Site icon IMLebanon

الحكومة تعاود جلساتها وتطور في ملف العسكريين

الأنظار هذه الأيام مشدودة إلى الحراك الخارجي من الرياض إلى واشنطن وما بينهما، حيث تؤشّر الحركة اللافتة إلى القلق الذي يعتري معظم الأطراف الإقليمية من التطورات الحاصلة على أكثر من مستوى، وفي طليعتها الملف النووي، وفي ظل حيوية عربية لم تشهد المنطقة مثيلاً لها منذ عقود. وفي موازاة الانشغال بترقّب ما سينجم عن هذا الحراك، توزعت الاهتمامات الداخلية بين جلسة الحوار السابعة التي انعقدت مساء أمس بين «حزب الله» و»تيار المستقبل» وتأكيدهما تسجيل «تقدّم جدي في الملفات الامنية والسياسية»، وبين الأزمة الحكومية التي انتهت عملياً بانتظار معاودة مجلس الوزراء جلساته، حيث من المتوقع أن يدعو رئيس الحكومة تمام سلام إلى جلسة تعقد بعد غد، وبين تسارُع التطورات في ملف العسكريين المخطوفين نحو احتمال حصول تطور ايجابي كبير خلال الساعات المقبلة، وبين إطلاق قوى 14 آذار التحضيرات للذكرى العاشرة لانتفاضة الاستقلال من خلال الخلوة التي نظّمت للغاية في مجمع «البيال» أمس تحت عنوان «ترتيب الذاكرة» التي شاركت فيها كل مكوّنات 14 آذار الحزبية والمستقلة وتقدّمها الرئيس فؤاد السنيورة، وقد جرى خلالها مناقشة الأحداث التي حصلت في العقد الأخير من أجل توحيد القراءة السياسية وإعادة تحديد الأولويات الوطنية، وذلك تمهيداً للخروج من المؤتمر المزمع عقده في 14 الجاري بوثيقة سياسية جديدة وخطوات تنظيمية أبرزها إنشاء «المجلس الوطني» لقوى »14 آذار».

تنشدّ الأنظار الى واشنطن اليوم لتتبّع مسار معركة اسرائيل ضد الاتفاق النووي المرتقب بين ايران ودول الغرب، والتي سيخوضها رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو عبر خطابه في مجلسي الكونغرس، والذي استبَقه بشَرح امام «ايباك» بأنّ الهدف منه هو إظهار الخطر الذي قد تشكله الصفقة المحتملة مع ايران على بلاده، مؤكداً انه لا يجوز بأي حال من الاحوال السماح لإيران بامتلاك أسلحة نووية. لكنه شدد على انّ الحلف بين اسرائيل والولايات المتحدة أقوى من أيّ وقت مضى.

في الموازاة، حذّرت واشنطن نتنياهو من كشف أيّ تفاصيل حول التفاوض مع ايران في خطابه. وقال كيري، على هامش اجتماع مع نظيره الروسي سيرغي لافروف في جنيف أمس، إنّ المجموعة الدولية تسعى في مفاوضاتها إلى تحديد مدى سلمية البرنامج النووي الإيراني، وحضّ إيران على اتخاذ «قرارات صعبة» بهدف التوصّل إلى اتفاق شامل، مشيراً إلى أنّ الاتفاق لا بد أن يكون نهائياً ومرضياً. وقال إنّ الطريق ما زال طويلاً، على رغم تحقيق بعض التقدّم في المفاوضات.

داخلياً، يبقى الاستحقاق الرئاسي معلقاً والشغور الرئاسي مستمراً، وتتصدّر الازمة الحكومية المشهد السياسي، وتتمثّل فسحة الامل الوحيدة في استمرار الحوار السني ـ الشيعي والتحضيرات الجارية للحوار المسيحي ـ المسيحي، فيما ظلّ الوضع الامني تحت السيطرة بفِعل عين الجيش والقوى الامنية الساهرة.

برّي

وقال رئيس مجلس النواب نبيه برّي أمام زواره إنّ «ما فعله الجيش اللبناني في جرود رأس بعلبك كان انجازاً مهماً، لأنّ أفضل خطط الدفاع هي الهجوم. فهذا الجيش هو من أفضل جيوش المنطقة، ولكن ينقصه العديد والعتاد والتجهيز وأحياناً القرار السياسي».

واعتبر انّ «المؤسسة العسكرية تكاد تكون العلامة المضيئة الوحيدة في هذا الواقع اللبناني المظلم»، وقال: «لَو سمعوا منّي قبل سنتين حين طلبتُ تطويع 5 آلاف جندي، لكانوا الآن قد أصبحوا في الخدمة». وكرّر التشديد على «أهمية الاستثمار في الامن بالنسبة الى تحقيق الاستقرار الامني والسياسي في البلاد».

