Site icon IMLebanon

مجلس وزراء «ملائكي» والعبرة في الآتي… وسلام يرفض الطعن

 حافظَ الملف النووي الايراني على موقعه المتقدّم في الاهتمامات والمتابعات السياسية محَلّياً وإقليمياً ودولياً. ومع تنامي الحديث عن أنّ الاتفاق النووي آخذٌ في التبلوُر، سعَت الولايات المتحدة الأميركية إلى طمأنةِ شركائها الخليجيّين إلى أنّ أيّ اتّفاق معها لن يضرّ بمصالحِهم، مُصَعِّدة في الوقت نفسِه لهجتَها ضد إيران، إذ قال وزير خارجيتها جون كيري عنها من الرياض إنّها «ما زالت تُعتبَر دولةً ترعى الإرهاب، وإنّ منعَها من امتلاك سلاح نوَوي سيُهدّئ مخاوفَ كثيرٍ من دوَل الخليج. وإذ عبّر وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل عن قلقِ المملكة من تدَخّل إيران في سوريا ولبنان واليمن والعراق، قائلاً «إنّها تستولي على العراق وتشَجّع الإرهاب، وإنّ أمنَ الخليج يبدأ بالحيلولة دون حصولها على النووي». أكّد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف «أنّنا قريبون جداً (من الاتفاق)، لكن يمكن أن نكون بعيدين جداً»، وقال: «يمكن أن نكون قريبين جداً إذا أمكنَ اتّخاذ القرار السياسي للوصول إلى ذلك، كما قال الرئيس الأميركي باراك أوباما».

فيما يواصل لبنان معركته ضد الإرهاب، ويستمر الجيش في استهداف تحرّكات المسلحين في جرود عرسال، أعلنَ قائد الجيش العماد جان قهوجي أنّ المهمةَ الأساسيةَ للجيش في هذه المرحلة هي «حماية لبنانَ من أيّ فتنةٍ، ومواجهة الإرهاب».

وقال في حديث إلى قناة «الميادين» «إنّ الجيش يتمتع بكفاية قتالية عالية، وهو قادر على دحر الإرهاب، ولا يستهدف المدنيين أبداً». وأضاف «إنّ الجيش لن يكون جزءاً من النزاع السياسي ولا أداةً لأحد».

واعتبرَ أنّه «فُرِضت على الجيش مواجهة الإرهاب، وهو مستمرّ فيها بلا أيّ حسابات سياسية»، مؤكّداً «أنّ الجيش هو مؤسسة الانضباط والقتال بلا طموحات سياسية مباشرة، وقيادتُه ليست من صنفِ الصفقات السرّية تحت الطاولة».

وأضاف: «إنّ أيّ حديث عن مطالب شخصية لمناصب سياسية ورسمية في الدولة لا معنى له». واعتبرَ «أنّ قيادة الجيشِ تشعر بأنّ هناك جدّية عربية ودَولية في مواجهة الإرهاب، خصوصاً «داعش»، لافتاً إلى أنّ الجيش تلقّى مساعدات عسكرية أميركية جدّية، وتلقّى أيضاََ هبة عسكرية أردنية.

مجلس وزراء

حكومياً، وبعد انقطاع دامَ أسبوعين عاوَد مجلس الوزراء إجتماعاته فعقدَ «جلسة ملائكية» قدّمَ فيها الوزراء فروضَ الطاعة لرئيس الحكومة تمّام سلام على قاعدة حُسن النيّات، وتناسوا لثلاث ساعات أنّهم يختلفون حتى على جنس الملائكة. ولم تُمَسّ آليّة عمل الحكومة، لكن باكورة التغيير أصابت المجلس بالعمل تحت سقف التوافق بعيداً من الإجماع أو التعطيل.

وأكّد رئيس الحكومة تمام سلام أنّه كان ولا يزال يُطالب في كلّ جلسة لمجلس الوزراء بضرورة انتخاب رئيس جمهورية جديد، ولكن، في ظلّ استمرار الحالة الاستثنائية الناتجة عن الشغور الرئاسي، فإنّ خيار التوافق، المعطى له الأولوية في المادة 65 من الدستور، يبقى الخيار الأفضل، مع الحِرص على أن لا يؤدي اعتماد هذا الخيار الى التعطيل والعرقلة والذي لن يتهاون معه بعد اليوم.

