Site icon IMLebanon

«التيار» يرفض خفض سقف مطالبه.. وموقف لسلام متوقّع نهاية الأسبوع

مِن الشغور في موقع الرئاسة الأولى إلى الشَلل الذي أصابَ عملَ السلطتين التنفيذية والتشريعية، يتمظهر المشهد التعطيلي في البلاد، ويتكرّس يوماً بعد آخر نتيجةَ رفضِ «التيار الوطني الحر» خفضَ سقفِ مطالبِه، ورهنِ مشاركته في أيّ جلسةٍ لمجلس الوزراء بطرحِ ملفّ التعيينات العسكرية والأمنية بنداً أوّلاً على جدول الأعمال، وتأكيد الطرَف الآخر في المقابل أنّ رئيس الحكومة صاحبُ الصلاحية في الدعوة إلى أيّ جلسةٍ وتحديد جدوَل أعمالها.

ووصَف رئيس مجلس النواب نبيه برّي أمام زوّاره أمس المرحلة بأنّها «مرحلة ترَوّي» على مستوى معالجة أزمة التعطيل الحكومي، وقال أنْ لا جلسة لمجلس الوزراء راهناً، وإنّ رئيس الحكومة تمّام سلام يُجري اتّصالاته في هذا الصَدد لأنّه المعنيّ الأوّل بمعالجة الأزمة الحكومية، وأشار إلى أنّه لا يستطيع التأكيدَ ما إذا كانت مرحلة الترَوّي هذه ستستمرّ طوال شهر رمضان المبارك الذي يبدأ غداً.

وردّاً على سؤال، قال برّي: «في الأوضاع الطبيعية إنّ رئيس الحكومة هو مَن يَضع جدولَ أعمال جلسة مجلس الوزراء ويُطلِع رئيس الجمهورية عليه، والآن في ظلّ الشغور الرئاسي وتوَلّي مجلس الوزراء صلاحيات رئاسة الجمهورية وكالةً فإنّ رئيس الحكومة هو مَن يضَع جدولَ أعمال جلسات مجلس الوزراء، ولا يحقّ لأيّ وزير التدخّل في هذا الجدول، ولكنّه يستطيع الاعتراض داخل الجلسة».

ومازحَ برّي زوّارَه واصفاً جلسة الحوار التي انعقدَت أمس الأوّل في عين التينة بين «حزب الله» وتيار «المستقبل» بأنّها كانت «جلسة مُدسِّكة»، إذ إنّ كلّاً مِن وزير المال علي حسن خليل ووزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق والمعاون السياسي للأمين العام لحزب الله الحاج حسين الخليل يعانون من «الديسك». وأضاف ممازحاً أنّه بَعث برسالة إلى رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط تحت عنوان «عدالة الديسك» وتمنّى خلالها «أن يكون الديسك عابراً لكلّ الطوائف وليس للقوى السياسية فقط».

وأشار بري إلى أنّ المتحاورين بَحثوا في مواضيع انتخابات رئاسة الجمهورية والتعطيل الحكومي والنيابي، وأكّد أن «لا جديد على صعيد الاستحقاق الرئاسي ولا على صعيد معالجة تعطيل التشريع وتعطيل جلسات مجلس الوزراء.

سلام

في هذا الوقت، واصَل رئيس الحكومة تمام سلام إجراءَ الاتصالات اللازمة لإيجاد مخرج للأزمة الحكومية. وأشارت مصادره إلى «أنّ البحث في المرحلة المقبلة متوَقّف على الانتهاء من زيارته إلى القاهرة، وبعدها يكون لكلّ حادث حديث».

وعلمَت «الجمهورية» أنّ تعديلات أجريَت أمس على برنامج الزيارة، والتي ستبدأ بلقاء الرئيس المصري عبد الفتّاح السيسي، يَليه لقاء مع شيخ الأزهر، ثمّ رئيس الحكومة ابراهيم محلب الذي سيولِم لسَلام والوفد الوزاري المرافق عقبَ المحادثات الموسّعة بينهما.

وبعد الغداء يَلتقي سلام الأمين العام لجامعة الدوَل العربية الدكتور نبيل العربي، فبطريرك الكرازة المرقسية للأقباط الأرثوذكس تواضروس الثاني.

وقالت مصادر الوفد المرافق لسَلام إنّ المحادثات ستتناول العلاقات اللبنانية ـ المصرية على كلّ المستويات، ولا سيّما منها المستوى الاقتصادي والتجاري، والتطوّرات في العالم العربي من مشرقِه إلى مغربه عموماً، وفي سوريا واليمن خصوصاً، وانعكاسات ما يجري على لبنان.

وقالت مصادر وزارية في 14 آذار لـ«الجمهورية» إنّه لا بدّ أن يكون لسَلام موقف في نهاية الأسبوع الجاري، فهناك مَن يضغط في اتّجاه دعوة مجلس الوزراء إلى الانعقاد الأسبوع المقبل وسط حديث عن مقاربة جديدة تضمَن وجودَ الوزراء جميعاً في الجلسة طالما إنّ البحث في موضوع جدول الأعمال ومضمونه لا يتمّ سوى على الطاولة وليس في الصحف ووسائل الإعلام وبالمراسلة الصحافية.

«8 آذار»

في غضون ذلك، علمَت «الجمهورية» أنّ هناك توَجّهاً لدى فريق 8 آذار لإيجاد طريقةٍ تُوائمُ بين مطالبِ رئيس تكتّل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون وتأكيد المشاركة المسيحية في الدولة، وبين الحفاظ على الحكومة التي لا بدائلَ منها راهناً لتسيير شؤون الناس.

