمنها.

امّا بالنسبة الى جرود عرسال، فأنا على رأس السطح قلتُ واقول: إنّ ايّ شبر محتلّ من الاراضي اللبنانية جنوباً او شرقاً او حتى غرباً في البحر، من حق الدولة والجيش والشعب والمقاومة تحريره وعدم الإبقاء على الاحتلال، وأنا مع المقاومة في كل مكان محتلّ».

وعندما قيل له إنّ فريق 14 آذار يقول انّ الحدود في عرسال متداخلة وتحتاج الى ترسيم بين لبنان وسوريا، أجاب: «إنني أقبل بترسيم اهل عرسال فهم خير من يعرف حدود اراضيهم، فعرسال بلا جرودها تختنق. إذ إنّ في تلك الجرود مصالح كثيرة لأهالي البلدة يعتاشون منها».

ورداً على سؤال حول موضوع التعيينات العسكرية والامنية، قال بري: «في موضوع الجيش، أذكّر الجميع بأنّني خلال الحرب قاتلتُ من أجل العلم اللبناني ورفعتُ هذا العلم، ولا أقبل الآن بتعريض المؤسسة العسكرية لأيّ خضّة.

وفي هذا السياق اكرّر ما قلته ولا أزال، إنني مع التعيين في المواقع العسكرية والامنية، ولكن اذا لم يحصل هذا التعيين فلا بد من التمديد تلافياً للفراغ. ثم لماذا يُطرح موضوع تعيين جديد قائد للجيش الآن فيما ولاية العماد جان قهوجي تنتهي في أيلول وفي الوقت الذي يخوض الجيش مواجهة كبيرة مع الارهاب؟!

واذا افترضنا انّ التعيين تَمّ الآن فهل يصبح للجيش قائدان؟ إنّ مثل هذا الامر ليس في مصلحة الجيش، ومن الآن وحتى ايلول لا يزال هناك وقت طويل، فهل المطلوب تنحية قائد الجيش الآن، ولماذا طالما انّ ولايته لم تنته؟ وحسناً فعل وزير الداخلية في طرحه البَتّ بموضوع اللواء ابراهيم بصبوص في المديرية العامة لقوى الامن الداخلي سواء بالتمديد له او بتعيين ضابط جديد مكانه حيث انّ ولايته تنتهي في 5 حزيران».

درباس

ومن جهته أوضح وزير الشؤون الإجتماعية رشيد درباس لـ»الجمهورية» أنّ وزراء «14 آذار» والرئيس سلام سينتظرون ما إذا كان وزيرا الداخلية والدفاع المشنوق ومقبل سيقدّمان أسماء لمركز قوى الأمن الداخلي وقيادة الجيش، وقبل ذلك لا يمكننا أن نعطي رأينا في التعيينات الأمنية ونَستبق الجلسة»، مشيراً الى انّ «الفريق الآخر مُتشبّث برأيه ولا شيء يوحي بالخير».

وأكّد درباس أنه «يجب بحث ملف عرسال من زاوية واقعية». وقال: «هناك وكر دبابير في جرود عرسال، والجيش اللبناني نجح في السيطرة عليه، فلماذا نُحركش به ونستدعيه إلينا؟»، معتبراً أنّ «الجيش نجح في فصل عرسال والـ 80 ألف نازح عن جرودها والمقاتلين، والدليل عدم إدخال أيّ جريح الى المخيمات طيلة معركة القلمون، كما انّ المناطق التي يسيطر عليها المسلحون هي جبال وعرة لا أهمية استراتيجية لها، واستعادتها تتطلّب دخول كل الجيش اللبناني في معركة استنزاف، فما غاية البعض من هذا التوريط؟». وأكّد درباس انّ جلسة اليوم هي «جلسة تأجيل المشكل الى ما بعد عودة الرئيس سلام من السعودية، لأنه لا حسم في ملف التعيينات وعرسال».

مشروع حلّ قد يُطرح اليوم

وعشيّة الجلسة قالت مصادر واسعة الإطلاع انّ البحث سيستأنف في ملف عرسال وجرودها على خلفية المقترحات التي استعرضها الوزراء في الجلسة الأخيرة، في محاولة لتوحيد الرؤية والقراءة بشأن المخاطر الناجمة عن الوضع في هذه المنطقة.

وعلى رغم المواقف المتباعدة والمتناقضة، قالت مصادر وزارية لـ«الجمهورية» إنه ليس مستبعداً ان يتوصّل المجلس الى رؤية واحدة بشأن الوضع في عرسال على أن يُترك للجيش وحده تقدير الموقف بما لديه من معطيات إستخبارية وعلى الأرض، مع الإشارة الى انّ فريقاً وزارياً يريد تجنيب أيّ تداعيات لهذا الملف على مصير العسكريين المخطوفين والمفاوضات الجارية لتحريرهم.

وفي هذه الأجواء قالت مصادر مطلعة لـ«الجمهورية» انه إذا بقي النقاش هادئاً في الجلسة، هناك مشروع حلّ سيقترحه أحد الوزراء يقضي بالسماح لفتح ممر الى القصير وريف حمص ليعود اليهما المسلحون والنازحون المتواجدون في مخيمات عرسال، ولكن ما يحول دون هذا المشروع، وفق المصادر نفسها، انّ النظام يرفض الى اليوم إعادة ايّ من النازحين الى تلك القرى، لأنهم من المعارضين الذين لا يمكن القبول بعودتهم الى القرى المحررة، خصوصاً انّ مسلّحي القلمون الشمالي هم من أبناء العائلات التي تقطن المخيمات في عرسال ومحيطها، وانّ نقلهم كمدنيين ربما سيسمح لهم بالعودة الى حمل السلاح، وعندها ستذهب «جهود التحرير» هَباء.