وعُلِم أنّ سلام افتتح الجلسة بمداخلة تحدّث فيها عمّا حصل في الاسبوعين الماضيين نتيجة توقّف المجلس عن الاجتماع، وشَدّد على التوافق في كلّ شيء، قائلاً: «إنّني لن أقبل بأيّ طعن»، في إشارة منه الى أنّه لن يقبل اعتراض أيّ وزير يمكن ان يعطّل أي قرار في مجلس الوزراء.

وشَدّد سلام على ان تكون مدّة كل جلسة لمجلس الوزراء ثلاث ساعات فقط، وهو ما باشَر تطبيقَه أمس، حيث رفع الجلسة بعد انقضاء ثلاث ساعات على انعقادها.

كذلك أكّد ضرورة اتّخاذ القرارات في مجلس الوزراء بعيداً من أيّ اتصالات هاتفية جانبية كما كان يحصل في الجلسات السابقة، وكانت هذه الإتصالات غالباً ما تؤدّي الى تعطيل اتّخاذ القرارات. وشَدّد أيضاً على التزام سرّية المداولات في المجلس، والاكتفاء بما يعلنه وزير الإعلام بعد كلّ جلسة.

وفي خطوةٍ أراد سلام منها إلزامَ الوزراء بالمواظبَة على الحضور إلى طاولة المجلس، فإنّه أقفلَ باب الغرفة الجانبية الملحَقة بقاعة المجلس والتي كان يستخدمها الوزراء للتدخين وإجراء الاتصالات وتناوُل الطعام، وتمَّ الاكتفاء بتقديم الـ«بيتيفور» لهُم.

«تقليعة» بمظهَر إيجابي

وشَكّكت مصادر وزارية في استمرار مجلس الوزراء في الجوّ الذي ساد الجلسة أمس، وقالت لـ«الجمهورية»: «هي تقليعةٌ حاوَل جميع الوزراء أن يظهروا فيها بمظهر إيجابي جديد، لكن علينا أن نرى المواقف وطريقة التعاطي مع البنود الخلافية والتي لا نتوقّع أن يكون مصيرها مختلفاً عن سياسة التأجيل والإحالة إلى اللجان. فالأمور لا يمكن أن تتّضح في جلسة واحدة، والعِبرة في الجلسات المقبلة».

وتوقّفَت المصادر عند قرار سلام بتقليص مدّة الجلسات، واعتبرَت أنّ هذه المدّة تعني أنّ البنود المطروحة ستكون بنوداً عاديّة جداً، لأنّ البنود ذات العيار الثقيل لا يمكن أن تُمرَّر في جلسات مصَغّرة، وإلّا فنحن سنطلب ان يكون جدول الأعمال «ميني جدوَل» أيضاً.

طريقة مختلفة

وعلمَت «الجمهورية» أنّ طريقة تعاطي سلام مع الوزراء كانت مختلفة، فهو أكّد لهم أنّه لن يسمح بعد الآن بالتعطيل، وقال: «إنّ المراسيم العادية ليست أقلّ شأناً من مراسيم الحكومة، وفي الماضي كنّا نمرّر المراسيم بالاكتفاء بتوقيع 20 إلى 21 وزيراً، فلماذا تبدّل هذا المفهوم في الجلسات الأخيرة وأصبح هناك إصرارٌ على توقيع 24 وزيراً؟ مِن الآن وصاعداً لن يستطيع وزير أو وزيران أو ثلاثة تعطيلَ المراسيم».

6 نقاط

وتحدّثَ الوزراء لدى خروجِهم عن خطة عمل جديدة وَضع إطارَها رئيس الحكومة وسَمّاها البعض «نظاماً داخليّاً، والبعض الآخر «نهجاً داخلياً»، وتمحوَرت النقاط الخمس حولَ: تقليص مدّة الجلسة إلى 3 ساعات، أن تكون المداخلات مقتضَبة، أن تعتمد سياسة الحكومة سقف البيان الوزاري، أن يدرس كلّ وزير ملفَّه بإتقان قبل الدخول إلى الجلسة. أمّا النقطة الأخيرة المتعلقة بالتواقيع فظلّت محَطّ خلاف لم تحسم في وضوح كيف سيتمّ توقيع المراسيم من الآن وصاعداً».

