IMLebanon

الآلية تُراوح والمساعي للمعالجة مُستمرة والحريري يستعجل الرئيس

أظهر الفراغ الرئاسي أنّ انتظام عمل المؤسسات الدستورية غير ممكن قبل انتخاب رئيس جديد. فتعديل الآليّة، إنْ حصلَ، سيشكّل علاجاً موضعياً وموَقّتاً، لأنّ الأزمة ستطلّ برأسها مجدّداً من المؤسسة نفسِها أو من غيرها، كون الفراغ أدخلَ الشللَ إلى كلّ المؤسسات، وبالتالي المعضلة الأساسية ليست في الحكومة وشكل الآليّة، بل في الشغور الرئاسي. واللافت أنّ المناخات الحوارية التي لم تعرف البلاد مثيلاً لها منذ العام 2005 لم تفلِح بحلّ الأزمة الرئاسية ومن ثمّ الحكومية، فيما الهدف الأساس الذي وضعَه رئيس الحكومة تمّام سلام من أجل وضع آليّة جديدة يُزاوج بين تجاوز التعطيل الذي وصلَ إلى حدّ لا يُطاق، وبين إبقاء العنوان الرئاسي متصدّراً المشهدَ السياسي، لأنّ مجلس الوزراء تحوّلَ في الجلسات الأخيرة إلى مؤسسة لا تمارس حتى تصريف الأعمال، وبالتالي من هذا الباب كان رفع الصوت من أجل تسيير شؤون البلاد والعباد.

المواقف من موضوع الآلية ما زالت على حالها، فلا تغيير ولا تبديل، ولم يطرأ أيّ عامل جديد يمكن أن يشكّل خرقاً في الأزمة الحكومية المستجدّة. ولكن في المقابل الحوار غير مقطوع، والمساعي بين كلّ القوى من أجل التوصّل إلى صيغة ترضي الجميع ما زالت مستمرّة.

والرئيس سلام الذي نجَح منذ التكليف والتأليف في تجاوز عراقيل وصعوبات بالجملة، أكّد أمام كلّ مَن التقاه أنّه لن يوفّر جهداً من أجل تجاوز الأزمة الأخيرة، خصوصاً أنّ التواصل القائم بين معظم القوى السياسية يشكّل عاملاً مساعداً في هذا المجال.

وقد نال سلام أمس جرعة دعم قوية من الرئيس سعد الحريري الذي زاره في السراي، وقد أظهر اللقاء وجود تكامل وتطابق في المواقف، وتفهم وتفاهم على ملفات المرحلة وتحدياتها.

وفي حين تأملُ بعض القوى السياسية أن تشكّل الأزمة الأخيرة مدخلاً لتسريع الانتخابات الرئاسية، إلّا أنّه في ظلّ غياب أيّ معطى جديد داخليّ أو خارجي يصعب توقّع تحقيق أيّ اختراق على هذا المستوى، الأمر الذي سيُبقي التركيز على حلّ الأزمة الحكومية.

فالتحدّي الأساس أمام كلّ القوى المتحاورة اليوم هو في إعادة تنشيط العمل الحكومي وتفعيله، بانتظار أن تسمح الظروف بانتخاب رئيس جديد، لأنّ ما سوى ذلك سيُبقي أيّ إنجاز مجرّدَ تفصيل في الفراغ الزاحف والمشهد التعطيلي الذي لا يتلاءَم مع طبيعة المرحلة التي يعيشها لبنان والتي تتطلب مؤسسات قائمة وفاعلة لتظليل الجيش والقوى الأمنية من أجل أن تُواصِل عملها في حفظ الاستقرار وضبط الحدود وحماية اللبنانيين.

برّي

وفي هذا السياق اعتبرَ رئيس مجلس النواب نبيه بري أنّ الفراغ لا يقتصرعلى رئاسة الجمهورية، بل باتت كلّ المراكز شاغرة ومعطّلة، من المجلس النيابي إلى الحكومة، بعدما أصبحَ لدينا 24 رئيس جمهورية و24 رئيس وزراء و24 وزيراً.

ونَوَّه خلال استقباله مجلسَ إدارة نقابة الصحافة برئاسة النقيب عوني الكعكي، بـ»أهمّية حوار المستقبل وحزب الله ودورِه لأنّه ضرورة، أوّلاً للحفاظ على الأمن الاجتماعي وصولاً إلى انتخاب رئيس للجمهورية الذي يبقى هَمّ كلّ اللبنانيين مسيحيّين ومسلمين».

