IMLebanon

 رسائل أميركية في إتجاهات عِدَّة… وإرهابي جديد في قبضة الجيش

بعد انتظام العمل الحكومي عاد التركيز محَلّياً على عنوانين: الاستقرار الأمني في الداخل وعلى الحدود، في ظلّ الجهد المتواصل للجيش والقوى الأمنية في منع أيّ اختراق إرهابي وتوفير الأمن والأمان للّبنانيين. والعنوان الثاني انتخاب رئيس جديد للجمهورية من أجل إعادة دورة الحياة السياسية والدستورية إلى طبيعتها. وفي هذا الوقت تستمرّ الحوارات القائمة في محاولةٍ للوصول إلى مساحات مشتركة تُجَنّب لبنان حروب المنطقة. وقد بَرز أمس موقفٌ للسفير الأميركي دايفيد هيل جَدّد فيه حِرص الإدارة الأميركية على الاستقرار في لبنان، وانتقدَ «حزب الله» بشِدّة لانتهاكِه سياسة النأي بالنفس، وقال إنّه لا يوجد أيّ مبرّر لعدم انتخاب رئيس للجمهورية، وذلك في رسائل موجّهة باتّجاهات عدة داخلية وخارجية. وفي الوقت الذي وصفَت فيه أوساط ديبلوماسية لـ»الجمهورية» مواقفَ هيل بـ»التطمينية لجهةِ ثبات الإدارة الأميركية على مواقفها من التحَدّيات اللبنانية تزامُناً مع تسارع وتيرة الاجتماعات النووية»، أعلنَت وزيرة خارجيّة الاتّحاد الأوروبّي فيديريكا موغيريني أنّ «اتّفاقاً جيّداً» في شأن برنامج إيران النوَوي بات «في مُتناوَل اليَد»، الأمرُ الذي يفسّر تحرّكَ هيل في بيروت ووزير الخارجية الأميركي جون كيري في الرياض، فضلاً عن الحراك العربي الاستثنائي لمواكبةِ هذا التطوّر، والانشغال الدولي بالملف النووي الذي تَقدَّم إلى طليعة الاهتمامات والمتابعات الدولية.

مع استئاف الحكومة اجتماعاتها على قاعدة التوافق، واستعداد رئيسها تمام سلام للسفر إلى مصر للمشاركة في المؤتمر الإقتصادي في شرم الشيخ وبعده في القمّة العربية، ومع تزايد أيام الشغور الرئاسي، بَرز أمس دخول أميركي متجدّد على خط الاستحقاق الرئاسي ترافقَ مع حملة غير مسبوقة على «حزب الله»، في وقتٍ أضافَ الجيش اللبناني إنجازاً آخر إلى سِجلّ إنجازاته، تَمثّلَ بالقبض على أحد أخطر المطلوبين الإرهابيين كان قد شاركَ في الاعتداءات على مراكزه في جرود عرسال وشهدَ على ذبحِ العسكريين اللبنانيين، وأدلى بمعلومات حول طبيعة عمل التنظيمات الإرهابية وقادتِها.

هيل

ففي موقفٍ لافت في مضمونه وزمانه ومكانه، رأى السفير الأميركي دايفيد هيل، بعد زيارته وزيرَ الداخلية نهاد المشنوق «أنّ لبنان يواجه تحدّيات وتهديدات جدّية، ونحن بحاجة إلى أن نكون يقظين تجاهها. فامتداد الإرهاب والتطرّف من سوريا لم ينتهِ بعد، كما أنّ الضرَر على الاستقرار اللبناني الناجم عن انتهاك «حزب الله» لسياسة النأي بالنفس لا يزال مستمرّاً، فاستعدادُ «حزب الله» لانتهاك المعايير الدولية وقرارات مجلس الأمن الدولي بدا جليّاً في كانون الثاني الماضي».

وقال هيل إنّ الحزب «لا يزال يتّخذ قرارات الحياة والموت نيابةً عن كلّ لبنان، فلا يشاور أحداً، ولا يخضع لمساءلة أيّ لبناني، ويرتبط بقوى خارجية».

وعن الاستحقاق الرئاسي، رأى هيل أنّه «لا يوجد سبب للتأخير، وقد حان الوقت لوضعِ استقرار لبنان قبل السياسات الحزبية. ويجب ألّا يكون هناك أيّ توقّعات لصفَقات خارجية لاختيار رئيس للجمهورية. بدلاً من النظر خارج لبنان للحصول على إجابات، إنّنا نحضّ زعماءَ لبنان على احترام دستورهم وانتخاب رئيسهم، من تلقاءِ أنفسِهم».

وطمأنَ هيل إلى أنّ المجتمع الدولي «متّحِد في رغبته بمساعدة لبنان على عزلِ نفسه من هذه التهديدات والصراعات الخارجية. إنّ معالجة التهديدات لن تكون سهلةً، لكنّني واثق من أنّنا معاً سوف ننجح». وكان لافتاً أنّ هيل تلا هذه المواقف في بيان مكتوب، وقد اختِيرت عباراته القاسية بإتقان.