خليل

وعلمَت «الجمهورية» أنّ وزير حركة «أمل» علي حسن خليل تحدّثَ في مداخلة مقتضَبة أكّد فيها حِرص فريقِه على التفاهم وعلى الموقف المبدئي بالحفاظ على الدستور والالتزام بنَصّه وعدم تجاوزه، لكنّه قال لسلام: «نحن لن نعطّل أيّ صيغة ترى أنّ من شأنها تسيير عمل الحكومة».

وطلب أن تطرح من خارج جدول الأعمال مسألة تعيين لجنة الرقابة على المصارف، فتمنّى سلام عليه إعطاء أسبوع إضافي لمزيد من المشاورات، على أن تطرح في جلسة الأسبوع المقبل، علماً أنّ صلاحية اللجنة تنتهي في 11 الجاري ولم يعُد أمامها متّسَع من الوقت.

قزّي

وقال وزير العمل سجعان قزّي لـ«الجمهورية»: «كانت الأجواء إيجابية و»الجو منيح»، فلا رئيس الحكومة ولا الوزراء ولا جدول الأعمال ولا آليّة العمل قد تبدّلت، وأنّ ما تغيّر هو ظهور الوزراء بإرادة متجدّدة وروحية سمحة للتوافق على مختلف البنود التي يمكن أن تطرَح على الجلسة وعدم التعطيل».

أبو فاعور

وقال الوزير وائل أبو فاعور لـ«الجمهورية»: «جلسة ملائكة، وكأنّ نعمة العقل هبَطت على الحاضرين، فالمناقشات كانت طيّبة وودّية، وساد الغرام بين الوزراء».

شهيّب

وبدوره، الوزير أكرم شهيّب قال لـ«الجمهورية»: «الجلسة سادَتها أجواء إيجابية وروحية تفاهم وتقدير للرئيس سلام. في الشكل يمكن وصف الأمور بأنّها جيّدة، والوقت كفيل باختبار النيّات».

فنَيش لـ«الجمهورية»

وقال الوزير محمد فنيش لـ«الجمهورية»: «الأجواء كانت جيّدة، ولمسنا تغييراً في مقاربة جديدة بذهنية مختلفة. أمّا الممارسة فتبقى رهنَ الجلسات المقبلة والذهنية التوافقية. ومن الأساس قلنا إنّ الذهنية التوافقية يُفترَض أن تسود وأن نبتعد عن المكايدة والتعطيل، نحن معنيّون كحكومة بالمحافظة على مصلحة البلد وحقوق الناس، والمهِم هو الإبتعاد عن روحية المناكفة».

«التيار الوطني»

من جهتِها، قالت مصادر «التيار الوطني الحر» لـ»الجمهورية» إنّ وزراء «التيار» طالبوا منذ الأساس بالتوافق وليس الإجماع، وهم أكثر مَن عانى مِن تعطيل البنود لحسابات شخصية بلا أيّ حجّة قانونية، واعتبروا أنّ مِن غير المنطق أن يتوقف إقرار بند حائز على تأييد معظم الوزراء لسَبب اعتراض وزير».

سِمة إماراتية للحاج حسن

ومِن جهة ثانية كشفَت مصادر مطّلعة أنّ السلطات المختصة في دولة الإمارات العربية المتحدة حجبَت سمة دخول عن وزير الصناعة حسين الحاج حسن الى ما بعد إفتتاح مؤتمر معرض الصناعات الغذائية الذي فتح أبوابه الأحد الماضي في دبي بمشاركة 47 مصنعاً لبنانياً منتمياً إلى جمعية الصناعيين اللبنانيين ونقابة أصحاب الصناعات الغذائية.

وقالت مصادر مطّلعة لـ«الجمهورية» إنّ الحاج حسن تقدّمَ بطلب سِمة الزيارة الى دبي قبل أسبوعين من موعد افتتاح المؤتمر ليكون إلى جانب الصناعيين اللبنانيين، لكنّه انتظرَ طوال هذه المدّة لتأتيه هذه السمة يوم الإثنين الماضي، أي اليوم التالي لافتتاح المؤتمر، فامتنع عن المشاركة فيه مُكرَهاً.

وقالت المصادر إنّ الإتصالات التي أجرَتها المديرية العامة لوزارة الصناعة بسفارة الإمارات والمراجع المعنية استمرّت حتى الساعات الأخيرة من إفتتاح المؤتمر ولم تحصل على التأشيرة للوزير إلّا في اليوم التالي على الرغم من انّ الوزير يمتلك جواز سفر ديبلوماسياً. ولفتت المصادر الى انّ الحاج حسن سيطرح الموضوع في جلسة مجلس الوزراء المقبلة.