وأكّد أنّ «انتخاب الرئيس هو البَند الأساسي الثاني في الحوار بعد موضوع التصدّي للفتنة الشيعية – السنّية». وأشار من جهة أخرى إلى أنّ «أيّ اتفاق يصل إليه المسيحيون أسيرُ به مثل «البلدوزر». ولفتَ برّي إلى أنّ «90 في المئة من لقائه مع الرئيس سعد الحريري تناوَل موضوع رئاسة الجمهورية، وهناك مباركة للحوار بين رئيس تكتّل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون ورئيس حزب القوّات اللبنانية سمير جعجع».

الحوار من أجل الاستقرار

من جهته، أكّد الحريري أنّ عدم انتخاب رئيس جمهورية لا يؤثّر على رئاسة الجمهورية فقط بل على البلد ككُل، لأنّ البلد من دون رأس لن تستقيم أموره.

وقال أمام وفد من «اللقاء الوطني لبيروت»: «نُحاول من خلال الحوار والمشاورات تحقيقَ الاستقرار، ولكن من دون رئاسة الجمهورية لا وجود لمؤسّسة تجمع اللبنانيين وتحاول تسييرَ أمورهم.

هذا هو دورُ رئاسة الجمهورية، وهذا يؤكّد كم هو حيويّ انتخاب الرئيس، وتركيزُنا اليوم هو لتعبئة هذا الفراغ الذي يؤثّر فعلياً على الجميع، خصوصاً بيروت التي هي مركز القرار والاقتصاد، فإذا حلّ الاستقرار في البلد، فإنّ أوّل مدينة تزدهر وتنتعش هي بيروت». وذكّرَ أنّه حين شارك «في حكومة مع «حزب الله» وأنا خارج للتوّ من المحكمة الدولية، كان ذلك لأجل مصلحة البلد ولأنّ العدالة آتية بإذن الله، عاجلاً أم آجلا».

تأييد مطلق لسلام

وكان الحريري زار رئيس الحكومة تمّام سلام في السراي الحكومي ونَقل إليه تأييدَه المطلق في كلّ ما قام به حتى اليوم.

وقالت مصادر سلام لـ«الجمهورية» إنّهما تشاورَا في مختلف التطورات السياسية والأمنية والحكومية، وأجرَيا جَردةً للمواقف ممّا يجري على الساحة اللبنانية من مختلف جوانبها وتبادَلا وجهات النظر التي كانت متطابقة في كلّ شيء.

وأوضحَت المصادر أنّ الحريري أبلغَ الى سلام حصيلة مشاوراته مع الكتل النيابية والقيادات السياسية، وأجواءَ لقاءاته مع الرئيس برّي ومع رئيس حزب الكتائب أمين الجميّل ونجله النائب سامي، والتي تناولت الأزمة الحكومية بمختلف وجوهها السياسية والحكومية والإدارية.

وأكّدَت المصادر أنّ الحريري كان واضحاً عندما عبّرَ عن تفهّمِه لمواقف سلام، بما فيها تجميد عمل الحكومة في ظلّ الظروف التي رافقَت جلساتها الأخيرة. وشكّلَ اللقاء مناسبةً ليتفاهما على ضرورة توفير الدعم المطلق لتفعيل العمل الحكومي بعيداً من كلّ أشكال التعطيل.

وقالت المصادر إنّ سلام أكّد أمام الحريري وزوّاره أمس أنّه أقدَم على تجميد العمل الحكومي ليوجّه رسالة واضحة إلى كلّ مَن يعنيه الأمر بفداحةِ الوضع وخطورة ما سيَؤول إليه الاستهتار بالعمل الحكومي في هذه المرحلة بالذات، ومخاطر التعطيل على الحياة السياسية والإدارية في البلاد، مشيراً إلى أنّه سعى إلى تدارُك الأخطر.

الجميّل والحريري

وعلمَت «الجمهورية» أنّ لقاءَ الحريري مع الرئيس الجميّل ونجلِه تناولَ التطورات، خصوصاً الحكومية منها، في ضوء المواقف الأخيرة التي رافقَت طرحَ تعديل آليّة عمل مجلس الوزراء. وأكّد الجميّل أنّ الأمور لا يمكن أن تستقيم في ظلّ عدم انتخاب رئيس جمهورية، وهو ما اتّفق عليه الطرفان وعبّر عنه الحريري بوضوح أمام وفد اللقاء الوطني البيروتي ونوّاب من بيروت وفاعلياتها العائلية.