وفي هذا السياق، كشفَت مصادر مطّلعة على موقف «حزب الله» لـ«الجمهورية» أنّ الحزب يبحث في سُبل تحقيق مطالب عون، وفي الوقت نفسه الإبقاء على الحكومة التي تُعَدّ الإطاحة بها اليوم أمراً شديد الخطورة.

إلّا أنّ المصادر نفسَها أكّدَت أنّ الحزب إذا وجَد نفسَه موضوعاً أمام خيارَين: إمّا عون، وإمّا الحكومة، فإنّه سيَختار عون بالتأكيد.

وفي المعلومات أنّ فريق 8 آذار سيُمارس ضغطاً على الحكومة ورئيسِها لتنفيذ مطالب عون، إلّا أنّ هذا الضغط لن يصلَ إلى حدّ إسقاطها، بل ستتدرّج الضغوط في مسار تصاعديّ لعرقلةِ عمل رئيس الحكومة وإزعاجه. وتتراوح أشكال الضغوط بين مقاطعة جلسات مجلس الوزراء أو الامتناع عن توقيع مراسيم، والتدخّل في صوغِ جدوَل الأعمال في خطوةٍ أولى لإزعاج رئيس الحكومة.

«التكتّل»

وكان تكتّل «التغيير والإصلاح» اعتبَر أنّ رئاسة الجمهورية «مصادَرة من قراصنةٍ يَتنكّرون لمَن يمَثّل المُكوّنَ المسيحي أوزَنَ تمثيلٍ بمعايير الديموقراطية والتمثيل الشعبي، حيث يتمّ إقصاؤه بنحوٍ متكرّر لكي لا يستقيمَ الحكم بعد الطائف، ولكي يستمرّ الانقلاب عليه بأبشع صوَر وأشكال التسلّط، والاستئثار بالسلطة، ومخالفة الميثاق والدستور والقانون».

وأكّد «التكتّل» في اجتماعه الأسبوعي أنّه هو مَن يطالب بانعقاد مجلس الوزراء، وناشَد سلام الدعوة إلى جلسة «لوضعِ حدّ لاختزال السلطة الإجرائية». وإذ لفتَ إلى أنّ مهلة تأجيل تسريح رئيس الأركان في الجيش تنتهي في 7 آب سأل: «هل ستتكرّر المخالفة، ونتمادى في انتهاك الدستور والقانون؟». وطالبَ بـ»إعادة الحصانة والهيبة إلى المؤسسة العسكرية وفكّ أسرِ القيادة، فالدستور قد حصّنَها بأكثرية موصوفة تعييناً وإقالةً».

«المستقبل»

ومِن جهتها، كتلةُ «المستقبل» أسفَت «لأن يكون دور وتأثير «حزب الله» وأعوانه في لبنان ينحصر في الجوانب السلبية، عبر تشجيع استمرار تعطيل المجلس النيابي والعمل الحكومي». وحَمّلت «الحزب» المسؤولية عن «الحال التي أصبَح عليها الاقتصاد اللبناني»، مشيرةً إلى أنّه «يستمر في تأمين الغطاء السياسي لتكتّل «الإصلاح والتغيير» الذي يربط مصيرَ البلاد ومصيرَ العيش المشترَك الإسلامي ـ المسيحي بمصالح شخصية وعائلية ضيّقة ومحصورة».

الحوت

وفي المواقف، قال نائب «الجماعة الإسلامية» عماد الحوت لـ«الجمهورية»: «إنّ الأزمة مرشّحة لأن تطولَ بعض الشيء بسبَب عنصر التعطيل الذي يَعتمده البعض لتحصيل مكتسَبات سياسية خاصة، لكنّ المشكلة الآن هي أنّ عنصر التعطيل زاد معنىً إضافياً، لم يكن فقط من أجل فرضِ رؤيةٍ سياسية خاصة، فهناك مَن يَدّعي أنّه هو يحلّ محلّ رئيس الجمهورية وأنّه هو رئيس الجمهورية في الحكومة، وهذا معنى خطير جداً، أن يختصرَ أحدُ الأفرقاء المسيحيين التمثيلَ المسيحي بنفسِه ويَعتبر أنّ بقيّة المسيحيين غيرُ موجودين، ثمّ يَختصر بعد ذلك جميعَ اللبنانيين وارتباطَ رئاسة الجمهورية بهم، ليعتبرَ أنّه هو وحدَه يُمثّل رئاسة الجمهورية، وهذا أمر خطير، وينبغي على رئيس الحكومة أن يسارع إلى دعوةِ مجلس الوزراء للانعقاد لكي يتحمّل كلّ فريق مسؤوليّاته من جهة، ولتأكيد الصلاحيات من جهة ثانية».

الوضع الأمني

أمنيّاً، علمَت «الجمهورية»، وفقَ معلومات عسكرية، أنّ «الجيش اللبناني راقبَ مجموعةً كبيرة مِن مقاتلي «داعش» كانت تستعدّ لشَنّ هجوم في أعالي وادي حميّد من نقطة بعيدة من مخيّمات النازحين السوريين الموجودين خارجَ الطوق الذي يفرضه الجيش ويعزلُ من خلاله عرسال عن الجرد، فرصَد الجيش تحرّكَهم جيّداً واستهدفَهم بالمدفعية الثقيلة مانِعاً هجومَهم على مراكزِه في عرسال، وأوقعَ عدداً كبيراً منهم بين قتيل وجريح.

وتحدّثت معلومات عسكرية أنّ مِن بين القتلى أمير تنظيم «داعش» في القلمون «أبو بلقيس» البغدادي، لكنّه لم يتسَنَّ للجيش التأكّد نهائياً من هذه المعلومات لأنّ الاستهداف كان في نقطة بعيدة من مراكزه».