خليّة الأزمة

وفي ملف المخطوفين العسكريين، إجتمعت «خلية الأزمة» الوزارية عصر أمس برئاسة سلام وحضور وزير الدفاع سمير مقبل، وزير المال علي حسن خليل، وزير الصحة وائل ابو فاعور، وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم والأمين العام للمجلس الأعلى للدفاع اللواء محمد خير، وترَكّز البحث في ما آلت إليه الاتصالات الجارية في شأن هذا الملف.

وعلمَت «الجمهورية» أنّ اللواء ابراهيم عرضَ خلال الاجتماع للمعطيات الجديدة المتعلقة بالتفاوض مع جبهة «النصرة» وحمل لوائح الأسماء والأعداد التي زوّدت بها «النصرة» الوسيط القطري. كذلك عرض للمجتمعين أسباب تجميد التفاوض مع «داعش» والذي أوقفته هي أساساً لأسباب داخلية، وهو ينتظر منها إشارة عبر الوسيط تعلن فيها عودتها إلى المفاوضات.

وأكّدَت مصادر المجتمعين لـ«الجمهورية» أنّ ملف التفاوض أحرَز تقدّماً كبيراً وتبلّغوا من ابراهيم بعض التفاصيل المتعلقة بآليّة التبادل وتمّ التشديد على إبقاء كل البنود سرّية حفاظاً على سير هذا الملف وتحقيق الهدف المرجو منه.

الحوض الرابع

وفي ملف الحوض الرابع في مرفأ بيروت، واستكمالاً لما نشرَته «الجمهورية» أمس، كشفَت مصادر مطلعة أنّ رئيس الهيئة الموَقّتة لإدارة مرفأ بيروت حسن قريطم قصَد بكركي للقاء النائب البطريركي العام المطران بولس الصيّاح المكلف متابعة ملف ردم هذا الحوض إلى جانب ممثلي الأحزاب المسيحية الخمسة المشاركين فيها.

وسَلّمَ قريطم الى صياح نسخة من «داتا المعلومات» المتصلة بحركة المرفأ وقدرات استيعابه وعدد الأحواض وحجم المساحات المائية والبرّية فيها وطول الأرصفة وقدرات الإستيعاب في كلّ حوض من هذه الأحواض والمساحات البرّية المجاورة لحرَمه وتحديد مساحات ونوعية العقارات التي تملكها الدولة اللبنانية وتلك الخاصة المحيطة به بناءً لإتفاق سابق وبناءً لطلب البطريركية المارونية.

وقالت مصادر تواكِب المعالجات الجارية لوقفِ الردم كما تريد بكركي والأحزاب المسيحية لـ«الجمهورية» إنّ مساعياً انطلقت لتشكيل لجنة مشتركة من الطرفين سعياً للوصول الى المخارج القانونية للردم أو عدمِه وسط تمسّك الطرفين بموقفيهما المتعارض قبل طرح الموضوع على مجلس الوزراء لبَتّه نهائياً، وهو أمرٌ لم تتّضح تفاصيله حتى الآن.

وكشفَت مصادر واسعة الإطلاع لـ»الجمهورية» أنّ اللواء ابراهيم، الذي كلّفه رئيس الحكومة بالملف بشقّه الإداري والأمني، رعى أمس لقاءَ جمع ممثلين عن نقابة أصحاب الشاحنات والخبير جورج غانم ممثّلا الهيئة الموَقّتة لإدارة المرفأ، وتمّ خلاله البحث في التفاصيل المتصلة بالخلاف الناشب بين الطرفين حول ردم الحوض الرابع أو عدمه.

وعلمت «الجمهورية» أنّ الوفد النقابي رفض الدخول في التفاصيل العملية، معتبراً أنّ الملف بات في يد بكركي ولجنة الأحزاب المسيحية الخمسة الذين يتوقّف عليهم مصير عملهم، وأنّهم لا يقرّرون أيّ خطوة لا اليوم ولا في المستقبل قبل الوقوف على القرارات التي يمكن أن تتّخذها لجنة الأحزاب التي تبَنّت مطالبَهم كاملةً في المفاوضات الجارية في هذا الإطار.