وأكّد الجميّل مجدّداً على المواقف التي أطلقَها من بكركي أمس، مشيراً إلى أن ليس لديه منطقان أو موقفان في هذا الشأن، ونَبَّه إلى مخاطر استسهال الفراغ الرئاسي وتعميمه أو تجاهله إلى أبعد الحدود، كما هو حاصل اليوم.

فرعون

إلى ذلك، استقبلَ سلام وزيرَ السياحة ميشال فرعون الذي قال بعد اللقاء: «إنّ البحث تناولَ شؤوناً سياحية، وتَطرّقنا إلى موضوع الأزمة الحكومية – الرئاسية». كذلك التقى وزير الزراعة أكرم شهيّب.

وقال فرعون لـ«الجمهورية» إنّه كان واضحاً عندما أشار في اللقاء إلى ما سمّاه أزمة مربّعة الزوايا، وهي سياسية – حكومية ـ رئاسية ـ دستورية.

ونبَّه فرعون إلى أهمّية فَهم ما يخطّط له البعض من أجل لبنان وضرورة فَهم موقف معطّلي انتخاب الرئيس العتيد للجمهورية لنَفهم لاحقاً ما يمكن فعله.

ودعا إلى معالجة هذه القضايا بهدوء وترَوٍّ، مؤكّداً «أنّ الاتصالات الهادئة أفضل من الضجيج الإعلامي، فالملفّات المطروحة يمكن معالجتها بعيداً من وسائل الإعلام وعلى صفحات الجرائد»، معتبراً أنّ مشاركتَه في لقاء اليرزة كانت بهَدف التشاور، وقد سجّلنا موقفاً مبدئياً يجب أن لا يفاجئ أحداً».

حلو

إلى ذلك، أوضحَ المرشّح الرئاسي النائب هنري حلو لـ»الجمهورية»، بعد زيارته الحريري والنائب أنطوان أندراوس، في إطار جولاته على مختلف المرجعيات، أنّه تمنّى عليه «أوّلاً أن يبقى بيننا، لأنّ لبنان يحتاج إليه دائماً، خصوصاً في هذه المرحلة، ولا شكّ في أنّ وجوده في البلد يعطي زخماً وطنياً مهمّاً، وهو ما رأيناه فعلاً في الأيام الأخيرة».

وقال إنّه هنّأ الحريري على كلمتِه في حفل «البيال» الذي شاركَ فيه كممثّل عن النائب وليد جنبلاط، وأكّد أنّ الحريري «أثبَت مجدّداً أنّه رجلُ دولة يتصرّف بحكمة ومسؤولية ويتعالى على كلّ الاعتبارات من أجل مصلحة البلد».

وأضاف حلو: «على رغم كلّ الاختلافات مع الفريق الآخر، طمأنَ الرئيس الحريري اللبنانيين بتأكيده على استمرار الحوار، وهذا الحوار أساسي وضروري لمواجهة الوضع الراهن في البلد، سواءٌ على المستوى الأمني أو على المستوى السياسي، وتحقيق بعض الاستقرار».

وقال: «علينا البناء على ما يَجمع، ونأمل في أن يترجَم التلاقي الذي حصل بضرورة وضعِ استراتيجية لمواجهة الإرهاب، وبالتوصّل إلى نتائج ملموسة، وأن يكون بدايةً وأساساً للانطلاق إلى تفاهمات واستراتيجيات وطنية أخرى. ونأمل بعد إزالة الصوَر الحزبية من الشوارع أن تتوصّل كلّ الجهود الحوارية، سواءٌ بين تيار «المستقبل» و«حزب الله»، أو الحوارات الأخرى، لإعادة صورة رئيس الجمهورية إلى مؤسسات الدولة.

ونحن مقتنعون بأنّ الرئيس المقبل لا يمكن أن يكون إلّا على صورة هذا النهج الحواري، ولا يمكن أن يكون إلّا نتيجة للحوار الوطني. وشرحتُ للرئيس الحريري الخلفية الحوارية لترشيحي، وتمنّيتُ عليه العمل لترجمة هذا الجوّ الحواري من خلال انتخاب رئيس للجمهورية وفقَ المنطق نفسِه».

وختمَ: «نحن نلتقي مع الرئيس الحريري في التمسّك بالتكامل بين المسيحيين والمسلمين في مواجهة كلّ المخاطر التي تهدّد بلدنا، لأنّ هذه الوحدة الوطنية هي علّة وجود لبنان، ونلتقي معه كذلك في التعويل على «قوّة الإعتدال»، وأنا شخصياً آتٍ من هذه المدرسة ومقتنعٌ بأنّها السبيل إلى الخلاص من مشاكلنا، ومنها مشكلة الشغور الرئاسي».