ورداً على سؤال حول تحطيم داعش للتماثيل والآثار في متحف الموصل، قال برّي: «مَن يحطّم الانسان وهو حيّ، سَهل عليه ان يحطّم الانسان وهو ميت أو حجر». واعتبر انّ «الحل لِما يجري في المنطقة هو في العروبة والعروبة والعروبة، إذ من دون العروبة تتحدث عن سنّي وشيعي ودرزي ومسيحي وطوائف ومذاهب وغير ذلك. الحلّ هو بالقومية العربية».

ونوّه بري بما يفعله الاكراد «الذين بفضل تمَسّكهم بقوميتهم انتصروا في كوباني وغيرها، إذ انهم بهذا الانتماء القومي تجاوزوا كل التمايزات والانتماءات الدينية». وقال: «بصراحة لَو خيّروني الآن بين القومية الكردية والقومية العربية في وضعها الحالي، لاخترتُ القومية الكردية».

سلام يؤكد الثوابت

وسيؤكد رئيس الحكومة تمام سلام مجدداً، اليوم، ثوابت موقفه من الآلية الحكومية في كلمة له خلال إطلاق «خريطة الطريق نحو الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة» في السراي الحكومي.

كذلك سيشدد على أولوية انتخاب الرئيس العتيد في اعتباره المدخل الطبيعي الى وَقف مسلسل الأزمات المتنقلة من مؤسسة الى أخرى، وعلى موقف لبنان الثابت من القضايا العربية وتلك المتصلة بالسياسات الإقتصادية والإجتماعية التي تؤكد على التنمية المستدامة، والتي تعني اللبنانيين من مختلف المناطق والأطراف. كذلك سيؤكد أهمية استمرار العمل في البرامج التنموية، والتي تعهّدت الحكومة السير بها على كل المستويات الإجتماعية والإقتصادية والإنمائية.

الجميّل عند سلام

وعلمت «الجمهورية» انّ رئيس حزب الكتائب امين الجميّل، العائد من بروكسيل، سيزور سلام غداً للتشاور في أزمة آلية عمل الحكومة والطريقة التي ستعتمد في اتخاذ القرارات.

وتوقعت مصادر وزارية لـ«الجمهورية» ان تشكّل زيارة الجميّل إشارة الى اعادة إطلاق العمل الحكومي، حيث سيوجّه سلام في الساعات المقبلة دعوة الى المجلس للانعقاد يوم الخميس في اعتبارها جلسة مكمّلة للجلسة السابقة التي رفعها قبل ان يكتمل البحث في جدول أعمالها.

الحوار

وانعقدت مساء أمس جلسة الحوار السابعة بين «حزب الله» و«تيار المستقبل» في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة بحضور المعاون السياسي للأمين العام لـ«حزب الله» الحاج حسين الخليل، والوزير حسين الحاج حسن، والنائب حسن فضل الله عن الحزب، ومدير مكتب الرئيس سعد الحريري السيّد نادر الحريري والوزير نهاد المشنوق والنائب سمير الجسر عن تيار «المستقبل». كما حضر الجلسة الوزير علي حسن خليل.

وبعد الجلسة، صدر البيان التالي: «إستكمل النقاش، وسجّل تقدّم جدي في الملفات الأمنية والسياسية».

الإرادة جدية

وكان رئيس المجلس السياسي في «حزب الله» السيّد ابراهيم أمين السيّد قد قال: «إنّ نقاط الحوار مع تيار «المستقبل» ليست بسيطة بل مهمة جداً وصعبة جداً، وهذا يعني أننا لا نتوقع بسرعة أن نصِل الى نتيجة، لكن الأهم أنّ الإرادة الجدية متوافرة لدى الطرفين للتوصّل الى نتائج إيجابية وجدية.

ففي بعض الأمور هناك حوار قاس، لكنه جريء أيضاً لأننا لا نريد أن «نضحك على بعضنا». يجب أن نقارب الملفات الكبرى والأساسية بمستوى عال من المسؤولية، وهذا يفرض الجرأة والجدية والوضوح والصراحة. والمسار الذي يتجه إليه هذا الحوار، أتوقّع منه النتائج الإيجابية».

موسى

وفي المواقف، قال النائب ميشال موسى لـ«الجمهورية»: «انّ الحوار بين الحزب و«المستقبل» وضع سقفاً محدداً استثنى فيه القضايا الخلافية الكبرى ويَنصرف المتحاورون الى البحث عن مساحات مشتركة لتعزيز دعم الجيش والخطة الامنية وتخفيف التشنّج في هذه المرحلة.

كذلك سيتطرقون الى الملف الرئاسي، لكن هذا لا يعني التطرّق الى أسماء المرشحين او مواصفاتهم، وانما من زاوية الحَضّ على الإسراع في إنجاز هذا الاستحقاق لأنّ غياب الرئيس يُبقي المؤسسات معطلة، فالرئيس هو رمز البلاد وانتخابه يشكّل رسالة مهمة جداً الى المجتمع الدولي والاقليمي مفادها انه في وقت يضطهد المسيحيون ويُهجّرون من بلادهم هناك بلد ينتخب الرئيس المسيحي الوحيد في منطقة الشرق الأوسط. اضافة الى انّ المواقف تتقاطع على انّ تعطيل المؤسسات سَببه عدم وجود رئيس.