وقالت مصادر اطّلعَت على مضمون لقائه مع المشنوق لـ»الجمهورية» إنّ السفير الأميركي قصَد توجيه رسالة قاسية للغاية، وإنّه اختار بعناية وعن سابق تصَوّر وتصميم منصّة وزارة الداخلية تحديداً ليتوجّه منها إلى كلّ مِن «حزب الله» ورئيس تكتّل التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون في ملفّي التورّط في سوريا وانتخاب رئيس الجمهورية.

إيران

في غضون ذلك، أعلنَ القائد العام لقوّات «الحرس الثوري» الإيراني اللواء محمد علي جعفري «أنّ الكيان الصهيوني بأجمعِه يقع تحت مرمى صواريخ «حزب الله»، وأنّ هذا الكيان اللقيط لا يجرؤ على شَنّ عدوان على إيران.

واعتبرَ أنّ أحدَ أهداف «داعش» هو الحيلولة دون اتّحاد شعوب إيران والعراق وسوريا ولبنان، وقال: «بفضلِ الله فإنّ النتائج جاءَت معكوسةً أيضاً، وتَعَزَّزَ هذا الاتّحاد، وإنّ الكيان الإسرائيلي الغاصب يخشى هذه الوحدة».

وأضاف: «إنّ إسرائيل بامتلاكها التكنولوجيا وأحدث الأسلحة، بذلت محاولات لاقتحام حدود غزّة ولبنان إلّا أنّها فشلت. وأعلن أنّ جميعَ أراضي فلسطين المحتلة في الوقت الحاضر تقع تحت مدى صواريخ «حزب الله» وسكّان غزّة، بحيث إنّ هذا الأمر يعني سقوط إسرائيل، كما أنّ الكيان الصهيوني يدرك هذا الموضوع، ويحاول أن يتخلّصَ من هذا التهديد، ولكن بحَولِ الله لن يتمكّن من القيام بأيّ شيء».

الرفاعي

وفي المواقف، قال عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب كامل الرفاعي لـ«الجمهورية» إنّ «السفير الاميركي يتدخّل في الشؤون اللبنانية ويحاول زرعَ الشقاق بين اللبنانيين وفرضَ سيطرتِه على العالم العربي».

وأضاف: «إنّ مواقف «حزب الله» وانتصاراته على الحدود اللبنانية ـ السورية أزعجَت الولايات المتحدة الاميركية التي لا تريد للبنان أن ينتصر على القوى التكفيرية. الحزب يُسَهّل عمل المقاومة وينسّق مع وزير الداخلية في الموضوع الأمني في الداخل، وتصريح السفير هيل يعكس انزعاجَ بلاده من الهدوء والتهدئة وتنسيق الحزب الداخلي والانزعاج من انتصاراته».

واعتبرَ الرفاعي أنّ فريق 14 آذار لم يلتزم سياسة النأي بالنفس، كما أنّ الفريق الآخر عبَّر عن وجهة نظره بأنّ ممارسة هذه السياسة تعود بالضرر،

وقد أثبَت ذلك، وهناك أكثر من موقف يؤيّد تدخّل الحزب ضد المجموعات التكفيرية، وأثبَت هذا التدخل أنّه تدَخّل سليم وقد حمى القرى اللبنانية من القوى التكفيرية.

أمّا لجهةِ ارتباط «حزب الله» بإيران فهو أمرٌ معروف، والتنسيق كامل مع قوى الممانعة والمقاومة في المنطقة، وإذا تدخّلَ الحزب في سوريا، فسوريا بلد عربي، لكن مَن لا يحقّ له التدخّل هو الأميركي والإسرائيلي».

وأكّد الرفاعي «أنّ نقزةً توَلّدَت لديه من حصول تأجيل للاتفاق النووي بعد زيارة وزير الخارجية الأميركي جون كيري إلى السعودية وزيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى الولايات المتحدة الأميركية».

الجميّل إلى واشنطن

وفي هذه الأجواء قالت مصادر ديبلوماسية غربية لـ«الجمهورية» إنّ العاصمة الاميركية واشنطن ستستقبل في النصف الثاني من هذا الشهر عدداً من المسؤولين اللبنانيين، وفي مقدّمهم رئيس حزب الكتائب أمين الجميّل.

وفي المعلومات أنّ الجميّل سيلبّي دعوةً رسمية تلقّاها من أحد المراكز الاستراتيجية من أجل المشاركة في نقاش حول قضايا الشرق الأوسط ومدى انعكاساتها على الساحة اللبنانية ومدى تأثّرِها بالأزمة السورية التي ألقَت بظلالها على الساحة الداحلية اللبنانية كما دوَل الجوار السوري.

المشنوق إلى الجزائر وواشنطن وعلمَت «الجمهورية» أنّ وزير الداخلية سيتوجّه الإثنين المقبل إلى العاصمة الجزائرية للمشاركة في مؤتمر وزراء الداخلية العرب حاملاً ملفّاً يتّصل بالخطط الأمنية التي يستعدّ لبنان لتوسيع نطاقها باتّجاه بيروت والضاحية الجنوبية ومناطق أخرى من لبنان لتضافَ مهمّة أخرى إلى القوى العسكرية والأمنية التي تخوض مواجهةً كبرى مع الإرهاب.