دعوات دوليّة

وقد واصَلت الدعوات الدولية التركيزَ على ضرورة إيجاد حلّ للمعضلة الرئاسية وانتخاب رئيس. وقال السفير البريطاني طوم فلتشر من السراي الحكومي: «يبدو أنّ بعض القادة اللبنانيين استنتجوا أنّ الفراغ الرئاسي يصبّ في مصلحتهم، لكنّه ليس في مصلحة الشعب اللبناني وليس في مصلحة الأهل الذين يعملون جاهدين لتربية أولادهم في أمان.

وليس في مصلحة التجارة التي تحاول أن تبنيَ الاقتصاد وتقدّم الوظائف، وليس في مصلحة الجنود الشجعان الذين يقومون بحماية الحدود، وليس في مصلحة الشباب الذين يبحثون عن أمل في المستقبل، وليس في مصلحتنا نحن الذين نؤمن بقدرة لبنان على محاربة الصعاب وتخَطّيها».

الأمم المتحدة

وأملَت المنسّقة العامة للأمم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ في حَلّ مسألة الرئاسة، «كون مواجهة الأزمة في لبنان والمنطقة تتطلّب استمراريةً وقوةً في القيادة في موقع الرئاسة وفي موقع الحكومة أيضاً».

إيران

وجَدّدت إيران دعمَها انتخابَ رئيس جديد للبنان وفقَ اتّفاق جميع القوى السياسية في أسرع وقت. وأكّد مساعد وزير الخارجية الايراني حسين أمير عبداللهيان خلالَ لقائه وزيرَ التربية الياس بوصعب، الذي يزور طهران لحضور مؤتمر وزراء التعليم العالي لدوَل عدم الانحياز، أنّ الإستقرار والهدوء في لبنان يشكّل أهمّيةً لإيران، مبدياً استعدادَ بلاده لتنمية العلاقات الثنائية مع لبنان على مختلف الصعد وتشكيل لجنة عليا مختصّة بشؤون التعاون بين البلدين. من جهته، أشاد بوصعب بمواقف إيران الداعمة للبنان في وجه العدوّ الإسرائيلي، وقال: «إنّ لبنان يقف في الخطّ الأمامي لمواجهة الأطماع الإسرائيلية في الأراضي العربية».

ملفّ العسكريين

وفي ملفّ العسكريين، علمَت «الجمهورية» أنّ المدير العام للأمن العام اللواء عبّاس ابراهيم لم يزُر تركيا، كما ترَدّد في الساعات الماضية، بل كان فقط في الإمارات، وهو لا يزال ينتظر اتّصالاً كي يتوجّه إلى اسطنبول. وكشفَت مصادر مطّلعة على الملف لـ«الجمهورية» أنّ المفاوضات مع جبهة «النصرة» أحرزَت تقدّماً خرقَ الجمود والانقطاع اللذين سادا الفترة السابقة على مدى 3 أشهر، وهناك بوادر اتّفاق يُتوقّع أن تتضح معالمُه في الأيام المقبلة، تعملُ عليه قطر، ويؤمَل من تركيا أن تعطيَه جرعة دفعٍ إلى الأمام، فيما المفاوضات مع «داعش» لم تسجّل أيّ جديد، ولا تزال متوقّفة عند حدود انتظار أن تنفّذ بعض البنود التي اتّفق عليها في التفاوض مع الوسيط، لكنّها جمّدت هذا الاتّفاق من دون أن تتراجع عن التزامها عدمَ التعرّض للعسكريين».

اﻷشغال الشاقة المؤبدة بحق عيد

وفي سياق آخر أصدرت المحكمة العسكرية الدائمة برئاسة العميد الركن الطيار خليل ابراهيم حكما غيابيا قضى بإنزال عقوبة اﻷشغال الشاقة المؤبدة بحق أمين عام الحزب العربي الديمقراطي رفعت عيد، وذلك بجرم التحريض على اﻹقتتال بين منطقتي جبل محسن وباب التبانة وتوزيع اﻷسلحة والحض على القتل.

وقررت المحكمة تنفيذ مذكرة إلقاء القبض الصادرة بحقه. كما قضت بالسجن بين سنة واحدة وسنتين بحق أربعة موقوفين في القضية نفسها.

إلى ذلك، حقق مكتبُ مكافحة المخدّرات المركزي، إنجازاً نوعياً، وُصف أمنياً بالأول من نوعه في تاريخ لبنان، بضبَطه طناً وثمانمئة غرام من حشيشة الكيف المصنّعة، خلال تهريبها الى ليبيا (التفاصيل ص 9)