لذلك يفترض الاسراع في انجاز هذا الاستحقاق. لكنّ الحوارات الجارية لا تتطرق مباشرة الى هذا الموضوع لكنها تحضّر الأجواء لاستشفاف إمكانية بذل جهد داخلي في ظل تعقيدات الوضع الاقليمي، لربما يستطيع هذا الجهد ان ينتج انتخابات رئاسية، فلا أحد في النهاية يستطيع ان يتطبّع مع الشغور الرئاسي».

وعن تجدّد نشاط المجلس النيابي، أجاب موسى: «على مَرّ فترات طويلة من الزمن كانت تعقد دائماً دورات استثنائية تكمل الدورات العادية المنصوص عنها في الدستور، لكن للأسف لم تلق دعوة الرئيس بري الى فتح دورة استثنائية آذاناً صاغية في مجلس الوزراء بفِعل الفيتوات المتبادلة ووجود 24 رئيس جمهورية. وعلينا انتظار موعد بدء الدورة العادية في 15 آذار الجاري».

الحوار المسيحي

وعلى ضفة الحوار بين «التيار الوطني الحر» و»القوات اللبنانية»، ظلّ التواصل بين الرابية ومعراب قائماً.

كنعان

وقال أمين سر تكتل «التغيير والاصلاح» النائب ابراهيم كنعان لـ»الجمهورية»: «انّ المرحلة الاولى من التفاوض يفترض ان تنجز بعد ان نَستلم جواب «القوات اللبنانية» على ورقة إعلان النوايا المشتركة، والمتوقّع هذا الاسبوع، لتبدأ بعدها عملية ترجمة عدد من البنود التي تمّ التفاهم على خطوطها العريضة في هذه الورقة».

وعن الوقت الذي يستغرقه درس «القوات» لهذه الورقة ووَضع ملاحظاتها عليها قبل رَدّها، اجاب كنعان: «من الطبيعي ان تأخذ هذه العملية وقتها، خصوصاً عند تحديد القواسم المشتركة في ملفات مهمة وحساسة، لا كما يعتقد البعض بأنّ العملية هي فقط تنفيس احتقان أو فك اشتباك، لأنّ ذلك أُنجِز منذ الايام الاولى للتفاوض. وبالتالي، نحن اليوم نتّجه الى القضايا التي يشكّل التفاهم عليها حافزاً لتحقيق خروقات نوعية في جدار الأزمة على المستوى الوطني».

وعن البطء في مسار هذا الحوار، اجاب كنعان: «من الطبيعي ان يمرّ الحوار في بعض الاحيان ببعض المطبّات والصعوبات والعراقيل، منها ما هو طبيعي ومنها ما هو مُفتعل، لكنّ إرادة الوصول الى نتيجة ايجابية لمصلحة لبنان عموماً والمسيحيين خصوصاً تُلزِمنا بتخطّيها، وإن تطلّب الأمر ذلك وقتاً أكثر ممّا هو متوقّع».

ما يُنشر غير دقيق

وفي سياق متصل قالت مصادر نيابية مطّلعة على الحوار بين «القوات» و«التيار الحر» لـ«الجمهورية» إنّ تعميم الأجواء السلبية بشكل مبرمج الهدف منه ضَرب المسار الحواري الذي أصبح واضحاً بأنّ المتضررين من نتائجه الإيجابية كُثر، وأكدت أنّ كل ما ينشر عن الحوار غير دقيق على الإطلاق، وشددت على أنّ نقاط الخلاف غير مرتبطة بالمالية العامة وقانون الانتخاب، بل بنقاط أخرى أكثر عمقاً. وقالت إنّ اللقاءات مستمرة على قدم وساق من أجل الوصول إلى مساحة مشتركة.

الإستقرار يحتاج إلى حلّ للفراغ

في غضون ذلك، شددت المنسّق الخاص للأمم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ، من القاهرة، على انّ الإستقرار في لبنان يحتاج الى حل للفراغ في رئاسة الجمهورية في أقرب وقت. ولفتت الى أنه «بعد ثلاثة وثمانين يوماً من الآن سيكون لبنان قد أمضى عاماً كاملاً في غياب رئيس للجمهورية».

تقدّم كبير في ملف العسكريين

وفي سياق آخر علمت «الجمهورية» انّ ملف التفاوض في ملف العسكريين المخطوفين أحرز تقدماً كبيراً، وانّ الامور تتسارع نحو احتمال حصول تطور ايجابي كبير خلال الساعات المقبلة.

كذلك، علمت انّ الإجتماع الاخير بين المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم ورئيس الاستخبارات القطري في الدوحة غانم الكبيسي، أعاد وضع خريطة طريق لتنفيذ اتفاقية التبادل والشروط بين الجهات الخاطفة والدولة اللبنانية، وتمّ العمل عليها بسرية تامة خلال الايام الماضية وقد أنجزت بمعظمها. وينتظر ان يتّضِح مسارها سريعاً خلال ساعات.