أوساط عشائرية

وفي غضون ذلك، إرتفعت وتيرة التوتّر في البقاع، وأعلنت عشائر بعلبك – الهرمل وعائلاتها تشكيل لواء القلعة، مؤكّدين بأنهم لن يسمحوا بوجود ايّ تكفيريّ في الجرود.

وفي هذا السياق، شرحت أوساط عشائريّة لـ»الجمهورية» خلفية هذا القرار، وأكدت أنّ «العشائر ملتزمة بأيّ قرار يصدر عن الأمين العام لـ «حزب الله» السيّد حسن نصرالله»، مُوضحة انّ «قرار تشكيل لواء مقاتل أتى بعد ارتفاع تهديد الخطر التكفيري».

لكنها اوضحت أنّ «تأليف لواء مقاتل، إضافة الى اللقاءات التي تحصل في بعلبك والهرمل، تأتي في سياق ضغط شعبيّ يمارس على الحكومة عشيّة جلساتها التي تبحث وضع عرسال، ومن أجل أن تأخذ الحكومة قراراً حازماً وحاسماً بتطهير عرسال وجرودها من المسلحين».

واكدت المصادر انّ هذه الخطوة «أتت بالتفاهم بين العشائر و»حزب الله»، فللعشائر كيان مستقلّ لكنه في الوقت نفسه هناك أفراد منها يقاتلون في «حزب الله» ويقودون معارك، وإنّ الطرفين متفقان على الخطر الذي يأتي من المسلحين في الجرود، كذلك فإنّ هذه الخطوة تخدم استراتيجية «حزب الله»، لذلك فإنه لم يرفض مثل هذه الخطوة.

عسيري

وعشيّة سفر سلام إلى جدة، رأى سفير المملكة العربية السعودية في لبنان علي عواض عسيري أنّ زيارة سلام للسعودية «تأتي في ظروف ومستجدات إقليمية صعبة، تعكس مدى أهمية استمرار التشاور بين قيادات البلدين الشقيقين، وتبادل الآراء والأفكار لا سيما في هذه المرحلة التي تشهدها المنطقة».

وذكر أنّ سلام سيلتقي خلال الزيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وكبار المسؤولين السعوديين، «لتقديم الشكر باسم الدولة اللبنانية على الهِبة التي قدمتها المملكة للجيش اللبناني، والتي بدأت دفعات منها بالوصول، إضافة إلى المواقف الأخوية التي تتخذها قيادة المملكة تجاه لبنان وشعبه الشقيق على كافة الصعد».

وأشار إلى انّ الوزراء الذين سيرافقون سلام ضمن الوفد الرسمي، سيلتقون نظراءهم في المملكة «بما يُتيح الفرصة لتعزيز التواصل بين الوزارات في كلا البلدين، ويعود بالنفع على العلاقات المؤسساتية والإسهام في تسهيل أمور المواطنين».

وأضاف: «ستشكّل الزيارة مناسبة لتأكيد قيادة المملكة على متانة العلاقات الأخوية التاريخية التي تربط الدولتين والشعبين الشقيقين، وعلى دعم الحكومة اللبنانية وكافة مؤسسات الدولة وفي طليعتها رئاسة الجمهورية، حيث تحضّ المملكة كافة القوى السياسية اللبنانية على التوافق وانتخاب رئيس جديد في أقرب فرصة ممكنة، إضافة إلى تفعيل الحوار الداخلي، وتغليب المصلحة العليا للبنان على كافة المصالح عبر إبعاده عن التوترات المحيطة به، وتهدئة الساحة الداخلية وعدم استجلاب مواضيع خلافية خارجية لا علاقة للبنان بها».

الخارجية تحذّر والسفارة توضِح

وفي الوقت الذي حذّرت الخارجية الأميركية المواطنين الأميركيين من السفر إلى لبنان بشكل كامل نتيجة استمرار القلق على أمنهم وسلامتهم، ذكرت بأنّ مواطنين أميركيين اثنين توفّيا في تفجيرات، وتعرّضَ اثنان لعمليات خطف.

وإذ أشارت إلى مجموعة من الأحداث الأمنية التي شهدها لبنان في الآونة الأخيرة، ومنها معركة عرسال، أوضحت مصادر في السفارة الأميركية في بيروت لـ«الجمهورية» أنّ الهدف من وراء البيان الأخير «أن نوفّر المعلومات الدقيقة عن عدد المواطنين الاميركيين الذين كانوا ضحايا لحوادث خلال السنة الماضية في لبنان، وأن نعكس في الوقت نفسه الواقع الأمني في لبنان الذي فرضَ تبدّلاً في التركيز من التفجيرات الى الوضع في عرسال والتوترات في مزارع شبعا».

وأمّا لجهة الأسباب الكامنة وراء هذا التغيير، فقالت المصادر: «رأينا انه من المهمّ أن نوفّر لمواطنينا معلومات واضحة حول المخاطر المحدقة، وبالتالي هذا التحديث في المعلومات يعكس التغييرات الموضوعية التي استجَدّت أمنياً واستدعَت تسليط الضوء على الوضع الأمني المستجِد»، ولكنها لفتت إلى أمر إيجابي يُدلّل على التقييم الموضوعي للواقع اللبناني، حيث أشارت إلى انه «لم يكن هناك أيّ تفجيرات منذ العام الماضي»، وقالت إنّ «الشكر في هذا المجال يعود للنجاحات التي حقّقها الجيش اللبناني والأجهزة الأمنية».