كذلك يواصل المشنوق تحضيرات الزيارة إلى واشنطن في الثلث الأخير من هذا الشهر للقاء كبار المسؤولين في العاصمة الأميركية. ولم تحسم بعد اللمسات الأخيرة على برنامج الزيارة، وقد نوقِش بعض تفاصيلها في لقائه أمس السفيرَ

الأميركي.

جعجع

إلى ذلك، اعتبرَ رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع أنّ الأمين العام لـ«حزب الله» السيّد حسن نصرالله يضرّ الشيعة في لبنان واللبنانيين بتصرّفاته»، وقال: «لا يمكننا أن نقبل تدخّل الحزب في سوريا، وسبب التباعد معه هو الفروقات الأساسية الجوهرية». وأعلنَ جعجع أنّ علاقته بعون «مثل كلّ القصص الغرامية: نظرة فابتسامة فموعد فلقاء»، قائلاً: «نحن لا نزال في مرحلة النظرة فابتسامة».

الملفّ الأمني

أمنياً، حقّقت مخابرات الجيش إنجازاً نوعيّاً جديداً بتوقيف أحد أخطر الإرهابيين: السوري حسن غورلي الملقّب «حارث الأنصاري» الذي شاركَ في الاعتداء على الجيش في عرسال ورأس بعلبك، وشهدَ على ذبح الجنود الشهداء عبّاس مدلج وعلي السيّد وعلي العلي، وقد أدلى بمعلومات مهمّة عن الجماعات الإرهابية.

وقال مصدر عسكري رفيع لـ«الجمهورية» إنّ الموقوف أدلى بمعلومات مهمّة عن الجماعات الإرهابية، وأبرزُ ما أفاد به يتعلّق بالإرهابيين الذين ذبَحوا العريف الشهيد علي العلي، والعسكريَّين الشهيدَين علي السيّد وعبّاس مدلج. كذلك أفاد عن حركة الجماعات الإرهابية والأمكنة التي يُنقَل إليها الجنود المخطوفون، فضلاً عن المواقع التي يلجأ إليها الإرهابيون تحت ضغط القصف المدفعي للجيش.

وأضاف المصدر أنّ الموقوف أدلى بمعلومات عن مخططات الجماعات الإرهابية وعن هيكليتها، تقاطعَت مع المعلومات المتوافرة لدى الجيش.

وقد ادّعى مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية صقر صقر على الموقوف، وعلى الأثر استجوبَ قاضي التحقيق العسكري الموقوف وأصدر مذكّرة توقيف وجاهية في حقّه.

موقوف لبناني في أستراليا

وفي سياقٍ آخر، علمَت «الجمهورية» أنّ الشرطة الفدرالية الأسترالية ستسَلّم الدولة اللبنانية موقوفاً لبنانياً بتُهمٍ عدّة تمَّ إلقاءُ القبض عليه أخيراً، وسوف يقوم أحد ضبّاط هذا الجهاز بالحضور إلى لبنان مصطحباً هذا الموقوف.

كازينو و«سلسلة»

في الملفات الحياتية، أعلنَ أمس وزير العمل سجعان قزي إغلاقَ ملفّ المصروفين في كازينو لبنان، من خلال تسوية نهائية قضَت بإعادة 47 موظفاً من المصروفين الـ 191، وإحالة حوالي 32 إلى لجنة صحّية لدراسة أوضاعهم، على أن يحصل باقي المصروفين على تعويضات مقسّمة بين ثلاثة شطور: الأوّل 125 ألف دولار، والثاني 175 ألف دولار، والثالث 250 ألف دولار.

واعتبرَ قزّي «أنّ هذه التسوية يجب أن تكون جزءاً من مشروع إصلاحي يشمل مؤسسة الكازينو»، متمنّياً أن يكون هذا المشروع «قدوةً للمؤسسات الأخرى الشبيهة بوضع كازينو لبنان لتنقيةِ إدارتها والانطلاق في مشاريع إصلاحية جديدة».

وأعربَ قزّي عن اعتقاده بأنّ إدارة الكازينو وضَعت هذا المشروع الذي سيعيد النظر بكلّ الجسم البشري الموجود بشكل إيجابي لجهة فتح باب الاستقالات الطوعيّة والاختيارية مع تعويضات ماليّة سخيّة، كما يحصل في بعض الشركات من أجل الاستقالات المبكرة.

إلى ذلك، وفي إطار متابعة ما سَبق وأعلنه قبل أيام، واصلَ وزير التربية الياس بوصعب ملف سلسلة الرتب والرواتب، وأعلنَ أنّ رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي حدّدَ موعداً لزيارته مع هيئة التنسيق النقابية للبحث في موضوع سلسلة الرتب والرواتب الأربعاء المقبل، «على أملِ عرضِ مطالبِها، وأبدى كلّ استعداد للاستماع لها لكي نبنيَ على الشيء مقتضاه».